أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - عبد علي سفيح - العراق تجربة العالم للقرآن الحادي والعشرين














المزيد.....

العراق تجربة العالم للقرآن الحادي والعشرين


عبد علي سفيح
باحث اكاديمي


الحوار المتمدن-العدد: 8487 - 2025 / 10 / 6 - 16:21
المحور: العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
    


العراق تجربة العالم للقرن الحادي والعشرين .

فبعد أن كان القرن العشرون مسرحًا لتحولات كبرى في مفهوم الدولة، من كيان سياسي تقليدي إلى دولة اجتماعية تقوم على التعددية والانفتاح والديمقراطية، جاء العراق ليطرح سؤالًا أكثر تعقيدًا: كيف يمكن بناء نظام ديمقراطي في مجتمع متعدد الأديان والطوائف والأعراق من دون أن يتحول هذا التعدد إلى نزعة استبداد جديدة؟
لقد مثّل القرن العشرون لحظة توازن هش بين الشيوعية والرأسمالية، وبين نزعات استبداد عنصري وفكري من جهة، وبدايات الديمقراطية المفتوحة من جهة أخرى. لكن القرن الجديد ألقى بالعراق في قلب التجربة. فعندما غزت الولايات المتحدة العراق عام 2003، لم تكن تبحث فقط عن إسقاط نظام صدام حسين، بل أرادت أن تخوض اختبارًا عالميًا في بناء نظام اجتماعي جديد يصلح أن يكون نموذجًا يُحتذى. غير أن النتائج جاءت معاكسة تمامًا. أميركا فشلت سياسيًا وعسكريًا واقتصاديًا وأخلاقيًا في إدارتها للاحتلال. كان سؤالها الكبير موجَّهً إلى أوروبا، وخصوصًا فرنسا التي تعرف تجربة لبنان جيدًا: كيف يمكن تأسيس دولة اجتماعية بأدوات ديمقراطية في بلد يقوم على مكونات طائفية وعرقية متباينة، بينما الديمقراطية نفسها تسيّس هذه المكونات وتجعلها تتصارع على السلطة؟ في لبنان تحولت الطوائف إلى عائلات حاكمة ابتعدت عن قواعدها الشعبية، وتحوّل الصراع من طائفي إلى طبقي مع اندلاع الحرب الأهلية. وأرادت أميركا أن تتجنب تكرار التجربة في العراق، لكنها اصطدمت بواقع أكثر تعقيدًا.
قبل السقوط بنت واشنطن علاقات واسعة مع القوى السياسية المعارضة، وعقدت مؤتمر لندن عام 2002 بمشاركة معظم الأطراف. لكن ما غاب عن الأميركيين كان أهم قوتين في العراق: المرجعية الدينية الشيعية المتمثلة بالسيد السيستاني، والتيار الصدري المتجذر في الشارع. لم يكن لهاتين القوتين أي علاقة بالمؤتمرات ولا بتاريخ التعامل مع الخارج، لكنهما كانتا تملكان ثقلًا شعبيًا لا يمكن تجاوزه. وهكذا تحولت المسألة من مشكلة سياسية إلى مشكلة اجتماعية لم يعرف الأميركيون كيف يتعاملون معها.
اليوم يظهر أن الشيعة، رغم كل ما قيل، هم نوات الدولة الاجتماعية، ونظامها الديمقراطي، يشكّلون "صمام أمان" ضد نزعة الاستبداد الطائفي أو العرقي، لأن ثقلهم لا يقوم على الإقصاء بل على الموازنة بين المكونات. لكن المشكلة الكبرى لا تزال كامنة في الثقافة السياسية العربية ذاتها، حيث يتغذى العقل العربي الجمعي على الاستبداد بالسلطة والهيمنة الفردية أو العائلية. هذه البنية التاريخية تجعل من الصعب استيعاب فكرة الدولة الاجتماعية التعددية التي يتطلبها العصر.
العراق إذن ليس مجرد بلد خرج من حرب واحتلال ودكتاتورية، بل هو مختبر عالمي مفتوح. فالتجربة العراقية تضع العالم أمام سؤال لم يحسم بعد: هل يمكن أن يُبني دولة بنظام اجتماعي جديد يتجاوز نزعات الاستبداد الديني والعرقي في بيئة مركبة؟ الجواب ما زال ما زال بعيد عن الهدف، لكن المؤكد أن مستقبل التعددية في العالم العربي، وربما أبعد من العالم العربي، سيتأثر إلى حد بعيد بما ستؤول إليه هذه التجربة.

عبد علي سفيح/فرنسا



#عبد_علي_سفيح (هاشتاغ)      


ترجم الموضوع إلى لغات أخرى - Translate the topic into other languages



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- من القبيلة إلى الامبراطورية: نابليون بوتابرت نموذجا بين عبقر ...
- الجغرافيا وصناعة الفكر: المعتزلة بين البصرة والبروتستانتية
- الفلسفة والدين لعبة العقل والمعنى
- شارع المتنبي...طقوس جماعية تبحث عن المعنى
- هيئة الأمم المتحدة فكرة عراقية رافدينية بامتياز
- لغز خراسان من خبز الكاموت إلى حضارة الفكر
- قصتان من وادي الرافدين صنعتا الأساطير والمعتقدات والأفكار وا ...
- سورية الكبرى من إرث الامبراطوريات الى افول الدولة القومية
- العراق وطن...وانتماؤنا حكاية لا تنتهي!
- تحولات مفهوم الانسان، من الشخص الى الفرد الى الكائن الحي( ال ...
- تحولات اللغة وتعاقب الأديان


المزيد.....




- لأول مرة منذ عقود، عدد اليهود المغادرين لإسرائيل يفوق عدد ال ...
- إسرائيل قتلت 250 خطيبا ورجل دين ودمرت 835 مسجدا بغزة
- TOYOUR EL-JANAH TV .. خطوات تنزيل تردد قناة طيور الجنة على ن ...
- بلدة بلاط بلدة التعايش الإسلامي المسيحي في الجنوب اللبناني ...
- TOYOUR EL-JANAH TV .. خطوات تنزيل تردد قناة طيور الجنة على ن ...
- إنكلترا: حريق بمسجد يشتبه بأنه جريمة كراهية بعد أيام من هجوم ...
- مقال بجيروزاليم بوست: هل تفقد إسرائيل اليهود في الشتات؟
- يهود أمريكا ينتقدون إسرائيل: 61% يتحدثون عن جرائم حرب و39% ع ...
- TOYOUR EL-JANAH TV .. خطوات تنزيل تردد قناة طيور الجنة على ن ...
- الجماعة الإسلامية في باكستان تدعو للتمسك بحقوق الفلسطينيين


المزيد.....

- كتاب تقويم نقدي للفكر الجمهوري في السودان / تاج السر عثمان
- القرآن عمل جماعي مِن كلام العرب ... وجذوره في تراث الشرق الق ... / مُؤْمِن عقلاني حر مستقل
- علي قتل فاطمة الزهراء , جريمة في يترب / حسين العراقي
- المثقف العربي بين النظام و بنية النظام / أحمد التاوتي
- السلطة والاستغلال السياسى للدين / سعيد العليمى
- نشأة الديانات الابراهيمية -قراءة عقلانية / د. لبيب سلطان
- شهداء الحرف والكلمة في الإسلام / المستنير الحازمي
- مأساة العرب: من حزب البعث العربي إلى حزب الله الإسلامي / حميد زناز
- العنف والحرية في الإسلام / محمد الهلالي وحنان قصبي
- هذه حياة لا تليق بالبشر .. تحرروا / محمد حسين يونس


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - عبد علي سفيح - العراق تجربة العالم للقرآن الحادي والعشرين