أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الطبيعة, التلوث , وحماية البيئة ونشاط حركات الخضر - عبد الكريم حسن سلومي - قيمة للمياه اقتصاديه عادلة ستلعب دور كبير لحل مشكلة العراق المائية















المزيد.....


قيمة للمياه اقتصاديه عادلة ستلعب دور كبير لحل مشكلة العراق المائية


عبد الكريم حسن سلومي

الحوار المتمدن-العدد: 8459 - 2025 / 9 / 8 - 14:28
المحور: الطبيعة, التلوث , وحماية البيئة ونشاط حركات الخضر
    


ملاحظة:-قد اتلقى انا سيل من الهجومات على هذه الدراسة لكن اتمنى ممن يقرأها ان يتفهم للغاية النبيلة والبعد للأمن الوطني المائي فيها وان يفكر بعين الامن الوطني للبلاد ويترك حساباته ومصالحه الشخصية والله من وراء القصد
مقدمه :-
لطالما سألت نفسي ويسألني الكثير من المجتمع والمختصين هل ممكن ان يكون لقيمة المياه الاقتصادية وتسعيرها دور في حل شحة وندرة المياه بالعراق اليوم فأجيب بحكم عملي بهذا الميدان لعشرات السنين وبحكم كوني كمواطن اشاهد بعيني حجم الهدر والتجاوزات على مشاريع المياه فأقول انه من المؤكد سيكون لتسعيرة المياه بشكل يعكس قيمتها الاقتصادية الحقيقية دور كبير ومحوري في معالجة أزمة شح المياه في العراق ولكنه حل ذو حدين ويتطلب دراسات مستفيضة و تشريعا ت عادلة وتطبيق حذر على ان يراعى فيها الطبقات الفقيرة بالمجتمع .
كيف يمكن أن تساعد التسعيرة في حل الأزمة
1. ترشيد الاستهلاك بالزراعة :-مما يؤسف له ان الزراعة بالعراق عموما تستخدم الري بالغمر (الطريقة السائدة) وهذه الطريقة من اكثر الطرق هدر للمياه وبشكل هائل لأن الماء يجهز للفلاحين بشبه مجاني فعندما يدفع المزارع ثمنا (ولو رمزيا) للمياه التي يسحبها من الآبار أو من الأنهار يصبح لديه حافز اقتصادي قوي للتحول إلى تقنيات الري الحديثة (التنقيط، الرشاشات) لخفض فاتورة الماء مما يوفر كميات هائلة.
2. توفير موارد مالية لصيانة البنية التحتية لمشاريع المياه
الواقع الحالي بعموم البلاد ان شبكات المياه للأسالة ومشاريع الري في المدن العراقية قديمة ومتهالكة وواقعا هي تفقد كميات كبيرة من المياه عن طريق التسرب او الهدر (قد تصل إلى 50%) مع عدم وجود تخصيصات مالية كافية للصيانة بالغالب و بسبب عدم وجود إيرادات كافية لذلك يمكن أن تستخدم الإيرادات الناتجة عن بيع المياه مباشرة لصيانة وتطوير الشبكات وادامتها ولبناء محطات معالجة وتنفيذ مشاريع جديدة وهذا يساعد لتقليل الفاقد والاستهلاك ويحسن الكفاءة.
3. تشجيع دخول الاستثمار
عندما تصبح المياه ذات قيمة مالية يتشجع الاستثمار الوطني حصرا للدخول في هذا المجال ويسهل دخول تقنيات توفير المياه وإعادة التدوير و تحلية المياه (في المناطق المناسبة) ليصبح هذا الاستثمار مجدي ومربح من الناحية الاقتصادية سواء للمستثمر او للمستفيد الفلاح.
4. تغير الاستراتيجية الزراعية:
ستشجع التسعيرة الفلاحين على التخلي عن زراعة المحاصيل الشرهة للمياه (مثل الأرز والذرة الصفراء) والتي لم تعد مناسبة لمناخ العراق الجاف والتحول إلى محاصيل ذات قيمة مالية كبيرة واستهلاك أقل للمياه (كالنخيل وبعض أنواع الفواكه والخضروات)
المخاطر والتحديات الكبيرة
هنا يكمن جوهر المشكلة فالتطبيق العشوائي والغير مدروس بواقعية وحقيقه قد يكون كارثياً حيث ستكون هنالك عدة تحديات ومخاطر من تطبيق هذا المنهج ومنها
1. الآثار الاجتماعية على الفقراء
الماء حق أساسي من حقوق الإنسان. يجب أن تضمن الحكومات أن كل أسرة تحصل على حصة أساسية مجانية أو شبه مجانية لتغطية احتياجات الشرب والطبخ والنظافة الشخصية. أما الاستهلاك الترفيهي أو الزائد عن الحد (كملء المسابح، غسيل السيارات سقي الحدائق المنزلية وبشكل مفرط) فهو الذي يجب أن يثمن بسعر أعلى.
2. الآثار على المزارعين محدودي الدخل:
أ-إذا طُبق السعر على المياه الزراعية بشكل عام دون تمييز فقد يؤدي لإفلاس صغار المزارعين مما يزيد من البطالة والهجرة من الريف إلى المدينة ويهدد الأمن الغذائي.
ب-والحل هو يجب أن يكون هناك دعم مشروط كمثال دعم الماء للمزارع الصغير الذي يستخدم تقنيات الري الحديثة وفرض سعر أعلى على من يصر على استخدام الري بالغمر.
3. عدم العدالة في التطبيق:
إذا بدأت بعض المحافظات بالتسعير وغيرها لا أو إذا طبق على العامة ولم يطبق على كبار الملاك أو المستثمرين فسيزيد ذلك من الإحساس بالظلم وسيفشل النظام.
4. الفساد:
ان نظام التسعير المعقد يحتاج إلى أجهزة قياس وعدادات ورقابة صارمة في بيئة يعاني منها المواطن بسبب انتشا ر الفساد لذا فيمكن التلاعب بالعدادات أو الرشاوى مما يفقد السياسة هذه معناها.
مقترح للتسعير العادل والفعال في العراق:
1. التطبيق بالتدريج :- يمكن البدء بمناطق محددة أو قطاعات معينة (مثل القطاع الصناعي والفنادق الكبيرة) والمناطق السياحية ثم التوسع بعدها لشمول قطاعات اخرى .
2. تطبيق نظام الكميات :-حيث يطبق نظام يتعلق بالكميات المسحوبة من المياه ولحدود معينة فمثلا
أ-الفئة الأولى مثلا كمية محددة من الماء (مثلا تجهز بكمية محددة وثابة من المياه كل شهر للأسرة لتلبية حاجاته الحياتية المهمة ) تكون هذه الكمية اما مجانا او بسعر رمزي.
ب-الفئة الثانية يجهز المواطن بكمية إضافية لتغطية احتياجات أكثر بسعر أعلى قليلا .
ج-الفئة الثالثة تجهيز أي كمية تتجاوز الحد المعقول بسعر مرتفع يعكس القيمة الاقتصادية الحقيقية للماء وخاصة للقضايا الترفيهية وسقي الحدائق المنزلية .
3. تسعير المياه الزراعية
أ-ان يتم منح حصة مائية مجانية لكل دونم حسب نوع المحصول وطريقة الري المستخدمة (مثلا محصول قليل الاستهلاك المائي او استهلاك كبير وطرق الري المستخدمة لري كل محصول )
ب-فرض أسعار تصاعدية عالية على أي كمية تتجاوز هذه الحصة والتي تحدد وفق المقننات المائية لكل محصول ووفق الدورات الزراعية .
ج-تقديم الدعم عن طريق قروض ميسرة للمزارعين لاستخدام أنظمة الري الحديثة مقابل الحصول على حصة مائية بسعر مدعوم.
4. الواردات المالية :-
يجب ان تذهب هذه الإيرادات المالية مباشرة إلى صندوق خاص لغرض تمويل صيانة مشاريع المياه والصرف الصحي ويجب ان تكون حسابات هذا الصندوق شفافة وعلنية وخاضعة للمراقبة.
كيف يمكن تطبيق تسعيرة للمياه
في ظل الظروف الاقتصادية الصعبة والفقر الذي تعيشه فئات كثيرة من شعب العراق اليوم اضافة الا مأسي ضعف الخدمات بمجالات كثيرة اليوم فأم موضوع تسعيرة المياه وخدماتها ليست هي عملية تقنية وادارية فقط لكن هي بالأساس هي مسألة عدالة اجتماعية لأن أي تطبيق خاطئ وبيروقراطي سيزيد الاعباء على الفقراء وسيثير غضب المجتمع بينما لو نفذ نظام تسعيرة عادل و ذكي فقد يمكن أن يحقق الترشيد دون الإضرار بالفئات الفقيرة ومتوسطة الدخل لذلك لابد من معرفة المبادئ الأساسية للتطبيق العادل والمنصف للتسعيرة وفي الاول والاخير نحن لا نهدف من التسعيرة لجعل المياه سلعة بل لتساهم بتربية المواطن على الترشيد واحترام النعم التي يمنحنا الله اياها واهم المباديء التي يجب ان تستند عليها التسعيرة هي
1. الماء حق أساسي: يجب ضمان حصول كل أسرة على حد أدنى مجاني لتغطية احتياجاتها الأساسية من الشرب والطبخ والنظافة الشخصية و هذا حق غير قابل للمساومة
2. المسؤولية :- يجب ان تكون المسؤولية مع قدرة الانسان فمن يستهلك أكثر يدفع أكثر. من يهدر يدفع غرامة. الأثرياء والقطاعات التجارية (كالفنادق، صالات الأفراح، المسابح الخاصة) يجب أن يدفعوا سعر يعكس الندرة الحقيقية للماء.
3. الإيرادات: يجب أن تذهب أموال التسعيرة مباشرة لتحسين الخدمة المائية نفسها (صيانة الشبكات، بناء محطات التصفية)، حتى يرى الناس مقابل ما يدفعونه.
مراحل التطبيق العملي لمقترح التسعيرة
لقد تعود العراقيين على مبدأ شبه مجاني في تقديم اغلب الخدمات ومن ضمنها تجهيز المياه لكل مجالات الاستخدام لذلك لابد من ادخال نظام التسعيرة اليوم على شكل مراحل لتساهم التسعيرة بالحد من الهدر وأيضا ادامة البنى التحتية المتعلقة بالمياه
المرحلة الأولى:
هذه المرحلة يجب ان لا تتجاوز السنة الواحدة ويكون فيها واجب الحكومة
• تحسين الخدمة :-يجب أن تبدأ الحكومة بعمل واقعي ملموس في تحسين خدمة توصيل الماء وذلك بإصلاح الأنابيب المتهالكة في أي منطقة لتقليل الفاقد تحسين ضغط الماء.ليصل التجهيز لكل المناطق والاحياء باي منطقة بكل يسر فلا يجوز طلب دفع مقابل لخدمة سيئة أو غير موجودة.
• تركيب العدادات: البدء بمشروع قومي واسع لتركيب عدادات مائية ذكية في كل منزل وكل مرفق مع البدء بالمناطق الأقل فقرا والأكثر استهلاكا هذه الخطوة ضرورية لأي نظام تسعير عادل لأن هذه الطبقة الاجتماعية ستكون هي الاساس والمنطلق لتسعيرة عادلة للمياه
• حملة توعية شاملة: يجب قيادة حملة وطنية اعلامية شاملة لشرح الأزمة المائية بوضوح وشرح وافهام المواطن أن التسعيرة هو لتمويل تحسين الخدمة ومعاقبة الهدر وليس عقاب للفقراء.
المرحلة الثانية: نظام الفئات
حيث يطبق هذا النظام بعد تركيب العدادات وتحسين الخدمة في منطقة معينة ويقسم المستفيدون الى فئات
1-الفئة الأولى
وهي تمثل الحصة الإنسانية ويجب تحديد حجم الكمية المخصصة لهذه الفئة تكون
كافية لكل فرد (مثلاً 100لتر/يوم/فرد) أو لكل أسرة (مثلا10-15 م³ شهريا للأسرة المتوسطة). هذه الكمية مجانية تماما أو بسعر رمزي جداً (مثلا 250 دينار للمتر المكعب والهدف من هذا الاسلوب هو ضمان أن لا تؤثر التسعيرة على قدرة الفقير على تلبية احتياجاته الأساسية.
2-الفئة الثانية
وهي تمثل الاستهلاك المعقول حيث يعتمد كليا على الحجم المستهلك من المياه مثلا كمية إضافية معقولة (مثلا من 15 إلى 30 م³ شهريا)تكون بسعر متوسط (مثلا500 دينار للمتر المكعب) لتغطية جزء من تكلفة التشغيل.
3-الفئة الثالثة
الاستهلاك الكبير ويسمى الاستهلاك الترفيهي احيانا أي يكون الاستهلاك فوق الحد المعقول (أكثر من 30 م³ شهرياً) عند ذلك يجب ان يكون السعر مرتفع (مثلاً 1000 دينار للمتر المكعب) ليعكس ويمثل القيمة الاقتصادية الحقيقية للماء ويقلل الهدر.
المرحلة الثالثة: طرق حماية الفقراء والفئات الضعيفة والمتوسطة
أ-اما إعفاء او اسعار خاصة للفقراء والمستضعفين ويتم ذلك بأعداد قوائم بالأسر المتعففة (بالاعتماد على بيانات شبكة الحماية الاجتماعية وواردات كل اسرة طبقا لبيانات البطاقة التموينية ) ويتم منحها إعفاءات أو تحديد سعر شبه مجاني
ب-دعم قطاعي الزراعة - الصناعة
عن طريق منح مزارعي الأسر الصغيرة حصة مجانية أو مدعومة جداً لكل دونم على أن تمنح فقط إذا استخدم المزارع تقنيات الري الحديثة (التنقيط)مع فرض أسعار عالية جداً على الماء المستخدم في الري بالغمر, اما في مجال الصناعة والقطاع التجاري فيجب تطبيق أسعار واقعية وعالية على هذه القطاعات منذ البداية لأنها قادرة على الدفع وتستفيد من الماء وتحصل على الأرباح.
المرحلة الرابعة: الواردات المالية والغرامات
يجب أن تذهب كل إيرادات فواتير الماء إلى صندوق خاص يسمى صندوق إعمار خدمات المياه وأن تكون حسابات هذا الصندوق علنية وشفافة وخاضعة تماما للرقابة البرلمانية والمجتمعية
وعلى الحكومة أن تعلن بشكل دوري المبالغ المجموعة عن طريف فواتير الماء والغرامات المتحصلة من المواطن والمرافق العامة واين تم استخدامها حتى يثق الناس بأن أموالهم تعود لخدمتهم.


معارضة تسعيرة المياه في العراق وكيفية مواجهتها
من المؤكد ان تسعيرة المياه بالعراق ستلقى معارضة من فئات الشعب الذي تعود لعقود من المجانية وشبه المجانية لأغلب خدماته وخاصة خدمات المياه ولكن كيف يمكن مواجهة ذلك وقد تكون المعارضة شديدة من غالبية المجتمع وهذا متوقع وطبيعي في ظل الظروف الحالية لذلك يجب فهم هذه الأسباب وكيفية مواجهتها هو مفتاح نجاح أي سياسة.
1-أسباب المعارضة المتوقعة:
أ-غياب الثقة في الحكومة فالمواطن كواقع اليوم يشك أن الأموال التي سيدفعها لن تعود لتحسين الخدمة بل ستذهب إلى جيوب الفاسدين أو إلى ميزانيات عامة أخرى وغير واضحة والمواطن يشعر و يعتقد أنه يدفع مقابل لا شيء.
ب-الظروف الاقتصادية الصعبة والفقر:- ان نسبة الفقر بالعراق اليوم حقيقة وكواقع مرتفعة ونسبة البطالة كبيرة جدا وان أي تكلفة إضافية حتى لو كانت بسيطة ستشكل عبء على المواطن الفقير.
ج-ضعف الخدمات :- ان المواطن بمفهومه البسيط يرى انه يدفع المعادلة في مقابل خدمة جيدة و لا يدفع مقابل خدمة سيئة أو معدومة لذلك نراه يتهرب او يمتنع عن دفع الرسوم والمياه غالبا ما تكون مقطوعة أو غير نظيفة لذلك يرى ان الدفع لمثل هذه الامور هو استغلال.
د-اعتبار الماء هبة من الله وليس سلعة: حيث يعتبر الكثيرون أن الماء من الحقوق الطبيعية الانسانية والمجانية التي وهبها الله وليس من حق الدولة أن تفرض رسوما عليها.
ه- الظلم: الخوف من أن يتم تطبيق النظام على الفقراء بينما تستمر النخب والمسؤولون الكبار في الهدر دون محاسبة.
2-كيف يمكن مواجهة هذه المعارضة
ان المواجهة يجب ان لا تكون بالإجبار بل بالتوعية والتثقيف وكسب ثقة الشعب وإثبات الجدو من التسعيرة والغاية منها فعلا ويجب لذلك اتباع ما يلي من مراحل ضمن خطة متكاملة
أ- كسب الثقة
أ-تحسين الخدمة أولا يجب أن تبدأ الحكومة قبل أي حديث عن التسعيرة بحملة واسعة وحقيقية في منطقة أو محافظة ما وإصلاح الشبكات رفع الضغط توفير الماء لـ 24 ساعة مع تحسين النوعية وعندما يرى الناس تحسن حقيقي سيصبحون أكثر استعدادا للمناقشة
ب-الشفافية: إنشاء صندوق وطني للمياه تكون إيراداته مخصصة حصريا لمشاريع المياه والصرف الصحي ويجب نشر كشف حساباته بشكل شهري وعلني لكل مواطن ليرى أين ذهبت امواله
ب- التطبيق
يجب ان تكون هنالك حكمة بالتطبيق وان يكون بتدرج وان نبدأ بالأقل معارضة والأكثر هدرا فيجب البدء (بتسعيرة القطاع الصناعي والتجاري والفنادق, المطاعم, صالات الأفراح، المسابح الخاصة, المقاهي والمرافق العامة والاستخدامات الترفيهية)كون هذه فئات قادرة على الدفع وليس لديها حجة
كما يجب تطبيق النظام أولا في منطقة سكنية محددة يتم فيها تحسين الخدمة بشكل كامل مع تصحيح الأخطاء قبل التعميم على كل العراق.
ج-التوعية والحوار
ان الخطاب الصادق والواضح مع عدم استخدام لغات شديدة والتهديد و الترهيب وتعويضها بلغة مبسطة عنوانها الرحمة والطيبة والمشاركة واستخدام لغة المشاركة والقول ان مياهنا هي حياتنا هذه لها وقع جيد على المواطن ومع توجيه الرأي العام بان الهدر العام والفساد بشأن ادارة المياه هو عدونا المشترك فهذا الهدر هو بكل مجالات الاستخدام هو من يسطوا على حقوق الفقراء بالمياه وان التسعيرة اصلا جاءت لحماية حقوق الطبقات الفقيرة ولذلك لابد من اشراك أئمة المساجد و شيوخ العشائر وناشطي المجتمع المدني في شرح الأزمة وضرورة الحل فصوتهم أقوى من أي إعلان حكومي.
د-النظام والفقير
يجب ان يكون نظام التسعير لا يؤذي الفقير ويجب التأكيد المستمر على أن الحصة الأساسية للحياة الكريمة مجانية و يجب أن تكون هذه هي الرسالة العامة التي تكررها الحكومة وهي ببساطة ان ما يزيد عن حاجتكم الأساسية هو ما ستدفعون عليه فقط لأن هدركم يؤثر على بقية مواطنيكم ولابد من ان تكون هنالك صورة واضحة من قبل الحكومة وهي الاعلان عن انه سيتم اعفاء الأسر المتعففة المسجلة في شبكة الحماية الاجتماعية و المعدة بكل واقعية ودقة وبصورة عادلة وحيادية

ه- العقوبات والحوافز
قد تكون العقوبات والغرامات لا تكفي لمعاقبة الهدر والتلوث لكنه يجب تقديم دعم مادي وفني للمواطنين لتغير اساليبهم واستخدام تقنيات موفرة للمياه في منازلهم اما بشأن فئات اخرى (وخاصة الفلاحين ) فيجب تقديم دعم لهم حقيقي لشراء أنظمة الري بالتنقيط والرش لكي نجعل توفير الماء مفيدا لهم جميعا حيث سيوفر المال لهم .

ولكي نكون واقعين ومنطقيين فيجب ان نعرف انه نعم سنواجه معارضة شرسة ولكن يمكن تحويل هذه المعارضة إلى قبول وإلى مشاركة إيجابية إذا:
• أثبتت الحكومة نيتها الحسنة بتحسين الخدمة أولا وبشفافية تامة.
• النظام عمل وصمم ليحمي الفقير ويضرب المسرف والغني المترف بلا وعي .
• اذا كانت الحملة الإعلامية حقيقية ومنطقية وخاطبت الناس كافة بلغة المشاركة في حل الأزمة وليس بلغة فرض الرسوم وبالقوة
فبدون هذه الشروط، فإن أي محاولة لتسعيرة المياه ستكون مشكلة سياسية واجتماعية كبيرة لأي حكومة تقدم عليها وستفشل حتما وهذا ما تسعى له السياسات الامبريالية والمنظمات الاقتصادية الاممية المرتبطة بها مثل صندوق النقد الدولي والبنك الدولي بتحويل المياه لسلعة تجارية . ولكننا نرى انها يمكن أن تكون خطوة نحو إنقاذ العراق من أزمة مياه كارثية.

ماهي الخطوات العملية والقوانين التي ممكن تشريعها لتطبيق قيمة معقولة للمياه في العراق

ان الخطوات العملية والقوانين اللازمة لتطبيق قيمة معقولة للمياه في العراق
ولضمان تطبيق ناجح وعادل ومقبول لتسعيرة المياه هو انه يجب اتباع خطة متدرجة وواضحة تشمل إصلاحا تشريعيا ومؤسسيا وتوعويا وفيما يلي الخطوات العملية التي نراها مناسبة
الخطوة الاولى : الإصلاح التشريعي والمؤسسي
يجب تشريع قانون المياه الوطني الجديد والذي يهدف الى وضع إطار قانوني موحد ينظم إدارة الموارد المائية ويشرع نظام التسعيرة على ان يتضمن .
أ-بنود رئيسية اهمها اعتبار الماء ملكية عامة و التأكيد على أن المياه ملك للشعب العراقي وتديرها الدولة نيابة عنه.
ب-إقرار نظام التسعيرة بالتدرج و تحديد كميات الاستهلاك وفق فئات (أساسية شبه مجانية، واستهلاك معقول بسعر منخفض، واستهلاك كبير فيه هدر بسعر مرتفع)
ج-حماية الفئات الفقيرة يجب النص على إعفاء الأسر المتعففة المسجلة في شبكة الحماية الاجتماعية من دفع أي رسوم عن فئة كمية المياه الأساسية.
د-تسعيرة حسب القطاعات: تحديد أسعار مختلفة للقطاع المنزلي، الزراعي، الصناعي، والتجاري.


الخطوة الثانية :-إنشاء (الهيئة الوطنية لإدارة المياه)
يجب إنشاء الهيئة الوطنية لإدارة المياه ومنحها الصلاحية الكاملة لوضع السياسات ومراقبة التنفيذ وفرض العقوبات تكون واجباتها

أ- وضع الخطط وإصدار تراخيص حفر الآبار و مراقبة الجودة والكمية إدارة نظام التسعيرة وجمع الإيرادات.
ب- أن تكون هيئة مستقلة فنيا واداريا وغير خاضعة للتغييرات السياسية يديرها خبراء في المياه والاقتصاد والقانون.
الخطوة الثالثة :-تأسيس الصندوق الوطني للمياه
أ-الهدف منه تخصيص إيرادات تسعيرة المياه حصريا لتحسين البنية التحتية للمياه.
ب-الشفافية وهو إدارته بشكل مستقل ونشر بياناته المالية بشكل دوري وعلني للرقابة الحكومية والمجتمعية.
الخطوة الرابعة :-وهي المرحلة التنفيذية
وهذه تشمل التعامل مع البنية التحتية والتجهيزات اللازمة لبدء تطبيق المنهج واهم الاعمال المطلوبة
فيها هو
1- تركيب العدادات الذكية:
أ-الأولوية: البدء بالمناطق ذات الدخل المتوسط والمرتفع والقطاع الصناعي والتجاري.
ب-التمويل: يمكن تمويله من خلال قروض ميسرة من المنظمات الدولية أو من خلال ميزانية الصندوق الوطني بعد تشغيله.
2-حملة إصلاح البنية التحتية:
أ-البدء بمناطق نموذجية: اختيار عدد من الأحياء أو المدن وإصلاح شبكات المياه فيها بشكل كامل (استبدال الأنابيب، تحسين الضغط، تقليل التسرب
ب- تنفيذ عملية ارتباط دفع الفواتير بتحسن الخدمة بشكل ملموس في تلك المناطق لبناء الثقة.
الخطوة الخامسة : اكتساب الشرعية من المجتمع وهذه تتطلب
1- حملة توعية شاملة تتضمن المؤشرات التالية
أ-ايها المواطن ان الماء حقك والمحافظة عليه واجبك
ب- إشراك أئمة المساجد، شيوخ العشائر وسائل التواصل الاجتماعي وادخال المفاهيم في المناهج الدراسية.
ج-الشفافية: الإعلان عن خطط الحكومة وأين ستذهب أموال التسعير بشكل واضح.
2- إشراك المجتمع المدني:
يجب ان يكون المواطن شريك ورقابي ويجب منح منظمات المجتمع المدني صلاحية مراقبة أداء الهيئة الوطنية للمياه والصندوق الوطني والإبلاغ عن أي مخالفات.


وبصورة عامة يجب ان تكون مواد التشريعات واضحة وتتضمن المفاهيم والمواد التالية
*يعتبر الماء ثروة وطنية وملكا للشعب العراقي وعلى الدولة إدارته واستثماره لصالح الأجيال الحالية والقادمة.
*تُنشأ هيئة مستقلة تسمى (الهيئة الوطنية لإدارة المياه) تتمتع بالشخصية المعنوية والاستقلال المالي والإداري.
* ينشأ (الصندوق الوطني للمياه) الذي تودع فيه كافة الإيرادات الناتجة عن تسعير المياه وتصرف حصريا على مشاريع إدارة الموارد المائية.
*تحديد كميات المياه الاساسية والخاصة للخدمات الانسانية الحياتية على اساس
متر مكعب شهرياً للأسرة (حسب عدد الأفراد)تكون مجانية.اما الفئة الثانية وهي تخص الاستهلاك المقبول والمعقول فيكون متر مكعب شهريا على اقل تقدير يكون بسعر تكلفة التشغيل واما الفئة التي تستهلك بلا عقلانية وتهدر مياه من اجل ترفيهها فيكون كل متر مكعب بسعر مرتفع يردع الهدر.
* تعفى الأسر المسجلة في شبكة الحماية الاجتماعية من سداد قيمة المياه من الفئة الاولى والثانية.
* تحدد تعرفة خاصة للمياه المستخدمة في القطاعين الصناعي والتجاري تعكس قيمتها الاقتصادية الحقيقية.
*تحدد تعرفة للمياه الزراعية على أساس الحصة المائية للمحصول ونوعية تقنية الري المستخدمة (دعم كبير لمستخدمي الري الحديث، غرامات على الري بالغمر

والخلاصة ان نجاح هذا المنهج الاداري والاقتصادي والقانوني يعتمد على الترتيب الصحيح للخطوات:
**التشريع أولا وإنشاء الهيئة والصندوق والإطار القانوني
**تحسين الخدمة ثانيا وإصلاح الشبكات
**كسب الثقة ثالثا والتوعية والشفافية
**التطبيق بالتدريج رابعا و بدء التسعيرة حيث تكون الخدمة أفضل والمعارضة أقل فهذا النهج الشامل والمتدرج هو الذي يمكن أن يحول تسعيرة المياه من مجرد ضريبة جديدة إلى أداة فعالة وعادلة لإنقاذ العراق من أزمة المياه.
اخيرا
ان التطبيق الناجح يتلخص في العدالة والتدريج والشفافية.
• العدالة: بضمان حصة مجانية لجميع الفقراء ومعاقبة المسرفين والأغنياء.
• التدريج: بتحسين الخدمة أولا وتركيب (العدادات) قبل طلب الدفع.
• الشفافية: بإعادة استثمار الإيرادات في نفس القطاع وإظهار ذلك للمواطن.
وبهذه الطريقة لن يكون لتسعيرة الماء مجرد ضريبة جديدة بل سيكون علاقة اجتماعية ورابط فعال بين المواطن والدولة فالمواطن المستفيد عليه ان يدفع والدولة تقدم خدمة ماء أفضل وتضمن حق الفقير في الحياة.
ان اغلب المختصين يعرفون ان لقيمة المياه الاقتصادية وتسعيرها اصبح دور حاسم لا يمكن الاستغناء عنه لمعالجة شح المياه في العراق فهو ليس مجرد غاية لجمع الأموال بل هو أداة لإجبار المواطن على تغيير السلوك وحث الجميع (مواطن و مزارع و مصانع ومرافق عامة اخرى ) على التعامل مع الماء كونه مورد نادر وثمين وليس هبة مجانية.
لكن لنجاح هذا الامر يتطلب شرط اساسي ومهم جدا بأن تكون التسعيرة ضمن إطار عادل وشامل وشفاف يحمي المستخدمين الفقراء ويحاسب المسرفين مع استثمار في البنية التحتية ودعم كبير للتكنولوجيا للدخول بكل خدمات المياه وبدون تطبيق هذه الشروط لا يمكن النجاح لهذا المنهج وستكون التسعيرة مجرد فرض ضريبة جديدة تثقل كاهن الناس دون أن تحل المشكلة الملازمة للعراق اليوم وهي الشحة وبداية الندرة


المهندس الاستشاري
7-9-2025



#عبد_الكريم_حسن_سلومي (هاشتاغ)      


ترجم الموضوع إلى لغات أخرى - Translate the topic into other languages



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- دور بناء سدود حصاد المياه في العراق لتجاوز الشحة المائية
- المياه الجوفية ودورها المهم بتجاوز محنة الشحة والندرة للمياه ...
- دور وواجبات المجتمع العراقي والحكومة لتجاوز محنة الشحة والند ...
- هل ممكن مواجهة ندرة المياه والشحة بالعراق اليوم
- مياه العراق بين سرقة دول الجوار وسوء الادارة
- كيفية مواجهة تغير المناخ في العراق
- المياه الجوفية واهميتها لتجاوز محنة العراق المائية
- شحة المياه في العراق وسبل مواجهتها
- اسباب عطش العراق
- مشاريع الري التركية والإيرانية ودورها بتعطيش العراق
- مشاريع المياه والسدود بدول التشارك المائي ودورها بأزمة الميا ...
- الري الحديث ودوره بتجاوز شحة المياه في العراق
- ظاهرة الجفاف بالعراق وكيفية مواجهتها
- البصمة المائية ودورها بتجاوز محنة الشحة المائية في العراق
- ادارة المياه بالعراق ودورها بتجاوز الشحة
- تركيا وسياستها المائية مع العراق
- السدود ودورها بأزمة المياه بالعراق
- ما هو الحل لمشكلة المياه المتناقصة بمنطقة الشرق الاوسط والعر ...
- تعطيش العرب وحروب القرن المستقبلية
- واقع الحال المائي بالمنطقة العربية ينذر بالخطر


المزيد.....




- تتمتع بقوى خارقة.. سكان بوليفيا يتوافدون على شجرة -المعجزة- ...
- فيديو طريف لطفل عثرت الشرطة عليه بمطعم بعد تسلله من منزل وال ...
- الأشد على الإطلاق منذ بداية الحرب.. روسيا تشن أكبر هجوم جوي ...
- رئاسة السلطة الفلسطينية تُعلق على -هجوم القدس-: ننبذ كل أشكا ...
- وزير إسرائيلي مهاجمًا السلطة الفلسطينية: يجب أن تختفي من الخ ...
- تراجع طلبات اللجوء إلى أوروبا 23% في 2025.. ما علاقة السوريي ...
- إسرائيل تضخ 3 مليارات شيكل لمضاعفة سكان معاليه أدوميم.. ماذا ...
- أوكرانيا ـ ترامب يهدد بوتين بمزيد من العقوبات للدفع نحو المف ...
- -ثورة في مجال الطاقة-...إثيوبيا تستعد لتدشين سد النهضة
- ظاهرة اللجوء إلى الذكاء الاصطناعي لإحياء الجنود الروس الذين ...


المزيد.....

- ‫-;-وقود الهيدروجين: لا تساعدك مجموعة تعزيز وقود الهيدر ... / هيثم الفقى
- la cigogne blanche de la ville des marguerites / جدو جبريل
- قبل فوات الأوان - النداء الأخير قبل دخول الكارثة البيئية الك ... / مصعب قاسم عزاوي
- نحن والطاقة النووية - 1 / محمد منير مجاهد
- ظاهرةالاحتباس الحراري و-الحق في الماء / حسن العمراوي
- التغيرات المناخية العالمية وتأثيراتها على السكان في مصر / خالد السيد حسن
- انذار بالكارثة ما العمل في مواجهة التدمير الارادي لوحدة الان ... / عبد السلام أديب
- الجغرافية العامة لمصر / محمد عادل زكى
- تقييم عقود التراخيص ومدى تأثيرها على المجتمعات المحلية / حمزة الجواهري
- الملامح المميزة لمشاكل البيئة في عالمنا المعاصر مع نظرة على ... / هاشم نعمة


المزيد.....

الصفحة الرئيسية - الطبيعة, التلوث , وحماية البيئة ونشاط حركات الخضر - عبد الكريم حسن سلومي - قيمة للمياه اقتصاديه عادلة ستلعب دور كبير لحل مشكلة العراق المائية