أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - بن غربي احمد - غزة والجوع العربي الأمن الغذائي بيت التبعية والاحتلال














المزيد.....

غزة والجوع العربي الأمن الغذائي بيت التبعية والاحتلال


بن غربي احمد

الحوار المتمدن-العدد: 8410 - 2025 / 7 / 21 - 13:34
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


غزة والجوع العربي: الأمن الغذائي بين التبعية والاحتلال

في عالم تتصارع فيه الأمم على الغذاء أكثر من السلاح، لم يعد الأمن الغذائي قضية ثانوية أو شأناً تنموياً فقط، بل صار أحد أهم أعمدة السيادة الوطنية ومؤشراً حقيقياً على استقلال القرار السياسي. وفي المقابل، أصبح التجويع أداة جديدة من أدوات الحرب، سلاحًا صامتًا لكنه فتاك، يُستخدم لتركيع الشعوب وكسر إرادتها. وما نراه اليوم في قطاع غزة ليس سوى المثال الأوضح والأقسى لهذه السياسة الممنهجة.

الأمن الغذائي كركيزة للسيادة
يشير مفهوم الأمن الغذائي، حسب الأدبيات التنموية والاستراتيجية، إلى قدرة الدولة على توفير غذاء صحي وكافٍ لمواطنيها، بالاعتماد على مواردها ومقدّراتها الوطنية. ولا يقتصر دوره على البعد الاقتصادي فحسب، بل يتعداه إلى كونه دعامة رئيسية في حماية السيادة وصيانة الأمن القومي. ومن هنا، لم تعد الدول تتعامل مع الغذاء كمجرد سلعة، بل كأداة قوة ونفوذ في ميزان العلاقات الدولية.

من الأمن القومي إلى الأمن الإنساني
مع تزايد الأزمات العالمية وتعقّد التهديدات غير التقليدية، انتقل مفهوم الأمن من التركيز على الدولة إلى التركيز على الإنسان، وهو ما عرف بمفهوم "الأمن الإنساني". وفي هذا السياق، أصبح الأمن الغذائي أحد المحاور الأساسية التي تتنافس عليها الدول، وتُدرجه المنظمات الدولية ضمن أولوياتها، إدراكًا لأثره المباشر على الاستقرار الاجتماعي والسياسي.

الغذاء كسلاح استعماري
لكن الخطر الحقيقي لا يكمن فقط في التصحر أو تغيّر المناخ، بل في السياسات الاستعمارية الجديدة التي توظف هذه الأزمات لتكريس التبعية. فبعض القوى الكبرى لا تسمح بتحقيق الاكتفاء الذاتي للدول النامية، وتسعى عبر التحكم في البذور والأسمدة وسلاسل الإمداد إلى إبقاء القرار الغذائي مرتهنًا. وهكذا يتحول الغذاء من حق إنساني إلى وسيلة استعمار ناعم.

المفارقة العربية: وفرة الموارد وتبعية الغذاء
تبدو المفارقة أكثر قسوة حين نُسقط هذا الواقع على العالم العربي. فدولنا تمتلك أراضي خصبة، وثروات طاقوية، وأيادي عاملة شابة، وأسمدة، وموانئ وبحار... ومع ذلك، تستورد غالبية غذائها من الخارج. فماذا يعني أن تملك كل أدوات الإنتاج الغذائي، ثم تبقى تابعًا مستوردًا؟ إنها مفارقة تُعبر عن فشل بنيوي، واستمرار لمنظومة التبعية التي صاغها الاستعمار القديم، وأعاد إنتاجها في ثوب جديد.

غزة: التجويع كسلاح إبادة
تتجلى أقسى صور هذا الاستعمار الغذائي في حصار غزة. أكثر من مليونين من البشر يُحاصرون ويُجوعون بقرار سياسي وعسكري، بهدف إخضاعهم وتركيع إرادتهم. الاحتلال الإسرائيلي يدرك أن الغذاء هو عمود البقاء، وما لم تحسمه الحروب والمجازر، يمكن أن تحسمه سياسة التجويع الجماعي. إنها سياسة إبادة بطيئة، تُمارس بغطاء دولي وصمت عربي، وتكشف كيف تحوّل رغيف الخبز إلى سلاح فتّاك.

السؤال المفصلي: هل نملك أمننا الغذائي؟
وتأسيسًا على ذلك، نطرح السؤال الذي لا بد منه:
هل تمتلك الدول العربية أمنها الغذائي، فضلًا عن غيره؟
إذا كانت الإجابة بالنفي – وهو الواقع الماثل – فإننا أمام استعمار ناعم يتسلل بهدوء، يعيد تشكيل تبعيتنا من خلال التحكم في أكثر حقوقنا بساطة: الطعام. وما لم نتحرر من هذه الهيمنة، فستبقى شعوبنا رهينة للجوع، وأوطاننا بلا قرار.

إن تجويع غزة لا يخص غزة وحدها، بل هو مرآة لواقع عربي هش، تُدار فيه السياسات من خارج الحدود، ويُنتج فيه الخبز بأمر من الخارج. إن معركة الأمن الغذائي ليست تقنية ولا اقتصادية فقط، بل هي معركة سيادة وكرامة، لا تقل خطورة عن معركة التحرر من الاحتلال. ومن هنا، لا بد من مشروع عربي شامل لإعادة الاعتبار للغذاء كأداة للتحرر، لا كوسيلة للخضوع.
ا.بن غربي



#بن_غربي_احمد (هاشتاغ)      


ترجم الموضوع إلى لغات أخرى - Translate the topic into other languages



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- لماذا نستعجل على الحكومة السورية
- طوفان الأقصى واختلالات الوعي
- غزة من الصراع على الحدود إلى اثبات الوجود
- السؤال الأصعب في عملية التغيير يتمثل في كيف؟
- تفكيك السلطة استراتيجية الاستعمار الجديد
- الابادة الجماعية في غزة وموت الضمير العالمي
- الديبلوماسية الاستراتيجية في زمن الحرب قطرا نموذج
- قراءة فيما بعد طوفان الأقصى
- حارة المغاربة الذاكرة التى لا تنسى
- ملامح تجذر الموقف الجزائري الداعم للشعب الفلسطيني
- بعد جرائم الإبادة في قطاع غزة القانون الدولي بين الازمة واعا ...


المزيد.....




- اختفت منذ 82 عامًا.. اكتشاف سفينة حربية يابانية من الحرب الع ...
- نظرة على معاناة عائلة للحصول على طبق واحد فقط في غزة
- غزة: مقتل أكثر من 1000 فلسطيني لدى محاولتهم الحصول على مساعد ...
- إردام أوزان يكتب: وهم -الشرق الأوسط الجديد-.. إعادة صياغة ال ...
- جندي يؤدي تحية عسكرية للأنصار في سيطرة ألقوش
- 25 دولة غربية تدعو لإنهاء الحرب في غزة وإسرائيل تحمل حماس ال ...
- -إكس- و-ميتا- تروّجان لبيع الأسلحة في اليمن.. ونشطاء: لا يحذ ...
- عاجل | السيناتور الأميركي ساندرز: الجيش الإسرائيلي أطلق النا ...
- سلاح الهندسة بجيش الاحتلال يعاني أزمة غير مسبوقة في صفوفه
- السويداء وتحدي إسرائيل الوقح لسوريا


المزيد.....

- شعب الخيام، شهادات من واقع احتجاجات تشرين العراقية / علي الخطيب
- من الأرشيف الألماني -القتال في السودان – ينبغي أن يولي الأل ... / حامد فضل الله
- حيث ال تطير العقبان / عبدالاله السباهي
- حكايات / ترجمه عبدالاله السباهي
- أوالد المهرجان / عبدالاله السباهي
- اللطالطة / عبدالاله السباهي
- ليلة في عش النسر / عبدالاله السباهي
- كشف الاسرار عن سحر الاحجار / عبدالاله السباهي
- زمن العزلة / عبدالاله السباهي
- ذكريات تلاحقني / عبدالاله السباهي


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - بن غربي احمد - غزة والجوع العربي الأمن الغذائي بيت التبعية والاحتلال