أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - القضية الفلسطينية - ناجح شاهين - الدولة وخطايا المقاومة















المزيد.....

الدولة وخطايا المقاومة


ناجح شاهين

الحوار المتمدن-العدد: 8459 - 2025 / 9 / 8 - 13:48
المحور: القضية الفلسطينية
    


مقدمات:
الفكرة الجوهرية تتلخص في أن ما يجري كان بشكل ما ناجماً عما فعلته وتفعله المقاومة. كانت اسرائيل المتوحشة "نائمة"، ولم تكن تمارس الإبادة ولا التدمير، فقامت المقاومة بإيقاظ الوحش النائم، وإعطائه المسوغات التي يحتاجها ل "يبدأ" نشاطه التطهيري على نحو معلن.
هل يمكن إيقاف الوحش عن طريق سحب الذرائع منه؟ نعم، نعم، يمكن للمقاومة (أولاد الكلب بتعبير رئيس السلطة) أن تسلم "الرهائن" وتلقي سلاحها، وهكذا ينتهي كل شيء ونعود إلى الوضع السابق.
هل يمكن أن يترتب على ذلك إقامة الدولة الفلسطينية وتوقف الاستيطان؟ دعونا نؤجل هذا السؤال لبعض الوقت. فإن رفضنا تأجيل السؤال وطالبنا بالإجابة؟
الجواب: لا نعرف. قد نحصل على دولة أو حكم ذاتي موسع أو إمارات متعاونة فلسطينية ،وقد لا نحصل على أي شيء سوى الترحيل. الله وحده، وربما قيادات الصهيونية هم من يعلم.
لكن ما هي قصة الدولة الفلسطينية؟
بعد الخروج من بيروت سنة 1982 اقتنعت قيادة منظمة التحرير/فتح التاريخية (= ياسر عرفات) أن إلحاق الهزيمة بإسرائيل، واستعادة فلسطين أمر غير ممكن من الناحية الواقعية. فقد بدا واضحاً أن قوة المنظمة على مواجهة القوة الصهيونية ضعيفة تماماً، وهو ما دفع الراحل عرفات إلى توقيع اتفاقية مع الأردن تنحو إلى إبرام تسوية من نوع أو آخر. لكن تلك الفكرة لم تر النور بسبب معارضة قوية جاءت من داخل منظمة التحرير، وبشكل أهم من سوريا. كانت المنظمة في تونس تعاني سكرات الموت تقريباً، عندما جاءت الانتفاضة بمعجزة بعث الموتى وبث الحياة في الجسد الفلسطيني من الرأس إلى أخمص القدم. وقد اعترض مسيرة الانتفاضة دخول العراق إلى الكويت الذي نجم عنه في النهاية تدمير العراق، وتقويض الوحدة الشكلية للموقف العربي المنقسم بشدة في موضوع العراق.
في ظل حالة الضعف الناجمة عن تدمير العراق، جاء مؤتمر مدريد الذي رافقته مفاوضات سرية قامت بها منظمة التحرير في مدنية أوسلو وأسفرت عن اتفاقية "سلام" بين اسرائيل والمنظمة. كان موقف نقاد الاتفاقية أنها استسلام مجاني لما يريده الاحتلال، بينما كان رهان المؤيدين، ومن بينهم أشخاص أذكياء ومخلصون مثل الراحل المبدع زكريا محمد، أن أوسلو ستأتي على الأقل بدولة فلسطينية مستقلة في الضفة والقطاع، وستحل قضية اللاجئين بشكل أو بآخر.
إذن كان حلم المخلصين من موقعي أوسلو أن تأتي بدولة في حدود 1967، وهو ما بدا ل "المتطرفين" العرب والفلسطينيين كارثة يتم التنازل فيها عن 80 في المئة من أرض فلسطين. لكن "الواقعيين" رأوا أن "التطرف" الذي ميز الموقف العربي والفلسطيني منذ 1947 هو الذي حرمنا من فرص كثيرة كان يمكن فيها أن نحصل على أكثر مما حصلنا عليه بالرفض العبثي للمكنات السابقة. كان هناك مثلاً قرار التقسيم الذي يعطينا نصف فلسطين تقريبا،ً والذي أدى رفضه إلى فقدان أربعة أخماس البلاد.
بغض النظر عن دقة ومعقولية الافتراض أعلاه، إلا أنه شكل الأرضية النظرية لتسويغ فكرة التسوية السياسية التي ستضع حداً لنزيف الأرض الفلسطينية. كان الوضع في اسرائيل على خير ما يكون بفضل الانتصار الحاسم والساحق ل"اليسار" بقيادة اسحق رابين وشمعون بيرس في انتخابات 1992. صدرت الصحف العربية والفلسطينية صبيحة اليوم التالي للانتخابات بالعنوان ذي الدلالة: "انقلاب يساري في اسرائيل".
ربما أن تلك الحكومة كانت أكثر حكومة "يسارية وسلامية" في تاريخ الدولة العبرية، وكان أكثر أعضاءها تطرفاً، اسحق رابين نفسه، مناصراً للسلام. وهكذا دخلنا زمن التسوية بقيادة شمعون بيرس ومساعديه الحالمين بصناعة الشرق الأوسط الخالي من الحروب من قبيل أوري سافير ويوسي بيلين...الخ. بعد قليل سيتضح أن اسرائيل لا تريد إعطاء الفلسطينيين دولة، وإنما إدارة ذاتية ما تحت السيادة الأمنية والسياسية الإسرائيلية. اتضح أن اسرائيل أرادت التخلص من مشكلة سكان الضفة الذين شكلوا إزعاجاً حقيقياً في سياق الانتفاضة. ودون أن ندخل في تفاصيل كثيرة مملة، نقفز إلى واقعة أن الراحل عرفات أدرك أن اسرائيل تتلاعب به، وقاد انتفاضة بنفسه بعد فشل مفاوضات 1999 في كامب ديفد ترتب عليها اقتحام جيش "الدفاع" مناطق السلطة، ومراكز المدن، ومحاصرة عرفات في مقره برام الله.
بعد ذلك تتغير خريطة العالم بقوة باتجاه اليمين "الفاشي" في سياق انتخاب جورج بوش، وتدمير برجي التجارة في نيويورك، واحتلال العراق وتوحش أمريكا العلني في الفتك بأعدائها بأساليب إرهابية تتعمد قتل المدنيين، وفي نطاق لم يكن ممكناً أيام الحرب "الباردة". بداهة أن اسرائيل تأثرت مثل غيرها بالمزاج اليميني في العالم "الحر"، والواقع أن "اليسار" الإسرائيلي يواصل تدهوره وتراجعه طوال الألفية الجديدة دون توقف. وإذا كان "اليسار" قد فشل في إعطاء الفلسطينيين دولة في الضفة والقطاع، فكم حري باليمين أن يصعد الحرب باتجاه ابتلاع فلسطين شبراً فشبراً مع البحث عن حل لإرضاء الأوهام عند النخبة الفلسطينية بوجود كلمة فلسطين في غزة أو في الأردن، أو في أي مكان آخر بعيداً عن يهودا والسامرة.
هكذا منذ بداية حكم بطل الاستيطان أرئيل شارون شرع حكام اسرائيل في عزل الضفة عن غزة، ونفذوا بوضوح سياسة السماح ببناء غزة مستقلة عن الضفة وعن الاحتلال بينما يتصاعد الاستيطان في أنحاء الضفة المختلفة. لم يكن سراً، ولا كان هناك محاولة من قادة اسرائيل لتمويه أن بناء الدولة الفلسطينية ممكن تماماً في غزة، وربما مع جزء من سيناء إذا وافقت حماس على ذلك. في هذا السياق فيما نرجح تأتي اللازمة التي تتحدث دائماً عن سماح نتانياهو بدعم القطريين لحماس مالياً. ونرجح أن القطريين أنفسهم كانوا يعملون على بناء إمارة إسلامية في غزة، بينما تواصل اسرائيل ابتلاع الضفة على مهل على الرغم أن ذلك الإيقاع البطيء نسبياً قد تغير تماماً بعد مجيء ترامب في دورته الأولى لتنطلق بوضوح عملية استيطان واسعة وسريعة تهدف بجلاء إلى استكمال ضم مناطق الضفة كلها حتى لو اضطرت اسرائيل إلى إبقاء بعض "المحميات" الشبيهة بمحميات الهنود الحمر في غرب/جنوب الولايات المتحدة.
هل دخلت اسرائيل منذ الربيع العربي في جو التطبيق الفعلي لعملية تطهير الضفة؟ نرجح أن الإجابة هي نعم. وقد رافق ذلك لما فيه فائدتها المطلقة تطبيع مجاني من دول الخليج المتحالفة معها سراً في السابق ضد "الخطر" الإيراني والسوري وخطر المقاومة اللبنانية. كانت غزة هي التي تعكر صفو الإجراءات الإسرائيلية السلسة في قضم الضفة قطعة فقطعة. ولم يبد للحظة واحدة منذ "انفجار" مفاوضات كلينتون/عرفات/باراك أن اسرائيل معنية بأية مفاوضات زاعمة أنه لا يوجد شريك فلسطيني على الرغم من إصرار الراحل صائب عريقات على أن الحياة ذاتها مفاوضات، على حد تعبير عنوان كتاب ألفه حول تجربته الطويلة.
هكذا دخلت غزة في مواجهات جلبت الدمار والألم والمعاناة على سكانها مرة تلو الأخرى، خصوصا في الأعوام 2008 و 2012 و2014 و 2017 و2021 وأخيراً طمت القماومة الوادي على قرى غزة بعملية الطوفان المدهشة في ذكائها وجرأتها.
هل كان يمكن لإسرائيل ان تسقط حماس سياسياً في غزة؟ لم يكن هناك أسهل من تحقيق ذلك الهدف، ولم يكن يتطلب أكثر من منح الفلسطينيين دويلة في الضفة والقطاع فتسقط حماس وحدها. لقد خرج الفلسطينيون بغالبيتهم ليرحبوا بأوسلو في ظل الوهم بأنه سيجلب الاستقلال ودولة الضفة والقطاع، لكن اسرائيل "ثقفتهم" لاحقاً بقسوة تامة مبينة بالقول والفعل على السواء أنها تريد فلسطين كلها من البحر إلى النهر مع استثناء غزة التي تمنى رابين لو أن البحر يبتلعها فنرتاح منها جميعاً.
لم تمنع المقاومة اسرائيل وأمريكا من إعطاء منظمة التحرير دويلتها الموعودة، بالعكس كان يمكن للمقاومة بالذات أن تحصل على دويلة "مزدهرة" في غزة وجزء من سيناء. ولا بد أن إبادة اليوم هي الدرس البشع الذي تقدمه القوة الصهيوأمريكية لكل من تسول له نفسه أن يعترض على تطهير الضفة. ولا بد أن السذاجة أو التواطؤ الكامل هو ما يمكن أن يسمح لأحدنا بالتفكير في أن المقاومة هي التي جلبت علينا الدمار أو حرمتنا من نعمة الدولة والاستقلال. وعلى الرغم من ذلك تظل التهمة التي تتحدث عن تعريض أهل غزة للمعاناة صحيحة على نحو تام: لقد دفع أهل غزة ضريبة الدفاع عن فلسطين أو الجزء المتبقي منها المسمى بالضفة، وكانت تلك الضريبة ضريبة هائلة بسبب توحش الصهيوأمريكي، وعودته إلى أساليب التطهير السائدة في زمن ما قبل حقوق الإنسان التي فرضها التنافس مع الكتلة الاشتراكية، وقد عزز من انفلات هذا التوحش الممارسات الشبيهة المكرسة في نطاق الاحتلال الأمريكي للعراق وافغانستان، وأيضاً في تدمير سوريا على يد "الثوار" وتردي الوضع العربي الرسمي إلى مستوى دويلات لا رابط بينها إلا التبعية للاستعمار العالمي.



#ناجح_شاهين (هاشتاغ)      


ترجم الموضوع إلى لغات أخرى - Translate the topic into other languages



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- محور المقاومة يخسر المعركة الايديولوجية والإعلامية
- المقاومة بين بؤس الواقع وبؤس التحليل
- كيف أمكن لإسرائيل أن تمارس الإبادة وتجهر بالترانسفير؟
- معالجة البانيز للقضية الفلسطينية
- قراءة في العدوان الصهيوأمريكي على إيران
- المواجهة الإيرانية مع الحلف الصهيوأطلسي: المحددات والآفاق
- الإنسان السوي، الذي لا يفكر، وضرورة الحزب والقائد الكاريزمي
- العيوب الاستراتيجية للنظام الأسدي
- أوسلو، كورونا، سوريا والتلاعب بالوعي الشعبي
- الفساد وقمع الحريات في سوريا البعث
- مصر السيسي ونمط الإنتاج الكولونيالي
- ترامب والدولة العميقة
- نقد مغامرة حماس
- ترامب والاستراتيجية الأمريكية الجديدة في مواجهة الصين
- الديمقرطية بين أمريكا وسوريا
- هل انتصرت غزة؟
- في انتظار دونالد ترامب
- دون كيشوت وآلام فراق النزام
- تحرير سوريا على يد الجولاني
- الاحتلال السهل لسوريا


المزيد.....




- أول رد فعل من قطر على استهداف قيادة حماس بالدوحة.. ماذا قالت ...
- مصدر لـCNN: إسرائيل تشن هجومًا على قيادة حماس في قطر
- مراسل CNN يفصّل ما نعرفه للآن عن استهداف إسرائيل لقيادة حماس ...
- قطر: ندين الهجوم الإسرائيلي -الجبان- على مقرات سكن قادة -حما ...
- دون ذكر قطر.. إسرائيل تعلن شن هجوم جوي على قيادة حماس
- -فرنسا تقدم لمحة مرعبة عن مستقبل بريطانيا- - مقال في التلغرا ...
- إسرائيل تعطي الضوء الأخضر لمبادرة ترامب حول -صفقة غزة-
- اثيوبيا تدشّن سدّ النهضة و أبيي يعتبره -إنجازا عظيما-
- هل ينظف مخ الإنسان نفسه أثناء النوم؟
- انفجارات في الدوحة ومسؤول إسرائيلي يتحدث عن استهداف لقيادات ...


المزيد.....

- البحث مستمرفي خضم الصراع في ميدان البحوث الأثرية الفلسطينية / سعيد مضيه
- فلسطين لم تكسب فائض قوة يؤهل للتوسع / سعيد مضيه
- جبرا نيقولا وتوجه اليسار الراديكالي(التروتسكى) فى فلسطين[2]. ... / عبدالرؤوف بطيخ
- جبرا نيقولا وتوجه اليسار الراديكالي(التروتسكى) فى فلسطين[2]. ... / عبدالرؤوف بطيخ
- ااختلاق تاريخ إسرائيل القديمة / سعيد مضيه
- اختلاق تاريخ إسرائيل القديمة / سعيد مضيه
- رد الاعتبار للتاريخ الفلسطيني / سعيد مضيه
- تمزيق الأقنعة التنكرية -3 / سعيد مضيه
- لتمزيق الأقنعة التنكرية عن الكيان الصهيو امبريالي / سعيد مضيه
- ثلاثة وخمسين عاما على استشهاد الأديب المبدع والقائد المفكر غ ... / غازي الصوراني


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - القضية الفلسطينية - ناجح شاهين - الدولة وخطايا المقاومة