أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - بن غربي احمد - من أسطول الحرية إلى أسطول الحماية الإنسانية














المزيد.....

من أسطول الحرية إلى أسطول الحماية الإنسانية


بن غربي احمد

الحوار المتمدن-العدد: 8476 - 2025 / 9 / 25 - 13:34
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


من قافلة الصمود إلى أسطول الحماية الإنسانية: هل بدأ العالم بفتح الممر البحري إلى غزة؟

في لحظة فارقة من تاريخ الحصار المستمر على غزة، تشكل قافلة الصمود – ذلك الجسر البحري المكوّن من زوارق تقل متطوعين ورعايا أكثر من أربعين دولة – علامة فارقة في مسار التضامن العالمي مع الشعب الفلسطيني. فهذه المبادرة الشعبية، رغم رمزيتها، تحمل رسائل عميقة: أن الشعوب، على اختلاف مشاربها، لن تثنيها تهديدات الكيان الإسرائيلي، ولن تكسر إرادتها في دعم قيم الحرية والكرامة الإنسانية.

لكن الجديد هذه المرة أن التضامن الشعبي لم يظل معزولًا، بل لاقى صدى رسميًا حين قررت حكومتا إسبانيا وإيطاليا إرسال سفن حربية لحماية رعاياهما المشاركين. إنها خطوة جريئة فتحت بابًا كان مغلقًا بإحكام، ورسالة قوية لبقية الحكومات بأن تحذو حذوها. وبهذا التحول، لم يعد الحديث عن قافلة إنسانية رمزية، بل عن أسطول حماية إنسانية، يشكل نواة يمكن البناء عليها لتجاوز جمود المؤسسات الأممية والإقليمية، نحو فعل إنساني مباشر يضع حماية المدنيين فوق الحسابات السياسية الضيقة.

هذه المبادرة تحمل في طياتها بعدين متكاملين:
الأول، أنها لا تمس بسيادة أي دولة، ولا تشكل تهديدًا لأحد، بل تتسق مع القوانين الدولية والقرارات الأممية التي تكفل حرية الملاحة وحماية المدنيين زمن النزاعات. أي أنها تمتلك سندًا قانونيًا وأخلاقيًا وإنسانيًا قويًا يجعل نجاحها أمرًا واردًا.
الثاني، أنها تضع الكيان الإسرائيلي أمام معادلة جديدة: مواجهة إرادة شعوب مدعومة بقوة بعض الدول. فمحاولاته المحتملة لإفشال القافلة، سواء عبر المسيّرات أو الفرق البحرية لاعتقال المتطوعين، ستجد نفسها أمام بوارج دولية قادرة على حماية رعاياها، وهو ما يغير ميزان الردع في البحر المتوسط.

إن أهمية هذه الخطوة تتجاوز حدود غزة إلى اختبار جدي لمدى استعداد العالم لكسر دائرة العجز التي أحاطت بالقضية الفلسطينية لسنوات طويلة. فهي تعكس التحول من الاكتفاء بالشجب والإدانة، إلى الفعل المباشر المدعوم بشرعية القانون الدولي. بل يمكن القول إن ما أقدمت عليه مدريد وروما يجسد، بشكل عملي، روح مبدأ مسؤولية الحماية الدولية (R2P)، الذي أقرته الأمم المتحدة سنة 2005 ليُلزم المجتمع الدولي بالتدخل لحماية الشعوب من الجرائم الجماعية حين تعجز دولها أو تتخلى عن واجبها. والحصار المفروض على غزة، بما يتضمنه من حرمان شامل من الغذاء والدواء والتنقل، يدخل في صميم هذا المبدأ.

إن قافلة الصمود قد تتحول إلى أكثر من مجرد حدث رمزي، إلى سابقة سياسية وقانونية. فإذا انضمت دول أخرى إلى هذا المسار، فإننا قد نكون أمام ولادة ممر بحري إنساني دائم إلى غزة، ممر لا يستمد شرعيته فقط من الإرادة الشعبية، بل من التزامات دولية تفرض نفسها على الواقع. وبهذا، تُعاد صياغة قواعد التعامل مع الحصار: من كونه أداة ضغط بيد الاحتلال، إلى كونه فضيحة أخلاقية وقانونية تواجهها الشعوب والدول معًا.

لقد أظهر التاريخ القريب – من أسطول الحرية عام 2010 وصولًا إلى هذه القافلة – أن التضامن مع غزة ليس عابرًا، بل هو مسار تراكمي يتطور مع كل محاولة. الفارق اليوم أن التضامن الشعبي بات مسنودًا بغطاء رسمي أوروبي، وهو ما قد يُعيد رسم خطوط التوازن في شرق المتوسط، ويمنح الفلسطينيين نافذة جديدة نحو الحرية.

إن الرسالة الأبرز التي تخرج بها هذه القافلة ليست موجهة فقط إلى الاحتلال، بل إلى الحكومات المترددة: أن الشعوب قادرة على فرض إرادتها، وأن الحصار لم يعد شأنًا فلسطينيًا داخليًا، بل قضية إنسانية عالمية تضع الجميع أمام مسؤولياتهم. إنها لحظة قد تتحول إلى منعطف، إذا ما قُرئت بوعي، واحتُضنت بإرادة سياسية أوسع.



#بن_غربي_احمد (هاشتاغ)      


ترجم الموضوع إلى لغات أخرى - Translate the topic into other languages



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- ميزان القوة المقلوب في إبادة الشعب الفلسطيني قطاع غزة
- نتنياهو يضع شروط المنتصر أم يكشف عن طموحات قسرية
- الدوله البلطجية بين الشرعيه والقوة
- غزة والجوع العربي الأمن الغذائي بيت التبعية والاحتلال
- لماذا نستعجل على الحكومة السورية
- طوفان الأقصى واختلالات الوعي
- غزة من الصراع على الحدود إلى اثبات الوجود
- السؤال الأصعب في عملية التغيير يتمثل في كيف؟
- تفكيك السلطة استراتيجية الاستعمار الجديد
- الابادة الجماعية في غزة وموت الضمير العالمي
- الديبلوماسية الاستراتيجية في زمن الحرب قطرا نموذج
- قراءة فيما بعد طوفان الأقصى
- حارة المغاربة الذاكرة التى لا تنسى
- ملامح تجذر الموقف الجزائري الداعم للشعب الفلسطيني
- بعد جرائم الإبادة في قطاع غزة القانون الدولي بين الازمة واعا ...


المزيد.....




- إعادة ابتكار وطاقة متجدّدة.. أسبوع الموضة في لندن يدخل حقبة ...
- محكمة فرنسية تدين ساركوزي بتمويل حملته الانتخابية بأموال الق ...
- ماذا تفعل إذا كنت تعتقد أنك تتعرق كثيراً؟
- الصحفي رامي أبو جاموس من مدينة غزة: الجيش الإسرائيلي يحاصرنا ...
- بعد إيطاليا.. إسبانيا تعلن إرسال سفينة لمساعدة أسطول الصمود ...
- فرنسا: القضاء يصدر حكمه بحق ساركوزي في قضية اتهامات بتقاضي أ ...
- سقوط 22 جريحا في إيلات جراء هجوم بمسيرة من اليمن.. ما تداعيا ...
- الجيش الإسرائيلي يواصل توغله ونسف المساكن والسكان في مدينة غ ...
- فيضانات تدمر الجسور.. صور -مرعبة- من إعصار راغاسا العنيف في ...
- الشرع يصافح ماكرون ويجلس مع ميلوني.. وملف -حقائب القذافي- يل ...


المزيد.....

- التاريخ يكتبنا بسبابته / د. خالد زغريت
- التاريخ يكتبنا بسبابته / د. خالد زغريت
- جسد الطوائف / رانية مرجية
- الحجز الإلكتروني المسبق لموسم الحنطة المحلية للعام 2025 / كمال الموسوي
- الأرملة السوداء على شفا سوريا الجديدة / د. خالد زغريت
- المدخل الى موضوعة الحوكمة والحكم الرشيد / علي عبد الواحد محمد
- شعب الخيام، شهادات من واقع احتجاجات تشرين العراقية / علي الخطيب
- من الأرشيف الألماني -القتال في السودان – ينبغي أن يولي الأل ... / حامد فضل الله
- حيث ال تطير العقبان / عبدالاله السباهي
- حكايات / ترجمه عبدالاله السباهي


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - بن غربي احمد - من أسطول الحرية إلى أسطول الحماية الإنسانية