أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - طارق ناجح - الشاعر .. بين الواقع والخيال















المزيد.....

الشاعر .. بين الواقع والخيال


طارق ناجح
(Tarek Nageh)


الحوار المتمدن-العدد: 8434 - 2025 / 8 / 14 - 22:14
المحور: الادب والفن
    


♥ رسالة إلى صديقة

لقد كتب الشاعر ناجح زكري في ٢٧ سبتمبر ١٩٧٩م في رسالة لصديقته التي كانت تعمل بإحدى عيادات الأطباء (على الأرجح) في عمارة يعقوبيان بوسط البلد بالقاهرة، والتي كان يعتبرها مثل أخته ليبارك لها على خطوبتها، فكتب لها قائلا :- ( هذه  النظرات التي تبكي بغير دموع ، و تصرخ بغير صوت ، و تنزف بغير دم .. هذه النظرات المليئة بالحزن و الألم ، الناطقة بالحيرة و العذاب .. هذه النظرات ليست غريبة عني .. رأيتها أنا من قبل في عينيَّ عندما إضطررت إلى أن أعيش وحيداً ، تائها ، وغريباً .. الذي ذاق جحيم الغربة ، و كابد نار الوحدة يسمع جيداً أنين القلوب و لوعتها ..كان علينا أن نسلك هذا الطريق الشاق لنصل في النهاية إلى بداية طريق كله أمان و آمال .. آه .. الحمد لله .. ) وقال لها معبراً عن مشاعر الصداقة والإخوة :-(و شعرت أنني يجب أن أطمئن عليكي .. لأنني أعتبرك شقيقتي الغالية .. .. أخت جمعتني بها الصدفة على درب الحياة الطويل .. عندما كان كُلٌّ مِنَّا يبحث لاهثاً و بإصرار و تضحية عن أسباب العيش .. كُلٌّ يحاول أن يواصل تعليمه بعد أن أصبحت مقومات الحياة صعبة مضنية .. لم تجمعنا النظرة ، أو الإبتسامة ، أو …… ، و إنما جمعنا إحساس كل مِنَّا بما يعانيه الآخر .. )

★★★★★★★★★★

♥ نشأته ، تعليمه، وحياته العملية

ولد الشاعر ناجح زكري وهبه في ٤ مارس عام ١٩٥٣م بقرية دير أبو حنس، مركز ملوي، محافظة المنيا . تخرج من الثانوية العسكرية بملوي في مطلع السبعينيات من القرن الماضي . وحصل على دبلوم المعهد الفني الصحي بإمبابة في منتصف السبعينات من القرن الماضي . إلتحق بالجيش المصري بسلاح المدفعية وأمضى خدمته العسكرية على أكمل وجه ثم تم تعيينه مفتش صحة بالوحدة الصحية لـ جزيرة ابو الصالح إحدى قرى مركز ناصر بمحافظة بني سويف . امضى بها سنوات قليلة حاول فيها تغيير الواقع الأليم من تلوث المياه و أكوام الزبالة المنتشرة في أنحاء القرية آنذاك والإهتمام بصحة أهالي القرية خاصة الأطفال الذين كان يعتبرهم مستقبل الوطن وأمله المشرق في غدٍ افضل. ولكنه كان مثل دون كيشوت يحارب طواحين الهواء أو مثل ابو العلا البشري (رغم أن المسلسل تم إنتاجه بعد ذلك بسنوات، عام ١٩٨٦م) . فلم يجد استجابة من الدكتور مدير الوحدة الصحية ،وكأنه ليس في الإمكان أفضل مما كان .. مما دفعه إلى كتابة مذكرة للسيدة الدكتورة مديرة الإدارة الصحية لمركز ناصر . ★★★★★★★★★★

♥ شخصيته وطباعه

لقد كان ناجح زكري مثل معظم أبناء جيله من مواليد الخمسينات من القرن الماضي يتمتع بمبادئ وقيم وأخلاق وروح وطنيه عالية هذا بالإضافة لكونه شاعر ومثقف كبير وكان حاد الذكاء ، خفيف الظل ، متحدث جيد وقارئ جيد لأنماط البشر . وربما إصطدامه بالواقع أثر على نفسيته مثله مثل أي أنسان مثقف وشاعر كله أمل وحيوية ونشاط ووطنية. فقد كانت مشكلة ناجح زكري كما يبين لنا الفيلسوف شوبنهاور سبب كره القطيع للشخص العقلاني حيث يقول : “أكثر ما يكرهه القطيع هو إنسان يفكر بشكل مختلف، القطيع لا يكره رأيه في الحقيقة، ولكنه يكره جرأة هذا الفرد في إمتلاك الشجاعة للتفكير بنفسه كي يكون مختلفاً، وهذا تحديداً ما لا يعرفه القطيع.” وقد كان رحمه الله يردد دائماً حكمة سيدنا سليمان الحكيم ” كلما إزددت علماً كلما إزددت غماً”. وأيضا بيت الشعر الشهير للشاعر العربي الكبير (المتنبي) :-ذو العَقلِ يَشقى في النَعيمِ بِعَقلِهِوَأَخو الجَهالَةِ في الشَقاوَةِ يَنعَمُ

★★★★★★★★★★

♥ وفاته (إن حظي كدقيقٍ فوق شوكٍ نثروه)

إنتقل بعد ذلك ناجح زكري (رحمه الله) في مطلع الثمانينات من القرن الماضي للعمل بالوحدة الصحية في قريته ، قرية دير أبو حنس بمركز ملوي. وطوال مدة خدمته لم يأخذ مليماً واحداً من اي شخص أياً كان رغم أن طبيعة عمله كانت تتيح له أن يجمع ثروة لو كان من ذوي الأنفس الضعيفة . وكان يلجأ إلى العمل الحر بجانب عمله ليُحَسِّن دَخْلَهُ إلى أن توفاه الله وهو في ريعانِ شبابه في ٢٢ أغسطس عام ١٩٩٥م عن عمر ناهز الثانية والأربعين عام .رحِمَكَ الله يا أبي لطالما ردد لي أبيات شعر وكأنه يصف حاله، وكانت أبيات الشعر للشاعر السوداني الكبير ﺇﺩﺭﻳﺲ ﺟﻤَّﺎﻉ وﺍﻟﺘﻲ ﻳﻘﻮﻝ ﻓﻴﻬﺎ :ﺇﻥ ﺣﻈﻲ ﻛﺪٓﻗﻴﻖٍ ﻓﻮﻕٓ ﺷﻮﻙٍ ﻧﺜﺮﻭﻩﺛﻢ ﻗﺎﻟﻮﺍ ﻟِﺤُﻔﺎﺓٍ ﻳﻮﻡَ ﺭﻳﺢٍ ﺍﺟﻤﻌﻮﻩﻋَﻈِﻢ ﺍﻷﻣﺮُ ﻋﻠﻴﻬﻢ ﺛﻢ ﻗﺎﻟﻮﺍ ﺍﺗﺮﻛﻮﻩﺃﻥ ﻣﻦ ﺃﺷﻘﺎﻩُ ﺭﺑﻲ ﻛﻴﻒ ﺃﻧﺘﻢ ﺗُﺴﻌﺪﻭﻩ.ورغم كل ذلك ورغم كل ما مر به أبي خلال مشوار حياته القصير من ألم وشقاء وعذاب إلا أنَّه كان دائماً راضياً مُحِبَّاً للجميع ومحبوباً من الجميع ، لم يعرف الحقد والكره طريقهما إلى قلبه. لكم كنت محظوظاً أنَّكَ أبي .. أنهل من ثقافتك ومحبتك وحكمتك وشعرك. ولكم كان قاسياً رحيلك في ريعان الشباب وأنا مازلت في الثامنة عشر من عُمري .رحمك الله يا أبي ، لقد مرت ثلاثون عاماً على رحيلك، وكل عامٌ يمر يزداد فيه شوقي وحنيني لرؤيتك ، يزداد فيه حزني لفراقك ولفراق أمي الحبيبة وأخي الحبيب وكل احبائي الذين رحلوا في ريعان شبابهم.

********************

ملحوظة :- للأسف لم يُمهِل القدر الشاعر ناجح زكري أن يصدر دواوين شعرية .. فكان يكتفي بكتابة أشعاره في أجندته الخاصة وإلقاءها على مسامع روَّاد قصور الثقافة في ملوي بمحافظة المنيا، وفي القاهرة. وأنا مدين له بكل حرف أكتبه من شعر أو قصة قصيرة أو حتى مقال .
***********************
بقلم الشاعر / طارق ناجح



#طارق_ناجح (هاشتاغ)       Tarek_Nageh#          


ترجم الموضوع إلى لغات أخرى - Translate the topic into other languages



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- الخواجة (جـ ١) -قصة قصيرة-
- كيف تعيش الذكريات؟
- أنا والموت
- تعيشي يا آمي
- بيت السعد .. وخلطة محمد سامي السرية
- زمن إنقطاع الكهرباء الجميل
- لماذا يرحل الجميع دون وداع
- إمرأةٌ لا تُنسى (قصة قصيرة)
- صور من الماضي البعيد -قصة قصيرة-
- طارق ناجح يكتب : الفن السليم في الجسم السليم
- ممدوح .. قصة قصيرة
- هيثم زكي .. حُلْم لَمْ يَكتَمِل
- اليارد -قصة قصيرة-
- مالك يا صاحبي
- الصداقة هيَ -الشُعْلَة- التي تنير حياتنا
- يوسفً السباعي .. الفيلسوف الذي أصبح فارس الرومانسية
- حادث -موتو .. سهل-
- عاطف الطيب .. و الشرس .. و الجميل
- لَا أَسْتَطِيعُ العَيْشَ بِلَا نِسَاءٍ
- إبن الخال


المزيد.....




- شاهين تتسلم أوراق اعتماد رئيسة الممثلية الألمانية الجديدة لد ...
- الموسيقى.. ذراع المقاومة الإريترية وحنجرة الثورة
- فنانون يتضامنون مع حياة الفهد في أزمتها الصحية برسائل مؤثرة ...
- طبول الـ-ستيل بان-.. موسيقى برميل الزيت التي أدهشت البريطاني ...
- بين الذاكرة وما لم يروَ عن الثورة والانقسامات المجتمعية.. أي ...
- كيف نجح فيلم -فانتاستيك فور- في إعادة عالم -مارفل- إلى سكة ا ...
- مهرجان تورونتو يتراجع عن استبعاد فيلم إسرائيلي حول هجوم 7 أك ...
- بين رواندا وكمبوديا وغزة.. 4 أفلام عالمية وثقت المجاعة والحص ...
- المعمار الصحراوي.. هوية بصرية تروي ذاكرة المغرب العميق
- خطه بالمعتقل.. أسير فلسطيني محرر يشهر -مصحف الحفاظ- بمعرض إس ...


المزيد.....

- نقوش على الجدار الحزين / مأمون أحمد مصطفى زيدان
- مسرحة التراث في التجارب المسرحية العربية - قراءة في مسرح الس ... / ريمة بن عيسى
- يوميات رجل مهزوم - عما يشبه الشعر - رواية شعرية مكثفة - ج1-ط ... / السيد حافظ
- . السيد حافظيوميات رجل مهزوم عما يشبه الشعر رواية شعرية مك ... / السيد حافظ
- ملامح أدب الحداثة في ديوان - أكون لك سنونوة- / ريتا عودة
- رواية الخروبة في ندوة اليوم السابع / رشيد عبد الرحمن النجاب
- الصمت كفضاء وجودي: دراسة ذرائعية في البنية النفسية والجمالية ... / عبير خالد يحيي
- قراءة تفكيكية لرواية -أرض النفاق- للكاتب بشير الحامدي. / رياض الشرايطي
- خرائط التشظي في رواية الحرب السورية دراسة ذرائعية في رواية ( ... / عبير خالد يحيي
- البنية الديناميكية والتمثّلات الوجودية في ديوان ( الموت أنيق ... / عبير خالد يحيي


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - طارق ناجح - الشاعر .. بين الواقع والخيال