أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - أنس قاسم المرفوع - مشروع الشرق الأوسط الكبير: من الفوضى المُنظمة إلى أمة ديمقراطية














المزيد.....

مشروع الشرق الأوسط الكبير: من الفوضى المُنظمة إلى أمة ديمقراطية


أنس قاسم المرفوع
أكاديمي وكاتب وسياسي سوري باحث في مركز دراسات الشرق للسلام

(Anas Qasem Al-marfua)


الحوار المتمدن-العدد: 8492 - 2025 / 10 / 11 - 13:31
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


_رؤية المفكر أوجلان في تحليل الصراع وآفاق التحرر :

لطالما أدرك المفكر عبد الله أوجلان أن مشروع الشرق الأوسط الكبير الذي تروج له القوى الإمبريالية بقيادة الولايات المتحدة، لا يهدف إلى إعادة ترتيب الخريطة السياسية فحسب، بل إلى تفجير الهويات القومية المتصلبة ودفع الدويلات الطائفية والعرقية إلى صراعات داخلية لا تنتهي، كي تبقى واشنطن المهيمنة الوحيدة على مصير المنطقة لقرن قادم.

وفي هذا السياق، لا مكان مطلقًا لحركات التحرر الحقيقية، بل يتم تهميشها أو تشويهها أو احتواؤها، لأن المشروع الإمبريالي لا يحتمل أي فكر مقاوم جذري يهدد منطق الهيمنة.

_طبيعة الحرب العالمية الثالثة الخاصة بالشرق الأوسط:

وقد لخص المفكر أوجلان طبيعة الصراع حين قال: "ثمة حقيقة واقعة تشير إلى أن منطقة الشرق الأوسط تشهد حربًا عالمية ثالثة على نحو خاص بها". لكن هذه الحرب تتميز بخاصيات مختلفة عن الأبعاد العسكرية والسياسية الكلاسيكية. فمهما تجولت عينك في أرجاء هذه المنطقة، من سوريا والعراق إلى اليمن وليبيًا، ومن تركيا وإيران إلى أفغانستان وباكستان، ترى مشاكل عالقة منذ آلاف السنين. مشاكل لم تُحل لأن الأنظمة التي تعاقبت على حكم الشعوب لم تكن أنظمة تنظيم، بل أنظمة فوضى منظمة، هدفها خلق الصراعات لتبرير بقائها. كما قال المفكر أوجلان: "إن الحياة الخاطئة لا تعاش بصواب".

_مسار تنفيذ المشروع: من إيران إلى العراق:

فحقيقةً، منذ سقوط نظام الشاه في إيران عام 1979، بدأ تنفيذ هذا المشروع بخطوات مدروسة. فجاءت حرب الخليج الأولى (1980–1988) لتدمير البنية الاجتماعية والاقتصادية للعراق وإيران معًا. ثم حرب الخليج الثانية (1991) لتفكيك الدولة العراقية، وصولًا إلى الغزو الأمريكي عام 2003 الذي حول العراق إلى ساحة للتنافس الطائفي والقومي.

_المقاومة المشوهة وأدوات الممانعة:

وفي هذا السياق، لم تكن "المقاومة" كما تم تقديمها دائمًا مقاومة حقيقية، بل أعيد تشكيلها كأداة في يد المشروع الإمبريالي الجديد. فالنظام الإيراني، تحت غطاء "الممانعة"، لم يسهم في تحرير الشعوب، بل سعى إلى توسيع نفوذه عبر مليشيات طائفية في العراق وسوريا ولبنان واليمن، محولاً المقاومة إلى وسيلة للاستعباد والقمع وتوسيع النفوذ، ومرتكبًا المجازر باسم الدفاع عن المقدسات. مما جعل الشعوب العربية تنفر من كل من يرفع شعار المقاومة دون مضمون تحرري حقيقي.

وهنا تكمن المفارقة الكبرى: أن أدوات "الممانعة" أصبحت جزءًا لا يتجزأ من تنفيذ مشروع الشرق الأوسط الجديد، لأنها أبعدت الشعوب عن التفكير النقدي، وأغفلتها عن جذور الاستبداد الحقيقي، سواء كان محليًا أو إقليميًا أو دوليًا.

_الحل الجذري: من جذور المشكلة إلى رؤية "الأمة الديمقراطية":

ويؤكد المفكر أوجلان أن الحل لا يمكن أن يكون سطحياً أو توفيقياً، بل يجب أن ينطلق من جذور المشكلة: من نشوء الدولة والسلطة والزيقورات، ومن الثنائية المدمرة التي فرّقت بين الرجل والمرأة، والسيد والعبد، والغني والفقير، والتي تقوم على مبدأ "كل شيئين متناقضين أحدهما ينفي الآخر".

في المقابل، يشير المفكر أوجلان إلى أن أسلافنا في عصور المجتمع الطبيعي (الكومينالي) عاشوا على مبدأ التكامل: "كل شيئين متناقضين أحدهما يكمل الآخر"، حيث لم يكن الفرد يفكر في ذاته منفصلاً عن الكلان أو المجتمع. ومن هنا، فإن الحل الجذري يكمن في العودة إلى هذا المبدأ، لا بالحنين إلى الماضي، بل بإعادة بناء الحاضر على أسس ديمقراطية تحقق حقوق الإنسان، وتحرر المرأة، وتعزز الاقتصاد التشاركي، وتعيد للشعوب سيادتها الثقافية والسياسية.

ومن هذا المنظور، تبرز رؤية "الأمة الديمقراطية" كحل تاريخي: يقوم على الاتحاد في الاختلاف، لا يلغي الخصوصيات بل يثريها ضمن فضاء سياسي واقتصادي متكامل، يحقق الاكتفاء الذاتي وينهي التبعية للقوى الإمبريالية. فشعوب الشرق الأوسط، رغم الحدود المصطنعة التي فرضتها اتفاقية سايكس-بيكو، أكثر ترابطًا من شعوب أوروبا أو الولايات المتحدة، ليس فقط جغرافيا أو تاريخيًا، بل ثقافيًا وروحيًا.

_تحول النضال ومصير الأنظمة الهشة:

واليوم، بعد أن أدرك المفكر أوجلان أن الزمن تغير وأن أدوات النضال يجب أن تتغير معه، أعلن بوضوح أن الوقت قد حان للانتقال إلى النضال السلمي، وأمر بحل حزب العمال الكردستاني كتنظيم مسلح، ليتحول إلى حركة سياسية ديمقراطية شاملة. وهذا القرار لم يكن هروبًا من المواجهة، بل تطويرًا لاستراتيجية التحرر في ظل مرحلة جديدة من الصراع.

فحقيقةً، اليوم وبعد أن تم تصفية حركة حماس كأحد أبرز رموز المقاومة المستغلة من إيران، يلوح في الأفق أن الدور قد حان على مليشيات إيران في العراق واليمن، وأن النظام الإيراني نفسه، الذي ساهم بشكل حاسم في تفتيت المنطقة وتحويلها إلى ساحة للصراعات بالوكالة، لن ينجو من مصيره التاريخي.

_الخاتمة: البذرة والفراشة:

فكما قال المفكر أوجلان: "كل شيء ينمو على جذوره". والجذور الحقيقية لشعوب الشرق الأوسط ليست في الطائفية أو القومية المتصلبة، بل في الديمقراطية والحرية والعدالة. والكرد، الذين عانوا من المؤامرات لأكثر من قرن، قد يكونون اليوم حامل البذرة الأولى لهذا التحول، حيث يسعى فكر "الأمة الديمقراطية" لأن يكون كأثر الفراشة: نسمة صغيرة اليوم قد تتحول غدًا إلى إعصارٍ يطيح بشرور الرأسمالية والدولة السلطوية، وكل أشكال الهيمنة التي أخرجت للبشرية من صندوق باندورا.



#أنس_قاسم_المرفوع (هاشتاغ)       Anas_Qasem_Al-marfua#          


ترجم الموضوع إلى لغات أخرى - Translate the topic into other languages



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- أخلاقيات النضال في فلسفة المفكر عبدالله أوجلان : حين تتحول ت ...
- أخلاقيات النضال: حين تتحول تضحيات الشهداء إلى مؤسسات خالدة
- الدولة المركزية: القمع والدمار وبدائل التحرر
- لاعدالة دون اعتراف : ذاكرة المظلومين أساس بناء الدول :
- إعادة تشكيل سوريا الجديدة: نحو مشروع ديمقراطي تشاركي من خلال ...
- سوريا المستقبل من نموذج الاستعمار إلى أمة التحرر: المرأة أسا ...
- سوريا ما بعد الأسد: من دولة الهيمنة إلى مجتمع التعاقد - نحو ...
- الأخلاق كبنية تحتية للأمة الديمقراطية: قراءة في فكر أوجلان ح ...
- الضربات الأمريكية على إيران هل تفتح الباب لثورة داخلية أم حر ...
- من التشرذم إلى الثورة: كيف تصنع شعوب الشرق الاوسط مصيرها في ...
- الشرق الأوسط الجديد كيف تم تحويل الأخوة إلى اعداء؟ من التفتي ...
- من الدولة الدينية إلى الأمة الديمقراطية: تحليل المفكر أوجلان ...
- صدام الرؤى: حرية النخبة المجردة مقابل حرية المجتمع الجذرية م ...
- قراءة في خطاب السفير الأمريكي ورؤية أوجلان الاستشرافية


المزيد.....




- في هذه المدينة الأمريكية.. حتى الجنازات تتحوّل إلى حفلات شار ...
- مأساة بالمكسيك.. أمطار غزيرة وفيضانات تودي بحياة أشخاص وتُغر ...
- وزيرا خارجية مصر وأمريكا يبحثان ترتيبات قمة شرم الشيخ بشأن غ ...
- برفقة ويتكوف.. قائد القيادة المركزية الأمريكية يكشف عن سبب ز ...
- لماذا قد لا يتراجع نتنياهو عن اتفاق غزة هذه المرة؟ - في الوا ...
- اتفاق غزة يشعل الشارع الباكستاني.. أنصار -حركة لبيك- يسيرون ...
- لن ترهبوننا
- أم تُفجع العالم... ابني وقع في غرام روبوت لينتحر
- فُرض على نظام الأسد...ما هو قانون -قيصرالأمريكي- الذي ألغته ...
- جولة داخل المنزل الفخم لنجمة هوليوود زوي ديشانيل وخطيبها في ...


المزيد.....

- شيوعيون على مر الزمان ...الجزء الأول شيوعيون على مر الزمان ... / غيفارا معو
- حكمة الشاعر عندما يصير حوذي الريح دراسات في شعر محمود درويش / د. خالد زغريت
- التاريخ يكتبنا بسبابته / د. خالد زغريت
- التاريخ يكتبنا بسبابته / د. خالد زغريت
- جسد الطوائف / رانية مرجية
- الحجز الإلكتروني المسبق لموسم الحنطة المحلية للعام 2025 / كمال الموسوي
- الأرملة السوداء على شفا سوريا الجديدة / د. خالد زغريت
- المدخل الى موضوعة الحوكمة والحكم الرشيد / علي عبد الواحد محمد
- شعب الخيام، شهادات من واقع احتجاجات تشرين العراقية / علي الخطيب
- من الأرشيف الألماني -القتال في السودان – ينبغي أن يولي الأل ... / حامد فضل الله


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - أنس قاسم المرفوع - مشروع الشرق الأوسط الكبير: من الفوضى المُنظمة إلى أمة ديمقراطية