أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - بن غربي احمد - عودة توني بلير والسلام والاقتصادي في غزة














المزيد.....

عودة توني بلير والسلام والاقتصادي في غزة


بن غربي احمد

الحوار المتمدن-العدد: 8477 - 2025 / 9 / 26 - 00:51
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


السلام الاقتصادي".. عودة بلير من بوابة غزة وسيناء


منذ مطلع الألفية، برز اسم رئيس الوزراء البريطاني الأسبق توني بلير باعتباره أحد أبرز المروجين لفكرة "السلام الاقتصادي" في المنطقة. حينما تولى منصب مبعوث اللجنة الرباعية الدولية (2007–2015)، لم يتردد في طرح الوصفة ذاتها: تحسين الظروف الاقتصادية للفلسطينيين عبر مشاريع استثمارية وتنموية كبرى، مقابل القفز على الحل السياسي المتعثر ثم طرح بديل للسلطة الفلسطينيه الحالية تكون اقرب للكيان ولعلني اشير هنا الى دحلان كمثال جاهز .

لكن التجربة أثبتت محدودية هذه الرؤية فالمشاريع المقترحة تعثرت، وفقدت الرباعية مصداقيتها، ولم يقبل الفلسطينيون أن تختزل قضيتهم الوطنية في "تسهيلات اقتصادية" أو "منطقة تجارة حرة" بلا سيادة ولا دولة. لاحقا، تبنى فريق ترامب، بقيادة جاريد كوشنر، المقاربة نفسها ضمن "صفقة القرن"، عبر ورشة البحرين (2019)، حيث طرحت مليارات الدولارات لإغراء الفلسطينيين بالتخلي عن مطالبهم السياسية الجوهرية. لكن سرعان ما انهارت الصفقة مع تسارع الأحداث، وتصاعد المواجهة، وبقاء المطلب الأساسي: الحرية والسيادة.

اليوم، وبعد حرب مدمرة على غزة منذ عامين ، يعود المشروع ذاته ولكن بصيغة أكثر إلحاحا وفي اللحظة التى فشل فيها الكيان . فما الذي يجعل الرئيس الامريكي يقترح توني بلير لادارة غزة ؟ هذا السؤال يقودنا ارتباطا بسؤال اخر يتمثل لماذا "السلام الاقتصادي" يطرح مجددا؟

في تقديري ان اول ملاحظة يمكن تسجيلها تدور حول فشل الحرب وواقع الدمار في القطاع

حيث يعد السبب الأول والأبرز هو فشل الخيار العسكري في تحقيق أهدافه. فالحروب المتكررة على غزة لم تسقط المقاومة، ولم تمنح إسرائيل انتصارا حاسما، بل على العكس: زادت من عزلتها الدولية، وكبحت مشروعها الاستيطاني الذي كان يتغذى على معادلة "الأمن مقابل التوسع".

ثم جاءت الحرب الأخيرة لتترك غزة مدمرة على نحو غير مسبوق: بنى تحتية منهارة، مئات الآلاف بلا مأوى، واقتصاد مشلول بالكامل. هذا الواقع لا يمكن تجاهله فثمة حاجة ملحة لإعادة إعمار عاجلة، لكن هذه الحاجة تتحول سريعا إلى ورقة ضغط سياسية تتمثل في الإعمار مقابل التنازلات. وهنا يستدعى منطق بلير مجددا، حيث يصبح الاستثمار والاقتصاد بديلا للسياسة والحرية.

وهناك سبب اخر يرنبط بالرعاية الخليجية والبعد الإقليمي وهنا نتحدث عن الإمارات، التى تحاول أن تطرح نفسها كراع رئيسي لمرحلة "ما بعد الحرب". هاته الدويلة لا تملك فقط رأس المال اللازم لإعادة الإعمار، بل لديها أيضا أجندة سياسية تسعى لدمج غزة في مشاريع إقليمية أوسع: من ممرات التجارة العابرة للمنطقة، إلى مشاريع الطاقة والبنية التحتية الي غير ذلك من المشاريع الكبرى.

ومن هاته الزاويه يصبح "السلام الاقتصادي" جزءا من منظومة أكبر كإعادة هندسة المنطقة بما يخدم مصالح إسرائيل الاقتصادية والأمنية، ويغذي في الوقت ذاته طموحات بعض القوى الخليجية في لعب دور الراعي الإقليمي للملف الفلسطيني.


لكن جوهر المشروع وهو الأخطر والاقوى الذي جعل ترمب ومجموعته تطرحه في هذا الوقت لا يتعلق فقط بالإعمار أو الاستثمار. إن الهدف الأعمق في تقديري هو تفكيك بنية المقاومة، ليس عسكريا هذه المرة، بل اجتماعيا واقتصاديا. فحين يربط تحسين المعيشة وفتح فرص العمل بمسار "التطبيع الاقتصادي"، يراد بذلك ضرب الحاضنة الشعبية للمقاومة، وتحويل أولويات المجتمع من التحرر إلى الاستهلاك.بهذا المعنى، لا ينظر إلى "السلام الاقتصادي" كأداة إنسانية، بل كآلية سياسية لإعادة تشكيل الوعي الجمعي، وتجفيف منابع الصمود، وإضعاف شرعية الفكرة المقاومة من أساسها.


كما ان هذا المشروع في تقديري يحمل بعدا لايقل خطورة إذ انه يقدم كبديل عملي عن حل الدولتين. فبدلا من دولة فلسطينية مستقلة ذات سيادة، تطرح صيغة "الرفاه الاقتصادي تحت الاحتلال"، بحيث يعيش الفلسطينيون في فضاء اقتصادي مفتوح نسبيا، لكن دون أي سيادة على الأرض أو الموارد أو القرار السياسي. إنها مقايضة واضحة الإعمار مقابل التخلي عن الدولة.


ومع ذلك، فإن هذا المشروع، كما فشل في الماضي، مرشح للفشل مجددا. لعدة أسباب:

1. غياب الشرعية الشعبية: فالفلسطينيون جربوا مثل هذه الطروحات، ويدركون أنها لا تقدم سوى تحسينات مؤقتة مقابل تنازلات جوهرية.

2. استحالة فصل الاقتصاد عن السياسة: أي إعمار مشروط سيظل هشا، لأنه يترك جذور الصراع من دون معالجة.

3. الضغط الدولي الأخلاقي: مع تزايد التعاطف العالمي مع غزة، قد ينظر إلى "السلام الاقتصادي" باعتباره شكلا من "رأسمالية الكارثة"، أي استغلال المأساة لتكريس الاحتلال بوسائل ناعمة.

ولذلك اقول ان عودة مشروع "السلام الاقتصادي" بظهور اسم توني بلير مجددا اليوم ليست مجرد مبادرة إنسانية لإعادة إعمار غزة، بل هي محاولة لإعادة هندسة الصراع من جديد، عبر إغراقه في سوق الاستثمارات والمساعدات، وتجاوز جوهره التحرري.

وإذا كان التهجير القسري المباشر قد تعذر، فإن البديل المطروح هو التهجير الناعم للأفكار والقيم، بتحويل غزة من ساحة مقاومة إلى مختبر "السلام الاقتصادي". لكن التاريخ الفلسطيني أثبت مرارا أن مثل هذه المشاريع قد تؤخر لحظة الانفجار، لكنها لا تلغيها. فالفكرة الفلسطينية – فكرة الحرية والسيادة – لا تزال قادرة على النجاة من تحت الركام، حتى وإن حاول العالم الغربي أن يدفنها تحت طبقات من الإسمنت والاستثمارات.
ا.بن غربي



#بن_غربي_احمد (هاشتاغ)      


ترجم الموضوع إلى لغات أخرى - Translate the topic into other languages



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- من أسطول الحرية إلى أسطول الحماية الإنسانية
- ميزان القوة المقلوب في إبادة الشعب الفلسطيني قطاع غزة
- نتنياهو يضع شروط المنتصر أم يكشف عن طموحات قسرية
- الدوله البلطجية بين الشرعيه والقوة
- غزة والجوع العربي الأمن الغذائي بيت التبعية والاحتلال
- لماذا نستعجل على الحكومة السورية
- طوفان الأقصى واختلالات الوعي
- غزة من الصراع على الحدود إلى اثبات الوجود
- السؤال الأصعب في عملية التغيير يتمثل في كيف؟
- تفكيك السلطة استراتيجية الاستعمار الجديد
- الابادة الجماعية في غزة وموت الضمير العالمي
- الديبلوماسية الاستراتيجية في زمن الحرب قطرا نموذج
- قراءة فيما بعد طوفان الأقصى
- حارة المغاربة الذاكرة التى لا تنسى
- ملامح تجذر الموقف الجزائري الداعم للشعب الفلسطيني
- بعد جرائم الإبادة في قطاع غزة القانون الدولي بين الازمة واعا ...


المزيد.....




- شاهد كيف رد ترامب على سؤال صحفي عن وفاقه مع أردوغان حول أزمة ...
- ترامب يعلن خلال لقائه بأردوغان استعداده لرفع العقوبات على قط ...
- فرنسا - ليبيا: نيكولا ساركوزي سيدخل السجن بعد إدانته في قضية ...
- فرنسا - ليبيا: ردود الفعل في ليبيا بعد الحكم 5 سنوات سجنا عل ...
- أزمة المسيّرة: ماذا بعد رفض الجزائر التماس مالي أمام محكمة ا ...
- لبنان: الآلاف من أنصار حزب الله يحيون الذكرى السنوية لمقتل ن ...
- بعد وصول الفرقاطة الإيطالية... -أسطول الصمود- ينتظر وصول الف ...
- إيطاليا وإسبانيا تنشران سفنا حربية لمساعدة أسطول الصمود المت ...
- صاروخ حوثي يوقف الحركة بمطار بن غوريون ويدخل ملايين الإسرائي ...
- إعلام إسرائيلي: واشنطن تخطط لتعيين توني بلير قائدا لإدارة مؤ ...


المزيد.....

- التاريخ يكتبنا بسبابته / د. خالد زغريت
- التاريخ يكتبنا بسبابته / د. خالد زغريت
- جسد الطوائف / رانية مرجية
- الحجز الإلكتروني المسبق لموسم الحنطة المحلية للعام 2025 / كمال الموسوي
- الأرملة السوداء على شفا سوريا الجديدة / د. خالد زغريت
- المدخل الى موضوعة الحوكمة والحكم الرشيد / علي عبد الواحد محمد
- شعب الخيام، شهادات من واقع احتجاجات تشرين العراقية / علي الخطيب
- من الأرشيف الألماني -القتال في السودان – ينبغي أن يولي الأل ... / حامد فضل الله
- حيث ال تطير العقبان / عبدالاله السباهي
- حكايات / ترجمه عبدالاله السباهي


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - بن غربي احمد - عودة توني بلير والسلام والاقتصادي في غزة