أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - ناظم ختاري - سيناريوهات زوال النظام العراقي الحالي















المزيد.....

سيناريوهات زوال النظام العراقي الحالي


ناظم ختاري

الحوار المتمدن-العدد: 8465 - 2025 / 9 / 14 - 00:47
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


منذ سقوط النظام الدكتاتوري في عام 2003، وولادة النظام السياسي الجديد، حمل هذا الأخير بذور فنائه في بنيته، ونهجه، وتحالفاته. فبدلًا من أن يكون انطلاقة نحو بناء دولة مدنية ديمقراطية، التي طالما أنتظرها شعبنا العراقي بعد 35 سنة من الظلم والعسف والقمع البربري والحروب والحصار، انغمس في المحاصصة الطائفية والعرقية، مما أدى إلى تفكك النسيج الوطني، واشتعال حرب أهلية دامية، راح ضحيتها دم غزير ومال كثير ودمار مريع في البنية التحتية، وانتقال القرار السياسي إلى أيدي الميليشيات المسلحة، التي وجدت في غياب الدولة فرصة للتمدد والهيمنة.
اختطاف الدولة وتآكل السيادة
تواطأت السلطات الدينية مع القوى المتنفذة، فمارست تأثيرًا مباشرًا على الحياة السياسية والاجتماعية، وأصدرت فتاوى تخدم مصالح طائفية ضيقة، مما عمّق الانقسام المجتمعي، إذ فرقته إلى طوائف وملل متناحرة، وتجرأ المتنفذون اعتمادا على عمق التأثير الديني والطائفي على خرق الدستور العراقي في العديد من بنوده، الذي يعاني أصلا من عيوب جدية ، فشرعت قوانين تهين المجتمع وخصوصا المرأة، فضلا عن السعي المحموم لإلغاء قوانين نافذة تعتبر من أكثر القوانين تقدمية، والتي تصون وحدة الأسرة العراقية ووحدة المجتمع العراقي، وسعت بكل ما لديها من نفوذ وأمكانيات لطمس تاريخ العراق وشعبه، فضلا عن توجيه خيارات المواطن العراقي في الانتخابات البرلمانية لصالح القوى الطائفية المتنفذة. وأعتبرت الثروات الوطنية مالا سائبا حتى تحولت بموجب ذلك إلى غنائم، وعلى أثر ذلك استشرى الفساد في مفاصل الدولة دون رادع، حتى فقدت الدولة العراقية هيبتها، وتعرضت سيادتها للإهانة من قبل قوى دولية و إقليمية، وعلى رأسها إيران.
محاولات إسقاط النظام: من الإرهاب إلى الانتفاضات
شهد العراق خلال هذه الفترة من الحكم المحاصصاتي الطائفي محاولات متعددة لإسقاط النظام، بدأت بتحالفات بين فلول البعث وقوى دينية متشددة، مدعومة من تنظيمات إرهابية مثل القاعدة وداعش، وبدعم دولي وإقليمي مباشر. هذه المحاولات خلفت آلاف الضحايا، ودمّرت البنية التحتية، ومهدت الطريق لاحتلال داعش لثلث مساحة العراق، وارتكاب جرائم مروعة بحق أبناء الشعب العراقي مثل سبايكر وسنجار وغيرها .
ورغم أن النظام الطائفي كان يستحق السقوط، إلا أن الشعب العراقي وقف ضد الإرهاب، وحقق جيشه انتصارًا عسكريًا كبيرًا بدعم شعبي واسع. لكن هذا الانتصار لم يُترجم إلى إصلاح سياسي واقتصادي، وبقي النظام عاجزًا عن بناء دولة قوية، مما دفع القوى الوطنية إلى مواصلة المطالبة ببديل ديمقراطي حقيقي.
انتفاضة تشرين: لحظة فارقة
انتفاضة تشرين المجيدة كانت تعبيرًا صادقًا عن رفض الشعب لهذا النظام، فطيلة هذه الفترة شهدت الساحات العراقية فعاليات جماهيرية واسعة ضد نهج المحاصصة، قادتها قوى سياسية رافضة لهذا النهج إلى جانب قوى شبابية غير منظمة، حتى هبت الجماهير، هبة رجل واحد في انطلاقة الأنتفاضة الشبابية ، انتفاضة المهمشين، والتي رفعت شعارات "نريد وطن" و "الشعب يريد إسقاط النظام"، مستلهمة روح الثورة التونسية. التف حولها الشباب والنساء من غالبية مدن العراق في الوسط والجنوب، لكنها واجهت محاولات تقزيم أهدافها، وغياب قيادة موحدة، مما أدى إلى تراجعها رغم التضحيات الجسيمة.
الانتخابات: أداة غير فعالة للتغيير
إذا كانت الانتخابات هي السبيل الأقرب والأسلم والأعم فائدة والأقل خسارة في تغيير الأنظمة السياسية في غالبية بلدان العالم، هذا إذا كانت الأنظمة السياسية فيها قد قطعت شوطا بعيدا في ممارسة الديمقراطية، وخضعت كل مناحي حياة مجتمعاتها السياسية والاجتماعية والأقتصادية والثقافية إلى قواعدها المتينة حتى تصبح غير قابلة للعودة إلى الوراء، فأن تكون هكذا في بلد، قراره مغيب مثل العراق، وتدير سلطاته مؤسسات دينية وفرق ميليشياوية بالفتاوي والسلاح، وبغياب قانون أحزاب يجري تطبيقه على الجميع، وقانون انتخابي عادل، فإنه أمر مشكوك فيه ويدعو إلى الكثير من المراجعة والتأني، ورغم إيمان بعض القوى المدنية بإمكانية التغيير عبر الانتخابات، إلا أن الواقع يكشف عن عملية انتخابية مسيطر عليها بالكامل، من المال السياسي إلى تشكيل المفوضية، وغياب البرامج، وتفشي السلاح المنفلت. فضلا عن نسبة العزوف عن التصويت التي تعتبر الأعلى عالميًا، مما يضعف فرص أي تغيير عبر صناديق الاقتراع.
سيناريوهات الزوال: بين الواقع والتكهنات
منذ سنوات غير قليلة ، تتناقل صفحات السوسيال ميديا والعديد من الفضائيات سيناريوهات الأطاحة بالنظام الحالي على أيدي قوى خارجية بعدما جزعت من ممارساته القوى المتنفذة فيه، و خلال الفترة القصيرة الماضية أي منذ عدة شهور، تصاعدت وتيرة مثل هذه التصريحات والتكهنات، وخاصة بعد أنسحاب الجيش الأمريكي من قواعده في عين الأسد وبغداد وغيرها، وتناقلها البعض بكل ثقة من أن التغيير قادم لامحال، وإن شهر سبتمبر الحالي 2025، سيشهد زوال النظام العراقي بكل تأكيد، واعتبر البعض أن صلاحيته انتهت إلى الأبد، وصاروا يتحدثون عن هذه السيناريوهات على طريقة أفلام كاوبوي وكأنهم هم أنفسهم أبطالها. شارك في الترويج لهذه السيناريوهات شخصيات سياسية وإعلامية من العراق ومن خارجه، والتي تعددت على الشاكلة التالية:
• انقلاب عسكري مدعوم دوليًا
• قصف مقرات الميليشيات وتصفية قادتها
• تشكيل حكومة بديلة في المنفى ، تفاوضت مع أقطاب النظام الحالي لتسليم السلطة دون إراقة دماء .
• عودة البعثيين أو ظهور قيادة صوفية جديدة ، أيضا بدعم خارجي .
• تدخل أمريكي وأسرائيلي مباشر لتصفية النفوذ الإيراني.
ورغم أن هذه السيناريوهات تفتقر إلى تأكيدات رسمية، فإنها تعكس حالة الغليان الشعبي، وانعدام الثقة بالنظام القائم، وتوق العراقيين إلى تغيير جذري يعيد لهم وطنهم المسلوب.
ولابد من التأكيد إن أي تغيير للنظام العراقي الحالي على يد قوى خارجية أو بدعم وتدخل من قبلها، لن يحقق ما يطمح له العراقيين ، بقدر ما يلبي مصالح تلك القوى الخارجية، وبالتالي فإن بديله لن يختلف عن ما هو عليه في الوقت، ولن يكون بمقدوره إلا أن يكون تابعا ، مما يبقي العراق على سيادة منقوصة أو مفقودة ، ولن يكتسب الشرعية الشعبية ، كونه سيعتمد في بنيانه على الولاءات وتغيب المواطنة والكفاءة ، ولن يكون مهتما بإعادة البنى التحتية الرصينة، لأنه سيسعى في المقام الأول على استعادة أمواله المخصصة على صفقة عملية إسقاط النظام ، من خلال استغلال ثروات البلد وسرقتها، وبالتالي سيتعذر على العراق تحقيق أي تقدم أو رفاهية ، أوحتى نسبة بسيطة من الأمن والاستقرار .
خاتمة: نحو أفق جديد
إن زوال النظام العراقي الحالي، لن يكون عادلا، إلا عبر انتفاضة شعبية، و لن يكون كافيًا ما لم يُرافقه مشروع وطني جامع، يضع أسس دولة مدنية ديمقراطية، تحترم حقوق الإنسان، وتضمن العدالة الاجتماعية، وتعيد بناء المؤسسات على أساس الكفاءة لا الولاء. ولا يمكن لأي انتفاضة أن تحقق مثل هذه الأهداف المشروعة ما لم تخضع لقيادة تتمتع برؤية واضحة ومستقرة تستقيم مع حجم الأزمة التي يعيشها العراق وتلامس حاجات الناس بشكل معمق، وكذلك يتطلب الأمر وعي وثبات جماهيري لا يتأثر بالشعارات الشعبوية، أوتتراجع عند تحقيق أهداف جانبية و ثانوية .
العراق بحاجة إلى عقد اجتماعي جديد، يخرج به من دوامة المحاصصة والطائفية، نحو مستقبل يليق بتاريخه وشعبه.



#ناظم_ختاري (هاشتاغ)      


ترجم الموضوع إلى لغات أخرى - Translate the topic into other languages



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- الصغير وعبد اللطيف في نظريتي النستلة والحنفية
- استبعاد مرشحين نزيهين من العملية الانتخابية تزوير مبكر
- معركة لاله زار في السليمانية
- جندي يؤدي تحية عسكرية للأنصار في سيطرة ألقوش
- فشل في بناء الدولة أم إصرار على تدميرها
- هل المقاطعون للانتخابات اخطأوا أم أصابوا ..؟
- مرة اخرى ... أنصاريات
- وداعا بغداد وأربيل محطة التحاقنا الأولى بالجبل
- مرة أخرى...أنصاريات ...البدايات ..الحملة والاختفاء
- مرة أخرى...أنصاريات ...البدايات .. الحملة والمجموعة الأنصاري ...
- زيارتي الأخيرة إلى الوطن...مواقف
- الهجرة المتزايدة تهدد مستقبل الأيزيديين في موطنهم الأصلي
- انتهاك الجيش التركي لسيادة العراق ليس جديدا ...!
- جينوسايد والحماية الدولية والإدارة الذاتية
- لما يزل الأيزيديون في جبل سنجار وبقية مناطقهم مهددون بالمزيد ...
- لا لعودة غير آمنة
- رسالة قصيرة ومفتوحة إلى ...السيد مسعود بارزاني رئيس إقليم كو ...
- تسليم سنجار إلى داعش جريمة كبرى
- الفتاوى الدينية تزيد من الشحن الطائفي .. نعم للوقوف الشعبي م ...
- لماذا سقطت الموصل ..؟ وماذا بعد ذلك ..!!


المزيد.....




- أول لقاء بين رئيس وزراء قطر وقائد القيادة المركزية الأمريكية ...
- الخوف من روسيا يحشد البولنديين: آلاف يتدفقون إلى معسكرات الت ...
- نتنياهو: -التخلص- من قادة حماس سيمهد لإطلاق الرهائن وإنهاء ا ...
- نبض أوروبا: مالذي يمنع ألمانيا من إسقاط مسيرات التجسس الروسي ...
- -ما وراء الخبر- يناقش التوتر بين روسيا والناتو
- خبير بالنزاعات الدولية: قطر تريد توضيحا أميركيا بشأن العدوان ...
- 21 مصابا 3 منهم بجروح خطيرة في انفجار في مدريد
- جيش نيبال يخفف حظر التجول ورئيسة الحكومة الانتقالية تزور الج ...
- استشهاد فلسطيني برام الله واعتداءات من الجيش والمستوطنين في ...
- مكاسب ميدانية للجيش السوداني والحكومة ترفض أي تدخلات خارجية ...


المزيد.....

- الحجز الإلكتروني المسبق لموسم الحنطة المحلية للعام 2025 / كمال الموسوي
- الأرملة السوداء على شفا سوريا الجديدة / د. خالد زغريت
- المدخل الى موضوعة الحوكمة والحكم الرشيد / علي عبد الواحد محمد
- شعب الخيام، شهادات من واقع احتجاجات تشرين العراقية / علي الخطيب
- من الأرشيف الألماني -القتال في السودان – ينبغي أن يولي الأل ... / حامد فضل الله
- حيث ال تطير العقبان / عبدالاله السباهي
- حكايات / ترجمه عبدالاله السباهي
- أوالد المهرجان / عبدالاله السباهي
- اللطالطة / عبدالاله السباهي
- ليلة في عش النسر / عبدالاله السباهي


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - ناظم ختاري - سيناريوهات زوال النظام العراقي الحالي