أميمة البقالي
(Oumaima Elbakkali)
الحوار المتمدن-العدد: 8481 - 2025 / 9 / 30 - 09:45
المحور:
الادب والفن
الحنين شعور عجيب يختلط فيه الدفء بالحزن، والابتسامة بالدمعة. هو عودة خفية إلى أماكن وأزمنة لم يعد في مقدورنا العيش فيها، لكنه في الوقت ذاته يمنحنا حياة أخرى داخل الذاكرة. فالإنسان حين يستسلم لحنينه، يجد نفسه متجولاً بين وجوه غابت، وأصوات صمتت، وأزمنة مضت لكنها ما زالت تنبض في داخله.
إن الذكريات أشبه بكنوز مدفونة في أعماق الروح؛ نستحضرها كلما شعرنا بضيق أو فراغ، فتمنحنا طمأنينة وسلوى. ولعل أجمل ما في الذكريات أنها تُعيدنا إلى براءة الطفولة، إلى رائحة البيوت القديمة، إلى صوت الأمهات وهنّ ينادين أبناءهن عند الغروب، إلى جلسات العائلة حول مائدة بسيطة لكنها عامرة بالمحبة.
والأدب العربي زخر بصور الحنين، فكم من شاعر وقف على الأطلال، مسترجعاً أياماً ولّت، وكم من كاتب استدعى طفولته ليُزين بها نصوصه. فهذا أبو تمام يقول: “نقل فؤادك حيث شئت من الهوى، ما الحب إلا للحبيب الأول”، مشيراً إلى أن بعض الذكريات تأبى أن تُمحى مهما طال الزمن.
لكن الحنين ليس مجرد عودة إلى الوراء، بل هو أيضاً حافز للتقدم. فالذي يتذكر صعوبة البدايات، يُدرك قيمة ما وصل إليه، والذي يشتاق إلى أحباب رحلوا، يتعلم أن يُقدّر من هم حوله اليوم قبل أن يغيبوا. الحنين بهذا المعنى مدرسة إنسانية، تُعلّمنا أن لا نستهين باللحظات الصغيرة، لأنها غداً ستُصبح من أثمن ما نحمله.
وفي عالمنا المتسارع اليوم، حيث يُستبدل كل شيء بسرعة: البيوت، الأماكن، وحتى العلاقات، يظل الحنين ملاذاً آمناً يُعيد إلينا توازننا. إنه الجسر الذي يربط الماضي بالحاضر، ويمنحنا شعوراً بالاستمرارية والانتماء.
#أميمة_البقالي (هاشتاغ)
Oumaima_Elbakkali#
ترجم الموضوع
إلى لغات أخرى - Translate the topic into other
languages
الحوار المتمدن مشروع
تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم
العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم.
ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في
استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي،
انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة
في دعم هذا المشروع.
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟