أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - قضايا ثقافية - للاإيمان الشباني - الأسرة والدخول المدرسي من كتاب( رسائل غير مشفرة)














المزيد.....

الأسرة والدخول المدرسي من كتاب( رسائل غير مشفرة)


للاإيمان الشباني

الحوار المتمدن-العدد: 8468 - 2025 / 9 / 17 - 09:51
المحور: قضايا ثقافية
    


بداية موسم من التعبير عن الحب الحقيقي، هو امتحان صغير لكنه صادق للروابط الأسرية، وهو فرصة كبيرة كي نعيد تشكيل علاقتنا بأبنائنا ونمنحهم شعور الأمان والثقة والانتماء. حين يصحو الطفل صباح أول يوم دراسي فإن أكثر ما يحتاجه ليس الحقيبة الجديدة ولا اللباس المرتب ولا علبة الأقلام الملونة، بل يحتاج قلبًا حاضرًا، عينًا تبتسم له، يدًا تمسك بيده بثقة لا ترتجف، ووجهًا يرافقه حتى باب القسم وهو يقول له دون كلمات كثيرة: أنا معك وإن لم أكن بقربك
مرافقة الأبناء في أول يوم دراسي ليست مجرد مشهد للمشاركة أو التوثيق بالصور، هي لحظة تأسيسية تشبه لحظة غرس نبتة صغيرة، يحتاج الطفل فيها لمن يسنده ليقف بثقة وسط هذا العالم الجديد، كثير من الأطفال يحملون قلقًا خفيًا لا يظهرونه، وبعضهم يبتسم رغم توتره، لذلك فالأب والأم مطالبان بالرفق لا بالعجلة، بالصبر لا بالمقارنة، بالتفهم لا بالتوجيه القاسي، عليهم أن يكونوا جسر العبور الهادئ لا عبء الرحلة
وحين نصل إلى باب المدرسة أو القسم، فلننتبه جيدًا إلى اللحظة الفارقة التي نودع فيها أبناءنا، فبدل أن نبادر بالسؤال العنيف والمباشر الذي يُربك الطفل: "أشنو درتي؟ شنو قالو ليك؟ واش كنتي مزيان؟" يكفي أن نحتضنه ونهمس له بصدق: توحشتك، فرحت برجوعك، سعيد بلقائك من جديد، فهذه الكلمات تُعيد التوازن العاطفي للطفل وتمنحه الأمان بدل أن يُحاسب على يوم لم يكن مستعدًا له بعد. نحن نحتاج أن نصغي أولًا قبل أن نسأل، أن نمنح أبناءنا فرصة أن يعبروا لا أن يُحقق معهم، أن نكون لهم حضنًا لا محكمة
أما المربيات والمعلمات فهن شريكات في تربية الأبناء، ولسن خصمًا ولا ندًا، ومن الخطأ أن نواجههن بكلام جاف أو أسئلة مشحونة أو نغمة اتهامية. الحديث مع المربية يحتاج لليونة وذكاء وتقدير، لأن الطفل لا يعيش فقط بين جدران البيت، بل يتكوّن وجدانه أيضًا داخل القسم، وإن شعر أن العلاقة بين والديه ومربيته مشحونة فسيفقد توازنه بين البيتين. من الحكمة أن نكون داعمين لا مراقبين، متعاونين لا متشككين، فحين يرى الطفل أن المربية تُحترم يُحسن السلوك من تلقاء نفسه
في خضم هذا كله، تأتي تفاصيل صغيرة في الظاهر لكنها عميقة في الأثر مثل وجبة الأكل التي تُعدها الأم، فليست مجرد سندويش أو فاكهة أو علبة عصير، إنها رسالة حب تصل إلى قلب الطفل دون كلام، طعام من يد أمه يرافقه طوال اليوم، يشعره أنها قريبة حتى وإن لم تكن معه، أن البيت لم يبتعد، وأن الحنان لا يُغلق بابه عند عتبة المدرسة
ولا ننسى أن الدخول المدرسي فترة تحمل الكثير من التوتر عند الأطفال وعند الأهل أيضًا، لذلك فإن الحديث عن المشاكل يجب أن يكون برحمة، بهدوء، بحسن توقيت، لا نُكدّس كل الأسئلة الثقيلة في لحظة واحدة، ولا نُحمّل الطفل مسؤولية توقعاتنا، بل نبدأ بسؤاله عن مشاعره، عن أصدقائه، عن اللحظات التي أحبها، عن ما جعله يضحك أو يحزن، ونؤجل ما يستدعي التوجيه حتى يشعر بالأمان، فالتربية تحتاج إلى صبر عاطفي قبل أن تحتاج إلى برامج دراسية
النوم المبكر مثل مفتاح سحري يفتح أبواب التوازن النفسي والجسدي، حين ينام الطفل باكرًا تهدأ أعصابه، يتحسن تركيزه، تصبح صباحاته أقل صراعًا وأكثر استعدادًا، أما الأم فتنال من تلك الساعات فرصة للتنفس، للراحة، أو حتى لاحتضان نفسها قليلًا، فالبيت الذي يُرتب أوقاته يُربّي أبناءه دون صراخ، ويعيش أهله بسلام
وفي زمن الشاشات، حين يكون الهاتف هو الضيف الدائم على طاولة البيت، من المهم جدًا أن نضعه جانبًا حين نتحدث مع أبنائنا، أن ننظر في أعينهم لا في شاشة زرقاء، أن نصغي بقلوبنا لا بآذان مشغولة، فالكلمات تفقد معناها حين يشعر الطفل أن من أمامه حاضر بجسده غائب بذهنه، والحوار يتحول إلى واجب ممل إن لم نحضره بمشاعرنا. علاقتنا بأبنائنا تحتاج أن نكون بكاملنا معهم، لا نصف أب أو نصف أم مشغولين بعوالم افتراضية
إنه موسم العودة إلى المدرسة، لكنه أيضًا موسم العودة إلى أنفسنا، إلى روابطنا، إلى علاقتنا بأبنائنا التي تحتاج منا دفئًا أكثر من حاجتهم إلى أدوات مدرسية. فلنمنحهم حبًا واضحًا، وحدودًا آمنة، وأذناً تُنصت، وقلبًا يتّسع
عندها فقط، يكون التعليم رحلة ممتعة، ويكون البيت وطنًا لا محطة انتظار



#للاإيمان_الشباني (هاشتاغ)      


ترجم الموضوع إلى لغات أخرى - Translate the topic into other languages



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- بلغ السيل الزبى من كتاب (رسائل غير مشفرة)
- من وصية أم من كتابي( رسائل غير مشفرة)
- التعافي (من كتاب رسائل غير مشفرة )
- عيشة بنت الحاج امرأة من مزاب من كتابي(أفئدة من ذهب)
- لا تخنثوا أبناءكم
- الفراغ بمعانيه من كتابي (رسائل غير مشفرة)
- أصل الداء و الشفاء(العقل القلب الضمير)من كتابي رسائل غير مشف ...
- الصحة من الأولويات من كتاب (رسائل غير مشفرة )
- سلوكيات تتناوب في النفس البشرية (الغيرة، الغرور ،الغباء ،الغ ...
- من كتابي رسائل غير مشفرة (سلوكيات الغيرة ،الغرور،الغضب،الغبا ...
- العلاقة بين الحماةو الزوجية
- الأمومة والعطاء
- هم أربعة من أزمة مختلفة
- الثقافة نظافة وتربية من كتابي (رسائل غير مشفرة)
- المميز ن من كتابي( رسائل غير نشفرة)
- خبث التغاضي من كتاب (رسائل غير مشفرة )
- من كتابي أفئدة من ذهب (ثريا الشاوي)
- لغات الحب تعلمناها من الحبيب المصطفى
- من كتاب( أفئدة من ذهب)زوجات النبي والحكمة من كلل زوجة
- حميد بركي المفكر الادبي


المزيد.....




- لحظة كارثية.. شاهد اصطدم قطار بشاحنة مقطورة في هولندا
- الاستخبارات العسكرية الأوكرانية تدعي تعطيل خط أنابيب وقود رو ...
- ترامب يكشف عن تجديد حمّام غرفة نوم لينكولن التاريخية في البي ...
- سوريا.. كاميرا مخفية مع مراسلة CNN تواجه -الخال- الذي احتجز ...
- القبض على مشتبهين في ميشيغان بتهمة التخطيط لهجوم خلال -الهال ...
- رحلة مقتنيات الملك توت عنخ آمون من المقبرة إلى المتحف الكبير ...
- سرقة اللوفر: كيف يمكن لمسألة هندسية قديمة أن تحمي المتحف من ...
- إسرائيل: الرفات التي سلمها الصليب الأحمر مساء الجمعة ليست لر ...
- احتجاز مسؤول رفيع سابق في أوكرانيا بتهمة الاختلاس
- الجيش الصيني يتأهب بعد رصد دورية مشتركة ببحر جنوب الصين


المزيد.....

- الفاكهة الرجيمة في شعر أدونيس / د. خالد زغريت
- المفاعلة الجزمية لتحرير العقل العربي المعاق / اسم المبادرتين ... / أمين أحمد ثابت
- في مدى نظريات علم الجمال دراسات تطبيقية في الأدب العربي / د. خالد زغريت
- الحفر على أمواج العاصي / د. خالد زغريت
- التجربة الجمالية / د. خالد زغريت
- الكتابة بالياسمين الشامي دراسات في شعر غادة السمان / د. خالد زغريت
- أسئلة الديمقراطية في الوطن العربي في عصر العولمة(الفصل الساد ... / منذر خدام
- أسئلة الديمقراطية في الوطن العربي في عصر العولمة(الفصل الثال ... / منذر خدام
- أسئلة الديمقراطية في الوطن العربي في عصر العولمة(الفصل الأول ... / منذر خدام
- ازمة البحث العلمي بين الثقافة و البيئة / مضر خليل عمر


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - قضايا ثقافية - للاإيمان الشباني - الأسرة والدخول المدرسي من كتاب( رسائل غير مشفرة)