أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - رياض سعد - السذاجة السياسية وخطر الحاشية الجاهلة














المزيد.....

السذاجة السياسية وخطر الحاشية الجاهلة


رياض سعد

الحوار المتمدن-العدد: 8483 - 2025 / 10 / 2 - 10:13
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


إنّ الجهل السياسي ليس مجرد ضعف في الإمكانات أو نقص في التجربة، بل هو حالة مركّبة من سوء التقدير، وانعدام الرؤية الاستراتيجية، والاعتماد على الولاءات العاطفية بدلاً من المعايير العقلانية والموضوعية... ؛ وتزداد خطورة هذا الجهل حين يتسلّل إلى قلب دوائر صنع القرار، فيُفسح المجال للمقرّبين من الساسة والقادة لإدارة شؤون الدولة رغم افتقارهم للخبرة، والكفاءة، والمعرفة اللازمة.
فالمشكلة لا تكمن في وجود المقرّبين بحد ذاته، بل في تضخيم أدوارهم وتحويلهم إلى مراكز نفوذ غير خاضعة للمساءلة، فتغدو القرابة باباً للتسلّط، والمجاملة بديلاً عن الكفاءة , الحزبية طريقا للوظيفة العامة , والمحسوبية دربا للامتيازات والاستثناءات ؛ وحين تُعطى المناصب الحسّاسة لأشخاص لم يُختبروا، ولم يتدرّجوا في المسؤوليات، ولم يمتلكوا المؤهلات العلمية والمهنية ... ؛ يتحوّل القرار السياسي إلى رهان محفوف بالمخاطر، ويصبح المشهد برمته عرضة للفوضى وسوء الإدارة.
ولعلّ التاريخ يعجّ بأمثلة صادمة عن قادةٍ قُوِّضت دولهم بسبب حاشيات جاهلة أو انتهازية؛ فخلفاء بني العباس في عصور الانحطاط سلّموا مفاتيح القرار للخصيان والوزراء الفاسدين، فانشغلت الحاشية بصراعات القصور وتركوا أطراف الدولة تتفكك حتى سقطت بغداد تحت أقدام المغول. وفي العصور الحديثة، دفع المجرم صدام ثمن ثقته العمياء بدائرة ضيقة من أقاربه والمقرّبين منه، الذين عزلوه عن الواقع وروّجوا له صورة وهمية عن شعب راضٍ ونظام متماسك، حتى فوجئ بانهيار جيشه ودولته في أيام معدودات عام 2003؛ بل وسلموه للأمريكان ... ؛ وكذلك سقط شاه إيران في السبعينيات لأنه أحاط نفسه بحاشية من المصفقين الذين نقلوا له ما يريد سماعه لا ما يجب أن يسمعه، حتى بات معزولاً عن حقيقة الشارع الإيراني المتذمّر.
إن استشراء ظاهرة المحاسيب والوصولية ليست مجرد خلل إداري عابر، بل هي آفة تهدد استقرار المجتمعات وتقوض تقدمها، لأن الدول التي تضعف فيها الكفاءة وتغيب فيها الجدارة هي دول تحفر قبرها بيدها، وتسلّم مصيرها لأيدي غير أمينة، وعقول غير كفؤة، وقلوب لا تنبض إلا بموسيقى المصالح الشخصية.
وإنّ أخطر ما يواجهه القائد أو المسؤول أو الزعيم ليس خصومه في الخارج، بل أولئك الذين يلتفون حوله في الداخل - الحاشية والبطانة - ؛ فحين تتحول الثقة المطلقة إلى غطاء للأخطاء، وتتوارى المعايير خلف ستار العاطفة أو القرابة، يصبح الانهيار مسألة وقت لا أكثر... ؛ ومن هنا فإن بناء حصانة حقيقية للدولة والمؤسسات لا يتحقق بالعلاقات الشخصية، بل بتفعيل آليات الرقابة، وإرساء قواعد المحاسبة، وإعلاء شأن الكفاءة على أي اعتبار آخر.
إنّ السياسة الناجحة هي التي تجمع بين الانفتاح والحذر، وبين الثقة والاختبار، فلا تترك الباب مفتوحاً أمام الجهل والعبث، ولا تسمح للحاشية الجاهلة أن تختطف القرار وتوجّهه حيث تشاء... ؛ فالمصلحة العامة أمانة، ومن يفرّط بها تحت تأثير العاطفة أو المجاملة إنما يزرع بذور الفشل في حاضر الدولة ومستقبلها.
إنّ السياسة الرشيدة هي التي تصنع توازناً بين الثقة والمساءلة، وبين الولاء والكفاءة، فلا تترك الباب مفتوحاً أمام الجهل والعبث، ولا تسمح للحاشية الجاهلة أن تختطف القرار وتوجّهه حيث تشاء. فالمصلحة العامة أمانة، ومن يفرّط بها تحت تأثير العاطفة أو المجاملة إنما يزرع بذور الفشل في حاضر الدولة ومستقبلها.
***معايير عملية للحدّ من ظاهرة الغباء السياسي:
*وضع أنظمة صارمة لاختيار المستشارين والمقربين على أساس الكفاءة والخبرة والشهادة العلمية، لا على أساس القرابة أو الولاء الشخصي.
*إجراء اختبارات دورية وتقييمات أداء شفافة لكل من يشغل موقعاً مؤثراً في صنع القرار، لضمان استمرار أهليتهم وجدارتهم بالموقع.
*تعزيز دور المؤسسات الرقابية والبرلمانية، ومنحها صلاحيات فعلية لمساءلة المستشارين والوزراء والمقرّبين من السلطة.
*فتح قنوات تواصل مباشرة مع الرأي العام لتصحيح الصورة التي قد تنقلها الحاشية، ومنع عزل القائد عن واقع الشارع.
*تفعيل ثقافة العمل المؤسسي بحيث لا تتأثر الدولة بغياب شخص أو فشل دائرة ضيقة، بل تعمل وفق منظومة متكاملة من القوانين والأنظمة.
*إشراك خبراء مستقلين في ملفات حسّاسة كالأمن والاقتصاد والسياسة الخارجية لتوفير الرأي العلمي المحايد.



#رياض_سعد (هاشتاغ)      


ترجم الموضوع إلى لغات أخرى - Translate the topic into other languages



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)

الكاتب-ة لايسمح بالتعليق على هذا الموضوع


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- الشخصية العراقية بين التمرد والاستكانة: قراءة في جدلية السلط ...
- حركة الإسلام السياسي الشيعي في العراق من المقاومة إلى السلطة ...
- براغماتية الإيراني ومثالية العراقي – قضية أمير الموسوي أنموذ ...
- الخائن الدوني : جرح الأمة النازف وطعنة الظهر التي لا تندمل
- الصلاة كفعل حب… قراءة فلسفية في نص زوربا واستلهامه لبناء عال ...
- ظاهرة الوقاحة في العراق: جذور نفسية وتموجات اجتماعية
- ايام الزمن الاغبر / الحلقة السادسة / الفلافل بين حقيقة الجوع ...
- العوائل المعروفة والاسر المشهورة بين شرف الانتساب وأرث الماض ...
- الشيعة وإيران: بين الاستقواء السياسي والتحول الاجتماعي بعد ا ...
- بين العراق وتجارب الأمم الأخرى – لماذا انتصرت بعض الشعوب وفش ...
- الهند والعراق: تشابه ظاهري وتباين جوهري في إدارة التعددية وا ...
- قضية الصبي علي: دموع تهز الرأي العام وتكشف خلل النظام الإصلا ...
- التيه الوجودي: مقاربة نفسية واجتماعية لاستعادة البوصلة
- ثنائية الدين والوطن - الازدواجية المقدَّسة: تناقض الأصوليات ...
- الدعاية الانتخابية بين الفوضى والتبذير وعشوائية الرسالة وتنا ...
- الترابط المذهبي والاستلاب السياسي: تحليل ظاهرة التأثير الإير ...
- العراق واستقرار الأغلبية الأصيلة: معادلة الأمن الوطني وحقيقة ...
- سوريا بين طمس الهوية وهيمنة العقل الصحراوي والتكفيري
- الخيانة في العراق … الدونية المتوارثة
- الوقاحة… الوجه العاري لانهيار القيم


المزيد.....




- وزير الخارجية المصري يُعلق على تطورات مناقشات رد -حماس- على ...
- الدفاع المدني في غزة.. خط الدفاع الأخير بإمكانيات شبه معدومة ...
- بوتين يحذر من استفزاز روسيا ويتوعد بردٍّ ساحق: مرحلة الإملاء ...
- زهير الركاني يحرج رئاسة جماعة تطوان بمداخلة قوية حول احتجاجا ...
- ميرتس يهدد بوتين باستعمال أصول روسية لمساعدة أوكرانيا
- صلاح يثير جدلا على المنصات بعد -رفضه التوقيع- على قميص منتخب ...
- كيث أوربان يُغيّر كلمات أغنية مستوحاة من نيكول كيدمان
- هل سد النهضة هو السبب في فيضانات السودان؟
- بريطانيا تصنف الاعتداء على كنيس مانشستر بـ -الإرهابي-
- السجن 174 عاما لـ 7 رجال في بريطانيا بعد إدانتهم في قضية -ال ...


المزيد.....

- التاريخ يكتبنا بسبابته / د. خالد زغريت
- التاريخ يكتبنا بسبابته / د. خالد زغريت
- جسد الطوائف / رانية مرجية
- الحجز الإلكتروني المسبق لموسم الحنطة المحلية للعام 2025 / كمال الموسوي
- الأرملة السوداء على شفا سوريا الجديدة / د. خالد زغريت
- المدخل الى موضوعة الحوكمة والحكم الرشيد / علي عبد الواحد محمد
- شعب الخيام، شهادات من واقع احتجاجات تشرين العراقية / علي الخطيب
- من الأرشيف الألماني -القتال في السودان – ينبغي أن يولي الأل ... / حامد فضل الله
- حيث ال تطير العقبان / عبدالاله السباهي
- حكايات / ترجمه عبدالاله السباهي


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - رياض سعد - السذاجة السياسية وخطر الحاشية الجاهلة