أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - أحمد التاوتي - بين الدّين و التديُّن. 2














المزيد.....

بين الدّين و التديُّن. 2


أحمد التاوتي

الحوار المتمدن-العدد: 8470 - 2025 / 9 / 19 - 14:02
المحور: العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
    


ثم على غفلة من ضمير الإنسان، يقفز الدين بسابق رصد وإصرار، على تديّن الإنسان الاجتماعي الفلكلوري، فيحوله إلى شحن نفسي عقائدي، ثم ينفث سمومه على الاختلاف فيصبح خلافا.. صدق هذا فيما يعرف بصحواتنا الدينية عبر التاريخ والتي لم نعرف من جرائرها إلا الحروب والفتن والتخلف.

وهذا ما يفسر عدم اقتناع كثير منا في زمننا الحاضر، بصحة فظائع الدين عن الدين، التي ترتكبها الجماعات الدينية، لأننا نقارن ذلك بما نعرفه عن التديّن الاجتماعي لآبائنا زمن الاستعمار أو بعده بقليل، ولو قارناه بالدين العقائدي كما كان بالعصر الإسلامي الأول أو العصر الإسلامي الثاني لاقتنعنا بصحة تلك الفظائع وبإسلاميتها تماما.
إن التدين الاجتماعي لآبائنا حالة لا دينية بامتياز مما جعل إنجازاتنا الكبرى في معظمها بتلك الفترة، ومنها إنجاز التحرر السياسي ولو كان ناقصا مع الأسف.. ولو قارناه مباشرة بالعصر الإسلامي الأول وتعليماته لوجدنا الجماعات الدينية – وليس المجتمع المتدين- هي المتماهية الحصرية مع حقيقة الدين.

والعجيب هنا أننا بدلا من أن نهاجم تلك الجماعات الدينية التي شوهت مجتمعاتنا المتدينة، وأن نحاسب الدين العقائدي الذي شوه التدين الاجتماعي، نتحد جميعا على مهاجمة الدارسين لهذه الظاهرة والراصدين لها بعمق وإخلاص.. مطلقين صوبهم كل النعوت والأوصاف الجاهزة:

- هو يكتب من قاعدة: خالف تعرف!
- لقد قالها المستشرقون قبلهم!
- يبدو أنهم يعانون من مشكل نفسي!
- إنه يبحث عن لجوء سياسي بالغرب!
- نحن الآن في عصر انتقاد الإسلام لكل ناعق!
- ذلك الكاتب أمه يهودية!
- والآخر زوجته صليبية!
- وهذا يتقاضى من الفاتيكان!
- والآخر يكفي أنه مات منتحرا! (استثمار حتى في المأساة)
- وذاك ثبت أن جدّ أمّه من يهود الدونمة!
- والآخر ثبت أن زوج خالة أمّه من يهود المغرب قبل النكبة!

وأعجب منه، انصراف فريق من الدعاة والكتاب المسلمين إلى الحفر والنقب في إرهاب الدول والفاشيات المعاصرة (التي لا يدرون بأنها امتداد لنفس الفكر الديني الذي يعودون له جميعا)..، تمييعا للمشكلة الآنية في أحداث التاريخ أو في سياقات أشمل..
والأغرب من كل ذلك، انهماك فريق آخر على الكتابة في إرهاب الشيوعيين البائد منذ سبعينيات القرن الماضي.. والذي يبقى إرهابا سياسيا وفقط.. أي يعود إلى أسباب موضوعية تتعلق بتوزيع الثروة، أو أسباب فكرية تتعلق بقراءة موضوعية – صحيحة كانت أم خاطئة- للمجتمع وللتاريخ ليست مقدسة، يمكن تلافيها ويمكن تجاوزها ما دامت وحدة قياس الفكر لدى الغرماء جميعا هي العقل مع التجربة، وليست غيبا مبهما مميعا ومشبوها.
طبعا..، ما يهمهم هو تطبيق سياسة النعامة مع المشاكل الحالية التي يطرحها واقعنا المباشر وثقافتنا الأصيلة/الدخيلة، ومحاولة عدم رؤيتها وصرف أنظار الناس عنها...هروبا كالعادة من الكلام في إرهاب طالبان وإرهاب داعش وإرهاب مؤسساتنا الدينية، رسمية وغير رسمية، من مساجد وجوامع وأحزاب ومدارس ومراكز وزوايا وغيرها.

لاحظ هنا أيضا، ويحسن التذكير مرة أخرى، أن أصحاب الدين العقائدي يتخذون أصحاب التدين الاجتماعي درعًا.. ويركب نفس الموجة معهم كثير مما يسمى مسلمون معتدلون غيرة على تدين آبائهم الذي لا تسمح لهم ثقافتهم بتمييزه عن الدين العقائدي.. يزيد في تعمية الأمر وتلبيسه، الأوضاع السياسية الدولية التي تكاد تنحدر نهائيا إلى وحل الصراع الثقافي بفعل الإطلالة الوسيطية غير المرحب بها على غفلة من ضمير الإنسان كما أوضحنا، وادعاء الدين العقائدي من خلال منابره التي لا تغيب عن آخر قرية أو دشرة بالوطن الكبير، ومن خلال فضائياته وأمواله..، ادعاؤه الماكر تبنيه الدفاع عن السيادة السياسية والمرجعيّة الحضاريّة "للأمة"، أي على الرأس التي تمثلنا من دماغ الهايدرا.. وهذا ما تركنا ندور مع رحى هذا المكر في مد وجزر منذ بداية النهضة إلى اليوم.
وعلى هذه البداهة، فشعوبنا الطيبة المتدينة لا تمثل الدين وإن تمايزت اجتماعيا بطقوسه ومفرداته للعوامل السياقية.. ودعاة الدين لا يمثلون المجتمع، وإنما يمثلون خطة الدين وأهدافه في تدمير البشرية وإن كانوا لا يقصدون ذلك ولا ينتبهون إليه.. وفي اتجاه بيان هذه الحقيقة، يجب أن يعمل الدارسون والباحثون.

وفي كتابتنا هذه، إذا تكلمنا عن المسلمين بشيء من المؤاخذة، فإنما نقصد حالتهم الدينية.. فكلما زادت نسبة الشحن النفسي العقائدي العبراني المرضي بتلك الحالة، كلما كان كلامنا واضحا (قاسيا) أكثر.. وهذا ليس تحاملا، وإنما هو هاجس الإفصاح الموضوعي، والموائم تشخيصيا ليس إلا... فلا يعقل أن نستمر في استخدام الموائم سياسيا حتى في المستشفيات.



#أحمد_التاوتي (هاشتاغ)      


ترجم الموضوع إلى لغات أخرى - Translate the topic into other languages



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- الديانات العبرانية. أول من أدخل الأيدولوجيا المادية الصرفة ع ...
- الديانات العبرانية أوّل من أدخل الأيدولوجيا الماديّة الصّرفة ...
- بين الدّين والتديّن
- ما جنيناه من تسييس البحث الأنطولوجي
- محنة الشعر العربي مع الحرب الأخيرة
- حوار مع صديقي الشات (ج ب ت)
- من القديم الراهن 3
- من القديم الراهن 2
- من القديم الراهن 1
- المكر الأزلي
- عبور الجزائر.. محاذير في الطريق.
- تحدي الساعة
- خصائص العبور الجزائري الجديد و كيف نحافظ عليه
- المثقف العربي بين النظام و بين بنية النظام
- حقوق العصر.. تحقيقات في جريمة ازدراء العقل و معاداة الإنسان
- علاقة داعش بالخلافة الأمريكية
- تسامح الجزائر مع اكتساح النشاط الطقوسي/السياسي للمجال العام
- سؤال عن مستقبل الثقافة في الجزائر
- مصر تصحح مسار الربيع
- الإلحاد و الإسلام


المزيد.....




- عرض كتاب.. التهديدات الإسرائيلية للمقدسات الإسلامية والمسيحي ...
- عرض كتاب.. التهديدات الإسرائيلية للمقدسات الإسلامية والمسيحي ...
- نيويورك.. يهود يتظاهرون احتجاجا على مشاركة نتنياهو باجتماعات ...
- يهود يتظاهرون في نيويورك احتجاجا على مشاركة نتنياهو باجتماعا ...
- القمة العربية الإسلامية في الدوحة.. نجاح مرهون بمراجعة التحا ...
- التعليم كجبهة في الحرب الناعمة: بين الاستخراب الغربي وبناء ا ...
- خليج الجنة في تركيا.. رفاهية خفية على شاطئ لا يقصده سوى الأث ...
- أردوغان يعين صافي أرباجوش رئيسا للشئون الدينية التركية
- مظاهرة يهودية في نيويورك ضد مشاركة نتنياهو في اجتماعات الأمم ...
- نيويورك.. يهود يحتجون على مشاركة نتنياهو في اجتماعات الأمم ا ...


المزيد.....

- القرآن عمل جماعي مِن كلام العرب ... وجذوره في تراث الشرق الق ... / مُؤْمِن عقلاني حر مستقل
- علي قتل فاطمة الزهراء , جريمة في يترب / حسين العراقي
- المثقف العربي بين النظام و بنية النظام / أحمد التاوتي
- السلطة والاستغلال السياسى للدين / سعيد العليمى
- نشأة الديانات الابراهيمية -قراءة عقلانية / د. لبيب سلطان
- شهداء الحرف والكلمة في الإسلام / المستنير الحازمي
- مأساة العرب: من حزب البعث العربي إلى حزب الله الإسلامي / حميد زناز
- العنف والحرية في الإسلام / محمد الهلالي وحنان قصبي
- هذه حياة لا تليق بالبشر .. تحرروا / محمد حسين يونس
- المرحومة نهى محمود سالم: لماذا خلعت الحجاب؟ لأنه لا يوجد جبر ... / سامي الذيب


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - أحمد التاوتي - بين الدّين و التديُّن. 2