أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الثورات والانتفاضات الجماهيرية - كرم خليل - أحياء في ضمير الثورة: الشهداء الذين حموا سوريا أحياءً وأمواتاً














المزيد.....

أحياء في ضمير الثورة: الشهداء الذين حموا سوريا أحياءً وأمواتاً


كرم خليل
سياسي و كاتب وباحث

(Karam Khalil)


الحوار المتمدن-العدد: 8490 - 2025 / 10 / 9 - 09:32
المحور: الثورات والانتفاضات الجماهيرية
    


في لحظات التحوّل الكبرى في مسيرة الشعوب، لا تُكتب البطولات بالحبر، بل بالدم. ولا تُشيّد المعاني على الورق، بل على أجساد الذين آمنوا أن للحرية ثمناً، وأن الكرامة لا تُمنح بل تُنتزع. هكذا كان شهداء الثورة السورية، أولئك الرجال الذين خرجوا من قلب هذا الشعب، ليحملوا أرواحهم على أكفّهم في مواجهة واحدة من أعتى منظومات الاستبداد في العصر الحديث.

لم يكونوا مجرد مقاتلين في معركة عابرة، بل كانوا تجسيداً لمعنى الإنسان الحرّ في وجه الطغيان. حملوا على أكتافهم أحلام ملايين السوريين، وساروا بها عبر رصاص القمع وحمم البراميل، دون أن يتراجعوا أو يساوموا على المعنى. واليوم، بعد أكثر من عقد من الزمن، ما زالت صورهم، وذكراهم، وملابسهم العسكرية، تنبض في الذاكرة الجمعية كأنهم بيننا، يقاتلون في الصفوف الأولى.

في مشهد يختصر عمق الحكاية وخلود الرسالة، شهدت مدينة الرستن افتتاح حملة إنسانية بقيمة 15 ألف دولار، خُصصت لشراء بدلة الشهيد الملازم أول أحمد خلف من جمعية «بسمة أمل». لم تكن تلك البدلة مجرد قطعة قماش، بل كانت رمزاً حياً لبطولةٍ لم تنتهِ بسقوط الجسد، بل بدأت مع صعود الروح. في تلك اللحظة، بدا وكأن الشهيد أحمد خلف يمد يده من تحت التراب، ليساهم من جديد في بناء وطنه، في إعمار مدينته، في كتابة فصلٍ جديد من حكاية الوفاء.

إن بدلة أحمد خلف ليست مجرد تذكار، بل شاهد على زمنٍ صنعه الأبطال بدمائهم، وتركوه أمانة للأجيال القادمة. هي مرآة تُظهر الفرق الشاسع بين من ضحوا بحياتهم من أجل وطن حرّ، وبين من يرفلون اليوم في نعيم السلطة أو مكاسبها، دون أن يقدموا شيئاً سوى الولاء للطغيان.

لقد خاض الشهداء معركتهم من أجل سوريا الكرامة، لا من أجل سلطةٍ أو زعامة. وقفوا في وجه آلة القتل الأسدية ومنظومتها الأمنية، التي جعلت من الوطن سجناً كبيراً ومن الحرية جريمة، وواجهوها بقلوبٍ لا تعرف الخوف وإرادات لا تنكسر. رحل كثيرون منهم قبل أن يروا لحظة النصر، لكنهم زرعوا بذورها في تربةٍ ارتوت من دمائهم.

إن تخليد ذكرى الشهداء ليس طقساً عاطفياً، بل فعل مقاومة سياسية وثقافية في وجه محاولات الطغاة طمس الحقيقة. هؤلاء الشهداء، من أحمد خلف إلى آخر مقاتل سقط دفاعاً عن الحرية، هم الذين أعادوا تعريف معنى البطولة في الوجدان السوري. أحيوا مفهوم الانتماء الصادق، وأثبتوا أن التضحية ليست لحظة موت، بل مسار حياة ممتدة، تمتد من جبهات القتال إلى ضمير الأمة.

وإذا كان البعض اليوم يتذوّق طعم الحرية أو مكاسبها، فإن هذا الطعم صُنع من عرق الشهداء ودموع أمهاتهم، ومن أرواحٍ حلّقت بعيداً لتفتح للأحياء دروب الكرامة. من هنا، يصبح الوفاء لهؤلاء واجباً لا يُسقطه الزمن ولا التسويات، بل يفرض علينا أن نواصل معركتهم على كل الجبهات: جبهة الذاكرة، وجبهة العدالة، وجبهة النضال السياسي.

لن يكون هناك مستقبلٌ حرّ في سوريا من دون عدالة حقيقية، ومن دون محاسبة للمجرمين الذين اغتالوا أحلام شعبٍ بأكمله. هذه العدالة التي نطالب بها ليست انتقاماً، بل استعادةٌ للكرامة، وإنصافٌ للتاريخ، وصونٌ لتضحيات من رحلوا.

لقد علمتنا الثورة أن البطولة لا تموت بموت أصحابها، بل تولد من جديد في كل لحظة نتمسك فيها بالحقيقة ونرفض المساومة على الدم. الشهيد الملازم أول أحمد خلف، ورفاقه من أبطال الثورة، سيبقون مناراتٍ تضيء الطريق، لا رموزاً في ذاكرةٍ باهتة. سيبقون حراساً للمعنى، وسيوفاً مسلولة في وجه النسيان.



#كرم_خليل (هاشتاغ)       Karam_Khalil#          


ترجم الموضوع إلى لغات أخرى - Translate the topic into other languages



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- حين يصبح الإجماع قيدًا: في نقد الوعي الجمعي العربي
- الليبرالية: مشروع وجودي أم مجرد جهاز قانوني؟
- تركيا بين اهتزاز الداخل وتشابك الإقليم: قراءة في الواقع والم ...
- سوريا بين خطاب المركزية وأزمة التشكل: قراءة في مسارات إعادة ...
- سوريا في معترك المواجهة: الخطة الوطنية للتصدي لهيمنة الإحتلا ...
- من بوق الحدث إلى عقل الأمة: الإعلام ودوره في بناء الثقة والو ...
- بسّام العدل: من بريق الطائرة إلى ظلام القمامة قصة خيانة تكشف ...
- بين الموعظة والقانون: رحلة الإنسان بين خلود الفكرة وفناء الج ...
- قانون قتل الإخوة في الدولة العثمانية: بين السلطة والفوضى
- التحول السوري: قراءة في المرحلة الراهنة وتوصيات لبناء الدولة ...
- أهمية العلاقات السورية الأمريكية في هذه المرحلة الحساسة
- تجاذبات وإعادة رسم للخارطة الجيوسياسية في سوريا
- الخصخصة في سوريا.. حديث في الإيجابيات والسلبيات والطريق نحو ...
- وسائل الإعلام في مجتمعات ما بعد النزاع: بين الهيمنة والتحرر
- ظاهرة التكويع وسلطة الأمر الواقع
- العدالة الانتقالية والية الاصلاح
- الجهاز الأمني السوري الجديد
- الجيش السوري: أزمة هوية واستجابة للثورة
- تحديات النصر السوري ومستقبله
- مواقع التواصل الاجتماعي حديث في الإيجابيات والسلبيات


المزيد.....




- بيان للمكتب السياسي لحزب التقدم والاشتراكية حول اتفاق إنهاء ...
- العدد 622 من جريدة النهج الديمقراطي
- الاشتراكية في نظر تشي غيفارا
- حزب التقدم والاشتراكية ينعي وفاة الرفيق عبد القادر المريباح ...
- كل ما تريد معرفته عن الأسير الفلسطيني مروان البرغوثي: -ماندي ...
- م.م.ن.ص// مرحبا بالمناضل -سعيد افريد- بالسجن الكبير
- شاهد.. اشتباكات بين متظاهرين مؤيدين للفلسطينيين والشرطة الأم ...
- النهج الديمقراطي العمالي بالرباط يؤكد دعمه ووقوفه المبدئي إل ...
- رائد فهمي: المال السياسي يخلّ بالعدالة الانتخابية ومنظومة ال ...
- ماذا طلب ممثلو الحزب الاشتراكي الفرنسي من لوكورنو؟


المزيد.....

- ليبيا 17 فبراير 2011 تحققت ثورة جذرية وبينت أهمية النظرية وا ... / بن حلمي حاليم
- ثورة تشرين / مظاهر ريسان
- كراسات شيوعية (إيطاليا،سبتمبر 1920: وإحتلال المصانع) دائرة ل ... / عبدالرؤوف بطيخ
- ورقة سياسية حول تطورات الوضع السياسي / الحزب الشيوعي السوداني
- كتاب تجربة ثورة ديسمبر ودروسها / تاج السر عثمان
- غاندي عرّاب الثورة السلمية وملهمها: (اللاعنف) ضد العنف منهجا ... / علي أسعد وطفة
- يناير المصري.. والأفق ما بعد الحداثي / محمد دوير
- احتجاجات تشرين 2019 في العراق من منظور المشاركين فيها / فارس كمال نظمي و مازن حاتم
- أكتوبر 1917: مفارقة انتصار -البلشفية القديمة- / دلير زنكنة
- ماهية الوضع الثورى وسماته السياسية - مقالات نظرية -لينين ، ت ... / سعيد العليمى


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الثورات والانتفاضات الجماهيرية - كرم خليل - أحياء في ضمير الثورة: الشهداء الذين حموا سوريا أحياءً وأمواتاً