إسرائيل مرّغت أنف إيران بالتراب

بير رستم
كاتب
(Pir Rustem)

الحوار المتمدن-العدد: 8384 - 2025 / 6 / 25 - 17:18
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    

يبدو إننا نحن الكرد محكومون بالتعاطي مع القضايا المختلفة عاطفياً وجدانياً وليس بالطريقة التحليلية العقلانية، طبعاً هذه سمة الشعوب الشرق أوسطية عموماً، لكن للكرد نصيبهم الأوفر، بمن فيهم من يجب أن يتصف بالفكر التحليلي والقراءة الموضوعية والعقلانية من ساسة وقادة وحتى فئة المثقفين من محللين سياسيين حيث تجدنا جميعاً نتحمس للقضايا التي نتناولها؛ إن كان سلباً أو إيجاباً، مثل ما حدث مؤخراً مع الحرب التي شنتها إسرائيل وأمريكا على نظام الملالي في إيران حيث المتحمسون قالوا؛ ها هي إيران هي الأخرى ستنهار خلال أيام وسيتحرر شرق كردستان وبعدها جاي الدور على شمال كردستان وتركيا! بينما وبعد إعلان ترامب لوقف إطلاق النار، خرج علينا الجماعات اليائسة والسلبية أو لنقل التي لا تتحمس لأمريكا وإسرائيل لتقول لنا؛ ألم نقل لكم بأن هذه مسرحيات وأن الأمريكان والإسرائيليين عم يضحكوا علينا وإنهم متفقين مع الإيرانيين!!

ولهؤلاء وأولئك نقول؛ إخوتي لهذه الدول مصالحها وإستراتيجياتها وهم يرسمون تلك الخطط والإستراتيجيات وفق مصالحهم وليس وفق حقوق شعوبنا المغلوبة على أمرها، الكرد مثالاً، لكن إضعاف هذه النظم التوتاليتارية المستبدة والمستعبدة لنا وجغرافيتنا هي مرحلة وخطوة ضرورية في إسقاطها وبالتالي تحرر شعبنا ووطننا، وكانت هذه الضربة واحدة من أقوى الضربات التي وجهت لإيران من بعد قطع أذرعها وهي قد أضعفت إيران بنظامها الحالي كثيراً مادياً ومعنوياً بحيث جعلتها ترضخ للشروط الأمريكية وذلك بالرغم من كل الخطاب والبلاغات الكلامية والإعلامية الإيرانية والتي تحاول الإيحاء لشعبها أولاً؛ بأن هي التي دمرت بعض الأبنية في إسرائيل مع أن أي عاقل لو تمعن في الأمر لعرف بأن قد تمرغت أنفها بالتراب، كما يقول المثل حيث عندما تسيطر دولة سيطرة كاملة على سماء دولة وتشن بأكثر من مائتي طائرة هجوماً على العديد من المراكز الحيوية ومن دون أن تكون لدى الدولة المعرضة للهجوم أي قدرة على الرد، ناهيك عن اسقاط أي طائرة معتدية، فماذا يعني ذاك؟! هو باختصار؛ تمرغ أنفه بالتراب.

نعم لقد ضربت إيران بشدة من قبل إسرائيل وجاءت "الضربة الأمريكية القاضية" لتكمل على القربان والذبيحة وهذه جعلت القيادة السياسية الإيرانية تقبل بكل الشروط الأمريكية، مما جعل ترامب لاعلان وقف إطلاق النار حيث وكما قلنا في البداية؛ فإن هذه الدول تتحرك وفق مصالحها وإستراتيجياتها وليس لأجل تحرير الشعوب الإيرانية وعندما تحقق لهم ذلك أوقفوا ضرباتهم، لكن هذه الضربات جعلت من النظام الإيراني في موقف ضعيف ومن نواح عدة؛ أهمها ليس الجانب المادي والعسكري المتعلق بالبرنامج النووي، فهي قضية تهم تلك الدول، بل إضعافه أمنياً معنوياً في أعين الشعوب الإيرانية حيث تم كسر شوكته وعنجهيته بعد أن مرغوا أنفه بالتراب، وبالأخص طبقة الملالي من رجال الدين، وهو ما سيفتح الآفاق لتحرك شعبي وإعطاء الزخم للتيار الإصلاحي بقيادة الرئيس المنتخب بژيشكيان والذي لم يجد الفرصة وللأسف للقيام بأي دور لتغيير النظام السياسي في البلد وبالتالي يمكن أن تصبح الفرصة جاهزة للقيام ببعض التغييرات وهذه فرصة له ولتياره ولشعوب إيران للتخلص من هذا النظام الرجعي السلفي.

باختصار نقول؛ بأن حرية الشعوب لا تتحقق بين ليلة وضحاها، بل هو نتاج تراكم نضالي وهذه فرصة جيدة للشعوب في منطقتنا، وضمناً إيران، لأن تنال بعض الحقوق والمكاسب السياسية وأي إضعاف لأي نظام سياسي مستبد هو فتح كوة في هذا الطريق الطويل والشائك.

#بير_رستم (هاشتاغ)       Pir_Rustem#          

---

---

الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 

اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل	حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين

كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على:

الفيسبوك

التويتر

اليوتيوب

RSS

الانستغرام

لينكدإن

تيلكرام

بنترست

تمبلر

بلوكر

فليبورد

الموبايل