بير رستم
كاتب
(Pir Rustem)
الحوار المتمدن-العدد: 8496 - 2025 / 10 / 15 - 16:13
المحور:
القضية الكردية
Ew bi paça mezin nabe!!
إنني خلال الأيام القليلة الماضية قرأت عدد من المقالات التي تناولت، بطريقة ناقدة وسلبية، قضية دمج قوات سوريا الديمقراطية مع ما يسمى ب"الجيش العربي السوري" بحيث وصل الأمر ببعض الأخوة إلى النظر للموضوع وكأن قسد والإدارة الذاتية تركض متهافتة لارضاء حكام دمشق الجدد، وربما البعض يرد مردها في تهافت هؤلاء الأخوة إلى ضغوطات الكردستاني وزعيمها أوجلان وذلك بهدف إرضاء أنقرة وإنجاح ما يسمى "التعايش الأخوي" في تركيا! طبعاً لسنا هنا بوارد الدفاع عن الجماعة أو التبرير لخطوات قسد والإدارة، بل سنحاول فقط إلقاء الضوء على بعض القضايا والجوانب التي نغفلها في المشهد، ليس لعدم دراية هؤلاء المنتقدين لسلوكيات هؤلاء المفاوضين مع سلطة دمشق وإنما وكأي محلل ينحاز لفكرة يتبناها مسبقاً فيحاول إبعاد كل ما يشكك القارئ بصحة تحليله واستنتاجه ولذلك تجد أحدنا يحشد ما يؤكد قناعته ويلغي كل ما يشكك في تلك الاستنتاجات.
طبعاً ربما أكون الآن أمارس نفس الخطأ بحيث إنني أقوم بإهمال ما يشير له هؤلاء لخطوات قسد و"تهافتها" للحوار - وحتى التنازل لدمشق وفق رؤية أولئك المنتقدين - وبأنني أركز فقط على ما يدعم قناعاتي وفكرتي بخصوص المسألة، ولكي لا نقع بنفس الخطأ، فإننا سنعتبر كل ما يفترضونه صحيحا وبأن قسد والإدارة الذاتية يحاولون إرضاء دمشق وأنقرة بأي شكل من الأشكال متناسين تضحيات شعبنا وبأن قسد أقوى من هذه الفصائل التي تسمي نفسها بالجيش العربي السوري وبأن قسد بذلك سوف تمنح الشرعية لحكومة دمشق وتبرر لها جرائمها، بل وتقوم بتعويمها دولياً ومحلياً مع أن في حقيقة الأمر والواقع على الأرض وبقناعتي ليست كذلك حيث نعلم جميعاً بأن ما تسمى بالسلطة الانتقالية وفصائلها وميليشياتها ما كانت لتصل إلى دمشق لولا اتفاق إقليمي دولي بتعويم هؤلاء حيث منظمة جهادية مصنفة على لائحة الإرهاب هي وزعيمها يتم بين ليلة وضحاها بإزالة تلك الصفة عنه، بل ومنحه الضوء الأخضر للسيطرة على الحكومة واستقباله من قبل الجميع، محلياً وإقليمياً وعربياً وحتى دولياً وكأنه الفاتح الجديد!
ثم ماذا لدينا - وأقصد نحن الطرف الكردي - وذلك من خلال رؤية وتقيّم الإدارة الذاتية وقوات سوريا الديمقراطية وكأنها محض كردية كردستانية، وفق رؤية هؤلاء المنتقدين مع أن الواقع والحقيقة على الأرض لا تقول ذلك لا تكويناً حيث قسد والإدارة تمثل كل مكونات المنطقة وربما نسبة الكرد لا يتجاوز الأربعين بالمائة وإن كانت القيادات البارزة فيها هم كرد ولكن بالأخير هناك مكونات أخرى كثيرة وفاعلة اجتماعيا وربما لو تغيرت الظروف لانقلب البعض على قسد، ثم أن مشروع المنظومة العمالية وفي نسختها الجديدة؛ "مشروع الأمة الديمقراطية وأخوة الشعوب" لا يقوم أساساً على فكرة إقامة الكيانات القومية، بل حل المسألة القومية من خلال "المجتمعات الديمقراطية"، هلق اشقد نحن مع هذه الرؤية تلك قضية مختلفة حيث هناك من يرفضها تماماً ومن يدعمها بالمطلق، لكن المعتدلين أمثالي يحدونها فرصة لحل مشكلات المنطقة وإن كنت من المتشككين بنجاحها وذلك لم نعاني في مناطقنا من أزمات وصراعات حيث التخندق في مستنقعات نتنة من البؤس الفكري والسياسي وحتى الأخلاقي والمجتمعي فيما يتعلق بالعيش المشترك، كون مجتمعاتنا ما زالت قبلية طائفية عنصرية قومياً ودينياً وحتى قبلياً!
لكن بالرغم من الحقيقة البائسة السابقة وبعد سنوات الحرب المدمرة نتأمل أن تكون فرصة تشكيل الدولة اللامركزية هي فرصة لإنقاذ ما يمكن إنقاذه وإلا فالحروب القادمة ستكون أسوأ؛ ربما حروب جينوسايدية حقيقية يباد فيه مكونات كاملة ولولا التدخل الدولي لربما عاشها الكرد قبل العلويين والموحدين الدروز، نعم أنا شخصياً مع استقلال كردستان كدولة وهوية وطنية سياسية تمنحني الوجود السياسي عالمياً، لكن أعتقد أن كاتب متابع لوضع وواقع كردستان ووجود شعبنا في روژآڤا وسوريا، فإنه سيدرك بأننا لسنا مؤهلين لقيادة هذا المشروع، بل إخوتنا في الأجزاء الأخرى، وبالتالي فإن قضية الدولة اللامركزية ربما هي الأقرب لحل المسألة الكردية في سوريا حتى وإن كانت لامركزية وفق نظام البلديات أو المحافظات، كما يروّج لها المنتقدين وذلك بهدف الإساءة وحتى الاستهزاء والسخرية من مفاوضات وفد الإدارة وقسد مع دمشق، وبأن "شوية حقوق ثقافية ومسخرة حول حق الرقص والدبكة سيمنح لهم ولا غير"، مع إنهم يدركون الأمور لن تكون كذلك، بل شراكة وطنية ولكن ليست إقليماً شبيهاً بإقليم كردستان وأعتقد هذه جاءت نتيجة رؤية واقعية، كون واقع شعبنا في كل من روژآڤا والإقليم ليس متشابهاً لا ديموغرافياً ولا جغرافياً!
ثم هذا التضخيم الذاتي للحالة الكردية وكأننا القوة القاهرة والأكبر والأقوى هي كذبة يحاول البعض تصديقها باتت مرض لدى الكثيرين منا وللأسف ويحتاجون لمن يوقظهم من ذاك الوهم والمخيال الثوري.. عزيزي نحن ديموغرافياً لا نشكل في أحسن الأحوال أكثر من (15) خمسة عشر بالمائة ومع التهجير الممنهج للكرد من بعض المناطق وكذلك لهروب الكثيرين منا، أعتقد نسبة الوجود الكردي في سوريا بات أقل من ذلك حيث الكرد أكثر من هجر وتهجر وللأسف ولذلك لا أعتقد بأن تلك النسبة باتت هي كما كانت قبل الأزمة ودعكم من بعض الذين يجعلون نصف سكان سوريا من أصول كردية، فأصل وزير خارجية تركيا وأغلب قادتها من الكرد وهم أشد الخصوم والأعداء للوجود الكردي وليس فقط للقضية الكردية. أما فيما يتعلق بوهم التفوق العسكري لقوات سوريا الديمقراطية على الفصائل الإسلامية والتي تشكل جيش سوريا الحالي فهذه أيضاً علينا أن نستفيق منها حيث لولا الدعم الغربي والأمريكي لكانت تركيا وحدها قدمت من العتاد والرجال ما شكل قوة بحجم عشرات المرات لم لدى قسد، يعني لو سمحت أمريكا ألا يمكن لتركيا أن تجلب مئات الآلاف من المتطوعين العرب السنة وليس من المهاجرين لتشكل منهم جيش حقيقي؟!
أعلم إنني أطلت عليكم بالحديث، لكن فقط أردت أن أقول لهؤلاء الإخوة المنتقدين؛ نعم كلنا نريد أن يكون لشعبنا هويته السياسية، ليس فقط في إدارة ذاتية أو حكم ذاتي ولا حتى إقليم فيدرالي، بل دولة كردية كردستانية مستقلة ذات سيادة وطنية، انشاءالله فقط في عفرين، ليس الكويت بشو أحسن منها، وهذه أمنية الغالبية المطلقة من شعبنا، بمن فيهم أصحاب نظرية أو فلسفة "الأمة الديمقراطية" وضمناً الأخوة في قوات سوريا الديمقراطية والإدارة الذاتية، لكن أمنياتنا شيء والواقع وسياسات ومصالح الدول شيء آخر حيث المشروع الدولي الخاص بسوريا هو وحدة أراضيها واستقرارها الأمني والسياسي وذلك من خلال شراكة سياسية بحكومة لا مركزية يكون لكل المكونات الدور والوجود في المركز مع اعطاء الأقاليم والمحافظات والبلديات صلاحيات واسعة لإدارة مناطقهم وهذه وضحت من قبل الدول لمختلف هذه الأطراف وتمارس على الجميع الضغوط اللازمة للجلوس والحوار والتفاوض على تلك النقاط والقضايا الخلافية للوصول إلى تفاهمات مشتركة؛ يعني بصراحة ووضوح نقول: لولا تلك الضغوط لم ذهبت قسد لدمشق ولم قبلت هذه الأخيرة للتفاوض مع قسد وكنا دخلنا في حروب أكثر ضراوة وخاصةً هناك من يريد إبادة الكرد في سوريا محلياً وإقليماً!
ولذلك وأخيراً نقول؛ بأن هناك مشروع دولي وإقليمي وعلى كل الأطراف والمكونات السورية القبول به ومن سيرفض ذلك المشروع سوف يخسر الكثير والسياسة الحقيقية وذكاء كل طرف يكمن في كيفية الاستفادة والمناورة في تلك الحوارات والملفات لتحقيق نقاط ومكاسب لصالح قضاياه التي يؤمن بها، نعم قسد والإدارة تملك عدد من الأوراق وأهمها؛ الإرادة الثورية لدى مقاتليها وجمهورها وكذلك بعض الدعم الدولي والإقليمي، لكن بالمقابل علينا أن لا ننسى بأن لدى الآخرين أيضاً نقاط قوتهم وخاصةً في ظروف إقليمية محلية وبيئة شبه معادية الكرد وقضاياهم وبالتالي أي أخطاء استراتيجية قد تخرجنا من المعادلة السياسية، كما حصل ذلك قبل قرن مع سقوط الدولة العثمانية ولذلك علينا أن نعرف كيف ندير اللعبة والأوراق بطريقة دبلوماسية نحقق أكبر المكاسب وليس وفق عنتريات وعنجهيات ثوروية من مخلفات المرحلة الماضية.. باختصار جد شديد نقول للجميع وبالكردي: Bi paça kîr mezin nabin ونترك الترجمة للشباب
#بير_رستم (هاشتاغ)
Pir_Rustem#
ترجم الموضوع
إلى لغات أخرى - Translate the topic into other
languages
الحوار المتمدن مشروع
تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم
العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم.
ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في
استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي،
انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة
في دعم هذا المشروع.
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟