مهند طلال الاخرس
الحوار المتمدن-العدد: 8455 - 2025 / 9 / 4 - 21:54
المحور:
السياسة والعلاقات الدولية
الاربعاء الثالث من ايلول/سبتمبر/٢٠٢٥ وفي ساحة ميدان «تيان آن مين» وسط العاصمة الصينية بكين اقيم أكبر عرض عسكري في تاريخ الصين الحديث، وذلك بمناسبة يوم النصر 80 واحياء للذكرى الثمانين لانتهاء الحرب العالمية الثانية.
صور الوحدات العسكرية المشاركة في العرض غاية في الجمال والتناسق والانضباط التام خاصة في التغيير الملحمي في التشكيلات، حتى ان المشاهد يشعر بانه امام عرض لريبوتات الية تتحرك بتناسق تام. كل هذا يضاف الى رصيد الصين الكبير والذي تعودنا عليه في هكذا استعراضات .
وفي مشهد مهيب قام الرئيس الصيني باستعراض وحدات وقطاعات الجيش من سيارة عسكرية مكشوفة خلال الاحتفال بذكرى النصر، حيث سار الرئيس الصيني عبر سيارته متفقدا القوات وهو يلقي عليهم تحيته الترحيبية :" مرحبا ايها الرفاق" وفيما بعد ترجل الرئيس من السيارة وصعد الى منصة الاحتفال ليشاهد والضيوف الحاضرين والعالم اجمع مرور الوحدات والقطاعات ومختلف صنوف الاسلحة من امام منصة العرض،
وتخلل العرض قيام الرئيس الصيني شي جين بينغ ونظيراه الروسي فلاديمير بوتين والكوري الشمالي كيم جونغ أون بمصافحة مناضلين صينيين قدامى ممن اشتركوا في الحرب واسهموا في التصدي ودحر العدوان الياباني في الحرب التي استمرت من عام 1931 حتى 1945.
وكان من اللافت في العرض العسكري كم ونوع الأسلحة التي عرضها الجيش الصيني في استعراضه العسكري خاصة الأسلحة النووية التي كُشف النقاب عنها مؤخراً، واهمها الصاروخ الباليستي الاستراتيجي الصيني من طراز (دونغ فونغ أي رياح الشرق- 5سي) ورؤوس نووية مرافقة له، والذي يتمكن من تدمير أي هدف على وجه الأرض، حيث يغطي مداها العالم أجمع.
واللافت اكثر كان ظهور تطورات كبيرة في سلاح الدفاع الجوي الصيني .. منظومات مضادة للصواريخ و منظومات دفاع جوي مضادة للدرونات و منظومات دفاع بالليزر .. و اضافة لذلك صواريخ مضادة للسفن باليستية و ذات رؤوس منفصلة انزلاقية و ايضا عرض لدرونات شبحية استطلاعية مسلحة و الصواريخ العابرة للقارات وغيرها ..
كما امتاز العرض بالحضور الجماهيري المنظم والتصوير عالي الدقة الذي تمكن بحرفية من تغطية كافة الفعاليات ومن كافة الزواية بمشاهد غاية في الجمال والاناقة والاتساق لا سيما منظر سماء العرض حين حلقت البالونات والطيور فيها، واكتملت روعة المشهد وجماليته حين امتلأت السماء بهذا الكم والعدد الهائل من البالونات الملونة، لكن كل ذلك لم يزاحم ما ملأ السماء فيما بعد من تحليق الطائرات الحربية والطائرات بدون طيار في السماء والصواريخ القارية والباليستيات من الأرض، فحينها بلغت رسالة الصين مداها وغايتها...
ووفق تقرير نشرته وكالة «أسوشييتد برس»، يحاول الحزب الشيوعي الحاكم تعزيز الشعور القومي من خلال المتاحف المُجددة، وأفلام الحرب الجديدة، والعرض العسكري، الذي يحضره قادة، بمن فيهم الرئيس الروسي فلاديمير بوتين، والزعيم الكوري الشمالي كيم جونغ أون.
بالنسبة إلى العالم الخارجي، ستكون الصواريخ والدبابات والطائرات المقاتلة في العرض استعراضاً للقوة، حيث تسعى الصين إلى تصوير نفسها على أنها بديل لحقبة ما بعد الحرب التي تهيمن عليها الولايات المتحدة.
يُعدّ إحياء الذكرى جهداً لإظهار مدى التقدم الذي أحرزته البلاد، ومن خلال ذلك، بناء الدعم للحزب وزعيمه، الرئيس شي جينبينغ. كانت الصين جبهة رئيسية في الحرب العالمية الثانية، وهي حقيقة غالباً ما تُغفل في الروايات التي تُركز أكثر على القتال من أجل أوروبا والمعارك البحرية الأميركية في المحيط الهادئ.
قالت إميلي ماتسون، الباحثة في التاريخ الصيني الحديث التي تُدرّس في جامعتي جورج تاون وجورج واشنطن: «إنه جزء مهم للغاية من الرواية التي يُضفي بها الحزب الشيوعي شرعيته كقائد للشعب الصيني».
لم يُعظّم الحزب دائماً من انتهاء الحرب. لم يصل الشيوعيون إلى السلطة إلا بعد أربع سنوات، وكان الجزء الأكبر من القتال من نصيب منافسيهم، الحكومة القومية التي أطاحوا بها عام 1949.
كان صراع الحرب أقل أهمية في العقود الأولى من الحكم الشيوعي، عندما كان التركيز منصباً على بناء دولة اشتراكية.
بدأ هذا الوضع بالتغير عام 1978، عندما أطلق الحزب الإصلاحات التي دفعت بالنهضة الاقتصادية للصين. تحولت رسالته تدريجياً من انتصار الطبقة العاملة إلى بناء الأمة.
قالت ماتسون: «هذه قومية جديدة، إذ بدأت تشمل ليس فقط البروليتاريا الصينية، بل الأمة الصينية بأكملها».
مع مرور الوقت، أصبحت هزيمة اليابان جزءاً من قصة بناء الأمة، ونقطة انطلاق تُشير إلى نهاية فترة طويلة فرضت فيها القوى الأجنبية إرادتها على صين أضعف.
عزز شي، الذي تولى السلطة عام 2012، مساعيه لبناء دولة قوية لا يمكن استغلالها. تصدت حكومته للرسوم الجمركية الأميركية الجديدة هذا العام، مما أجبر الرئيس الأميركي دونالد ترمب على تخفيضها.
في عام 2014، خصصت الحكومة يوم 3 سبتمبر (أيلول) -وهو اليوم التالي لاستسلام اليابان رسمياً- ليكون يوم النصر. وفي العام التالي، الذكرى السبعين لنهاية الحرب، نظمت عرضاً عسكرياً في هذا اليوم لأول مرة.
يُعرّف مؤرخو الحزب هزيمة اليابان بأنها نقطة تحول. فقد أرست أساساً مهماً لإعادة بناء الأمة، كما قال وانغ جونوي، رئيس المجلس الأكاديمي والتحريري في معهد تاريخ وأدب الحزب.
وقال: «لقد حوّل النصر في الحرب ضد اليابان الأمة الصينية من أزمة عميقة إلى نهضة عظيمة».
بالنسبة إلى الصين، بدأ القتال فيما تُسميه حرب المقاومة الشعبية الصينية ضد العدوان الياباني قبل وقت طويل من الهجوم الياباني على بيرل هاربور عام 1941.
افتُتح معرضٌ شاملٌ عن الحرب في يوليو (تموز) في متحفٍ على مشارف بكين بالقرب من جسر ماركو بولو العريق، حيث تطورت مناوشات عام 1938 إلى غزوٍ يابانيٍّ للصين.
ويُصرّح الحزب، منذ عام 2017، بأن الحرب بدأت قبل ذلك - في عام 1931، عندما احتلت اليابان منطقةً كانت تُعرف آنذاك باسم منشوريا. وتضم المنطقة الشمالية الشرقية متحف الحرب في شنيانغ، الذي أُعيد افتتاحه الشهر الماضي بعد تجديده.
وشاهد زوار المتحفين آثاراً للحياة العسكرية وصوراً بالأبيض والأسود غير واضحة المعالم تُجسّد المعاناة والفظائع.
وقالت يان هونغجيا، مُعلّمة المرحلة الإعدادية، في المتحف: «لقد دفعنا ثمناً باهظاً للغاية». وقارنت ذلك بالحرب الدائرة في الشرق الأوسط.
وأضافت: «لنفكر في الأمر، لو كان أطفال غزة خلال الحرب أطفالنا، فهل كنا مستعدين لإعادة إحياء هذا التاريخ، وهذا الإذلال، وهذا الألم؟».
لاحظت رانا ميتر، مؤرخة جامعة «هارفارد»، التي كتبت باستفاضة عن تجربة الصين في الحرب، بعض التغييرات في عرض الحزب للحرب عندما زارت المعرض نفسه.
أحد هذه التغييرات كان تضخيم دور الطيارين العسكريين السوفيات الذين ساعدوا الصين في السنوات الأولى من القتال، في إشارةٍ إلى تعميق علاقة الصين مع روسيا.
ومن التغييرات الأخرى ازدياد الأهمية الممنوحة لدور الصين بوصفها عضواً مؤسساً للأمم المتحدة. تُصوّر الصين نفسها مدافعاً عن النظام العالمي في الوقت الذي يُمزق فيه ترمب المعايير الراسخة في العلاقات الدولية أو يُغيّرها حسب رغبته.
وقالت ميتر: «تُستخدم الحرب العالمية الثانية إطاراً للقول إن الصين هي الآن الوريث الحقيقي للنظام العالمي لعام 1945».
في أربعينات القرن الماضي، واجهت الولايات المتحدة والصين وحلفاؤها الآخرون التوسع العسكري الياباني في آسيا وصدّوه. وبعد ثمانية عقود، أصبحت الولايات المتحدة واليابان حليفتين في مواجهة الصين التي ازدادت قوةً وتمسكاً بما تعده حقوقها.
بالنسبة إلى بعض جيرانها، لا سيما تايوان والفلبين، أصبحت الصين الطرف المتنمر في بحر الصين الجنوبي.
يقول شين كاواشيما، الخبير في الشؤون الصينية بجامعة طوكيو، إن بكين تستغل العرض العسكري لخلق صورة تُبرز وقوفها إلى جانب روسيا ودول أخرى في مواجهة أميركا والدول الغنية الأخرى.
وأضاف: «تحاول الصين أن تُصوّر نفسها على أنها كانت عضواً رئيسياً في قيادة النظام العالمي لما بعد الحرب، وأنها وصلت الآن إلى مرحلة تلحق فيها بالولايات المتحدة وتتفوق عليها».
يبقى “يوم النصر” حدثا تاريخيا يذكر العالم بمرحلة من أكثر الحروب دموية في القرن العشرين فهو من ناحية مناسبة وطنية صينية تحمل بعدا وجدانيا وتاريخيا عميقا، ومن ناحية أخرى تحول إلى ساحة تعبير عن التوازنات والتحالفات في النظام الدولي الراهن.
قلوبنا وعقولنا مع الصين في مواجهة الاستفراد الامريكي المتغطرس على هذا الكوكب المدمى بكثرة الحروب والخراب الذي سببته ورعته امريكا راس الامبريالية الاخرق.
#الصين_قوة_عظمى
#مهند_طلال_الاخرس (هاشتاغ)
ترجم الموضوع
إلى لغات أخرى - Translate the topic into other
languages
الحوار المتمدن مشروع
تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم
العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم.
ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في
استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي،
انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة
في دعم هذا المشروع.
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟