أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - عبد علي سفيح - من شارل ديغول إلى رجب طيب أردوغان: سر لم يفهمه الاسلاميون العرب














المزيد.....

من شارل ديغول إلى رجب طيب أردوغان: سر لم يفهمه الاسلاميون العرب


عبد علي سفيح
باحث اكاديمي


الحوار المتمدن-العدد: 8498 - 2025 / 10 / 17 - 14:56
المحور: العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
    


من ديغول إلى اردوغان: سر لم يفهمه الاسلاميون العرب
قد يبدو غريبا أن نربط بين الرئيس الفرنسي الراحل شارل ديغول والرئيس التركي رجب طيب أردوغان . فالأول رجل من عالم السياسة منذ أكثر من نصف قرن، والثاني مازال حاضرا بقوة في المشهد الإقليمي والعالمي. ومع ذلك، فإن فهم الفرق بين الرجلين قد يساعدنا على الإجابة عن سؤال معقد طالما طرح في العالم العربي: لماذا نجح الاسلام السياسي في تركيا وفشل في البلاد العربية؟
بدأت فكرة هذا المقال حين عرض التلفزيون الفرنسي أرشيفا لمؤتمر صحفي للجنرال ديغول عام 1965، حين أعلن ترشحه لدورة رئاسية ثانية. تحدث ديغول مطولا عن "مكانة فرنسا العالمية وهيبتها الدولية"، فقاطعه الصحفي الشاب قائلا: " سيادة الرئيس الشعب الفرنسي لا يبحث عن مجد فرنسا، بل عن الاستقرار وتحسين الخدمات ومستقبل أبناءه ".
ورغم فوز ديغول في الانتخابات، الا انه اضطر للاستقالة بعد ثلاث سنوات فقط أثر موجة احتجاجات واضطرابات عارمة. حين سمع ديغول المتظاهرين أمام قصر الإليزيه يهتفون: "مكانك ليس هنا يا ديغول، بل في متحف اللوفر". أدرك حينها ديغول أن زمنه انتهى، وانه أصبح ملكا للتاريخ. هذا الدرس الذي فهمه اردوغان ولم يفهمه الاسلاميون العرب.
هذا المشهد ربما لم يغيب عن ذهن رجب اردوغان وهو يرسم مشروعه السياسي في مطلع الألفية الجديدة. مثل ديغول جيلا يفضل "فرنسا عظيمة" على "فرنسا المواطن". بينما أدرك اردوغان أن طريق المجد يبدأ من خدمة المواطن قبل الحديث عن الأمجاد القديمة.
حين وصل حزب العدالة والتنمية إلى الحكم، لم يرفع شعار"عودة الخلافة"، بل قدم نفسه كحزب تنمية وخدمات وإصلاح إداري واقتصادي، جاعلا من تركيا دولة مواطن قبل أن تكون إمبراطورية سلاطين، ونجح في تحويل الاسلام السياسي من شعار أيديولوجي إلى مشروع دولة معاصرة.
في المقابل، ظل الإسلام السياسي العربي أسير فكرة " نصرة العقيدة"، مقدما الايديولوجية على حاجات الناس، فتحول إلى ظاهرة صوتية عاجزة عن إدارة دولة وطنية حديثة.
نجاح الإسلام السياسي التركي لا يعود فقط إلى شخصية اردوغان، بل إلى طبيعة التجربة نفسها. فمنذ سبعينات القرن الماضي، تطورت الحركة الإسلامية التركية عبر خمسة احزاب، من "النظام الوطني" إلى " الرفاه" و"الفضيلة"، وصولا إلى "العدالة والتنمية"، حتى بلغت مرحلة النضج السياسي، متصالحه مع الديمقراطية والاقتصاد والسوق والخدمات العامة. ولم تعرف هذه الحركة أي جناح مسلح كما هو حال العالم العربي، بل تأثرت بروح التصوف التي تفضل التهذيب والموعظة على الصدام والعنف.
ما يميز اردوغان هو قدرته على ربط الحلقات الثلاث ( الماضي، الحاضر، المستقبل) في التاريخ التركي الحديث. من الماضي، استعاد هوية تركيا الإسلامية والقومية. في الحاضر، احترم الجمهورية التي أسسها مصطفى كمال أتاتورك، ورأى فيها منطلق الدولة الحديثة. إما المستقبل، ففتحه بإتجاه أوربا والعالم المتقدم، لا نحو nostalgia الشرق الامبراطوري. وخلال زيارته إلى بنغازي ليبيا عام 2011، اشاد اردوغان باتاتورك كضابط قاتل إلى جانب الليبيين ضد الاحتلال الايطالي، في إشارة رمزية ذكية إلى المصالحة مع التاريخ. لا يرى اردوغان في أتاتورك خصما، بل نموذجا للزعيم المؤسس الذي يمكن استلهام روحه في بناء الحاضر.
العبرة العربية: في العالم العربي، فشلت التيارات الإسلامية لأنها تشبثت بالماضي ونسيت الحاضر، وفشلت التيارات العلمانية لأنها تشبثت بالمستقبل وقطعت صلتها بالماضي. النتيجة هي غياب الدولة الوطنية، وضاعت فكرة المواطنة بين صراخ الايديولوجيات المتحاربة، بينما تركيا نجحت لأنها جمعت خيوط التاريخ الثلاثة: ماض حاضر في الذاكرة، وحاضر واقعي يخدم المواطن، ومستقبل مفتوح على العالم.



#عبد_علي_سفيح (هاشتاغ)      


ترجم الموضوع إلى لغات أخرى - Translate the topic into other languages



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- العراق تجربة العالم للقرن الحادي والعشرين
- العراق تجربة العالم للقرآن الحادي والعشرين
- من القبيلة إلى الامبراطورية: نابليون بوتابرت نموذجا بين عبقر ...
- الجغرافيا وصناعة الفكر: المعتزلة بين البصرة والبروتستانتية
- الفلسفة والدين لعبة العقل والمعنى
- شارع المتنبي...طقوس جماعية تبحث عن المعنى
- هيئة الأمم المتحدة فكرة عراقية رافدينية بامتياز
- لغز خراسان من خبز الكاموت إلى حضارة الفكر
- قصتان من وادي الرافدين صنعتا الأساطير والمعتقدات والأفكار وا ...
- سورية الكبرى من إرث الامبراطوريات الى افول الدولة القومية
- العراق وطن...وانتماؤنا حكاية لا تنتهي!
- تحولات مفهوم الانسان، من الشخص الى الفرد الى الكائن الحي( ال ...
- تحولات اللغة وتعاقب الأديان


المزيد.....




- الكنيسة الكلدانية بمواجهة « بابليون» .. صراع النفوذ بين الصل ...
- شرطة لندن ترد على مزاعم محامٍ يهودي: توقيفه لم يكن بسبب نجمة ...
- قائد الثورة الاسلامية: فليستمر ترامب بالوهم!
- كنائس الموصل التاريخية تُفتح من جديد بعد ترميمها من دمار تنظ ...
- بسجن إسرائيلي.. إطلاق رصاص مطاطي على أسير فلسطيني طالب بمعال ...
- كيف استغل الإخوان مظلة الحريات لـ-التسلل الناعم- في أوروبا؟ ...
- خطيب الأقصى يدعو الفلسطينيين للرباط والدفاع عن المسجد
- قائد الثورة الاسلامية مخاطبا ترامب: استمر في أحلامك!
- من المشرق إلى المغرب.. حكايات الآثار الإسلامية
- 493 مستعمرا يقتحمون المسجد الأقصى


المزيد.....

- نشوء الظاهرة الإسلاموية / فارس إيغو
- كتاب تقويم نقدي للفكر الجمهوري في السودان / تاج السر عثمان
- القرآن عمل جماعي مِن كلام العرب ... وجذوره في تراث الشرق الق ... / مُؤْمِن عقلاني حر مستقل
- علي قتل فاطمة الزهراء , جريمة في يترب / حسين العراقي
- المثقف العربي بين النظام و بنية النظام / أحمد التاوتي
- السلطة والاستغلال السياسى للدين / سعيد العليمى
- نشأة الديانات الابراهيمية -قراءة عقلانية / د. لبيب سلطان
- شهداء الحرف والكلمة في الإسلام / المستنير الحازمي
- مأساة العرب: من حزب البعث العربي إلى حزب الله الإسلامي / حميد زناز
- العنف والحرية في الإسلام / محمد الهلالي وحنان قصبي


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - عبد علي سفيح - من شارل ديغول إلى رجب طيب أردوغان: سر لم يفهمه الاسلاميون العرب