علي فضيل العربي
الحوار المتمدن-العدد: 8441 - 2025 / 8 / 21 - 14:11
المحور:
الادب والفن
بين الجدّ و اللعب
للأسف ، انتشرت في الآونة الأخيرة ، ظاهرة الاحتفاء بما يسمّى بـ ( الشعر الملحون ) أو ( الشعر العامي ) ، الخالي من قواعد الشعر الحقيقي لفظا و معنى . و كأنّي بهؤلاء ( الرواد ) في حقل الرداءة ، يريدون تغيير جنسيّة الشعر و لغته و معانيه و ذائقته و مقاصده .
. خلال الأسابيع المنقضيّة ، حضرت بعض ( الملتقيات و الندوات الأدبيّة ) - بمناسبات و بغيرها – و بغضّ النظر عن موضوعاتها ، فقد شدّ انتباهي غلبة ، بعض ( المدّاحين و القوّالين ) على منصات الشعر ، تحت اسم ( شعراء ) ، و هم أبعد عن الشعر كبعد الأرض عن الشمس . و هو لون من ألوان الانتحال و ( التشاعر) و ( التطاول ) على الشعر و جماليات أسلوبه . سمعت كلاما لا يمت للشعر بصلة ؛ اختلطت فيه ألفاظ عربيّة و فرنسيّة و تركيّة و فارسيّة ، ألفاظ نصنّفها في خانة ( العاميّة أو الدارجة ) .
إنّ الفراغ النقدي الذي تعانيه ساحتنا الأدبيّة خلال العقود الثلاثة الأخيرة ، فتح الأبواب لأشباه الشعراء ، و ( للمدّاحين ) و ( القوّلين ) لركوب سفينة الشعر ؛ المقفّى و الموزون منه و الحرّ على السواء ، و هم لعمري ، استغلّوا الفراغ النقدي. و لأنّ الطبيعة ترفض الفراغ ، سنحت لهم الفرصة ركوب سفينة الشعر لخرقها و إغراقها . في بحر الرداءة الموحلة .
إنّ تشجيع ما يسمّى بالشعر الملحون ( و اللحن هو تجاوز نحوي و صرفيّ ) ، أو ما يسمّى الشعر العاميّ ، في الجزائر ، شاع مع الغزو الفرنسي ، بعد انتشار الأميّة ، و غلق المدارس العربيّة و الكتاتيب و الجوامع ، و شجّعته فرنسا الاستعماريّة ، لتمييع قواعد اللغة الفصحى ، لغة القرآن الكريم ، و تحطيم إحدى ركائز الهويّة الوطنيّة .
على النقاد الأكاديميين ، الغيورين على سمعة الأدب الجزائري ، و على لغة الضاد ، أن يستيقظوا من سباتهم ، و يخرجوا من صوامعهم ، و يمتشقوا أقلامهم للتصدّي لموجة الرداءة ، التي غزت الشعر و النثر معا ، بسبب تحوّل عمليّة النشر في دور النشر الخاصة ، إلى عمليّة تجاريّة ، لا تحكمها قواعد علميّة و لا فنيّة ، و لا لجان قراءة و تدقيق متخصّصة و موضوعيّة ، و التي هي في سباق مع الزمن لنشر أكبر عدد من الكتب للمشاركة في معارض الكتب ، و خصوصا المعرض الدولي للكتاب بالجزائر ( مدكج ) ، باستثناء بعضها ، التي تُعد على الأصابع .
#علي_فضيل_العربي (هاشتاغ)
ترجم الموضوع
إلى لغات أخرى - Translate the topic into other
languages
الحوار المتمدن مشروع
تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم
العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم.
ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في
استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي،
انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة
في دعم هذا المشروع.
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟