أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - حقوق الانسان - العيرج ابراهيم - وطنٌ أنجبني... ثم ابتلعني : مأساة شهيد في ذاكرة وطن بلا ذاكرة














المزيد.....

وطنٌ أنجبني... ثم ابتلعني : مأساة شهيد في ذاكرة وطن بلا ذاكرة


العيرج ابراهيم

الحوار المتمدن-العدد: 8359 - 2025 / 5 / 31 - 10:01
المحور: حقوق الانسان
    


اسمي... اسمٌ لم يعد يتردد كثيرًا. ذات يوم، كان يملأ البيوت فخرًا، يتردد على شفاه أمي دعاءً، وعلى لسان زوجتي همسًا دافئًا. الآن، تلاشى كأنه لم يكن.
أتذكر تلك الأيام بوضوح، كأنها البارحة. صوت القائد يدوي في آذاننا حماسة، ووجوه رفاقي تشتعل عزيمة. كنا شبابًا، نحمل في قلوبنا وطنًا أكبر من أعمارنا، وأحلامًا تلامس السماء. لم نتردد لحظة عندما نادى الواجب، تركنا خلفنا دفء الأهل، وضحكات الأطفال، وأحلام المستقبل، لنلبي نداء الأرض.
في ساحات الوغى، رأيت الموت بأم عيني، شممت رائحة البارود والدماء، وعشت لحظات ظننتها النهاية مرات لا تحصى. لكن في كل مرة، كان حب الوطن يمنحني قوة خارقة، وإيماننا بالقضية يضيء لنا الدرب وسط الظلام. قاتلت بشراسة، دافعت عن كل شبر من أرضنا بروحي، وشاهدت رفاقًا يسقطون حولي كالأبطال، تاركين خلفهم قصصًا من البطولة والشجاعة.
سقطت أنا أيضًا، لكن سقوطي كان مختلفًا. لم أسقط برصاصة غادرة في معركة شرسة، بل سقطت وأنا أرى وطني ينتصر، وأنا أظن أن تضحياتنا لن تذهب سدى. كنت واثقًا أن اسمي سيُذكر باعتزاز، وأن عائلتي ستلقى الرعاية والتقدير الذي تستحقه.
لكن الحياة، يا سادة يا كرام، كثيرًا ما تأتي بما لا نتوقع.
شبحٌ يراقب من بعيد
مرت السنوات، وأنا أراقب من بعيد، روحًا شفافة لا يراها أحد. رأيت زوجتي تكافح وحدها لتربية أطفالنا، تجاهد لتوفر لهم لقمة العيش بكرامة. رأيت دموعها تنهمر في الليل، وشكواها الصامتة تخترق صمت الكون. رأيت أطفالي يكبرون يتامى، يحملون عبء غيابي، ويتساءلون في عيونهم عن أب لم يعرفوه إلا من خلال صور باهتة.
ورأيت شيئًا آخر، كان يكسر قلبي ألف مرة في اليوم. كان يلح عليّ في كل لحظة: أين ذهبت تضحياتي؟ أين حقي وحق عائلتي؟
لم يُذكر اسمي في قوائم الشرف، لم تُروَ قصتي للأجيال القادمة، لم تحصل زوجتي وأطفالي على أي تعويض أو تقدير. كأنني لم أكن، كأن دمي لم يُرق على هذه الأرض الطاهرة. شعرت بالظلم ينهش روحي، وبالمرارة تتسرب إلى أعماقي.
لم أطلب جاهًا أو سلطانًا، كل ما أردته هو أن يُحفظ لأبنائي حقهم في حياة كريمة، وأن يُذكر اسمي ولو بكلمة عابرة، كشاهد على زمن مضى، وعلى تضحيات قدمت فداءً للوطن.
لكن الصمت كان هو الجواب. صمت مطبق، كأنه ابتلع اسمي وذكراي إلى الأبد.
همسات في ليلٍ طويل
أحيانًا، في الليل الهادئ، عندما ينام الجميع، أحوم حول زوجتي وأطفالي، أحاول أن ألمسهم، أن أهمس لهم كم أحبهم، كم أنا فخور بهم. لكنهم لا يشعرون بوجودي، لا يسمعون صوتي. أنا مجرد ذكرى باهتة في زوايا الذاكرة، شهيد منسي، لم ينل حتى حقه في الذكرى.
هذه قصتي، يا سادة يا كرام. قصة شهيد ضحى بروحه من أجل وطنه، لكن وطنه نسيه. قصة عائلة دفعت الثمن غاليًا، وما زالت تدفعه بصمت ووجع. أتمنى فقط أن تصل كلماتي هذه يومًا ما إلى آذان من يهمهم الأمر، لعلهم يتذكرون أن هناك أرواحًا بذلت الغالي والنفيس، وتستحق على الأقل... بعض الإنصاف.
فهل من مجيب لهذه الصرخة الصامتة، قبل أن يبتلعها النسيان إلى الأبد؟



#العيرج_ابراهيم (هاشتاغ)      



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- في مقارنة صارخة وفاضحة بين تكريم أسر شهداء الواجب من الأمن ا ...
- شهيد حرب منسي يخاطبكم !! -دروس و عبر-
- طفل القبور
- الكشف عن أسطول النقل الحضري السري لأسر شهداء حرب الصحراء: حا ...
- جراح حرب الصحراء المنسية: صرخات مكتومة لأسر الشهداء
- ايت ملول : صمود الجماد في وجه الفساد
- أيت ملول: تنافر الصحة والبيئة - مستحلب الاسفلت ،الأخطار المح ...
- المقاهي الأدبية بين التجاري و الثقافي
- صرخة أرملة شهيد ” أعيدوا لي زوجي”
- افريقيا :ترفع الراية الحمراء في وجه ترامب
- -كوفيد-العنيد
- -كوفيد - العنيد
- 8مارس : نارمهيلة لأرامل شهداء الصحراء‼
- في زيارة الحزام الامني
- من بشهيد الحرب غدر؟؟
- موت ابن شهيد ؟!
- ارملة في رسالة للشهيد
- اليوم العالمي للأرملة: أرملة الشهيد نموذجا
- أسر شهداء حرب الصحراء :الرد الشافي على الأفاك المتخفي
- مأساة أسر الشهداء ليست أحذية للتلميع بباب الصحراء؟


المزيد.....




- عدد قياسي من المهاجرين يصلون بريطانيا عبر المانش
- هكابي ينتقد بشدة مساعي إقامة الدولة الفلسطينية المدعومة من ف ...
- وزير الخارجية السوري يتباحث مع العفو الدولية ودعوات لإصلاحات ...
- أفريقيا من أكبر المتضررين.. إدارة ترامب تستهدف تحويلات المها ...
- الأمم المتحدة تكشف أزمة بقاء بغزة ولندن تطالب إسرائيل بوقف ا ...
- ميرونوف يدعو إلى تطبيق عقوبة الإعدام على الإرهابيين
- قتلى وشغب واعتقالات في باريس بعد تتويج سان جيرمان بدوري الأب ...
- مع تكرار جرائم القتل قرب نقاط التوزيع: هدف إسرائيل من وراء آ ...
- الأمم المتحدة تكشف أزمة بقاء بغزة ولندن تطالب إسرائيل بوقف ا ...
- -هيئة الأسرى-: استمرار التجويع والضرب بحق أسرى -مجيدو-


المزيد.....

- مبدأ حق تقرير المصير والقانون الدولي / عبد الحسين شعبان
- حضور الإعلان العالمي لحقوق الانسان في الدساتير.. انحياز للقي ... / خليل إبراهيم كاظم الحمداني
- فلسفة حقوق الانسان بين الأصول التاريخية والأهمية المعاصرة / زهير الخويلدي
- المراة في الدساتير .. ثقافات مختلفة وضعيات متنوعة لحالة انسا ... / خليل إبراهيم كاظم الحمداني
- نجل الراحل يسار يروي قصة والده الدكتور محمد سلمان حسن في صرا ... / يسار محمد سلمان حسن
- الإستعراض الدوري الشامل بين مطرقة السياسة وسندان الحقوق .. ع ... / خليل إبراهيم كاظم الحمداني
- نطاق الشامل لحقوق الانسان / أشرف المجدول
- تضمين مفاهيم حقوق الإنسان في المناهج الدراسية / نزيهة التركى
- الكمائن الرمادية / مركز اريج لحقوق الانسان
- على هامش الدورة 38 الاعتيادية لمجلس حقوق الانسان .. قراءة في ... / خليل إبراهيم كاظم الحمداني


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - حقوق الانسان - العيرج ابراهيم - وطنٌ أنجبني... ثم ابتلعني : مأساة شهيد في ذاكرة وطن بلا ذاكرة