حامد محمد طه السويداني
الحوار المتمدن-العدد: 8479 - 2025 / 9 / 28 - 01:27
المحور:
مواضيع وابحاث سياسية
الحرب العالمية الثالثة بدأت في المجال السياسي والاقتصادي والأمني اما الصدام العسكري فهو اخر مراحل هذه الحرب، اليوم الولايات المتحدة الامريكية تشن حرباً سياسية واقتصادية وثقافية على خصومها وخاصة روسيا والصين فتركيا وسوريا اليوم رسميا في الحضن الأمريكي بعدما كانت سوريا محسوبة على روسيا وتركيا التي تمارس براغماتية سياسية واقتصادية بين روسيا والولايات المتحدة الامريكية، هذه هي السياسة عبارة عن سوق فالذكي يربح والغبي يخسر فتركيا والولايات المتحدة الامريكية ربحوا وانتصروا والعرب والمسلمين انهزموا وخسروا ويوما بعد يوم ندرك فشل السياسة العربية وغباء وسطحية الحكام العرب وشعوبهم باعتقادي امة العرب لا تفهم السياسة ربما تفهم في الإدارة، لقد صرفت دول الخليج العربي وخاصة السعودية وقطر مليارات الدولارات على اسقاط النظام في سوريا والنتيجة ان الرئيس الأمريكي صرح بان تركيا هي التي عملت على اسقاط النظام ولها ينسب النصر واطلق يد تركيا في سوريا وعدها المسؤولة عنها أي بمعنى الوصاية على دولة عربية علما بان دول الخليج تعمل ضد سوريا منذ عام 1980.
اليوم الأمم والدول يتحركون ويعملون والعرب يتفرجون ويخسرون
استضاف الرئيس الأمريكي دونالد ترامب الخميس 25/9/2025 نظيره التركي اردوغان في البيت الأبيض في لقاء يوصف بانه الأكثر أهمية فهو يمثل عودة تركيا رسميا الى الحضن الأمريكي والالتزام بالقرارات الامريكية فيما يخص السياسة الدولية حيث تدارس الجانبان الكثير من الملفات منها المعلنة مثل التعاون العسكري الدفاعي وصفقات التسليح والتجارة والغاز وصولا الى تسوية القضايا الإقليمية مثل الملف السوري بكل تفاصيله وكذلك الازمة في غزة، ومنها ملفات سرية غير معلنة منها باعتقادي تجاهل دعوات اوجلان لحل القضية الكردية واطلاق يد تركيا من جديد فيما يسمى إرهاب حزب العمال الكردستاني P.P.K وعدم جدية المجتمع الدولي في إعطاء الكرد دولتهم وحقوقهم السياسية والثقافية وكذلك ثم امر خطير هو تصريح المبعوث الأمريكي الى سوريا توماس براك قوله (لا يوجد في الشرق الأوسط دول بل هناك قبائل وقرى وان البريطانيين والفرنسيين هم من انشأوا هذه الدول في العام 1916) باعتقادي هذه اشارة وضوء اخضر لتركيا بانها الدولة الأقوى في المنطقة وهي التي ستقود هذه القبائل وهذه القرى ليس بالضرورة احتلالها كما في العهد العثماني وانما استلاب القرار والهيمنة السياسية والاقتصادية لصالح السلطان التركي الجديد ويبدو ان السياسة الامريكية قد تغيرت عما كانت عليه قبل مجيء ترامب وتعمل على إعادة تأهيل وتقوية وتسليح حلفاؤها وتأجيل ما يسمى حقوق الأقليات في المنطقة.
اثمر اللقاء عن مجموعة من الملفات منها
1- ملف التعاون الدفاعي حيث شكل هذا الملف محورا رسميا واساسيا في المباحثات بين ترامب واردوغان ويسعى اردوغان بأسلوبه براغماتية عالية تداعيات شراء الحكومة التركية منظومة صواريخ للدفاع الروسية (400S) والتي تسببت آنذاك في اخراج تركيا من برنامج مقاتلات (F35) الامريكية وفرض عقوبات أمريكية على تركيا بموجب قانون كاتسا، ولم يستبعد ترامب بيع المقاتلات الامريكية لتركيا ملمحا الى رفع العقوبات اذا ما أحرزت المفاوضات تقدماً (وهذا اغراء لتركيا للارتماء مجددا في الحضن الأمريكي والابتعاد النهائي عن روسيا).
كما تتفاوض تركيا الان لشراء 40 طائرة من نوع (F16) الامريكية وذلك لتحديث اسطولها ودعم أمريكا لسلاح الدو التركي، وفي السياق ذاته وافق ترامب على إمكانية تزويد تركيا بمنظومات صواريخ (باتريوت) بديلا عن منظومات 400S الروسية
2- الملف الاقتصادي والتجاري إذ اكد ترامب رغبته في توسيع العلاقات التجارية مع تركيا وتصدرت المباحثات صفقة ضخمة مع شركة (بوينغ) حيث تنتظر ان تشتري الخطوط الجوية التركية وبوينع 787 بمحركات من انتاج شركة (جنرال الكترك) بقيمة (10) مليار دولار. وتندرج هذه الصفقة ضمن حزمة من التفاهمات التجارية تصل قيمتها الاجمالية الى (50) مليار دولار كما ناقش الطرفان مسألة الرسوم الكمركية وإزالة القيود التي تعيق الصادرات التركية وكذلك ملف (بنك خلق) التركي الخاضع لإجراءات قضائية في الولايات المتحدة ذاكر اردوغان بان هدف تركيا الوصول الى (100) مليار دولار امريكي كحجم التجارة بين البلدين
3- الملفات الدولية: اما فيما يخص الوضع في سوريا فقد اطلق ترامب وامام العالم يد تركيا في سوريا واوكل اليها إدارة الملف السوري اما فيما يخص اكذوبة التوتر التركي الإسرائيلي حول تقسيم تركيا والحرب على غزة، سيتفق الطرفان الى تخفيض التصعيد والتفاهم في اقتسام النفوذ في سوريا واصلا ان هذا التهديد والتصعيد الإسرائيلي جاء الغرض منه عودة تركيا كحليف حقيقي ومثمر مع الولايات المتحدة الامريكية وإسرائيل بعدما شعر اردوغان بان تركيا مهددة بالتقسيم وخلعه من الحكم.
وأخيرا يمكن النظر الى الدوافع والنتائج التي تمخضت عن لقاء ترامب واردوغان وتوقيع اردوغان ميثاق شرف يعبر عن الإخلاص للولايات المتحدة الامريكية ويتضمن مصالح الطرفين .
أولاً: المصالح الامريكية:
1- ابعاد تركيا عن روسيا والصين وكذلك أعداء الولايات المتحدة الامريكية وربط تركيا مجددا اقتصاديا وسياسيا وامنيا مع الولايات المتحدة الامريكية وتزويد تركيا بالغاز الأمريكي بدلا من الغاز الروسي وتزويد تركيا طائرات F35 وكذلك F16 والوقوف رسميا مع الولايات المتحدة الامريكية في حال اندلاع الحرب العالمية الثالثة عسكريا رغم انها بدأت سياسيا واقتصاديا
2- اطلاق يد تركيا في سوريا نيابة عن الولايات المتحدة الامريكية ومكافأة لها باعتبار انه منذ العام 2000 تعمل تركيا على اسقاط النظام في سوريا وهذا يعني تطويق روسيا وابعادها عن الملف السوري خاصة وان حكومة احمد الشرع هي أداة في يد الولايات المتحدة الامريكية وتركيا
3- توظيف اردوغان من جديد في الحرب الروسية الأوكرانية اقتصاديا وسياسيا وكذلك ابعاد تركيا عن ايران وجعل تركيا الحليف المطيع وليس الحليف البراغماتي الذي يعزف على اكثر من وتر وانما العزف على وتر واحد هو الولايات المتحدة الامريكية هذا ما وقع عليه اردوغان وجعل ترامب يحترمه الى هذه الدرجة.
ثانياً: المصالح التركية:
1- ابعاد خطر تقسيم تركيا الذي لوحت به إسرائيل من خلال تبني تأسيس دولة كردستان الكبرى.
2- تذويب القضية الكردية والتنصل من مبادرة (اوجلان-بغجلي) في حل القضية الكردية وكذلك التنصل من إعطاء حكم ذاتي للاكراد في سوريا على غرار إقليم كردستان.
3- اقتسام النفوذ على الأراضي السورية بين إسرائيل وتركيا بعد التهدئة بينهما باعتبارهما اهم واقرب حلفاء الولايات المتحدة الامريكية
4- سكوت الولايات المتحدة الامريكية عن انتهاكات حقوق الانسان في تركيا وتراجع الحريات الديمقراطية ودكتاتورية الحزب الواحد واختزال الدولة التركية في شخص اردوغان.
5- اضعاف خصوم تركيا الإقليميين وفرصة الهيمنة التركية على الشرق الأوسط
ثالثاً: الخسائر التركية:
1- ان الاقتصاد التركي الان يعاني كثيرا والليرة التركية غير مستقرة فهي في تراجع باستمرار فضلا عن غلاء المعيشة واحتقان الشعب التركي ومعاناته وان شراء صفقات ضخمة من الأسلحة والصواريخ سوف يكون على حساب الاقتصاد التركي وتقليص الانفاق على الشعب
2- رهن تركيا الاقتصادي والسياسي بين الولايات المتحدة الامريكية فاليوم تركيا تشبه الاتحاد السوفيتي في عقد التسعينات ومهدد بالانفجار والتفكك في أي لحظة.
3- الرد الروسي سوف يكون قاسيا جدا على تركيا فان التجارة الروسية مع تركيا تبلغ مليارات الدولارات وكذلك السياحة فان روسيا سوف توقف هذه التجارة وتمنع السواح الروس من زيارة تركيا وهذه سوف تكون ضربة قاضية للاقتصاد التركي
وأخيرا اود القول اين الدول العربية من هذا كله فالدول الخليجية منشغلة بمساقات الابل والانفاق على الممثلات والراقصات وصرف المليارات لاسقاط ومحاربة دول عربية مثل سوريا والعراق والسودان؟؟؟ الخ اين مكاسب الدول الغربية من هذا كله لا يوجد سوى انشغالهم في الصراعات القومية والمذهبية التي باتت تهدد هذه الدول بالغناء هذا ما هو مطروح اليوم فربما السياسة الامريكية سوف تتغير لا ندري.
#حامد_محمد_طه_السويداني (هاشتاغ)
ترجم الموضوع
إلى لغات أخرى - Translate the topic into other
languages
الحوار المتمدن مشروع
تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم
العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم.
ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في
استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي،
انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة
في دعم هذا المشروع.
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟