أحمد التاوتي
الحوار المتمدن-العدد: 8460 - 2025 / 9 / 9 - 14:56
المحور:
العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
ماذا لو لم يحشر الدين أنفه في الميتافيزيقا؟
كان سيكون سير العلوم في مباحث الوجود سيرا طبيعيا ولن تعرف الانشقاق الحاد الذي حصل بين المثاليين وبين الماديين.. وكنا لم نعرف تيارا باسم الوضعية المنطقية من الأساس. ولا تيارا باسم المادية المتطرفة التي تنكر وجود ما وراء المحسوس إنكارا صارما.. وتعلمون أن ذلك أضاع وما يزال على المسيرة الفكرية والعلمية وقتا معتبرا في هوامش "سياسات" علمية.
ما جنيناه من تسييس البحث الانطولوجي على المستوى الفلسفي هو نفس ما جنيناه من دوغمة البحث الطبيعي على المستوى العلمي.
كان سيكون تطور الفكر البشري خال تماما من اليقينيات والأفكار المطلقة والحقائق الواحدة. لأن الفكر حينها سيكون نتيجة تفاعل عقول الناس مع الواقع مما يحقق له تاريخية تمنحه بالبداهة نسبية الرؤية وإمكان تعدد الحقائق مما يساعد على تقدم العلوم بدون مشاغبات سياسية.. على خلاف تفاعله مع نصوص على وجه التلقي والإذعان لسلطتها، بدون جمركة عقلية وتصفية طبيعية إنسانية.
ما جنيناه من تسييس البحث الانطولوجي بعالمنا، أدى بنا إلى صنع برمجة في الحياة كما أرادها النافذون وقتئذ، وردها إلى " علام للغيوب شديد المحال لا تدركه أفهامنا".. فلا مجال إذن للمراقبة أو التمحيص أو التثبت بعقولنا "القاصرة".. برمجة رددناها إلى عالم ما وراء الإنسان وما وراء الطبيعة.. إلى حيث لا مجال إلى النظر والتدقيق والتحري، فمن يكون هذا الإنسان الذي "أتى البارحة" مختالا بخلقه، متنطعا بعقله؟؟
ثم سارت على هذا الهدي الرشيد جميع الدكتاتوريات والشموليات والفاشيات الوسيطة والمعاصرة ببطاقة عبور مكيافيلية التصميم (الحكمة الإلهية الغائبة عن عقولنا القاصرة / المصلحة العليا للدولة غير المحتاجة إلى استشارة شعوبها). فالدين يحتاج من حقبة معرفية إلى أخرى، إلى مجدّد للحقبة.. ومكيافيلى (قدس سرّه) واحد من المجدّدين الفطاحل.
من كتاب: حقوق العصر... أكتوبر 2016.
#أحمد_التاوتي (هاشتاغ)
ترجم الموضوع
إلى لغات أخرى - Translate the topic into other
languages
الحوار المتمدن مشروع
تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم
العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم.
ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في
استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي،
انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة
في دعم هذا المشروع.
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟