أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - القضية الفلسطينية - ازهر عبدالله طوالبه - رد جماس: تحويل مُعادلة الضغط إلى فُرصة














المزيد.....

رد جماس: تحويل مُعادلة الضغط إلى فُرصة


ازهر عبدالله طوالبه

الحوار المتمدن-العدد: 8486 - 2025 / 10 / 5 - 04:51
المحور: القضية الفلسطينية
    


يُمكن القول إنّ ردّ حركة المقاومة الإسلاميّة "حماس" على مقترح الرئيس الأمريكيّ دونالد ترامب الأخير، لم يكُن مجرّدَ موقفٍ سياسيّ أو ردٍّ انفعاليّ، بل تجلّى فيه مزيجٌ فريد من الذكاء السياسيّ والقًدرة العسكريّة، بما يعكسُ تحوّل الحركة من فصيلٍ مقاومٍ مُحاصَر إلى قوّةٍ تفرضُ نفسها لاعبًا محوريًّا في معادلةِ الإقليم، وصاحبة كلمةٍ مسموعة في رسم مُستقبل القضيّة الفلسطينيّة.

منذ اللحظة الأولى، أدركت حماس أنّ الخطة الأمريكيّة لا تستهدف وقف العدوان أو إنهاء الحرب على غزة، بل إعادة صياغة المشهد الفلسطينيّ وفقَ منطق "الإخضاع والوصاية". لكنّ الحركة لم تنزلق إلى خطابِ الرّفض الغاضب فحسب، بل صاغت ردًّا متوازنًا يزاوج بين الثّبات على الثوابت الوطنيّة وقراءة الميدان بلغةٍ استراتيجيةٍ دقيقة. فقد وضعت المقاومة سقفًا سياسيًّا واضحًا: لا تنازل عن الحقوق، لا شرعيّة للاحتلال، ولا تسوية تُنتج كيانًا بلا سيادة.

الذكاء السياسيّ الذي اتّسم به الردّ تجلّى في أكثر من بُعد. فحماس قدّمت نفسها، للداخل الفلسطينيّ والعالم الخارجيّ على السواء، كحركةٍ مسؤولة تسعى إلى إنهاء الحرب دون التخلّي عن الثوابت. إنها تُفاوض من موقع القوّة لا من موقع الضُّعف، وتُدير الأزمة بخطابٍ يُحمِّل الاحتلالَ والولايات المتحدة مسؤوليّة استمرار العدوان، في الوقت الذي تُبقي فيه باب المبادرات مفتوحًا على قاعدة النديّة لا الإملاء.

في المقابل، لم يكن هذا الردّ مُنفصلًا عن القدرة العسكريّة التي راكمتها المقاومة في السنواتِ الأخيرة. فالتَّوازن الذي أبدته حماس بين الخطاب السياسيّ والعمل الميدانيّ ليس صُدفة، بل نتيجة إدراكٍ بأنّ السياسة من دون قوّةٍ تحميها تتحوّل إلى استجداء. المقاومة اليوم تمتلك منظومة عسكريّة مُتماسِكة، أثبتت أنّها قادرة على الصّمود في وجه آلة الحرب الإسرائيليّة، وأنّها تُدير الميدان بعقلٍ استراتيجيّ لا بعاطفةٍ ميدانيّة. هذا التوازن جعل من ردّ حماس صوتًا مسموعًا لا مجرّد بيانٍ يُضاف إلى بيانات الماضي.

ولعلّ الأهمّ في هذا المشهد أنّ الحركة، وهي تواجه أعتى تحالفٍ غربيّ وإقليميّ ضدّها، استطاعت أن تُقدّم نموذجًا مختلفًا في إدارة الصراع: مقاومةٌ تقرأ السياسة بعين المُقاتِل، وتُقاتل بعقلِ السياسيّ. ففي الوقت الّذي أصرَّت فيه إسرائيل على تحويل الحرب إلى معركة إبادة، استطاعت حماس أن تُحوّلها إلى معركة وعي، تُعيد تعريف مَن هو الضحيّة ومَن هو الجلّاد، وتكشف للعالم ازدواجية المعايير الغربيّة التي تبرّر القتل باسم الدفاع عن النفس.

إنّ الردّ على خطة ترامب لم يكن مجرّد موقفٍ من مقترحٍ سياسيّ، بل رسالة أعمق: أنّ حماس اليوم ليست حركةً محصورة في جغرافيا غزة، بل كيانٌ لهُ دور في إدارةِ الصّراعِ العالميّ على الوعي والشرعيّة. وأنّ الذكاء السياسيّ الذي أدار به قادتها هذا الملف هو الوجه الآخر للقدرة العسكريّة التي فرضت حضورها على الأرض.

وفي المحصّلة، يمكن القول إنّ حماس نجحت في تحويل معادلة الضغط إلى فرصة، وفي جعل كلّ طرحٍ سياسيّ جديدٍ محكومًا بمعادلة المقاومة لا بمُعادلَة التسوية. فالردّ الذي صاغته لم يكن مجرد بيانٍ في سياق أزمةٍ آنية، بل وثيقة موقفٍ تؤسّس لمرحلةٍ جديدة من الوعي الفلسطينيّ، تُعيد الاعتبار للمقاومة باعتبارها الفاعل الأصيل في مُعادلة التحرّر، والضّامن الوحيد لعدم سقوط القضيّة في فخّ الوعود الأمريكية المُتكرّرة.


إنّ المرحلة المقبلة تقتضي من حماس أن تُحوّلَ هذا الردّ السياسيّ الذكيّ إلى منصّة دائمة للحوار الوطنيّ والميدانيّ، بحيث يُعاد بناء البيت الفلسطينيّ على قاعدة المقاومة لا على وهم التسوية. فالمطلوب اليوم ليس فقط الحفاظ على الموقف، بل مأسسته ضمن رؤيةٍ استراتيجية تُنظّم العلاقة بين الفعل العسكريّ والسياسيّ والإعلاميّ، وتُنتج خطابًا فلسطينيًّا موحّدًا يعيد تعريف المشروع الوطنيّ في ضوء المُتغيّرات الراهنة.

على الحركة أن تُواصل هذا النهج المتّزن، وأن تستثمر ما راكمته من قوّةٍ ميدانيّة في فرض معادلةٍ جديدة على العالم، معادلةٍ تُدرك فيها القوى الدوليّة أنّ أيّ حلّ لا يُراعي الحقوق الفلسطينيّة سيكون هشًّا وعاجزًا عن الصمود. فالقوّة الحقيقيّة لا تُقاس بعدد الصواريخ أو البيانات، بل بقدرة القيادة على تحويل النصر الميدانيّ إلى مكسبٍ سياسيٍّ مُستدام، وهو ما يبدو أنّ حماس تتّجه نحوه بوعيٍ متقدّمٍ ورؤيةٍ متوازنة.

وبهذا، يُمكن القول إنّ ردّ حماس لم يكن نهاية موقف، بل بداية مسارٍ جديدٍ، تُعيد فيه المقاومة صياغة المشهد الفلسطينيّ والإقليميّ على نحوٍ أكثر نضجًا وفاعليّة، حيث تلتقي القدرة العسكريّة بالذكاء السياسيّ في مشروعٍ واحد: مشروع التحرّر الحقيقيّ لا التفاوض على الهامش.



#ازهر_عبدالله_طوالبه (هاشتاغ)      


ترجم الموضوع إلى لغات أخرى - Translate the topic into other languages



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- غزة من قضية محليّة إلى معركة عالمية.
- غياب تونس وإيران عن التّصويت: دلالات تتجاوز الصّمت
- حين يُصبح قتل المُفاوض هدفًا استراتيجيًّا اسرائيليًّا.
- حينما تتقدَّم إسبانيا ونتأخَّر نحنُ.
- الاستقالات الهولنديّة وصمت الحكومات العربيّة.
- إسرائيل الكُبرى: المشروع الأخطر على وجود دول الطوق.
- في مواجَهة الاحتلالِ الصهيونيّ: نحو مشروع تحرُّر جديد للمِنط ...
- حين تصبح التكنولوجيا شريكًا في الجريمة: مايكروسوفت، إسرائيل، ...
- في قلب الصراع: إيران بين الضّغط الأميركيّ وخيارات القوّة.
- الأردن بينَ النيران، لكنّها لن تلتَهِمهُ.
- إسرائيل كقاعدة استعماريّة وأداة للهيمنة.
- رسالة للأشقّاء السوريين.
- الصراع في سوريا المنطقة: صفقاتٌ خفيّة وتحدّيات مصيريّة.
- الهيمنة الغربيّة على حوض المحيط الهندي: قراءة تاريخية وتحليل ...
- برغماتيّة ترامب وموالاته للحركة الصهيونيّة.
- علينا أن نّفكّر بمنطق.
- ماذا علينا أن نفعل بعد صرخَة -آرون-.
- لنُراهن على ذاتنا، ولنتوقّف عن تقديس أداة الفُرس.
- المُقاومة وتصريحات وزراء الخارجيّة العَرب..
- فرحةٌ للوطَن ومِن ثمّ لنا.


المزيد.....




- مصور يزور أكثر من 20 حيًا صينيًا في أمريكا الشمالية لتوثيق إ ...
- بعد هجوم الكنيس.. الشرطة البريطانية تعلن استهداف مسجد بحريق ...
- سوريا تُجري أول انتخابات تشريعية بعد سقوط الأسد بالاقتراع غي ...
- لا طعام ولا ماء مدّة 48 ساعة.. شهادات نشطاء برتغاليين احتجزت ...
- من هي -السيدة الحديدية- في اليابان، ساناي تاكايشي؟
- حرب غزة في يومها الـ730: مقتل العشرات وترامب يعلن أن إسرائيل ...
- العلاج بالحيوانات الأليفة: كيف تخفف الحيوانات آلامنا؟
- قاضية فيدرالية تمنع ترامب مؤقتا من نشر الحرس في بورتلاند
- المغرب: مظاهرات لليوم الثامن لحركة -جيل زد 212- للمطالبة بإص ...
- سوريا: السلطة الانتقالية تستعد لتشكيل برلمان جديد في انتخابا ...


المزيد.....

- بصدد دولة إسرائيل الكبرى / سعيد مضيه
- إسرائيل الكبرى أسطورة توراتية -2 / سعيد مضيه
- إسرائيل الكبرى من جملة الأساطير المتعلقة بإسرائيل / سعيد مضيه
- البحث مستمرفي خضم الصراع في ميدان البحوث الأثرية الفلسطينية / سعيد مضيه
- فلسطين لم تكسب فائض قوة يؤهل للتوسع / سعيد مضيه
- جبرا نيقولا وتوجه اليسار الراديكالي(التروتسكى) فى فلسطين[2]. ... / عبدالرؤوف بطيخ
- جبرا نيقولا وتوجه اليسار الراديكالي(التروتسكى) فى فلسطين[2]. ... / عبدالرؤوف بطيخ
- ااختلاق تاريخ إسرائيل القديمة / سعيد مضيه
- اختلاق تاريخ إسرائيل القديمة / سعيد مضيه
- رد الاعتبار للتاريخ الفلسطيني / سعيد مضيه


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - القضية الفلسطينية - ازهر عبدالله طوالبه - رد جماس: تحويل مُعادلة الضغط إلى فُرصة