أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - بن غربي احمد - الديبلوماسية الاستراتيجية في زمن الحرب قطرا نموذج














المزيد.....

الديبلوماسية الاستراتيجية في زمن الحرب قطرا نموذج


بن غربي احمد

الحوار المتمدن-العدد: 8384 - 2025 / 6 / 25 - 12:18
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


الدبلوماسية الاستراتيجية في زمن التوترات: من إدارة العلاقات إلى هندسة التوازن

تشير الدبلوماسية، في مفهومها التقليدي، إلى فن إدارة العلاقات الدولية، سواء على المستوى الثنائي أو متعدد الأطراف، بما يضمن مصالح الدول ويُكرّس الاستقرار وفق منطق التفاهم والتفاوض. غير أن هذا المفهوم يفقد كثيرًا من فعاليته حين تقترب الأوضاع من نقطة الانفجار، حيث تتحول الدبلوماسية إلى أداة أكثر تعقيدًا ترتبط بما يُعرف بـ"الدبلوماسية الاستراتيجية" – وهي ممارسة لا تكتفي بإدارة الوضع القائم، بل تسعى إلى إعادة هندسة التوازنات الإقليمية والدولية وترتيب أولويات المخاطر.

في منطقة الشرق الأوسط، حيث تراكمت التوترات بفعل تدخلات خارجية عنيفة، وتآكل الأنظمة الحامية، وتصاعد الفاعلين من غير الدول، وتبدّل أنماط التحالفات، أضحى المشهد الإقليمي هشًا ومعرّضًا للانفجار في أية لحظة. وقد فاقم غياب القوة الضابطة – التي لطالما لعبت دور التوازن في معادلة الردع – من هذه الهشاشة، وفتح الباب أمام مغامرات قد تتحول إلى حروب شاملة لا تنحصر آثارها في حدود المنطقة.

في هذا السياق، تصبح الدبلوماسية التقليدية عاجزة عن التعاطي مع حجم التهديدات، لأنها لا تملك أدوات استباق الانفجار، بل تعمل غالبًا كوسيط بعدي لمحاولة احتواء نتائجه. بينما الدبلوماسية الاستراتيجية تتحرك في منطقة رمادية بين الحرب والسلم، تُراكم أوراق القوة الناعمة والصلبة، وتستخدم الأدوات النفسية والمعلوماتية والسياسية والعسكرية، ليس لتحقيق استقرار سطحي، بل لإعادة رسم خرائط التأثير والتحكم في لحظة الصدام.

لقد كانت الضربة الإيرانية الأخيرة على قاعدة العديد الأميركية في قطر مثالًا حيًا على لحظة تلامس مع حافة الانفجار. ضربةٌ كان يمكن أن تُشعل حربًا إقليمية شاملة، غير أن تعامل الدوحة مع الحدث كشف عن مستوى رفيع من إدارة الأزمات. ففي وقت كانت فيه معظم العواصم العربية تترقب الانفجار، تحركت الدبلوماسية القطرية بهدوء وواقعية، لتحوّل المسار من مواجهة مفتوحة إلى تهدئة مؤقتة تسمح بإعادة تشغيل قنوات التفاوض.

ورغم أن إيران أخطأت التقدير بالمغامرة داخل حليف استراتيجي لأميركا في الخليج، فإن سلوكها يعكس ممارسة متعمّدة لما يُعرف بـ"دبلوماسية حافة الهاوية"، وهي مقاربة تراهن على الاقتراب من الصدام دون الانزلاق فيه، بهدف تحصيل مكاسب تفاوضية، خصوصًا في ظل الانسداد القائم نتيجة استمرار التصعيد بينها وبين إسرائيل.

ما كشفته هذه الحادثة، أيضًا، هو أن بعض دول المنطقة لم تعد مجرّد ساحات صراع، بل صارت فاعلة في هندسة التوازن. فقطر، رغم موقعها الجغرافي الحساس، لم تكتفِ بدور المفعول به، بل أظهرت قدرة على امتصاص الصدمة، وإعادة توجيه الأزمة نحو خيارات دبلوماسية أكثر عقلانية.

في زمن الانفجارات الصامتة والتوترات التي تعبر حدود الدول والجيوش، تتحول الدبلوماسية من أداة اتصال إلى أداة ردع ناعم، ومن واجهة سياسية إلى عمق استراتيجي للأمن القومي. ومن هنا، فإن مستقبل المنطقة سيتوقف، بدرجة كبيرة، على قدرة الفاعلين المحليين على تبنّي دبلوماسية استراتيجية تعيد ضبط الساعة السياسية بعيدًا عن منطق التصعيد المفتوح أو الاستسلام للأمر الواقع.



#بن_غربي_احمد (هاشتاغ)      


ترجم الموضوع إلى لغات أخرى - Translate the topic into other languages



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- قراءة فيما بعد طوفان الأقصى
- حارة المغاربة الذاكرة التى لا تنسى
- ملامح تجذر الموقف الجزائري الداعم للشعب الفلسطيني
- بعد جرائم الإبادة في قطاع غزة القانون الدولي بين الازمة واعا ...


المزيد.....




- قد تكبده غرامة.. مخالفة يرتكبها وزير الخارجية البريطاني خلال ...
- مثل -راتاتوي-.. مهندسة تصمّم فأرًا روبوتيا كربطة رأس -يتحكّم ...
- قابلهم 48 مرة.. إليك تفاصيل لقاءات بوتين السابقة مع رؤساء ال ...
- السودان: عشرات الوفيات في دارفور جراء الكوليرا ومنظمة أطباء ...
- احتجاجات في واشنطن بعد إعلان البيت الأبيض انتشار قوات فيدرال ...
- غَرق قارب مهاجرين قبالة لامبيدوسا يُوقع 26 قتيلاً على الأقل ...
- مصدر رسمي: الأردن رفض مرور مساعدات إسرائيلية للسويداء عبر أر ...
- باكستان تنشئ قوة جديدة للإشراف على الصواريخ بعد الصراع مع ال ...
- اشتباكات متصاعدة في صربيا بين معارضي الرئيس ومؤيديه
- 100 منظمة إغاثية تتهم إسرائيل بعرقلة دخول المساعدات لغزة


المزيد.....

- الأرملة السوداء على شفا سوريا الجديدة / د. خالد زغريت
- المدخل الى موضوعة الحوكمة والحكم الرشيد / علي عبد الواحد محمد
- شعب الخيام، شهادات من واقع احتجاجات تشرين العراقية / علي الخطيب
- من الأرشيف الألماني -القتال في السودان – ينبغي أن يولي الأل ... / حامد فضل الله
- حيث ال تطير العقبان / عبدالاله السباهي
- حكايات / ترجمه عبدالاله السباهي
- أوالد المهرجان / عبدالاله السباهي
- اللطالطة / عبدالاله السباهي
- ليلة في عش النسر / عبدالاله السباهي
- كشف الاسرار عن سحر الاحجار / عبدالاله السباهي


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - بن غربي احمد - الديبلوماسية الاستراتيجية في زمن الحرب قطرا نموذج