أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - عادل احمد - عالم ما بعد غزة!















المزيد.....

عالم ما بعد غزة!


عادل احمد

الحوار المتمدن-العدد: 8481 - 2025 / 9 / 30 - 22:51
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


عادل أحمد

إن تدمير قطاع غزة بالكامل، وقتل ما يقارب سبعين ألف إنسان فلسطيني، وجرح مئات الآلاف - أكثرهم من الأطفال والنساء - وتجويع كل سكان غزة بشكل ممنهج، ومحاولة تطهيرها من سكانها... كل ذلك، إلى جانب خروج الملايين من العمال والكادحين وأصحاب الضمير الحي ومحبي الحرية والمساواة في تظاهرات واحتجاجات في غالبية المدن العالمية، بدءاً من الولايات المتحدة وأمريكا الجنوبية ودول أوروبا ودول شرق آسيا وغيرها من المدن العالمية، وانشغال كافة شبكات التواصل الاجتماعي بنقل الصور الحية من القتل والتدمير وإبادة الفلسطينيين... أدى كله إلى لفت انتباه الرأي العام العالمي نحو المأساة الإنسانية التي يواجهها البشر في غزة في الربع الأول من القرن الحادي والعشرين.

إن اصطفاف العالم الغربي وأمريكا مع إسرائيل بعد السابع من أكتوبر 2023 بدون قيد أو شرط، والدفاع عن إسرائيل في جميع المحافل والهيئات الدولية، وتبرير الإبادة الجماعية التي ترتكبها ضد الفلسطينيين بحجة "حق إسرائيل في الدفاع عن نفسها"... كشفت جميعاً حقيقة وجوهر وهدف الديمقراطية الليبرالية الغربية وزيف الادعاءات حول حقوق الإنسان والحريات. ولم يقفوا عند هذا الحد، بل حاولوا في البداية منع التظاهرات والاحتجاجات ضد الوحشية والبربرية الإسرائيلية، ومنعوا رفع الأعلام الفلسطينية في التظاهرات كي لا ينزعج كلبهم المسعور نتنياهو ووزراؤه الفاشيون أمثال سموتريش وبن غفير وغالانت... وغيرهم، بحجة أن هذه التظاهرات معادية للسامية.

إن استمرار الاحتجاجات اليومية، بما فيها التظاهرات المليونية، وظهور مدافعين وخطباء من النشطاء المدافعين عن الإنسانية وحقوق الإنسان من بين الجماهير وداخل التظاهرات، والكشف عن ممارسات إسرائيل البربرية وتواطؤ الغرب مع هذه الجرائم، عمّق أزمة البرجوازية العالمية وفضحها أمام الجماهير...

إن استمرار التظاهرات والاحتجاجات كان بمثابة استمرار الثورة العالمية من أجل استنهاض الضمير الإنساني في مواجهة الوحشية والبربرية الرأسمالية العالمية، التي تمر بمرحلة أزمة خانقة وتحاول إعادة تقسيم العالم من جديد بعد انهيار العالم أحادي القطب بقيادة أمريكا وظهور أقطاب أخرى من أجل السيطرة على الأسواق والمواد الأولية العالمية بما يتناسب مع المكانة العسكرية والقوة الاقتصادية لكل قطب من هذه الأقطاب العالمية... إن السبب الأساسي لهذه التغيرات العالمية هو صعود الصين كقوة اقتصادية يصعب منافستها بسبب ضمان الحصول على المواد الأولية الرخيصة ورخص الأيدي العاملة، واستغلالها للطبقة العاملة والكادحة من خلال تشديد العمل وساعات العمل الطويلة مقابل أجور منخفضة لما يقارب مليار إنسان في الصين وحدها، إضافة إلى الطبقة العاملة في دول شرق آسيا مثل كوريا الشمالية وإندونيسيا وماليزيا وفيتنام... وغيرها.

إن هذا النهوض العالمي في مواجهة السياسات الرجعية وغير الإنسانية للليبرالية الرأسمالية الغربية، كان بمثابة جرس إنذار يعلن خطر الرأسمالية العالمية على البشرية. لقد شعرت بعض الدول الغربية مثل الحكومات البريطانية والفرنسية والكندية والأسترالية والبرتغالية بهذا الخطر وأجرت تعديلات طفيفة على سياساتها المدافعة عن إسرائيل من خلال الاعتراف بدولة فلسطين في الأمم المتحدة، لا من أجل الدفاع عن حقوق الشعب الفلسطيني للتخلص من الظلم القومي والعنصري، بل من أجل تخفيف حدة التظاهرات والاحتجاجات ضد هذه الدول نفسها أولاً، ومن ثم تقليل الضغط العالمي على إسرائيل ووحشيتها... وكذلك من أجل إنقاذ النظام الرأسمالي ومحاولة إعاقة وصول الطبقة العاملة العالمية إلى الواجهة، كما حدث في الأزمات الاقتصادية العالمية في القرن العشرين وخاصة قبل الحرب العالمية الأولى والثانية، التي قربت الرأسمالية العالمية من الاحتضار...

قال لينين يوماً: "هناك عقود لا يحدث فيها شيء، وهناك أسابيع تحدث فيها عقود"، أي إن أياماً أو أسابيع في الزمن الثوري تنجز أكثر من سنوات من النضال في الزمن الروتيني! وأنا هنا لا أقارن الزمن الحالي بزمن الثورات بشكل عام، ولكن برأيي أنه زمن النهوض الجماهيري ونهوض الضمير والوعي الإنساني الذي قُمع بكل الأشكال وبكل الطرق الممكنة بعد أن استحوذت البرجوازية العالمية على كل أشكال التأثير على الوعي الجماهيري عن طريق مؤسساتها الإعلامية العملاقة وقنوات التأثير الأخرى والشبكات الاجتماعية المختلفة والمؤسسات التعليمية الكبيرة... حاولت الليبرالية الغربية وخاصة الأمريكية بقيادة بايدن تصوير حرب غزة كحرب بين الرجعية والإرهاب بقيادة حماس وبين قوى الحرية والحضارة والديمقراطية بقيادة إسرائيل!! ولكن انفضحت كل الخطط الإسرائيلية والأمريكية في غزة من إبادة جماعية وتطهير عرقي ضد الفلسطينيين من أجل مشروع أكبر في المنطقة في مواجهة المشروع الاقتصادي الصيني العملاق، وكذلك من أجل الهيمنة الغربية بقيادة أمريكا على الشرق الأوسط من جديد بعد أن تراجع نفوذها كثيراً بعد احتلال العراق وفشل مشروع الربيع العربي... إن السنتين الماضيتين وتظاهراتهما واحتجاجاتهما كانتا بمثابة عشرات السنين من التوضيح وطرح الأدلة حول الهدف الأصلي من وجود إسرائيل، أي منذ تأسيسها وحتى السابع من أكتوبر، والهدف من مساندتها المستمرة بالمال والسلاح والخدمة التي تقدمها للرأسمالية الغربية والأمريكية. إن وعي الإنسان يُصاغ من خلال المشاهدة الواقعية، ومن هنا تتغير النظرة والرؤية لمجمل الأحداث. لقد تأثر الرأي العام العالمي كثيراً بالوقائع، ومن هنا أثر على مواقف السياسيين والحكومات فغيّرت من مواقفهم قليلاً.

واليوم، يواجه النظام الرأسمالي العالمي مع فقدان مصداقيته وكذبه ونفاقه وسعيه وراء مصالحه مهما تكن النتيجة من دمار وقتل الأبرياء، وانكشاف صورته البربرية وزيف ادعاءاته عن حقوق الإنسان والحريات السياسية وحقوق المواطنة، أزمة مصداقية... إن كل هذه المصطلحات تُطبق حسب مصالح الطبقة البرجوازية وليس حسب مصالح الطبقات المحرومة، إذ تبيّن وفق منطقهم أن حقوق الإنسان الفلسطيني أقل بعشرات الأضعاف من حقوق الإسرائيليين والغربيين هذا اذا كان له اي حقوق، وهذا واضح مثل وضوح الشمس في خطابات ترامب وبايدن ونتنياهو ومرتس وميلاني والزعماء الآخرين.

إن عالم ما بعد غزة لن يكون مثل عالم ما قبل غزة، ليس لأن الحركة الاشتراكية العالمية ظهرت بقوتها (كما في بداية القرن العشرين)، بل لأنها فتحت عيون الطبقة العاملة والجماهير الكادحة والشرفاء ومحبي الحرية والمساواة بين البشر، على أن الرأسمالية كنظام وكمؤسسة اقتصادية–اجتماعية قد أثبتت من خلال سياساتها وممارساتها أنها لا تصلح لحكم البشرية... طالما أن هذا النظام موجودة، فإن البشرية ستكون محرومة من الأمان والسعادة.



#عادل_احمد (هاشتاغ)      


ترجم الموضوع إلى لغات أخرى - Translate the topic into other languages



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- غزة وسياسة التجويع والاحتجاجات!
- اوقفوا سياسة الغطرسة في الشرق الأوسط!
- موقع قوات سورية الديمقراطية في ظل الأوضاع الجديدة!
- مفهوم الأرهاب في سوريا!
- الصراع في كركوك وكيفية إنهائها !
- بصدد الانتخابات الامريكية!
- همجية إسرائيل وامريكا ، والقضية الفلسطينية!
- في ذكرى الرفيق منصور حكمت!
- عملية السلام الغربي في أوكرانيا وفلسطين!
- حلم الديمقراطية وحلم الاشتراكية!
- افكار الطبقات الحاكمة ليست افكارنا !
- عالم ما بعد الفيتو الأمريكي لوقف القتال في غزة!
- مشهدان مختلفان في حرب غزة!
- الأخلاق والمعاير ، مسألة طبقية!
- من بامكانه انهاء المجزره في فلسطين ؟!
- وقاحة الإعلام الغربي!
- ماذا يجري في غزة؟
- حول دعوة النازي هونكا الى البرلمان الكندي!
- بصدد قتل بريغوجين وخطورة قوات فاغنر!
- النيجر والاستعمار الجديد!


المزيد.....




- حكومة نتنياهو تعين ديفيد زيني رئيسا جديدا لـ-الشاباك-.. لماذ ...
- تعديل شامل لشروط الدخول والإقامة.. البرلمان البرتغالي يُشدّد ...
- رئيس مؤسسة ياد فاشيم لـDW: حين ترون معاداة للسامية تصرفوا فو ...
- المغرب: لماذا مُنعت مظاهرات مجموعة -جيل زد 212- الشبابية؟
- صحيفتان جزائريتان تنفيان فرار الجنرال عبد القادر حداد المشهو ...
- الحكومة المغربية: نتفهم المطالب الاجتماعية ومستعدون للتجاوب ...
- بفيديو عنصري ومزيف، ترامب يسخر من الديمقراطيين!
- الاتحاد الأوروبي - تونس: دبلوماسي أوروبي يقر بتقدم وبصعوبات ...
- كيف ستحسم حماس موقفها من خطة ترامب؟
- الحرب تدق أبواب بولندا فما القصة؟


المزيد.....

- التاريخ يكتبنا بسبابته / د. خالد زغريت
- التاريخ يكتبنا بسبابته / د. خالد زغريت
- جسد الطوائف / رانية مرجية
- الحجز الإلكتروني المسبق لموسم الحنطة المحلية للعام 2025 / كمال الموسوي
- الأرملة السوداء على شفا سوريا الجديدة / د. خالد زغريت
- المدخل الى موضوعة الحوكمة والحكم الرشيد / علي عبد الواحد محمد
- شعب الخيام، شهادات من واقع احتجاجات تشرين العراقية / علي الخطيب
- من الأرشيف الألماني -القتال في السودان – ينبغي أن يولي الأل ... / حامد فضل الله
- حيث ال تطير العقبان / عبدالاله السباهي
- حكايات / ترجمه عبدالاله السباهي


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - عادل احمد - عالم ما بعد غزة!