أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - أحمد التاوتي - الديانات العبرانية أوّل من أدخل الأيدولوجيا الماديّة الصّرفة على الفكر البشري. 1















المزيد.....

الديانات العبرانية أوّل من أدخل الأيدولوجيا الماديّة الصّرفة على الفكر البشري. 1


أحمد التاوتي

الحوار المتمدن-العدد: 8466 - 2025 / 9 / 15 - 02:27
المحور: العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
    


بدأ الإنسان يقلّب تفكيره ويتحسس مشاعره وعواطفه ويضبطها تفاعلا مع المحيط الاجتماعي من جهة والمحيط الطبيعي من جهة أخرى

- تفاعله مع المحيط الاجتماعي أعطاه بديهة تنظيم الحياة الجماعية ومنها إلى تطوير حياة سياسية أسلمت فيما بعد إلى قوانين وحقوق وأنظمة وغيرها.
- تفاعله مع المحيط الطبيعي أسلمه بعد طول عَنَتٍ من التوجّس والمخاوف والطقوس، إلى التجربة والاختبار والمساءلة العقلية كبداية جنينية للعلوم.

فتفاعل المشاعر أولا، ثم تفاعل العقل معها، أدى إلى تمثل الإنسان لإنسانيته كاملة، عقلا وغرائز، أو روحا وجسم. وتحقق من ثمة في نفسه بما يميزه عن الحيوان.
كان هذا هو الخط السليم، لولا أن الديانات العبرانية تدخلت، فحدث أن دشنت الفكر المادي الغريزي الصرف في تاريخ الإنسانية.
فبعدما بدأ الغيب يتكشف إلى الإنسان بوصفه محل حدس مشاعري مشوب بفضول ومغازلة، ثم مساءلة عقلية كعملية إنسانية طبيعية، أصبح الغيب (غير المدرك علميا بحقبة معرفية إنسانية محددة)، أصبح ملأ أعلى مفصول في أمره وليس من اختصاص الإنسان وعقله القاصر.. بحيث جاءت من هناك، شرائع وعقائد.

- الشرائع تعفي المؤمنين من تفاعل عقولهم مع المحيط الاجتماعي، ليسند ذلك إلى ألواح، ونصوص مقدسة
- والعقائد تعفيهم من تفاعل عقولهم مع المحيط الطبيعي، الكوني خصوصا، ليسند ذلك إلى سدنة المعابد الذين كانوا يحتكرون التقرير في حقائق الكون والطبيعة.

فماذا بقي لعقل الإنسان؟

طبعا، هذان الإعفاءان أبقيا الإنسان في اختصاص دائرة الغرائز وفقط.. أي في طوره الحيواني المادي.

كانت البداية على هذا النحو إذن، ثم تطورت إلى تلبيس أكثر تعقيدا فيما بعد.

ولقد كان أول خط معارضة إنسانية لذلك، بروز مفهوم العلم عند اليونان.. ظهر بشكل تفرقة مفصلية بين معرفة الآلهة والمعرفة البشرية.. فمعرفة الآلهة ليست متاحة إلا للمؤمنين، وتحصيلها لا يكون بإعمال العقل ولكن يكون بتبني دين الملك أو المؤسسة العرفية القائمة أو مجرد المؤسسة الصامتة ذات الحمولة القيمية المحلية للمحيط.. أي بمجرد اتخاذ موقف سياسي بتوصيفنا المعاصر.، فضلا عن كون الآلهة ماكرة ولا تعطي من العلم إلا ما تريده وتخفي ما تريد (تماما كما أنظمتنا الشمولية والتوحيدية بعدها).. ولهذا لفظها فلاسفة الإغريق وشككوا فيها وعكفوا على المعرفة البشرية التي يتم الحصول عليها بشكل إنساني طبيعي.

أكبر خطأ مفاهيمي يُرسّم بالتقادم:
فالفلاسفة الذين فكروا في الإنسان الطبيعي المشهود لم يرفضوا ما وراء المشهود، ولكن رفضوا بضاعة سماسرة ما وراء المشهود.. ولأن الضغوط كانت عليهم من كل حدب وصوب، ولأن الأمور تسيّست مع الدين الذي لم يرض إلا بتأميم المجال العام، ذهب كثير منهم إلى إنكار وجود ما وراء المشهود.. وهم من عرفوا فيما بعد بما يسمى فلاسفة ماديون.
والخلط الذي حصل في تقييم مسالة الروحي والمادي، هو أننا اعتبرنا منذ قرون بأن ذلك الموقف السياسوي المشبوه موقفا روحيا.. والموقف الإنساني الطبيعي موقفا ماديا. وهذا أكبر خطأ مفاهيمي يرسم بالتقادم على الإطلاق.
الذي يقفز على العقل، ويذهب مرتاحا ومتحللا من عنت التفكير – والتفكير عكس التفّكر، عملية روحية بامتياز- إلى هوامات غير مرئية للمحسوس ولا معللة للعقل، منطلقا منها في إسقاط كوارثها على قسر واقعنا وتطويعه ورده في النهاية إلى دورة دم وغنم ونهم، كيف نعتبره سمى بنفسه إلى علياء الروح وخرج من وحل المادة؟؟؟

أين الروح في تعطيل الجانب العقلي في الإنسان وتجميده، وإسناد وظيفته إلى ألواح ونصوص قذفت بها إلى الأرض هوامات ما أسموه عالم ما وراء الطبيعة؟
أين الروح في احتكار التشريع للناس وإيقاف سنن انعتاق العقل بشكل طبيعي تدرجي نحو رشده؟
أين الروح في احتكار حقائق زائفة للطبيعة -وما يسمى تدليسا ما وراء الطبيعة- والكون والحياة وأصل الحياة وترهيب الناس بها؟

كيف أمكن لموقف سياسوي انتهازي "غفاري" مصلحي أناني آني، انحاز آنئذ إلى هكذا تعليمات أن يوصف بأنه سلوكا روحيا؟
أو كيف أمكن لموقف ساذج لكنه طماع، بريء لكنه مغفل، محب للخير لكنه عاجز، ارتمى في سراب هكذا تعليمات أن يوصف بأنه سلوكا روحيا؟
والحال أن صاحب الموقف الأول يحتاج إلى حجر وسجن.. أما صاحب الموقف الثاني فيحتاج إلى إسعاف ومصحة نفسية.
لعل التقسيم المعتمد في المدارس الكلاسيكية – التي كيفما كانت لم تتخلص تماما من ثنائية ديانات التوحيد في تصور الوجود- لعالم الروحانيات، وهو جميع ما قالوا بأنه وراء الطبيعة وعالم الماديات وهو جميع ما قام بها، وكون الديانات أقصت وأخفت مصادرها في عالم ما وراء الطبيعة هذا، هو الذي كان وراء هذا اللبس المفاهيمي.

وهذا ما جنيناه من تسييس البحث الأنطولوجي...

قد يقفز إلى ذهن القارئ استفهام منطقي، وهو أن هذه الثنائية عفا عليها الزمن منذ أن تطورت الأبحاث بفيزياء الكم..
هذا جميل.. وهي نظرية تؤول إلى صالح الإنسان.. ولكن المكر الديني يحاول عبثا جرها ولوي عنقها إلى صالحه.
أقول، عبثا.. وفي غير ما كبير جدوى.. لأن المشهود كان و لا يزال في عرف الإنسان وعلومه المحصلة بشكل طبيعي، أمرا نسبيا.. فلا تمثل له نظرية الكم مشكلة، وإنما هي تقدم في الفهم وتطور في الإدراك.. ثم لا تعدو بعد ذلك مسائلها التفصيلية أن تكون منتظمة هي بدورها – بالنسبة لمراصد البحث العلمي- بعالم المشهود.. لا يثلم في ذلك طول انتظار، ما دام الإدراك العقلي والتوصيف المنطقي للمسألة على الأقل، تم ضبطه.
فالجميل هنا، بداهة القاعدة: مدرك وغير مدرك بعد.
على خلاف اللا مشهود الذي كان و لا يزال في عرف الأديان و "علومها" المحصلة بشكل غيبي مشبوه، أمرا قطعيا.. وبهذا فإن النظرية تمثل له مشكلة.. ففضلا عن مسالة القطع بعدد الحوت بالبحر، تبرز لدى الدين على حين غرة، صخرة نسبية اللا مشهود المنتظم في مجال واحد مع المشهود.. لا يفصل بينهما طبيعة وجودية.. ولكن الذي يفصل بينهما هو قصور إدراكي نسبي مؤقت - ولو دام عصورا- ليس إلا، يتعلق بفهم الإنسان للوجود وليس بواقع الوجود نفسه.
والقبيح هنا، فجاجة القاعدة: مدرك و "لن" يُدرك.

وليكن..، هذا الذي لن يُدرك..
من الذي يقول ذلك؟ لعل أحدنا أدركه، ثم جاء يُكذب نفسه بقوله لن يُدرك... (دجل)
وما هي مصلحته؟ لعل العالَم نفض يده من العالَم، ثم ذهب يبحث عن شيء لا يُعرف ولا يُدرك... (غباء)
وما الهدف منه؟ لعل أحدنا أراد أن يُسير مدركاتنا بمُدرك عن غير مُدرك.. (من أين جئت بالبضاعة إذن؟)

فلا مشكلة للإنسان إذن مع ما يمكن "تخيله" غيرَ مُدرك.. وإنما يبدأ الدوار عندما تبدأ بعض التمويلات في التدفق داخل القطر من الخارج.. ومن أرصدة مجهولة.. فإذا ما ضُبط المشبوهون، قالوا لمصالح التحقيق: لن يمكنكم معرفة أصول هذه التمويلات، لأنها جاءتنا من جهات خارج مجال المراقبة القطرية في بلدانها، وخارج مجال المراقبة الدولية أيضا.. فهي ليست فوق القانون فقط، ولكنها أيضا، " تغيب " عن القانون!!
فإذا ما سألتهم المصالح عمّاذا عساهم فاعلين بهذه البضاعة، أجابوا:

"سوف نصنع بها القانون" !!...

هذا الثعلب من ذاك الثعلوب...وهنا لا حيلة لي في عدم إغفال حقيقة كون المحتالين بالقانون الذين ننعتهم اليوم بالبعد عن الدين، وب " أولاد الحرام "، يُعتبرون امتدادا طبيعيا لجوهر الدين. وسلوكهم من صميم الدين وحقيقته.

من كتاب: حقوق العصر... طبعة 2016.



#أحمد_التاوتي (هاشتاغ)      


ترجم الموضوع إلى لغات أخرى - Translate the topic into other languages



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- بين الدّين والتديّن
- ما جنيناه من تسييس البحث الأنطولوجي
- محنة الشعر العربي مع الحرب الأخيرة
- حوار مع صديقي الشات (ج ب ت)
- من القديم الراهن 3
- من القديم الراهن 2
- من القديم الراهن 1
- المكر الأزلي
- عبور الجزائر.. محاذير في الطريق.
- تحدي الساعة
- خصائص العبور الجزائري الجديد و كيف نحافظ عليه
- المثقف العربي بين النظام و بين بنية النظام
- حقوق العصر.. تحقيقات في جريمة ازدراء العقل و معاداة الإنسان
- علاقة داعش بالخلافة الأمريكية
- تسامح الجزائر مع اكتساح النشاط الطقوسي/السياسي للمجال العام
- سؤال عن مستقبل الثقافة في الجزائر
- مصر تصحح مسار الربيع
- الإلحاد و الإسلام
- هوس الإعجاز عند المسلمين
- لعنة الاستراتيجيا


المزيد.....




- 74 مستعمرا يقتحمون المسجد الأقصى
- باريس تحاكم ثلاث جهاديات بتهمة الانتماء إلى تنظيم -الدولة ال ...
- قمة عربية-إسلامية في الدوحة : ما المانع من تفعيل ناتو عربي ل ...
- بزشكيان: على الدول الإسلامية الحفاظ على وحدتها في مواجهة الك ...
- الرئيس الإيراني يحث الدول الإسلامية على قطع العلاقات مع إسرا ...
- الدول الإسلامية تملك مفاتيح الاقتصاد العالمي.. فهل توحد جهود ...
- رئيس إيران يحث الدول الإسلامية على قطع العلاقات مع إسرائيل
- روي كاساغراندا: هكذا أنقذت الحضارة الإسلامية المعرفة وشكلت ا ...
- ما مدى فعالية الإجراءات العربية والإسلامية في مواجهة التمادي ...
- القمة العربية الإسلامية الطارئة تنطلق في الدوحة اليوم


المزيد.....

- القرآن عمل جماعي مِن كلام العرب ... وجذوره في تراث الشرق الق ... / مُؤْمِن عقلاني حر مستقل
- علي قتل فاطمة الزهراء , جريمة في يترب / حسين العراقي
- المثقف العربي بين النظام و بنية النظام / أحمد التاوتي
- السلطة والاستغلال السياسى للدين / سعيد العليمى
- نشأة الديانات الابراهيمية -قراءة عقلانية / د. لبيب سلطان
- شهداء الحرف والكلمة في الإسلام / المستنير الحازمي
- مأساة العرب: من حزب البعث العربي إلى حزب الله الإسلامي / حميد زناز
- العنف والحرية في الإسلام / محمد الهلالي وحنان قصبي
- هذه حياة لا تليق بالبشر .. تحرروا / محمد حسين يونس
- المرحومة نهى محمود سالم: لماذا خلعت الحجاب؟ لأنه لا يوجد جبر ... / سامي الذيب


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - أحمد التاوتي - الديانات العبرانية أوّل من أدخل الأيدولوجيا الماديّة الصّرفة على الفكر البشري. 1