أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الطبيعة, التلوث , وحماية البيئة ونشاط حركات الخضر - عبد الكريم حسن سلومي - أسباب أزمة المياه في العراق وخطط مواجهتها















المزيد.....


أسباب أزمة المياه في العراق وخطط مواجهتها


عبد الكريم حسن سلومي

الحوار المتمدن-العدد: 8465 - 2025 / 9 / 14 - 23:33
المحور: الطبيعة, التلوث , وحماية البيئة ونشاط حركات الخضر
    


لو اردنا ان نسأل وبحيادية ماهي الاسباب الحقيقية لازمة المياه في العراق فالجواب الحقيقي والمنطقي من اغلب المختصين الحقيقيين بالشأن المائي لكان الجواب هو
إن أزمة المياه في العراق هي قضية معقدة ومتعددة الأبعاد ومترابطة وليس هناك سبب واحد بل مجموعة من العوامل المترابطة التي تفاقمت على مر السنين وسببت الازمة
وان الاسباب الحقيقية والمنطقية هي
أولاً: أسباب خارجية (إقليمية) – وهذه تقع خارج سيطرة العراق المباشرة
1. سياسات الدول المتشاركة (تركيا وإيران وسوريا) هذا هو العامل الأكثر تأثيراً والاخطر كواقع حقيقي ومن حقائقها
• السدود التركية العملاقة على دجلة والفرات: ويمثلها على الارض كواقع منفذ هو مشروع GAP الكاب وهو مشروع جنوب شرق الأناضول الضخم في تركيا والذي يشمل بناء 22 سداً و19 محطة كهرومائية حجز كميات هائلة من المياه التي كانت تتدفق إلى العراق فمثلا سد أتاتورك فقط خزن حجم ماء يعادل نصف الحصة السنوية للعراق من نهر الفرات.
• تحويل مجاري الأنهار من إيران: قامت إيران ببناء العشرات من السدود والقنوات على الأنهار التي كانت تصب في العراق (مثل الكارون والكرخة والوند والزاب الصغير)، محولة إياها إلى الداخل الإيراني اضافة لعشرات الانهر الموسمية وأدى هذا إلى جفاف العديد من الأنهار والأهوار في جنوب وشرق العراق.
• سوريا :-بالحقيقة ان سوريا الشقيقة لا تتجاوز على حصة العراق المائية لكنها كواقع تساهم بتلويث حصة العراق بالمياه الغير نقية وتحسبها من حصة العراق المطلقة من تركيا.
2. التغير المناخي العالمي: أثر التغير المناخي على كامل منطقة الشرق الأوسط، مما أدى الى
• انخفاض معدلات هطول الأمطار والثلوج في منابع الأنهار في تركيا وإيران.
• زيادة عدد وشدة موجات الجفاف.
• ارتفاع درجات الحرارة وزيادة نسبة التبخر.

ثانياً: أسباب داخلية - إدارة وسياسات داخل العراق
هذه الأسباب لا تقل خطورة عن الخارجية لأنها تمثل فشلا كبيرا في التعامل مع المشكلة.
1. سوء إدارة الموارد المائية وإهدارها:
• الزراعة التقليدية غير الفعالة: يعتمد القطاع الزراعي (الذي يستهلك أكثر من 85% من موارد العراق المائية على طرق ري قديمة تهدر المياه بكثرة وهي الري بالغمر بدلا من التقنيات الحديثة (الري بالتنقيط والرش)
• زراعة محاصيل شرهة للماء: مثل القمح والأرز في مناطق غير صالحة مناخيا لزراعتها مما يستنزف كميات كبيرة من المخزون المائي.
2-تدهور البنية التحتية:
• السدود والخزانات: تحتاج إلى صيانة وتحديث فالعديد من منشآت العراق المائية والمشاريع تعود إلى عقود مضت.
• شبكات المياه والصرف الصحي: اغلبها قديمة ومهترئة مما يؤدي إلى هدر ما يصل إلى 50% من مياه الشرب بسبب التسرب.
3-الفساد المالي والإداري:
• تحويل ميزانيات مشاريع إدارة المياه والري إلى قنوات فاسدة مما يحرم البلاد من تطوير بنيتها التحتية.
• عدم تطبيق القوانين على المتجاوزين على الأنهر والمجاري المائية والاستيلاء على الأراضي وبناء منشآت مخالفة تعيق الجريان والصيانة ومنها . وكمثال على حجم التجاوزات هي اكتشاف عشرات الاف بحيرات الأسماك واقفاص الاسماك التي تعوم داخل مجرى النهر وسببت تلوث كبير
• 4-عدم وجود سياسة مائية واستراتيجية واضحة:
• فشل الحكومات المتعاقبة في وضع خطة وطنية شاملة واستراتيجية طويلة الأمد لإدارة الأزمة.
• ضعف الموقف التفاوضي مع دول الجوار وانعدامه بالحقيقة، فتركيا وإيران تتفاوضان من موقع القوة بينما يدخل العراق المفاوضات وهو ضعيف ومقسم داخليا (خضوع المؤسسات العراقية للمحاصصة مما يقضي على معايير الكفاءة في اختيار المسؤولين ومن ضمنهم أعضاء وفود التفاوض
5-الزيادة السكانية والتحضر:
• زيادة عدد السكان تزيد من الطلب على مياه الشرب و الزراعة والصناعة.
• التوسع العمراني على حساب الأراضي الزراعية والمسطحات المائية يزيد من الضغط على الموارد المحدودة.
6-التلوث البيئي:
• إلقاء مياه الصرف الصحي والصناعي غير المعالج في الأنهار ومصادر المياه الاخرى مما يجعلها غير صالحة للشرب أو حتى للزراعة في بعض المناطق.
• تملح مياه شط العرب بسبب انخفاض منسوب وكميات المياه العذبة القادمة من دجلة والفرات وتوقفها من الكارون مما سمح لمياه الخليج المالحة بالتوغل داخله.

فخلاصة القول والجواب الحقيقي لأسباب ازمة العراق المائية هو ان هذه الأزمة هي جاءت نتيجة تراكمية لمزيج خطير من العوامل الخارجية (سياسات الجوار المنحازة لاحتياجاتها بالإضافة الى التغير المناخي) والعوامل الداخلية (سوء الإدارة والفساد والهدر وغياب الاستراتيجية الحقيقية لإدارة المياه بكفاءة). وببساطة العراق لم يعد يصلح تسميته بلاد الرافدين بالمعنى التاريخي بسبب حجب المياه من جيرانه وفي نفس الوقت فشل في إدارة الكمية القليلة التي تصل إليه بشكل فعال وعادل مما حول الأزمة إلى كارثة إنسانية وبيئية تهدد الاستقرار الاجتماعي والاقتصادي في البلاد.
وان الحل لهذه الازمة لا يكمن لن يكون في جانب واحد فقط فهو يتطلب ضغطا دبلوماسيا وإقليميا ودوليا فعالا للتفاوض على حصص مائية عادلة مع التحرك بالتوازي بإصلاح جذري داخلي في طرق إدارة المياه ومحاربة الفساد واعتماد التقنيات الحديثة في الزراعة والري.
لكن يجب ان لا نغفل نحن كمختصين عن ان الاسباب الاخطر والاولى في ازمة العراق المائية وبلا شك هو العامل الخارجي وتحديدا سياسات الدول المتشاركة (تركيا وإيران) في حجز وتحويل مياه الأنهار المغذية للعراق.

لماذا يعتبر العامل الخارجي هو السبب الأخطر

1. لأنه يتحكم ويقلل مصدر الحياة وهو الماء فالعراق بلد يعتمد اعتمادا شبه كلي على مياه الأنهار القادمة من الخارج (أكثر من 90%) ولكن سياسات الجوار تقطع شريان الحياة هذا من منبعه وعند ذاك لا تهم كفاءة إدارتك للموارد إذا كانت الكمية الأساسية المتوفرة لديك لا تكفي حتى الحد الأدنى من الاحتياجات فعندما تكون الكمية قليلة ستتعقد وتصعب الادارة وتحدث مشاكل كبيرة من جراء ذلك.
2. العامل الخارجي هو خارج السيطرة المباشرة للعراق العراق يمكنه معالجة أسباب سوء الإدارة والفساد والبنية التحتية إذا وجدت الإرادة السياسية (وهذا تحدي كبير بحد ذاته ونحن لا ننكر ذلك ). لكنه لا يستطيع إجبار تركيا أو إيران على إطلاق الماء. هذا يجعل العراق رهينة لقرارات دول أخرى تضع مصالحها القومية (الزراعة، الطاقة، التنمية) فوق حاجاته الحيوية.
3. العامل الخارجي عامل مضاعف لكل المشاكل الداخلية سياسات الجوار لا تسبب أزمة المياه بل تعمل على تضخيم وتهويل كل الأزمات الداخلية الأخرى:
• انتشار الفساد وسوء الإدارة: عندما تكون المياه وفيرة، يكون هدر 50% منها بسبب سوء الإدارة مشكلة كبيرة وتكون المياه شحيحة ويصبح الهدر كارثة تهدد بزعزعة الاستقرار الاجتماعي.
• الزراعة: انخفاض الإيراد المائي يجعل من المستحيل الاستمرار في الزراعة بكفاءة حتى لو استخدم المزارع أحدث تقنيات الري لأنه ببساطة لا يوجد ماء ليروي به.
• التلوث: انخفاض منسوب المياه يجعل التركيز النسبي للملوثات (الصرف الصحي والصناعي) أعلى بكثير مما كان يساهم المصدر بالتنقية الذاتية فقديما كانت الواردات المائية كبيره وتستطيع معالجة الملوثات ذاتيا وتخفف وتنقي من التلوث.
4. 4- العامل الخارجي يقوض أي حل أو استراتيجية مستقبلية أي خطة عراقية طويلة الأمد لإدارة المياه (مثل تحديث أنظمة الري و بناء سدود جديدة وتطوير البنى التحتية وتنويع المحاصيل) كل ذلك مشروطة بوجود حد أدنى مستقر ومضمون من الإيراد المائي وان عدم ضمان هذا الإيراد من المصادر الخارجية يجعل أي تخطيط مستقبلي غير مستقر ومهدد بالفشل.

لماذا لا يعتبر (سوء الإدارة والفساد) هو العامل الأول المسبب للأزمة
هذا السبب هو السبب المساعد والمعزز للأزمة والذي زادها تعقيدا وليس هو المسبب الرئيسي لها فلو كانت أنهار دجلة والفرات تتدفق بغزارة كما في السابق لكانت مشاكل الفساد وسوء الإدارة تؤدي إلى هدر كبير فقط ولكن لن تصل إلى حد لتصل لأزمة وجود كما هي اليوم نعم ان الفساد وسوء الإدارة يعقدان الازمة و لكن قطع الماء من المنبع هو من اوجد وسبب الازمة نفسها.

وخلاصة القول والحقيقة هو ان السبب الأول والأخطر لازمة مياه العراق هو العامل الخارجي (سياسات تركيا وإيران في حجز وتحويل المياه) لأن ذلك ادى
1. لتقليل المياه من المصدر الأساسي لها .
2. السبب يقع خارج عن سيطرة العراق المباشرة.
3. هذا السبب ادى الى تضخم كل المشاكل الداخلية ويجعلها أكثر كارثية.
4. هذا السبب يقوض أي حلول مستقبلية.
بدون معالجة هذه القضية عبر الدبلوماسية والضغط الدولي ستبقى أي حلول داخلية ترقيعية وغير كافية لمواجهة حجم الكارثة.
وان سبب سوء الادارة داخليا تسلسله يأتي ثانيا في اسباب الازمة
ولابد لنا من توضيح أن سوء الإدارة الداخلية هو سبب جوهري (وربما ثانوي من حيث الترتيب ولكن لا يقل خطورة في التفاقم) وهذا السبب يحتاج إلى تحليل دقيق. يمكن توضيحه كما يلي

لماذا يعتبر سوء إدارة المياه الداخلي ثاني سبب رئيسي بالأزمة:
لو أن كمية المياه التي تصل إلى العراق أصبحت ثابتة ومحدودة بسبب سدود الجوار لكن سوء الإدارة تعني أن العراق يفشل في التعامل مع الكمية المتاحة له بكفاءة. لذلك فأن التسلسل المنطقي لتفاقم الأزمة يعود
1. السبب الجذري والرئيسي (خارجي): - وهو سياسات الدول المتشاركة (تركيا وإيران) التي تتحكم وتقلل الإيراد المائي الواصل للعراق.
2. (داخلي إداري):- وهو عدم وجود خطة طوارئ أو استراتيجية وطنية موحدة للتكيف مع شح المياه. ومن مظاهر سوء الإدارة:
(أ): التوزيع العشوائي وغير العادل للماء بين المحافظات والقطاعات حيث
o يتم توجيه المياه بشكل غير متساو وحسب الحاجة الفعلية بين المحافظات مما يخلق صراعات داخلية. محافظة ما قد تحصل على حصة كبيرة بينما تجف محافظة مجاورة.
o غياب التخطيط المركزي الفعال يؤدي إلى الفوضى في توزيع الحصص.
(ب): ومن مظاهر سوء الادارة هو إهدار كمية كبيرة بسبب البنية التحتية المتدهورة.
o شبكات المياه للشرب والري قديمة ومهترئة. ما يقارب 50% من مياه الشرب النظيفة تضيع بسبب التسرب في الأنابيب قبل أن تصل إلى البيوت.
o طرق الري في الزراعة بدائية (الغمر) مما يهدر كميات هائلة من الماء ويسبب التملح.
(ج):-ومن مظاهر سوء الإدارة هو الفساد المالي والإداري.
o تحويل ميزانيات مشاريع إصلاح البنية التحتية للمياه (تبطين الجداول والقنوات و الأنهار مع إصلاح الأنابيب وبناء بناء محطات تنقية وغيرها ) لتذهب إلى جيوب الفاسدين.
o السماح للمتنفذين وملاك الأراضي الكبار بالتعدي على الأنهر وبناء منشآت مخالفة تعيق مجرى الماء أو تحوله لصالحهم الخاص على حساب المصلحة العامة.

ونتيجة لهذه المظاهر من سوء الادارة أدى الى تفاقم الأزمة إلى مستوى كارثي حيث ستكون
o الكمية القليلة التي تصل من الجوار تهدر ولا توزع بعدل وهذا يضاعف من تأثير شحة المياه .
o يؤدي هذا إلى انعدام الثقة بين المحافظات وبين المواطن والحكومة وتحول الأزمة من أزمة بيئية إلى أزمة اجتماعية وسياسية تهدد الاستقرار كما حصل في البصرة وغيرها.
لذلك نقول ان سوء الإدارة الداخلية هو السبب المضاعف وهو ليس من أوجد الأزمة في بدايتها لكنه هو من حولها من أزمة يمكن احتواؤها إلى كارثة شاملة.

التغير المناخي وتسلسل موقعه لا سباب ازمة المياه
لابد لنا ان نعرف واقعيا اين يقع تسلسل التغير المناخي في مسببات أزمة المياه بالعراق وهل هو الاخطر ام الاسباب هي الاول والثاني بالدرجة الأولى.
ان التغير المناخي ليس سبب منفصل لوحده او سبب بسيط لكن ـ وبصراحة تامة من مختص ـ يعتبر تغير المناخ مضاعِف ومحفز كبير حيث يزيد من حدة جميع الأسباب الأخرى ويسرع من وصول الأزمة إلى نقطة الانهيار.
فتغير المناخ صراحة لا يمكن وضعه في تسلسل خطي (أولا او ثانيا او ثالثا) لأنه يتخلل كل العوامل الأخرى ويضاعف تأثير العامل الخارجي لسياسات دول الجوار
1-حتى لو أرادت تركيا وإيران إطلاق كميات أكثر من الماء، فإن انحسار هطول الأمطار والثلوج في جبال طوروس وزاغروس بسبب التغير المناخي يعني أن مخزونهم المائي نفسه قد انخفض وهم يتعاملون مع الشح في المصدر مما يدفعهم للاحتفاظ بكميات أكبر ويقلل من القدرة على التفاوض على حصص مائية أكبر للعراق.
2-يكشف ويفاقم سوء الإدارة الداخلية:
o عندما كانت المياه وفيرة كان بإمكان النظام الإداري الفاسد وغير الكفء اخفاء كل عيوبه وسوء ادارته فالتغير المناخي بجعله الموارد أكثر ندرة فكشف هذه العيوب وجعل عواقبها مميتة.
o الطلب المتزايد مع ارتفاع درجات الحرارة (التي هي نتيجة مباشرة للتغير المناخي) تزداد حاجة المحاصيل والحيوانات للماء ويزداد تبخر الماء من الخزانات والأنهار مما يؤدي لضغط كبير على نظام إدارة المياه .
3-يخلق مناخ حاد
o موجات الجفاف المتتالية والممتدة.
o العواصف الترابية المتكررة بسبب تجفيف الأراضي.
o ارتفاع مستوى سطح البحر الذي يهدد بغرق وتملح اراضي ضفتي شط العرب.

لذلك لا يمكن اعتبار التغير المناخي هو السبب الاخطر لكن ممكن اعتباره هو الذي عجل بظهور الازمة، فبدون التغير المناخي لكانت أزمة المياه أزمة إدارة وسياسات يمكن التعامل معها لكن بوجود التغير المناخي أصبحت كارثة إنسانية وبيئية سريعة التدهور تتطلب حلولا استثنائية.

التلوث من اسباب ازمة المياه بالعراق
التلوث حلقة متقدمة ومعقدة في سلسلة أسباب أزمة المياه في العراق وله دور مدمر لأنه يحول أزمة كمية المياه إلى أزمة نوعية تهدد الصحة العامة والبيئة مباشرة.
يعتبر التلوث حلقة متقدمة من حلقات الأزمة ودوره كما يلي
1. المرحلة الأساسية الاولى : انخفاض كمية الإيراد المائي
o بسبب سياسات الدول المتشاركة (تركيا وإيران) + التغير المناخي.
o انخفاض منسوب المياه في أنهار دجلة والفراتوروافدهما.
2. المرحلة الثانية هو تركيز الملوثات
o علميا المياه الوفيرة كانت تقوم بتخفيف الملوثات (مياه الصرف الصحي، الصناعي، الزراعي) وتقلل من تركيزها إلى مستويات أقل ضرر .
o ما يحدث الآن وبسبب انخفاض كمية المياه الجارية بدأ يرتفع تركيز كمية الملوثات بشكل كبير مما يجعلها سامة وخطيرة.
3. المرحلة الثالثة: مصادر التلوث
o مياه الصرف الصحي غير المعالجة: يتم ضخ أكثر من 70% من مياه الصرف الصحي في المدن العراقية مباشرة إلى الأنهار دون معالجة كافية بسبب تدهور المحطات وتهالكها .
o المخلفات الصناعية: المصانع والمعامل (وخاصة تلك القريبة من الأنهار) تلقى بمخلفاتها الكيميائية والسامة مباشرة في المجاري المائية.
o المخلفات الزراعية: تسرب المبيدات الحشرية والأسمدة الكيميائية من الأراضي الزراعية إلى الأنهار مسببة نمو الطحالب الضارة التي تستهلك الأكسجين
o النفايات الصلبة: إلقاء القمامة والنفايات مباشرة في مجاري الأنهار.
4. المرحلة الرابعة وهي الكارثة
حيث تتدهور جودة المياه وانهيار وظيفتها
o فتحول الماء من مصدر للحياة إلى مصدر للأمراض والموت وأصبحت مياه الأنهر في الكثير من المناطق غير صالحة للشرب وحتى غير صالحة للسباحة أو الاستحمام بسبب الأمراض الجلدية والهضمية.
o تأثير على الزراعة: تملح التربة وتلف المحاصيل عند استخدام مياه ملوثة في الري.
o تأثير على الثروة السمكية: نفوق الأسماك بسبب انخفاض الأكسجين وارتفاع نسبة الملوثات في الماء، مما يدمر مصدر رزق الكثير من العائلات.
o تملح مياه شط العرب: انخفاض إيراد المياه العذبة من دجلة والفرات ادى لجعل مياه الخليج العربي المالحة الى التغلغل لمسافات بعيدة داخل نهر شط العرب مما دمر الزراعة ومصدر مياه الشرب في البصرة وجعلها ازمة مياه خطيرة بالبصرة.

دور التلوث في الأزمة
دور التلوث يمكن تلخيصه في النقاط التالية
1. يحول الأزمة من أزمة شحة إلى أزمة تسمم
أي انه حتى إذا وصلت كمية قليلة من الماء إلى منطقة ما فإن تلوثها يجعلها عديمة الفائدة بل ضارة يعني ذلك أن الحصة المائية رغم قلتها أصبحت سامة.
2. يضاعف التكاليف الاقتصادية والبشرية:
• يحتاج علاج المياه الملوثة إلى محطات تنقية وتصفية متطورة وهذه باهظة الاثمان.
• يزيد من الأمراض والوفيات بين السكان مما يثقل كاهل النظام الصحي.
• يدمر القطاع الزراعي والسمكي مما يهدد الأمن الغذائي.
3. يخلق أزمات اجتماعية وصحية
• كانت احتجاجات البصرة في السنوات الماضية هي أفضل مثال على شدة الازمة حيث خرج آلاف المحتجين بسبب تلوث مياه الشرب وتملحها الذي جعلها مصدر خطر للأمراض والتسمم.
• يخلق نزاعات بين المحافظات على توزيع مصادر المياه النقية القليلة.

ماهي سبل مواجهة ازمة المياه بالعراق والخطوات العملية لمواجهتها
مواجهة أزمة المياه في العراق تتطلب خطة استراتيجية شاملة ومتعددة المستويات والمحاور تعالج الأسباب الخارجية والداخلية على حد سواء ومترابطة بين الحلول الطارئة قصيرة المدى والاستراتيجية طويلة المدى. ومن محاور الخطة العملية لمواجهتها
أولاً: على المستوى الدبلوماسي والإقليمي لمواجهة العامل الخارجي
1. تفعيل الدبلوماسية المائية بشكل جاد:
• إعادة تفعيل مفاوضات ثلاثية (العراق، تركيا، سوريا) وأخرى ثنائية (العراق، إيران) على مستوى فني رفيع وليس على مستوى التصريحات السياسية فقط وزيارات سياحية لوفود لا تمتلك حتى ابسط خبرات التفاوض.
• اللجوء إلى الوساطات الدولية: يمكن جلب وساطة من دول مؤثرة أو منظمات دولية مثل الأمم المتحدة للضغط على الجوار للالتزام بالاتفاقيات الدولية المتعلقة بالمياه الدولية باعتماد اتفاقية هلسنكي 1966 مثلا.
• استخدام النفوذ الاقتصادي: العراق شريك اقتصادي مهم لتركيا وإيران يمكن استخدام ورقة الاستيراد والعلاقات التجارية كوسيلة ضغط غير مباشرة، ويعتبر هذا الامر من اهم وسائل القوة اليوم بسبب حجم الاستيراد العراقي من هذه الدولتين التي تعيش اليوم اكبر ازمات اقتصادية لها.
2. العمل على إبرام اتفاقيات واضحة وملزمة:
• السعي لتوقيع اتفاقيات جديدة تحدد حصة ثابتة وعادلة للعراق من المياه وليس مجرد اطلاقات مؤقته للمجاملات السياسية معتمدة على حالة المخزون في تركيا وإيران والذي يعتبر مخزون كبير يكفيها لسنوات عديدة بينما العراق اليوم لا يكفيه مخزونه حتى لموسم واحد وقد تعرضت مياه الشرب لأزمات خاصة في محافظات الجنوب لديه بسبب نقص المياه.
• يجب أن تتضمن هذه الاتفاقيات آلية للرصد والمراقبة المشتركة لمنابع الأنهار.
ثانياً: على المستوى الداخلي (إدارة الطلب )
هذا هو المجال الذي يمتلك العراق فيه سيطرة كاملة ويتطلب إرادة سياسية حقيقية.
1. يجب المباشرة فورا بثورة في القطاع الزراعي الذي هو أكبر مستهلك للماء
• حظر زراعة المحاصيل الشرهة للماء مثل الأرز والذرة الصفراء والقطن لسنوات عديدة وعدم زراعتها في مناطق غير مناسبة مناخيا واختيار مناطق مناسبة لزراعة مساحات صغيرة فقط للمحافظة على نقاوة البذور العراقية من هذه المحاصيل.
• الانتقال الإجباري من الري بالغمر إلى أنظمة الري الحديثة (التنقيط والرش( وهذا يتطلب منح قروض ميسرة للفلاحين ودعم أسعار هذه التقنيات.
• تشجيع زراعة محاصيل بديلة أقل استهلاكا للمياه ومربحة اقتصاديا.
2. إصلاح وتحديث البنية التحتية للمياه:
• إطلاق حملة وطنية عاجلة لإعادة تأهيل شبكات مياه الشرب والصرف الصحي القديمة لتقليل نسبة الهدر التي تصل إلى 50%.
• بناء محطات تحلية جديدة في المحافظات الجنوبية كالبصرة لمواجهة مشكلة تملح مياه شط العرب.
• تنظيف وتبطين القنوات والأنهار الرئيسية لمنع التسرب وتحسين كفاءة وصول الماء.
3. تحسين جودة المياه ومكافحة التلوث
• إلزام جميع المدن والمنشآت الصناعية بمعالجة مياه الصرف الصحي والصناعي قبل صرفها في الأنهار وفرض غرامات كبيرة على المخالفين.
• إعادة تأهيل محطات معالجة المياه القائمة وبناء محطات جديدة اكثر تطورا وطاقة.
4. التشريعات:
• إصدار قانون وطني للمياه يحدد بوضوح أولويات الاستخدام (الشرب أولا، ثم الزراعة، ثم الصناعة...) وآليات التوزيع العادلة بين المحافظات.
• مكافحة الفساد في المشاريع المائية ومحاسبة المتجاوزين على حوضي الأنهر.
• إنشاء هيئة وطنية مستقلة لإدارة المياه ذات صلاحيات واسعة لتخطيط وإدارة الموارد المائية بعيدا عن المحاصصة السياسية.

ثالثاً: على المستوى الاستراتيجي طويل المدى
1. اعتماد سياسة التكيف مع التغير المناخي:
• بناء سدود وخزانات جديدة لتخزين مياه الأمطار والسيول التي تهطل بشكل متقطع واحيانا سيول عارمة وخطيرة .
• الاستثمار الوطني في مجالات تنمية موارد المياه وادارتها.
2. زيادة الوعي المجتمعي:
• إطلاق حملات توعية وطنية حول ترشيد استهلاك المياه في المنازل والزراعة.
• إشراك المجتمع المحلي في إدارة المياه على مستوى المناطق والأحياء.
3. البحث والتطوير:
• أ-دعم مراكز الأبحاث العراقية للعمل على انتاج أصناف جديدة من البذور مقاومة للجفاف والملوحة.
• ب-الاستفادة من التجارب الدولية مثل تجربة سنغافورة في إدارة المياه وغيرها من الدول واستخدام التقنيات المناسبة للعراق.
كل هذه الامور تتطلب خطوات عملية وفوريه وان يتم التحرك فورا بالخطوات التالية:
1. تشكيل خلية أزمة: تشكيل غرفة عمليات مركزية برئاسة رئيس الوزراء تضم كل الوزارات المعنية (الموارد المائية، الزراعة، البيئة، الصحة، التخطيط والنفط والكهرباء والبلديات)
2. تقييم الواقع الحالي: عمل مسح دقيق وسريع للواقع المائي (كمية ونوعية) في كل محافظة.
3. خطة طوارئ للتوزيع: وضع خطة طارئة وعادلة لتوزيع المياه المتاحة على المحافظات والأحياء، مع اعطاء الأولوية لمياه الشرب.
4. بدء المشاريع سريعة التنفيذ: مثل إصلاح تسربات الشبكات الرئيسية وتنظيف مجاري الأنهار وتوزيع فلاتر المياه على المناطق الأكثر تضرر من التلوث.
وبدون هذه الخطة الشاملة ستبقى الحلول ترقيعية وسيستمر الوضع بالتدهور حتى يصبح العراق أمام كارثة إنسانية حقيقية لا تحمد عقباها.
المهندس الاستشاري
عبد الكريم حسن سلومي الربيعي
12-9-2025



#عبد_الكريم_حسن_سلومي (هاشتاغ)      


ترجم الموضوع إلى لغات أخرى - Translate the topic into other languages



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- محكمة المياه .. عامل مهم لمواجهة ازمات شحة المياه بالعراق
- أهمية تشكيل جمعيات مستخدمي المياه لمواجهة شحة وندرة المياه ب ...
- سبل مواجهة مستوى التلوث الخطير في البصرة
- الإدارة المتكاملة لموارد المياه .. قارب نجاة العراق من شحة ا ...
- قيمة للمياه اقتصاديه عادلة ستلعب دور كبير لحل مشكلة العراق ا ...
- دور بناء سدود حصاد المياه في العراق لتجاوز الشحة المائية
- المياه الجوفية ودورها المهم بتجاوز محنة الشحة والندرة للمياه ...
- دور وواجبات المجتمع العراقي والحكومة لتجاوز محنة الشحة والند ...
- هل ممكن مواجهة ندرة المياه والشحة بالعراق اليوم
- مياه العراق بين سرقة دول الجوار وسوء الادارة
- كيفية مواجهة تغير المناخ في العراق
- المياه الجوفية واهميتها لتجاوز محنة العراق المائية
- شحة المياه في العراق وسبل مواجهتها
- اسباب عطش العراق
- مشاريع الري التركية والإيرانية ودورها بتعطيش العراق
- مشاريع المياه والسدود بدول التشارك المائي ودورها بأزمة الميا ...
- الري الحديث ودوره بتجاوز شحة المياه في العراق
- ظاهرة الجفاف بالعراق وكيفية مواجهتها
- البصمة المائية ودورها بتجاوز محنة الشحة المائية في العراق
- ادارة المياه بالعراق ودورها بتجاوز الشحة


المزيد.....




- مونشنغلادباخ ينهار أمام بريمن في أسوأ بداية له بالدوري منذ 3 ...
- عاجل| صفارات الإنذار تدوي قرب مطار رامون الدولي شمال إيلات إ ...
- آخرها برج -الكوثر-.. الاحتلال يواصل تدمير أبراج غزة وعماراته ...
- شاهد.. احتجاجات إسبانية على مشاركة إسرائيل تلغي سباقا عالميا ...
- انقسام في مواقف الفرقاء السودانيين بشأن خطة -الرباعية- لإنها ...
- أمل في -ناتو عربي- وخوف من -ولادة ميتة-، قمة الدوحة وذكرى ال ...
- ألمانيا.. قفزة كبيرة للشعبويين في انتخابات ولاية شمال الراين ...
- نهائي مثير .. ألمانيا بطلة أوروبا للسلة بعد الفوز على تركيا ...
- قفزة لليمين المتطرف في انتخابات محلية غرب ألمانيا
- طائرة نتنياهو ستسلك طريقا أطول لنيويورك خشية اعتقاله


المزيد.....

- ‫-;-وقود الهيدروجين: لا تساعدك مجموعة تعزيز وقود الهيدر ... / هيثم الفقى
- la cigogne blanche de la ville des marguerites / جدو جبريل
- قبل فوات الأوان - النداء الأخير قبل دخول الكارثة البيئية الك ... / مصعب قاسم عزاوي
- نحن والطاقة النووية - 1 / محمد منير مجاهد
- ظاهرةالاحتباس الحراري و-الحق في الماء / حسن العمراوي
- التغيرات المناخية العالمية وتأثيراتها على السكان في مصر / خالد السيد حسن
- انذار بالكارثة ما العمل في مواجهة التدمير الارادي لوحدة الان ... / عبد السلام أديب
- الجغرافية العامة لمصر / محمد عادل زكى
- تقييم عقود التراخيص ومدى تأثيرها على المجتمعات المحلية / حمزة الجواهري
- الملامح المميزة لمشاكل البيئة في عالمنا المعاصر مع نظرة على ... / هاشم نعمة


المزيد.....

الصفحة الرئيسية - الطبيعة, التلوث , وحماية البيئة ونشاط حركات الخضر - عبد الكريم حسن سلومي - أسباب أزمة المياه في العراق وخطط مواجهتها