العيرج ابراهيم
الحوار المتمدن-العدد: 8444 - 2025 / 8 / 24 - 17:42
المحور:
حقوق الانسان
ابن خلدون يقول: "إن الإنسان إذا طال به التهميش يصبح كالبهيمة، لا يهمه سوى الأكل والشرب والغريزة."
هذا النص يعكس فكرة عميقة عن التهميش وتأثيره على الإنسان، ويمكن تحليله وربطه بالواقع المعيش من عدة زوايا.
- التهميش وتأثيره على الفرد
التهميش في الواقع المعيش هو عملية استبعاد أو إقصاء لفرد أو مجموعة من الأفراد من المشاركة الفعالة في المجتمع، سواء كانت مشاركة اقتصادية، اجتماعية، أو سياسية. عندما يطول هذا التهميش، يفقد الإنسان تدريجيًا إحساسه بالانتماء، قيمته الذاتية، وهويته الاجتماعية. يصبح وجوده مقتصرًا على تلبية احتياجاته الأساسية للبقاء على قيد الحياة، وهو ما يعبر عنه النص بـ"الأكل والشرب والغريزة".
في المجتمعات الحديثة، يمكن ملاحظة هذا التأثير على عدة فئات:
* المهمشون اقتصاديًا: الأشخاص الذين يعانون من فقر مدقع أو بطالة طويلة الأمد قد يجدون أنفسهم مضطرين للتركيز فقط على توفير لقمة العيش، مما يجعلهم غير قادرين على التفكير في قضايا أسمى مثل التعليم، المشاركة السياسية، أو حتى الترفيه.
* اللاجئون والمهاجرون: قد يواجهون تهميشًا اجتماعيًا وقانونيًا، مما يضعهم في وضع يشبه "البقاء على قيد الحياة" بدلًا من "العيش الكريم". اهتماماتهم غالبًا ما تنحصر في البحث عن مأوى وطعام وعمل، وتتضاءل لديهم فرص الاندماج الحقيقي أو تحقيق طموحات أوسع.
* المهمشون اجتماعيًا: مثل فئة المشردين أو الأقليات التي تتعرض للتمييز. هؤلاء الأفراد غالبًا ما يُحرمون من أبسط الحقوق والفرص، مما يدفعهم إلى الانزواء والتركيز على الحاجات البيولوجية فقط.
- البعد المجتمعي للتهميش
التهميش لا يؤثر على الفرد فقط، بل على المجتمع ككل. عندما تزداد أعداد المهمشين، يصبح المجتمع أكثر هشاشة وأقل استقرارًا.
* فقدان رأس المال البشري: عندما تُهمّش فئة كبيرة من السكان، يخسر المجتمع طاقاتها الإبداعية وقدراتها الإنتاجية. فبدلًا من أن يساهم الأفراد في بناء مجتمعهم وتطويره، ينحصر دورهم في محاولة البقاء.
* زيادة الجريمة والعنف: الإحباط الناتج عن التهميش يمكن أن يؤدي إلى تفكك اجتماعي وزيادة في معدلات الجريمة والعنف، حيث يشعر الأفراد بأنهم لا يملكون شيئًا ليخسروه.
* تراجع الوعي المدني والسياسي: الأشخاص الذين يركزون على الباعث الغريزي فقط، ليس لديهم دافع أو طاقة للمشاركة في الحياة العامة أو المطالبة بحقوقهم، مما يسهل على الأنظمة الاستبدادية السيطرة عليهم.
تبقى الفكرة متوافقة مع فلسفة ابن خلدون في ربط السلوك الإنساني بظروفه الاجتماعية والاقتصادية وبالتالي تحليلاً عميقًا وواقعيًا لتأثير التهميش في أي مجتمع.
#العيرج_ابراهيم (هاشتاغ)
ترجم الموضوع
إلى لغات أخرى - Translate the topic into other
languages
الحوار المتمدن مشروع
تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم
العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم.
ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في
استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي،
انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة
في دعم هذا المشروع.
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟