جهاد علي البرق
الحوار المتمدن-العدد: 8453 - 2025 / 9 / 2 - 04:51
المحور:
مواضيع وابحاث سياسية
*دولة فلسطين في ضوء سلطة الشؤون الخاصة لمنظمة الأمم المتحدة*
لاشك بأن قرار الإدارة الأمريكية برفض منح الإذن ( تأشيرات ) لدخول رئيس دولة فلسطين والوفد المرافق له من مسؤولي منظمة التحرير الفلسطينية والسلطة الوطنية الفلسطينية ، لحضور جلسة الجمعية العامة للأمم المتحدة في نيويورك - لهو تجسيد لخرق وإنتهاك. يتمحور حول ركيزتين :
*الأولى* : خرق للدستور الأمريكي الذي نظم في قواعده إحترام الاتفاقات والإتفاقيات والمعاهدات التي تم الإنضمام إليها من قبل السلطة التنفيذية الأمريكية واعتماد السلطة التشريعية ( الكونجرس )
*الثانية* : خرق إتفاقية المقر مع منظمة الأمم المتحدة الصادرة في العام ١٩٧٤ .
لنتحدث حول الركيزتين بواقع علمي بحت :
*اولآ* : خرق للدستور الأمريكي
- تتطلب ضرورة احترام السلطة التنفيذية الأمريكية للدستور فيما يتعلق بمقر الأمم المتحدة في نيويورك أن تلتزم الإدارة الأمريكية بالمعاهدات والاتفاقيات التي صادقت عليها البلاد، وخاصة الاتفاقية التي تأسس لمقر الأمم المتحدة وتمنح المنظمة وضعًا خاصًا داخل الولايات المتحدة، بحيث ان الدستور الأمريكي يوجب احترام المعاهدات كقانون أعلى في البلاد، مما يعني أن أي تصرفات أو تشريعات تنتهك حقوق الأمم المتحدة أو تتجاهل موقعها كمنظمة دولية ستكون غير دستورية ، لأن الدستور ينص على أن المعاهدات تعتبر قانون أعلى في( بند السيادة) ، بمعنى أن المعاهدات جزء من القانون الأعلى للبلاد. هذا يعني أن أي اتفاقيات دولية تبرمها الولايات المتحدة ملزمة لها مثل أي قانون فيدرالي آخر
- -- *المركز القانوني لطبيعة المقر* :
الولايات المتحدة دولة موقعة مع الامم المتحدة بموجب اتفاقية المقر التي وقعتها في العام ١٩٤٧ والتي تمنح المنظمة امتيازات وحصانات خاصة طبقآ لتلك الاتفاقية الدولية التي تأسست
والصادرة في العام ١٩٤٦ . لتمكينها من أداء مهامها بشكل مستقل.
*--- واجبات السلطة التنفيذية* :
يقع على عاتق السلطة التنفيذية، ممثلة بالرئيس، واجب الالتزام بالقوانين والمعاهدات. هذا يشمل اتخاذ إجراءات لضمان امتثال الحكومة الأمريكية والامتناع عن أي إجراءات قد تضر بمكانة الأمم المتحدة أو تخرق الاتفاقيات الدولية.
-- *الحماية القانونية* :
يضمن احترام الدستور الأمريكي للسلطة التنفيذية في الالتزام باتفاقية المقر أن يكون لمقر الأمم المتحدة في نيويورك مكانة آمنة ومستقلة، مما يسمح للأمم المتحدة بأداء مهامها العالمية دون تدخل.
- *- العلاقات الدولية* :
احترام الدستور أمر ضروري للحفاظ على مصداقية الولايات المتحدة كشريك موثوق به في المجتمع الدولي، خاصة في علاقاتها مع المنظمة الدولية.
*الخلاصة* :
يتوجب على السلطة التنفيذية الأمريكية احترام الدستور، والذي يضع المعاهدات كقانون أعلى، لضمان حقوق ومكانة مقر الأمم المتحدة في نيويورك. هذا الالتزام ضروري للحفاظ على النظام الدولي ولضمان عمل المنظمة الدولية بشكل فعال.
*ثانيآ* : خرق لإتفاقية المقر بإعتبار أن الولايات المتحدة الأمريكية هي دولة المقر
أو المضيفة .
اتفاقية المقر للأمم المتحدة هي اتفاقية دولية تُبرم بين الأمم المتحدة والدول المضيفة لمقارها الرئيسية أو مكاتبها الإقليمية. تهدف هذه الاتفاقيات إلى تحديد الحقوق والواجبات المتبادلة بين الأمم المتحدة والدولة المضيفة، بما في ذلك الحصانات والامتيازات اللازمة لضمان أداء الأمم المتحدة لمهامها بفعالية واستقلالية.
*أهداف اتفاقية المقر*
- *ضمان الحصانات والامتيازات*: توفير الحماية اللازمة للأمم المتحدة وممثليها وموظفيها من التدخل أو التقييد من قبل السلطات المحلية.
- *تسهيل العمل*: تمكين الأمم المتحدة من أداء مهامها دون عوائق أو قيود غير ضرورية.
- *تعزيز التعاون*: تعزيز التعاون بين الأمم المتحدة والدولة المضيفة لضمان نجاح أنشطة المنظمة.
- *اتفاقية المقر الرئيسية للأمم المتحدة في نيويورك*: تم التوقيع عليها في 26 يونيو 1947 بين الأمم المتحدة والولايات المتحدة الأمريكية.
- *اتفاقيات المقر مع الدول المضيفة للمكاتب الإقليمية*: مثل مكتب الأمم المتحدة في جنيف أو مكاتب أخرى في مناطق مختلفة من العالم.
إطار إتفاقية المقر-
- *الحصانات والامتيازات*: تشمل حصانة المباني والممتلكات، وحصانة الموظفين والدبلوماسيين من القضاء المحلي.
- *الحرية في الاتصالات*: ضمان حرية الاتصالات والمراسلات للأمم المتحدة وموظفيها.
- *التنقل والعبور*: تسهيل دخول وخروج موظفي الأمم المتحدة وممثلي الدول الأعضاء.
- *الالتزامات المالية*: تحديد الالتزامات المالية والضرائبية للأمم المتحدة وموظفيها.
*الأهمية*
- *استقلالية الأمم المتحدة*: تضمن الاتفاقية استقلالية الأمم المتحدة وقدرتها على أداء مهامها دون تدخل خارجي.
- *التعاون الدولي*: تعزز الاتفاقية التعاون بين الأمم المتحدة والدول الأعضاء والدول المضيفة.
--- --- _ماذا يعني قرار الإدارة الأمريكية في هذا السياق فإنه يندرج ضمن ركيزتين :_
*الأولى* : يعتبر قرارآ أحاديآ
*الثانية* : مرجعية قرار الولايات المتحدة الأمريكية .
أما فيما يتعلق *بالركيزة الأولى :*
- القرارات الأحادية في القانون الدولي هي إعلانات أو تصرفات صادرة عن دولة واحدة تنشئ التزامًا قانونيًا على تلك الدولة تجاه دول أخرى أو المجتمع الدولي بشكل عام. هذه القرارات تخضع لعدة شروط لكي تكون ملزمة، منها أن تصدر عن سلطة مخولة وتمتلك محتوى واضحًا ومحددًا، ولا تتعارض مع قواعد القانون الدولي الآمرة. من أمثلة ذلك، التصريحات الرسمية التي تصدر عن رؤساء الدول أو الوزراء، أو التصرفات مثل فرض العقوبات الاقتصادية أحادية الجانب والتي تعتبر أحيانًا تدخلاً في شؤون الدول الأخرى وتتعارض مع مبادئ القانون الدولي.
أنواع القرارات الأحادية:
الإعلانات الرسمية:
وهي تصريحات شفوية أو مكتوبة صادرة عن سلطة مخولة في الدولة، مثل رئيس الدولة أو رئيس الحكومة أو وزير الخارجية، بهدف الالتزام بتعهد معين أو توضيح موقف قانوني.
التصرفات الأخرى:
قد تشمل أفعالًا مثل فرض عقوبات اقتصادية أحادية الجانب على دولة أخرى، حيث تسعى الدولة الفاعلة لإجبار الدولة المستهدفة على تغيير سياستها.
شروط إلزامية القرار الأحادي:
المحتوى والظروف:
يجب أن يكون الإعلان واضحًا ومحددًا وأن تصدر في ظروف معينة تمكن المحاكم الدولية من تحديد النية الموضوعية للدولة في الالتزام.
السلطة المخولة:
يجب أن يصدر الإعلان عن جهة مخولة قانونًا بإلزام الدولة، مثل رؤساء الدول أو وزراء الخارجية.
الوضوح والتحديد:
لكي يُلزم الإعلان الدولة، يجب أن يكون واضحًا ومحددًا، وفي حالة الشك، يُفسّر التفسير الضيق.
عدم التعارض مع قواعد القانون الدولي:
لا يمكن أن يرتب الإعلان التزامات إذا كان يتعارض مع قاعدة آمرة من قواعد القانون الدولي.
*آثار القرارات الأحادية* :
التزام على الدولة المصدرة:
يُنشئ الإعلان الأحادي التزامًا قانونيًا على الدولة التي أصدرته.
عدم إنشاء التزام على الدول الأخرى تلقائيًا:
لا يُلزم الإعلان الأحادي الدول الأخرى دون قبول صريح منها لهذا الإعلان.
التأثير على علاقات الدول:
قد تؤثر القرارات الأحادية، مثل العقوبات الاقتصادية، في العلاقات السياسية والاقتصادية بين الدول وتتسبب في مشاكل اجتماعية وإنسانية في الدول المستهدفة.
*أمثلة* :
التصريحات المتعلقة بالمعاهدات:
قد تصدر الدولة إعلانات أحادية لتفسير أو تعديل بنود المعاهدات التي توافق عليها، وفقًا لـ اتفاقية فيينا لقانون المعاهدات.
العقوبات الاقتصادية أحادية الجانب:
عندما تفرض دولة عقوبات على دولة أخرى دون موافقة المجتمع الدولي، فقد تعتبر هذه التدابير تدخلاً في الشؤون الداخلية للدولة الأخرى، وتُعد تذكيرًا بـ تاريخ التدخلات الأحادية في القانون الدولي .
*اما في الركيزة الثانية* : - مرجعية القرارات الأمريكية ضد دولة فلسطين
إصدار الخارجية الأمريكية لهذه العقوبات ضد دولة فلسطين جاء إنعكاسآ لضغوطات بعض أعضاء الكونغرس٬ وبررت هذه الخطوة بما أسماه "عدم امتثال منظمة التحرير والسلطة الفلسطينية لقوانين أمريكية سابقة من بينها *١* - قانون الامتثال لالتزامات منظمة التحرير الفلسطينية لعام 1989.
*٢* - وقانون التزامات السلام في الشرق الأوسط لعام 2002.
*٣* - ربط السلام بزعم أمريكا بنبذ الإرهاب أو إقامة دولة من جانب واحد أو حملات التقاضي ضد إسرائيل في المحاكم الدولية .
*٤* - تقديم السلطة الدعم المالي لعائلات الأسرى والشهداء والاسرى .
*٥* - المناهج التربوية تحت إدارة السلطة الفلسطينية .
*٦* - مرجعية الإدارة الأمريكية لقراراتها تلك بموجب المادة (604-أ-1) من قانون التزامات السلام في الشرق الأوسط، بحيث تفرض واشنطن عقوبات على مسؤولين فلسطينيين تشمل منع إصدار التأشيرات أو تجديدها، باعتبار أن "ذلك يخدم المصلحة القومية الأمريكية في فرض عواقب على من يقوّض فرص التسوية السلمية.
--- *التحديات المطلوبة من الأمم المتحدة ودولة فلسطين .*
*أولا* : الأمم المتحدة
- لابد من أن يثير القرار الأمريكي نقاشًا واسعًا داخل أروقة الأمم المتحدة، خصوصًا من قبل الدول الداعمة للحقوق الفلسطينية. هناك سيناريوهات محتملة :
*١* - نقل بعض الاجتماعات إلى جنيف أو فيينا كما حدث سابقًا عندما منعت واشنطن ياسر عرفات من دخول أراضيها عام 1988 ، او فشلها كما حدث سابقآ مع روسيا وإيران .
*٢* - تصعيد الملف قانونيًا عبر لجنة علاقات المقر بالأمم المتحدة التي تراقب التزام الولايات المتحدة بواجباتها.
*٣* - حضور الرئيس الفلسطيني محمود عباس دورة الجمعية العامة رقم ٨٠ من خلال تقنية الكونفرنس .
*ثانيآ* : دولة فلسطين
*- ١* - الإستمرار في المجهود الوطني لتمكين مؤسسات دولة فلسطين من خلال تفعيل قرارات شبكة الأمان المالية من جامعة الدول العربية والتعاون الإسلامي ودعم الإتحاد الأوروبي .
*٢* - توحيد الجبهة الداخلية الفلسطينية .
*٣* - متابعة تنفيذ قرارات قمة الرياض المنبثقة عن الجلسة المشتركة من جامعة الدول العربية والتعاون الإسلامي .
*٤* - الطلب من الأمين العام للأمم المتحدة توفير الحماية الدولية للمكتبسات السياسية الفلسطينية التي تجسدت بالقرارات الدولية
في إطار الأمم المتحدة .
*٥* متابعة توسيع التضامن الدولي للإعتراف بدولة فلسطين من خلال المبادرة السعودية التي تم إطلاقها على هامش الدورة _٧٩ -_ للجمعية العامة للأمم المتحدة ومؤتمر حل الدولتين .
*٦* - إطلاق مبادرة فلسطينية لإدامة الإشتباك السياسي الإيجابي مع الإدارة الأمريكية من خلال المجتمع الدولي
*٧* تفعيل الاتفاقيات الدولية التي صادقت عليها دولة فلسطين
*-- مقترح خاص* :
- *نطالب الرئيس الفلسطيني أبومازن بدعوة الأمين العام للأمم المتحدة بان تكون دولة فلسطين تحت سلطة الشؤون الخاصة لمنظمة الأمم المتحدة..*
- *التوقيع مع الأمم المتحدة للإنضمام لإتفاقية المقر الدولية الصادرة في العام ١٩٤٦ .*
#جهاد_علي_البرق (هاشتاغ)
ترجم الموضوع
إلى لغات أخرى - Translate the topic into other
languages
الحوار المتمدن مشروع
تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم
العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم.
ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في
استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي،
انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة
في دعم هذا المشروع.
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟