أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - المهدي المغربي - مع الشعب.














المزيد.....

مع الشعب.


المهدي المغربي

الحوار المتمدن-العدد: 8445 - 2025 / 8 / 25 - 01:15
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


الشعب تعود الزحمة و الازدحام في الحافلات في الشاحنات في الممرات في الدروب الضيقة في التواءات أزقة المدينة القديمة المتربة و الملطخة اذا قدر و سقط المطر. و الأجساد المعظمة ملتصقة ببعضها البعض هذا ليس دليل على الاكتضاض فقط و انما دليل كذلك على نوع من الانتعاش و التقارب و الحميمية المفرطة انه الشعب بسيط و صريح و عفوي في أشكال تعابيره الشعبية و ديناميكي متفاعل في هيكله الاجتماعي المتميز بفوضاه الاعتيادية.

ان طبيعة المجتمع الطبقي تفرز القساوة التي تؤثت المشهد المتفاقم و المتناقض حتى يبدوا لعامة الناس ان هذه هي الحياة و لا يمكن تصور غيرها الا من باب النكتة او من باب المستحيلات فالإنسان الشعبي المقهور عادة يكون محدود الافق في تصوراته التي يلجمها الهم اليومي حتى الأحلام اذا لم أبالغ يكون سقفها جد منحدر حسب ضغوطات وقت الراحة التي تنتزع على مضض.

صعدت الحافلة الصغيرة و ليس عن غلط او سهوا قد قصدت هدف و وسيلة سفري في اتجاه بيت الفنان ابن خالي فوق جبال اوريكا!

جلست بالصدفة في المقعد الاخير و كانت جل الكراسي
شاغرة نظرت الى السائق من النافذة مطمئنا و ناديته كي ينطلق و اشرت اليه على ان الحافلة جاهزة لقد اكتمل عدد ركابها لما صعدت امراة و أكملت ما تبقى و لم يعد ينقص احد!!!

التفت و نظر بسرعة الى داخل الحافلة و قال متعجبا:
مازالت هناك اماكن فارغة أيها الشاب!!!و هو يشير بيديه و كانه في حالة عصبية.

استغربت لجوابه و لم أبالي كثيرا و ما كدت أنسى ما قال حتى اذا بقافلة من النساء تصعد ملات ممر الحافلة من المدخل الى المخرج قد تكدست الحافلة فجأة بالركاب و امتعة بعضهم حطت فوق رؤوس الجالسين.
لاحظت كالعادة ان نافذتين فقط واحدة على اليمين و الاخرى على اليسار كانتا مقفلتين و درجة الحرارة وصلت اربعين و ربما من داخل هذه الحافلة الشبح تكون قد ارتفعت و وصلت الى خمسين درجة حرارية
حيث العرق يتصبب و نحن في الظل تحت سقف يشبه أسقف بيوت الصفيح.

بالكاد اقتنعت احد المحجبات و كانها للتو جاءت من بلاد داعش.
أخيرا فتحت النافذة على النصف مستغربة لطلبي و لطلب باقي الراكبات الجالسين و الواقفين على الممر من خلفها.

انطلقت الحافلة و الناس تتمايل من شدة الحر و الضيق و كانها سكرانة.
و كلما أشار اليها احد على الطريق تتوقف و تحشره في جوفها و كانها غول اسطوري لا يشبع.

في غضون أكثر من ساعة وصلنا النقطة الأخيرة في هذا السفر من مراكش الى اوريكا الجبلية و كان التوقيت وسط النهار بالظبط.

و قد تنفست الصعداء لما غادرت مقعد الحافلة التي تبدو في مظهرها من مخلفات الحرب العالمية الثانية.
قيل لي فيما بعد أن هذا النوع يسمى النقل المزدوج حاولت أن أجد تفسيرا مقنعا لمعنى النقل المزدوج فكان التعبير الافتراضي كالتالي طبعا اذا لم تكن لازدواجية المعايير معاني أخرى.

ان عدد الركاب الجالسين يجب أن يضرب في اثنين في النهاية يصل العدد إلى أربعين راكبة و راكب و هذا العدد بالنسبة إلى حافلة طولها أربعة امتار و عرضها مترين شيء فظيع و لا يصدق لا اخلاقيا و لا قانونيا و لا حتى من باب المزحة!!!
أين هو واجب السلامة في هذا النوع من النقل؟؟؟
كلنا كنا نخاطر .
كان البديل في تلك اللحظة بعيد المنال لاني شخصيا لم أكن اتوقع ما عشناه. و رغم كل هذه الملاحظات قد مر كل شيء بسلام من دون أدنى حادثة.
من الصعب أن تتخيل وقوع خطر ما و انت وسط الشعب المسالم.
للشعب خارج هذه الطريق من المآسي ما يكفيه لذلك ليس من حقنا أن نتوهم المزيد...

و ما زاد هذا المشهد الدرامي اغترابا هو شرطي المرور الذي يرى بام عينه علبة السردين المكدسة بالبشر و تسير على اربع عجلات على شكل "حافلة ركاب" و لا يحرك ساكنا يكتفي و هو تحت الشمس برد التحية على السائق الذي يظهر ابتسامة عريضة و هي في الاصل صفراء و يستمر هذا الاخير يشق طريق الشوم الملطف بحرارة مراكش الصيفية اذا صح القول!!!
في المساء كان قد تلطف الجو كثيرا.

من يوميات مهاجر في الاوطان.
أطيب التحيات



#المهدي_المغربي (هاشتاغ)      


ترجم الموضوع إلى لغات أخرى - Translate the topic into other languages



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)

الكاتب-ة لايسمح بالتعليق على هذا الموضوع


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- الإنسان المقهور بالسعادة!!!
- الشمس الباردة.
- في الحرارة حرارة!!!
- طول بالك! لابد من إطالة النفس!
- نعم لخط التحرير.
- فضاء زغاريد سكة الحديد!!!
- الوطن في ميزان ظروف الناس
- وحدة الصف المقاوم هي البديل
- في يوم الأرض كلام لابد منه.
- حرف -الطاء- كاحاءات سياسية!!!
- ثلاثية الأبعاد الثلاث
- مسرحية ترامب و زيلينسكي و تداعياتها!!!
- اليمين الألماني يهيمن على الدولة و اليمين المتطرف على الطريق ...
- فيض الأسئلة المؤرقة.
- السياسية ما بين الاشتراك الفعلي و ثقل النوايا!!!
- جدلية الكم و النوع.
- تفاعلات المجتمع المدني و الحركات الشبابية.
- وحدة الصف الفلسطيني و الخيار الصعب!!!
- في سياسة الدولة الألمانية.
- الراسمالية ليست عامل ايهام بل عامل ضغط


المزيد.....




- بعد الضربات على مستشفى ناصر في غزة.. رئيسة لجنة حماية الصحفي ...
- ضربة إسرائيلية مزدوجة على مستشفى ناصر تقتل 4 صحفيين على الأق ...
- زلة لسان مذيعة حول عمر ملك المغرب تشعل مواقع التواصل
- قرار جزائري يلغي التمييز ضد المرأة
- مأساة شاطئ أبو تلات: رحلة تدريب تتحول لكارثة
- لماذا يهتم العالم بانهيار إحدى أكبر شركات التطوير العقاري في ...
- إدانات لقصف مستشفى ناصر بغزة ومقتل 20 شخصا بينهم خمسة صحفيين ...
- حكمت الهجري يطالب بإقليم -منفصل- لدروز سوريا
- تحول إلى رمز ضد سياسات الهجرة... السلطات الأمريكية تعتزم ترح ...
- ترامب يجرّم -تدنيس- العلم الأميركي


المزيد.....

- الأرملة السوداء على شفا سوريا الجديدة / د. خالد زغريت
- المدخل الى موضوعة الحوكمة والحكم الرشيد / علي عبد الواحد محمد
- شعب الخيام، شهادات من واقع احتجاجات تشرين العراقية / علي الخطيب
- من الأرشيف الألماني -القتال في السودان – ينبغي أن يولي الأل ... / حامد فضل الله
- حيث ال تطير العقبان / عبدالاله السباهي
- حكايات / ترجمه عبدالاله السباهي
- أوالد المهرجان / عبدالاله السباهي
- اللطالطة / عبدالاله السباهي
- ليلة في عش النسر / عبدالاله السباهي
- كشف الاسرار عن سحر الاحجار / عبدالاله السباهي


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - المهدي المغربي - مع الشعب.