أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - بن غربي احمد - لماذا نستعجل على الحكومة السورية














المزيد.....

لماذا نستعجل على الحكومة السورية


بن غربي احمد

الحوار المتمدن-العدد: 8407 - 2025 / 7 / 18 - 12:41
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


لماذا لا ينبغي الاستعجال على حكومة الشرع؟

تتزايد الأصوات الناقدة لأداء الحكومة السورية الجديدة، خصوصا بعد ما شهدته محافظة السويداء من انسحاب للقوات النظامية وتصاعد لنفوذ بعض المجموعات المسلحة ذات الطابع الطائفي. هذه الأصوات تأتي من خلفيات متباينة: بعضها يدعي الدفاع عن وحدة الدولة، وبعضها الآخر يحذر من تهديد السيادة الوطنية، بينما ينطلق آخرون من دوافع أيديولوجية أو قومية.

لكن من بين هذه المقاربات، تبرز فكرة محورية أكثر تماسكا، وهي المتعلقة باحتكار الدولة لوسائل الإكراه، كما صاغها عالم الاجتماع الألماني ماكس فيبر، الذي رأى أن جوهر الدولة الحديثة يكمن في كونها الجهة الوحيدة التي تمتلك حق استخدام العنف المشروع داخل حدودها.

انطلاقا من هذه الفكرة، فإن انسحاب الجيش النظامي من السويداء يعد، في نظر البعض، مؤشرا على تآكل شرعية الدولة، أو حتى رضوخا غير مباشر لشروط إسرائيلية. غير أن هذا الحكم، رغم وجاهته من زاوية شكلانية، يغفل تشابك الواقع السوري، إذ لا يمكن فصل المشهد عن تعقيدات متعددة:

هشاشة الدولة الموروثة بعد عقود من التآكل البنيوي؛

تداخل المصالح الإقليمية والدولية، وتواطؤ قوى خارجية غير إسرائيلية (محور التطبيع +ايران)؛

افتقار الجيش النظامي الجديد للتراكم والخبرة، إذ لم يمضِ على تنظيمه أكثر من سبعة أشهر؛

الاتهامات الموجهة لبعض كوادر حكومة الشرع بانتماءات مشبوهة أو ارتباطات بـ"داعش"، مما يجعل بناء الثقة أمرا تدريجيا ومعقدا.

ولذلك تجد الحكومة المركزية في دمشق نفسها بين خيارين: الحسم أم المناورة؟


1. الحسم العسكري المباشر، وهو خيار مكلف وخطير، بل قد يكون فخا إسرائيليا مدعوما من بعض القوى الإقليمية، التي تُظهر دعمها لوحدة سوريا ظاهريا بينما تسعى إلى تفتيتها عمليا. أي اندفاع نحو هذا الخيار الآن سيكون بمثابة تفجير داخلي قد يقوض كل ما تحقق من إعادة الترميم المؤسساتي خلال أشهر واستعادة الاعتراف الدولي.


2. الانسحاب التكتيكي تحت غطاء التهدئة أو التفاوض، وهو خيار مؤلم، لأنه يظهر الدولة بمظهر الضعف، ويترك السلاح في يد بعض الفصائل الدرزية، ما يفتح الباب أمام مطالب مماثلة من طوائف أخرى كالعلويين والاكراد. ومع ذلك، فإن هذا الخيار يمكن إعادة تدويره سياسيا واستخباراتيا ذكيا

لفهم هذا الخيار، يجب أولا تمييز مصادر الخطر الحقيقية. فبعض من ينشطون ميدانيا في السويداء ليسوا أصل التهديد، بل أدوات ضمن مشروع أكبر تقوده قوى التطبيع في الإقليم، هدفه تكسير الدولة السورية عبر البوابة الدرزية. لذلك، فإن المطلوب ليس الاصطدام بالأداة، بل فك ارتباطها بالجهة المشغلة لها، وتفكيك مشروعها من الداخل.

وهذا لا يتم بالمواجهة المباشرة، بل بصراع داخلي بين مكونات سورية غير رسمية، يحاصر فيه المشروع المسلح محليا، وتفقد فيه الميليشيات الدرزية شرعيتها الشعبية والدعم الخارجي تدريجيا، لتضطر لاحقا إلى طلب تدخل الدولة، التي تعود حينها لفرض هيبتها وشروطها، وأولها احتكار السلاح.

إن الدولة السورية اليوم ليست في وضع طبيعي، بل تمر بلحظة تأسيس جديدة داخل بيئة إقليمية ودولية موبوءة. الشعب مرهق، والمؤسسات لم تستعد عافيتها بعد، والجيش لا يزال في طور التبلور. لذلك، فإن استعجال النتائج أو محاكمة الحكومة الجديدة بمنطق الدولة المستقرة هو حكم غير منصف.

نعم، الدولة لم تحتكر السلاح بعد، ولكنها لم تتنازل عنه كخيار استراتيجي. ونعم، السويداء باتت خارج السيطرة نسباً، لكنها أيضا ميدان اختبار لنهج أعمق من مجرد الحسم العسكري.

في لحظة كهذه، لا نملك ترف التهويل أو التسرع. فالمعركة طويلة، والرهانات كبيرة، ولا يقاس النضج السياسي بكثرة الضجيج، بل بقدرة الدولة على تحييد الأعداء، وتفكيك أدواتهم، والعودة الهادئة لكن الحاسمة إلى قلب الجغرافيا السورية.
ا.بن غربي



#بن_غربي_احمد (هاشتاغ)      


ترجم الموضوع إلى لغات أخرى - Translate the topic into other languages



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- طوفان الأقصى واختلالات الوعي
- غزة من الصراع على الحدود إلى اثبات الوجود
- السؤال الأصعب في عملية التغيير يتمثل في كيف؟
- تفكيك السلطة استراتيجية الاستعمار الجديد
- الابادة الجماعية في غزة وموت الضمير العالمي
- الديبلوماسية الاستراتيجية في زمن الحرب قطرا نموذج
- قراءة فيما بعد طوفان الأقصى
- حارة المغاربة الذاكرة التى لا تنسى
- ملامح تجذر الموقف الجزائري الداعم للشعب الفلسطيني
- بعد جرائم الإبادة في قطاع غزة القانون الدولي بين الازمة واعا ...


المزيد.....




- -تبتسم- و-تغمز-.. صور مرحة توثق جانبًا غير متوقّع لطيور البو ...
- المؤثّرة الافتراضية ميا زيلو -تخطف- الأضواء في لندن وتُربك ا ...
- شاهد.. عملية إنقاذ لشخصين من قارب صيد تندلع فيه النيران بالك ...
- تجدد الاشتباكات والقصف الإسرائيلي في السويداء، والعشائر السو ...
- بعدما وصفها بـ -القمامة-.. ترامب: كوكا كولا وافقت على استخدا ...
- ردًا على التهديد بفرض عقوبات جديدة.. إيران: الأوروبيون لا يم ...
- دمشق تتهم مقاتلين دروز بخرق الهدنة في السويداء وأنباء عن اشت ...
- إسرائيل تأسف لقصف كنيسة في غزة بـ-الخطأ- وباريس تندد
- مائة عام على كتاب هتلر -كفاحي- - أفكاره لا تزال تتردد
- ضخ إعلامي كبير بتجدد الاشتباكات الدامية في السويداء.. ما حقي ...


المزيد.....

- شعب الخيام، شهادات من واقع احتجاجات تشرين العراقية / علي الخطيب
- من الأرشيف الألماني -القتال في السودان – ينبغي أن يولي الأل ... / حامد فضل الله
- حيث ال تطير العقبان / عبدالاله السباهي
- حكايات / ترجمه عبدالاله السباهي
- أوالد المهرجان / عبدالاله السباهي
- اللطالطة / عبدالاله السباهي
- ليلة في عش النسر / عبدالاله السباهي
- كشف الاسرار عن سحر الاحجار / عبدالاله السباهي
- زمن العزلة / عبدالاله السباهي
- ذكريات تلاحقني / عبدالاله السباهي


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - بن غربي احمد - لماذا نستعجل على الحكومة السورية