عندما تتحرك الشعوب ويصمت الحكام: مرحباً بأسطول السلام العالمي

جابر احمد

الحوار المتمدن-العدد: 8485 - 2025 / 10 / 4 - 16:17
المحور: المجتمع المدني
    

في الوقت الذي ترتكب فيه إسرائيل جرائم حرب موثقة بحق المدنيين في غزة، وعلى مرأى ومسمع العالم، تتواصل انتهاكات أخرى في منطقتنا، أبرزها ما يجري في إيران، حيث يصرّ نظام ولاية الفقيه على قمع الشعوب الواقعة تحت سلطته، رافضًا الاعتراف بحقها في الكرامة والحرية وتقرير المصير.

سبق أن كتبت مقالة “1” عن دور منظمات المجتمع المدني في إيقاف الحروب، وانتهيت إلى قناعة مفادها أن الأنظمة الحاكمة، مهما ادّعت الديمقراطية، غالبًا ما تكون لأسباب سياسية واقتصادية عاجزة، أو غير راغبة، في وقف المجازر ورفع الظلم عن الشعوب المقهورة. لذلك، لا وسيلة للتغيير سوى تحرك الشعوب عبر منظمات المجتمع المدني، باعتباره الخطوة الأولى نحو إيقاف الحروب التي يكون ضحاياها المدنيون الأبرياء. من هنا تأتي أهمية أسطول السلام العالمي كمبادرة شعبية تتجاوز منطق الحكومات، وتعبر عن ضمير الإنسانية، محاولةً كسر الصمت والتواطؤ الدولي تجاه الشعب الفلسطيني وما يعانيه من ظلم واضطهاد.

إن أسطول السلام العالمي ليس مجرد قافلة بحرية محملة بالمساعدات، بل هو فعل رمزي وإنساني يجسد الإرادة الحرة للشعوب، كتحرك مدني إنساني لكسر الحصار عن غزة، وقد تحول إلى رمز لتحرك الضمير العالمي الحر في مواجهة الاستبداد والطغيان أينما كان. فما يحدث اليوم في إيران، خاصة في إقليم الأهواز العربي وسائر الأقاليم الإيرانية الأخرى، من قمع للاحتجاجات الشعبية السلمية التي يقودها العمال والنساء والناشطون المدنيون، ليس إلا امتدادًا وردة فعل مناهضة لسياسات التمييز والاضطهاد القومي والاجتماعي المستمرة.

ومثلما يُحرم الشعب الفلسطيني من حقه في الحرية والحياة، يُحرم العرب في الأهواز، والكرد في كردستان، والبلوش في بلوشستان، والترك الأذريون، من أبسط حقوقهم الثقافية واللغوية والاقتصادية، ويُعاملون كمواطنين من الدرجة الثانية. تُقمع مظاهراتهم بالحديد والنار، وتُسكت أصواتهم، ويُعدم ناشطوهم تحت ذرائع مختلفة مثل “محاربة الله” و”الخروج عن طاعة الولي الفقيه”.

إن الحديث عن أسطول السلام العالمي هو حديث عن ضمير عالمي يجب أن يستيقظ في الوقت المناسب. ومثلما ندعو منظمات المجتمع إلى نصرة أطفال غزة، نطالب منظمات المجتمع المدني الدولية والإقليمية بالالتفات إلى ما يجري داخل إيران من قمع قومي ومذهبي ممنهج، خاصة في ظل الحراك السلمي المستمر للشعوب المضطهدة هناك. إذ لا يمكن الحديث عن سلام عالمي حقيقي من دون دعم حق الشعوب في تقرير مصيرها والتعبير عن هويتها ورفض الظلم الذي تعاني منه، سواء جاء مغلفًا بشعارات دينية كما في الحالة الإيرانية، أو عبر الاحتلال العسكري والاستيطان كما هو الوضع في فلسطين.

في الختام
إن أسطول السلام العالمي، وإن انطلق من البحر، فإنه لا يتوقف عند حدوده، بل يرمز إلى أمل الشعوب، وإيمانها بأن العدالة والسلام ما زالا ممكنين، ولن يتحققا إلا بتضافر جهود الأحرار ودعاة السلام في كل مكان.
إن تحقيق الحقوق القومية للشعوب في إيران، من عرب وأكراد وبلوش وأذريين، واستعادة كرامتهم وهويتهم وحقهم في تقرير المصير، هو جزء لا يتجزأ من مسار دعم السلام العالمي.

“1” لمزيد من الاطلاع راجع المقالة التالية:
منظمات المجتمع المدني ودورها في إيقاف الحروب
منشورة على مواقع التواصل الاجتماعي

#جابر_احمد (هاشتاغ)      

---

ترجم الموضوع إلى لغات أخرى - Translate the topic into other languages

---

الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 

اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل	حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين

كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على:

الفيسبوك

التويتر

اليوتيوب

RSS

الانستغرام

لينكدإن

تيلكرام

بنترست

تمبلر

بلوكر

فليبورد

الموبايل