أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادارة و الاقتصاد - أحمد رباص - المندوبية السامية للتخطيط تشرح لنا كيف يسير المغرب بسرعتين















المزيد.....

المندوبية السامية للتخطيط تشرح لنا كيف يسير المغرب بسرعتين


أحمد رباص
كاتب

(Ahmed Rabass)


الحوار المتمدن-العدد: 8454 - 2025 / 9 / 3 - 02:48
المحور: الادارة و الاقتصاد
    


من خلال الحسابات الجهوية، ظهر المغرب في عام 2023 كخريطة مُقسّمة. تتجاور أقطاب الرخاء مع الجهات المُهمَلة، راسِمةً صورةً لبلدٍ يتقدم بسرعتين مُختلفتين.
وفقا المندوبية السامية للتخطيط، حقق الاقتصاد المغربي، عام 2023، ناتجا محليا إجماليا حقيقيا متسلسلًا قدره 1,382.3 مليار درهم، بمعدل نمو سنوي قدره 3,7 ٪. يعكس هذا الرقم الإجمالي مجموعة متنوعة من المسارات الإقليمية. بعضها يتقدم بسرعة كبيرة، بينما يبدو البعض الآخر محكوما عليه بالركود أو حتى بالتراجع.
تميط الحسابات الجهوية لعام 2023، الصادرة عن المندوبية السامية للتخطيط، الحجاب عن هذا الواقع. فهي تُؤكِّد أن النمو ليس مُوزَّعا بالتساوي، بل يتراكم في عدد قليل من الأقطاب النشطة، بينما تبقى مناطق أخرى، التي تُضعِفها بنياتها الإنتاجية، على الهامش.
إذا نظرنا أولاً إلى نصيب الفرد من الناتج المحلي الإجمالي، نجد خريطة المغرب تُظهر تباينا صارخا. ففي جهات الصحراء، خاصة جهة الداخلة – وادي الذهب وجهة العيون – الساقية الحمراء ، تُسجل مستويات ثروة للفرد تتجاوز تماما بقية البلاد، إذ تبلغ ضعف المتوسط ​​الوطني البالغ 40,500 درهم تقريبا .
يعكس هذا الثراء الكبير أثرًا تعويضيا في المناطق الجنوبية، مدفوعا بالاستثمارات ومشاريع البنية التحتية. مع ذلك، تجدر الإشارة إلى أن انخفاض الكثافة السكانية هناك يُحدث تأثيرا حسابيا، إذ يُضخّم نسب الناتج المحلي الإجمالي للفرد تلقائيا.
في الطرف الآخر من الطيف، تُكابد الجهات الداخلية، مثل جهة درعة-تافيلالت وجهة فاس-مكناس ، من أجل الانطلاق. فهناك، تُشتت الثروة بسبب الكثافة السكانية الكبيرة والاقتصادات الهشة، التي تعتمد اعتمادا كبيرا على الزراعة وتتعرّض للمخاطر المناخية .
يُظهر هذا التباين ظاهرة عالمية. فغالبا ما تكون المناطق الساحلية، المندمجة في التدفقات الاقتصادية والمزودة بالبنية التحتية، هي التي تجذب النمو، بينما تغرق المناطق غير الساحلية في التخلف.
تُذكّرنا الجغرافيا الاقتصادية في كل مكان بأن الوصول إلى الأسواق والبنية التحتية والاستثمار يتحدد بالدرجة الأولى بالساحل وفي المراكز الحضرية الكبرى. ومع ذلك، لا يُمكن تبرير هذه التفاوتات الحالية، والتي يجب تقليصها بسرعة.
إذا ابتعدنا عن منظور نصيب الفرد من الناتج المحلي الإجمالي ونظرنا إلى الثروة بقيم مطلقة، تبقى الصورة متفاوتة بنفس القدر. ستمثل ثلاث جهات فقط، هي جهة الدار البيضاء-سطات، جهة الرباط-سلا-القنيطرة وجهة طنجة-تطوان-الحسيمة، 58.5% من الناتج المحلي الإجمالي الوطني بحلول نهاية عام 2023.
تُعدّ جهة الدار البيضاء-سطات، بنسبة 32% من الناتج المحلي الإجمالي، القاطرة القوية للبلاد بلا منازع. فهي تُمثّل وحدها أكثر من جميع جهات الجنوب والوسط والشرق مجتمعة. تُمثّل جهة الرباط-سلا-القنيطرة 15.7% من الثروة الوطنية، بينما تُساهم جهة طنجة-تطوان-الحسيمة بنسبة 10.6 %.
هذا التركيز ليس وليد الصدفة. فهو يعكس، مرة أخرى، جاذبية المناطق الساحلية، المنفتحة على الأسواق العالمية والقادرة على استقطاب الاستثمارات الأجنبية. لكنه يطرح سؤالاً مهماً: ماذا تبقى للمناطق الأخرى؟
باستثناء جهتي الصحراء وجهة درعة-تافيلالت ، اللتين يظل وزنهما هامشيا في الاقتصاد الوطني، فقد ساهمت الجهات الخمس الأخرى، وهي جهة مراكش-آسفي، جهة فاس-مكناس، جهة سوس-ماسة، جهة بني ملال-خنيفرة، وجهة الشرق، مجتمعة بما يزيد قليلا عن ثلث الثروة التي تم إنشاؤها، بحصة 33.8% من الناتج المحلي الإجمالي.
وهكذا، تُشير المندوبية السامية للتخطيط إلى تزايد التفاوتات الجهوية في تكوين الثروة. فقد ارتفع متوسط ​​الفجوة المطلقة، الذي يقيس متوسط ​​المسافة بين الناتج المحلي الإجمالي لمختلف المناطق ومتوسط ​​الناتج المحلي الإجمالي الجهوي، من 73.3 مليار درهم عام 2022 إلى 83.1 مليار درهم عام 2023 .
بتعبير آخر، تتسع الفجوات أكثر فأكثر. فالجهات الدينامية تبتعد أكثر فأكثر عن المتوسط ​​الوطني، بينما تتخلف الجهات التي تواجه صعوبات أكثر فأكثر.
في عام 2023، لم يكن النمو متجانسا. فقد سجلت خمس جهات نموا يفوق المتوسط ​​الوطني. وتبرز جهة الداخلة بنمو مذهل بلغ 10.1٪ ، مدفوعا بقطاعي الصيد والبناء، تليها بفارق ضئيل جهة فاس مكناس، التي بلغت نسبة نموها 8.9٪ بفضل موسم زراعي جيد ودينامية الخدمات.
تليها جهة مراكش-آسفي بنمو قدره 6.3%، مدفوعةً بانتعاش السياحة. وسجلت جهة الدار البيضاء-سطات نموًا قدره 5%، وبلغت نسبة النمو في جهة طنجة-تطوان-الحسيمة 4.9%.
فضلا عن ذلك، تسجل خمس جهات أخرى معدلات نمو إيجابية، ولكن أقل من المتوسط ​​الوطني: جهة سوس-ماسة، جهة العيون الساقية الحمراء، جهة الرباط-سلا-القنيطرة، جهة كلميم واد نون وجهة درعة-تافيلالت.
من جهة أخرى، سجلت منطقتان معدلات نمو سلبية: بني ملال خنيفرة والمنطقة الشرقية، وكلاهما تأثرا بالأداء الزراعي الضعيف.
خلف هذه الأرقام الباردة، تكمن حقيقة إنسانية. ففي الدار البيضاء، يعاني السكان من وطأة الاكتظاظ، والاختناق، والتلوث، وغلاء المعيشة. أما في ميدلت أو بني ملال، فتُلقي البطالة وهجرة الشباب بظلالها عليهم.
لا يمكن للمغرب أن يستمر على هذا النموذج من الاختلال إلى الأبد. فبينما يكون من الطبيعي أن تتميز بعض المناطق بديناميتها الصناعية أو السياحية، فإن أي دولة تتخلى عن نصف أراضيها تُعرّض نفسها لخطر التفكك الدائم.
هذه الاختلالات ليست محايدة. فهي تُغذّي شعورا بالإهمال، وتُفاقم الفوارق الاجتماعية، وتُعيق تحقيق وعود الجهوية المتقدمة الهادفة إلى تحقيق التوازن التنموي. وهكذا، يبدو المغرب بلدا ذا سرعتين: سرعة المدن الكبرى الدينامية المتصلة بالعالم، وسرعة المناطق النائية التي لا تزال أسيرة نموذج اقتصادي هش.
هذا، دون أن ننسى الفجوات الأخرى التي تنتشر في كل المناطق: الفوارق بين المناطق الحضرية والقروية؛ المناطق الجبلية أو السهلية؛ الرجال والنساء؛ الشباب والكهول. إن محاربة التفاوتات مهمة صعبة تحتاج إلى جهد جهيد.



#أحمد_رباص (هاشتاغ)       Ahmed_Rabass#          


ترجم الموضوع إلى لغات أخرى - Translate the topic into other languages



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- الجزائر: طال اختفاء تبون ولا أحد يعرف مصيره ولا مكان وجوده
- ردا على ما كتبه اليوم عبد الرحمن الغندور تحت عنوان: -في الحا ...
- جولة للبحث عن مفهومي الحقيقة والحرية في قارة الفلسفة ( الجزء ...
- بهلوانيون مغاربة في أمريكا منذ بداية القرن 20 رائدهم الأول ح ...
- الانتخابات التشريعية 2026: حزب العدالة والتنمية يكشف عن مذكر ...
- الاشتراكي الموحد يجدد مطالبته الدولة المغربية بمباشرة حوار و ...
- إلى متى يظل الفنانون المغاربة يتهربون من الضرائب؟
- الخطوط العريضة لاقتراحات حزبي -الاتحاد الاشتراكي- و-التقدم و ...
- بلاغ حزب -الرسالة- حول منصته المستحدثة لاستقبال مقترحات المو ...
- الأستاذ الغلوسي يدين استغلال الإعلام الجزائري لمنشوراته وصور ...
- النائبة البرلمانية منيب تسائل كتابيا الوزير الميداوي عن مشرو ...
- جدل على شبكة التواصل الاجتماعي حول إمكان قيادة الدكتورة نبيل ...
- العقوبات البديلة ودليلها في المغرب.. أول حكم من هذا القبيل ي ...
- ترامب يأمر بإثقال شيكاغو بجنود من الحرس الوطني بدعوى محاربة ...
- العراق: جماعة شيعية جديدة تحرض الشباب على الانتحار ليكونوا “ ...
- عزيز المنبهي.. مناضل يساري كابد القمع، عاش ماركسيا لينينيا و ...
- الدار البيضاء: الدورة الرابعة لمهرجان الظاهرة الغيوانية بين ...
- فلتات لسان مهووس بالبيان
- البحرية الإيرانية أطلقت أول مناورات عسكرية منذ الحرب مع إسرا ...
- جولة للبحث عن مفهومي الحقيقة والحرية في قارة الفلسفة (137)


المزيد.....




- الأزمة المالية تعمق المشاكل الاجتماعية والأسرية في كردستان
- -ريفييرا الشرق الأوسط-: مشروع اقتصادي أم تهجير قسري؟
- إيران تقيم الملتقى الدولي الثاني للاقتصاد التعاوني + فيديو
- الذهب يواصل صعوده وسط الحرب التجارية ومخاطر التضخم
- الموريتاني سيدي ولد التاه يتسلّم رئاسة البنك الأفريقي للتنمي ...
- ماذا قال لامين يامال عن إمكانية فوزه بالكرة الذهبية هذا العا ...
- مجلس الوزراء يقر حزمة قرارات خدمية واقتصادية ويساند ملتقى ال ...
- إيلون ماسك يدخل المشهد اللبناني: -ستارلينك- تفتح نقاش السياد ...
- سوريا تصدر أول شحنة من النفط الخام منذ 14 عاما
- الهند تجري محادثات مع أميركا بشأن اتفاق تجاري


المزيد.....

- دولة المستثمرين ورجال الأعمال في مصر / إلهامي الميرغني
- الاقتصاد الاسلامي في ضوء القران والعقل / دجاسم الفارس
- الاقتصاد الاسلامي في ضوء القران والعقل / د. جاسم الفارس
- الاقتصاد الاسلامي في ضوء القران والعقل / دجاسم الفارس
- الاقتصاد المصري في نصف قرن.. منذ ثورة يوليو حتى نهاية الألفي ... / مجدى عبد الهادى
- الاقتصاد الإفريقي في سياق التنافس الدولي.. الواقع والآفاق / مجدى عبد الهادى
- الإشكالات التكوينية في برامج صندوق النقد المصرية.. قراءة اقت ... / مجدى عبد الهادى
- ثمن الاستبداد.. في الاقتصاد السياسي لانهيار الجنيه المصري / مجدى عبد الهادى
- تنمية الوعى الاقتصادى لطلاب مدارس التعليم الثانوى الفنى بمصر ... / محمد امين حسن عثمان
- إشكالات الضريبة العقارية في مصر.. بين حاجات التمويل والتنمية ... / مجدى عبد الهادى


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادارة و الاقتصاد - أحمد رباص - المندوبية السامية للتخطيط تشرح لنا كيف يسير المغرب بسرعتين