أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - ناجح شاهين - أوسلو، كورونا، سوريا والتلاعب بالوعي الشعبي















المزيد.....

أوسلو، كورونا، سوريا والتلاعب بالوعي الشعبي


ناجح شاهين

الحوار المتمدن-العدد: 8343 - 2025 / 5 / 15 - 12:04
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


أوسلو؛ كورونا؛ سوريا والتلاعب بالوعي الشعبي
سنة 1993 وقع ياسر عرفات اتفاقية أوسلو بزعم تدشين حل الصراع مع الصهيونية عن طريق قسمة فلسطين إلى دولتين. في ذلك السياق يمكن القول إن معظم الفلسطينيين حلموا مع أوسلو بالدولة والرفاه على السواء. وقد ضاعت أصوات المعارضين والمنتقدين في فضاء التجاهل والاستخفاف وعدم الاكتراث. ولم يتمكن المواطن العادي من إدراك الطبيعة المتناقضة للأوهام التي حملها مشروع أوسلو من جهة أنها تتناقض جوهرياً مع الحلم الصهيوني بأرض إسرائيل الكبرى، التي تمثل جبال الضفة جوهر أساطيرها التواراتية. لم يستطع العقل الشعبي أيضاً "اكتشاف" أنه لا يوجد جمعيات خيرية توزع المال على الشعوب المستسلمة في الصراعات السياسية، مع العلم أن جوهر الصراع الكوني هو أصلاً صراع على الخيرات المادية.
إذن غرق الناس في وهم الدولة والرفاه، وذهبوا للانتخابات، وانتخبوا عرفات فعلاً رئيساً لدولة فلسطين التي لم يكن ينقصها سوى الأرض والسيادة عليها. بعد ذلك انهمك الناس في حياتهم اليومية ونسوا الوعود التي قطعتها أوسلو، ونسوا مع الزمن أن حلم الاستقلال كان الخط الذي لا يمكن تجاوزه أبداً. بعد رحيل عرفات كان قد مضى من الوقت ما يسمح بنسيان الكثير من الماضي السحيق جداً الذي عاشه الناس أيام الانتفاضة الأولى أو الثانية. إن عشر سنوات زمن يكفي لكي تنسى الجماهير الشعارات والمواقف والرؤى، وتتبنى غيرها دون أن تتنبه في معظم الأحوال أنها تفعل ذلك. لقد وصل الكثير من الناس في نهاية المطاف إلى التماهي مع ما هو قائم. جزء كبير منهم يعتقد مخلصاً أن السلطة الفلسطينية القائمة في مراكز المدن الضفاوية الكبرى هي المشروع الوطني الفلسطيني الذي كنا نبحث عنه منذ عشرات السنين.
في تلك اللحظة بالذات دخلت المقاومة اللبنانية إلى المشهد لتدشن مرحلة من الكفاح المدهش الذي لم يسبق للعرب أن فعلوا مثله في مواجهة المشروع الصهيوني. كانت لحظات تحرير الجنوب في العام 2000 وحرب تموز 2006 من الأوقات التي طرب لها الناس من المحيط إلى الخليج. وفي الضفة تحديداً وحيث يعيش الفلسطينيون في المنافي تحول ح الله وقائده الشهيد أبوهادي إلى رمز أسطوري كاسح يكاد يتفوق على عبد الناصر نفسه.
هتف الناس المعتادون على انتظار النصر من الخارج: "يا ح الله يا حبيب اقصف ودمر تل ابيب".
هل كان بالإمكان في تلك اللحظة تذكر أن المقاومة اللبنانية تدين بالمذهب الشيعي الرافضي الكافر ....؟ كلا، فلم تكن قضية الصراع الديني قد أخذت مكانها بعد بصفتها الفيصل الرئيس في المواقف السياسية. لكن في تلك اللحظات بالذات تنهمك "هارفارد" وشقيقاتها في "اتحاد اللبلاب" في دراسة الطرق الكفيلة بضرب هذا اللون من المقاومة المرعبة. يتفق معظم الباحثين على اقتراح تدمير سوريا بصفتها الحلقة الأضعف من أجل ضرب المقاومة اللبنانية وتحجيم إيران.
أريقت أطنان من الحبر في الكتابة حول هذا الموضوع: الأعمال الاستخبارية، وتنشيط المجتمع المدني، والحصار الاقتصادي، وتنشيط الصراعات الطائفية والإثنية، ...الخ. وتمت مناقشة الاستراتيجيات المختلفة لكيفية إسقاط الدولة السورية، وما تزال الأبحاث والدراسات على رفوف المكتبات ماثلة للعيان.
لكن أحداً بالطبع لا يرغب في أن يقرأ.
خصوصاً أنصار "الدين السياسي" الذين يعلمون يقيناً أن الأسد نصير كافر، وأنصار "الديمقراطية والحريات" الذين يعلمون منذ نهاية الحرب الباردة وسيادة فكر ما بعد الحداثة وما بعد الشيوعية أن الحريات الليبرالية هي سر النجاح والسعادة والازدهار.
هكذا في سياق ربيع خماسيني مشبع بالرمل المحمل بروائح النفط والغاز تم تدمير ليبيا بمشاركة سلاح الجو القطري! نعم اتضح أن قطر لديها طيران حربي وطيارين، إلا إذا كان سلاح الجو القاطن في قاعدة "العيديد" هو الذي نفذ تلك الغارات الحاسمة باسم الدولة القطرية.
سقط الطاغية القذافي وطاغية مصر وتونس، والسودان الذي دخل في زمن الدولة الفاشلة إلى الأبد، وتفكك اليمن، ثم جاء الدور على درة التاج في مشاريع التغيير المقترحة في هارفارد ألا وهي سوريا.
بسرعة قياسية تشكلت كتائب الجهاد بألوانها المختلفة في شمال سوريا وشرقها وغربها وجنوبها. لكن أحداً لم يسأل: من أين أتى هذا السيل من المجاهدين وأطنان السلاح والعتاد؟ اندفع الناس وراء الشعارات الجذابة: الجهاد في سبيل الله، والحرية والديمقراطية ... الخ، بل إن حركة المقاومة الفلسطينية الأكثر أهمية في وقتنا الحالي، لم تجد مناصاً من أن تشارك في الجهاد ضد النظام البعثي العلماني الكافر بأمل إقامة الخلافة الإسلامية التي كانت تعيش حتى زمن قريب في استانبول. كان كل شيء يسير باتجاه استعادة مجد الأمة الإسلامية بقيادة السلطان رجب الطيب إردوغان. ولم يكن غريباً أن تعشق الجماهير المسلمة ناهيك عن جماهير الإخوان عصابات الإرهاب التي "تجاهد" في سوريا ضد الكفر الشيعي والعلوي والإزيدي والمسيحي. هكذا تبخر الإحساس بالعروبة أو حتى الإقليمية السورية لمصلحة الهويات المتشظية. لقد اتضح فجأة أننا كنا غافلين عن هويتنا الإسلامية الحقيقية. شكراً لهارفارد، شكراً للجزيرة والعربية والفيس بوك: لقد عرفنا أخيراً أن حسن زميرة الرافضي هو العدو الأخطر الذي ينسق مع إسرائيل سراً ضد الإسلام والمسلمين، وما قتاله في سوريا إلا تجسيد لذلك كله. غني عن البيان أن حسن زميرة كان كافراً بالنسبة لهارفارد والعربية مهما كان موقفه من سوريا، لأن مفتاح تكفيره يظل بداهة موقفه من إسرائيل.
تخلل الحرب الجهادية/الديمقراطية الكبرى ضد سوريا "وباء" كورونا، وتجنيد الناس للجهاد في سبيل مواجهة ذلك الرعب. هذه المعركة الجديدة لم يكن ينقصها الجاذبية التي تمتلكها معركة سوريا.
كلاهما تلقى دعماً واسعاً يسمح ل"المجاهد" أن يتمتع بالمجد والبطولة مع تلقي الدعم من أرباب النفوذ والمال وموزعي الجوائز في "الشرق الأوسط" والعالم أجمع. لا غرابة في رأينا أن جزءاً كبيراً من المناضلين ضد دكتاتورية الأسد كانوا مناضلين أشداء ضد أخطار كورونا. في الحالتين كان قائد النضال الكوني هو الولايات المتحدة، والمناضلون المحليون هم الدول الصديقة لأمريكا. بشكل كوميدي ربما لا يتذكره الجمهور اليوم، تمكنت السلطات في الدول العربية المختلفة أن تظهر بمظهر البطل الذي يحمي الناس من "دراكولا" كورونا المرعب. في فلسطين تحديداً تحول الناطق الرسمي حول موضوع كورونا إلى بطل حقيقي بشعبية واسعة لم يسبق لها مثيل؛ لقد نسي معظم الناس أننا نعيش تحت الاحتلال.
ترى كم مات منا بفعل فيروس كورونا؟ وكم عدد الذين تجندوا للقتال ضده؟ هل هم أكثر ممن سيتجندون لقضية فلسطين/غزة بعد تراجع الفيروس بزمن قليل؟
الآن بعد الطوفان، ومأساة غزة وبطولتها، وتحول سوريا من وكر الإرهاب في المنطقة إلى دولة صديقة يقودها شاب وسيم وشجاع على حد تعبير دونالد ترامب، هل يمكن للعقل الجمعي أن يستلهم الماضي/التاريخ على أي نحو؟
هل سنسأل مثلاً:
ماذا جرى في "موقعة" كورونا؟ هل كان هناك وباء حقا؟ وهل تم القضاء عليه بفضل اللقاحات؟ فايزر؟ أسترازينيكا؟ الروسي؟ الصيني؟ أم أن الفيروس انتشر وحده وتراجع وحده؟
هل فكر الناس بعد انحسار العدوان الكوروني في حيثياته؟ مثلاً مقدار الأرباح التي تحصلت عليها فايزر؟
وفي "موقعة" سوريا و"فتح الشام" على يد الجولاني، هل سيتوقف الناس من عشاق الديمقراطية أو من معسكر الجهاد بعض الوقت ليتحققوا من سر ضخامة الهجمة ضد نظام آل الأسد النصيري الكافر الدكتاتوري....الخ؟
هل لدى المواطن الوقت للتفكر في مقولة العجوز ماركس إن اللاحق يفسر السابق؟
وهل غزل ترامب/الجولاني الراهن يفسر ما جرى في سوريا؟ هل انضمام سوريا للإبراهيمية يفسر تدمير الدولة وجيشها؟ أم أن هيغل يظل محقاً إلى الأبد: الشيء الوحيد الذي نتعلمه من التاريخ هو أننا لا نتعلم شيئا من التاريخ.
وإذا كان ذلك الألماني محقاً دائماً، فكيف سيتم بناء الوعي الثوري عندما تنعدم إمكانية مراكمة التجربة والمعرفة؟ هل تقوم أدوات الاستعمار العملاقة بصياغة الواقع وهندسة العقل الجمعي على مدار الساعة؟ هذه اسئلة برسم التفكير الثوري لا مناص من مواجهتها من أجل أي مشروع يطمح إلى بناء عالم جديد.



#ناجح_شاهين (هاشتاغ)      



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- الفساد وقمع الحريات في سوريا البعث
- مصر السيسي ونمط الإنتاج الكولونيالي
- ترامب والدولة العميقة
- نقد مغامرة حماس
- ترامب والاستراتيجية الأمريكية الجديدة في مواجهة الصين
- الديمقرطية بين أمريكا وسوريا
- هل انتصرت غزة؟
- في انتظار دونالد ترامب
- دون كيشوت وآلام فراق النزام
- تحرير سوريا على يد الجولاني
- الاحتلال السهل لسوريا
- المقاومة وحدود الممكن التاريخي
- لو كنت نتانياهو
- استطلاع اللحظة الراهنة
- الشيطان/المخلص والفراغ الذي حل بنا
- الرد الإيراني اللبناني
- اليوم التالي ومعضلة وقف إطلاق النار
- غزة بين الكلبية وعقيدة الضاحية
- قراءة في زمن ما بعد 7 تشرين
- إسرائيل تفقد قيمتها وتتجه نحو اليسار


المزيد.....




- أول طاهية في أمريكا تحصل على ثلاث نجوم ميشلان.. ما قصتها؟
- بوتين يغيب عن محادثات السلام مع أوكرانيا في إسطنبول التي وصل ...
- بعد مواجهة عسكرية عنيفة... الهند وباكستان تتبادلان المطالبة ...
- مشاهد تظهر لحظة وصول الرئيس الأمريكي دونالد ترامب الى الإمار ...
- -حاملة الورود- وتفاعله مع الرقصة الشعبية.. أبرز مشاهد استقبا ...
- ترامب: سأكون فخورًا بتدخل أمريكي في غزة يُحوّلها إلى -منطقة ...
- ترامب: قريبون من اتفاق بشأن برنامج إيران النووي وطهران تبدو ...
- - لن نرحل-.. هتافات ومفاتيح العودة في شوارع رام الله بمناسبة ...
- -القاتل الصامت-.. أسباب وطرق علاج ارتفاع ضغط الدم!
- -بوند- - مبادرة مصرية تتصدى للتحرش الجنسي بالأطفال ذوي الإعا ...


المزيد.....

- الحرب الأهليةحرب على الدولة / محمد علي مقلد
- خشب الجميز :مؤامرة الإمبريالية لتدمير سورية / احمد صالح سلوم
- دونالد ترامب - النص الكامل / جيلاني الهمامي
- حَرب سِرِّيَة بَين المَلَكِيّات وَالجُمهوريّات 3/4 / عبد الرحمان النوضة
- فهم حضارة العالم المعاصر / د. لبيب سلطان
- حَرب سِرِّيَة بَين المَلَكِيّات وَالجُمهوريّات 1/3 / عبد الرحمان النوضة
- سلطة غير شرعية مواجهة تحديات عصرنا- / نعوم تشومسكي
- العولمة المتوحشة / فلاح أمين الرهيمي
- أمريكا وأوروبا: ملامح علاقات جديدة في عالم متحوّل (النص الكا ... / جيلاني الهمامي
- قراءة جديدة للتاريخ المبكر للاسلام / شريف عبد الرزاق


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - ناجح شاهين - أوسلو، كورونا، سوريا والتلاعب بالوعي الشعبي