أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - ماهر عزيز بدروس - الذكاء الاصطناعي وتغِّيُّر المناخ















المزيد.....

الذكاء الاصطناعي وتغِّيُّر المناخ


ماهر عزيز بدروس
(Maher Aziz)


الحوار المتمدن-العدد: 8434 - 2025 / 8 / 14 - 02:34
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


الجزء الأول – المقدمة (1)

يعد الذكاء الاصطناعي علمٌ يُمكِّن أجهزة الحاسوب من أداء مهام معقدة عادةً ما تختص بذكاء الإنسان، ويعتمد الذكاء الاصطناعي الحديث على التعلم الآلي، (Machine Learning “ML”) وهو نوع من البرمجيات تكتشف فيه الخوارزميات أنماطًا من مجموعات بيانات ضخمة دون الحاجة إلى برمجة صريحة. ويختلف التعلم الآلي عن البرمجيات التقليدية، التي تتطلب برمجة صريحة لمجال المعلومات، وفي المقابل، يعتمد الذكاء الاصطناعي على البرمجة الضمنية باستخدام البيانات التاريخية، وعمليات المحاكاة، لتدريب النماذج على استخراج الأنماط.

ويستطيع الذكاء الاصطناعى اكتشاف الأنماط، ووضع التوقعات، وتحسين النظم، ومحاكاة السيناريوهات الافتراضية، ويُعد وجود مجموعات بيانات ضخمة عالية الجودة (من مختلف مؤسسات القطاعين العام والخاص) أمرًا بالغ الأهمية لتطبيقات الذكاء الاصطناعي المعقدة في العالم الحقيقي.

وتُستخدم في الذكاء الاصطناعي البيانات الجدولية، والبيانات التسلسلية الزمنية، والبيانات الجغرافية المكانية، والبيانات النصية، استخدامًا شائعًا، ولكن يلزم التأكد من صحة قياس البيانات، ورقمنتها، وإتاحتها من أجل تمكين التطبيقات الفعالة في الذكاء الاصطناعي.

ولقد أثار إطلاق شات جى.بى.تى ChatGPT في نوفمبر 2022 اهتمامًا غير مسبوقٍ من العامة بالذكاء الاصطناعي، وسرعان ما أصبح أسرع المنتجات استخدامًا في تاريخ البشرية. وتتطلب النماذج اللغوية الكبيرة (LLMs)، مثل ChatGPT، قدرًا هائلًا من الطاقة لتدريبها واستخدامها، لكن في المقابل، لا تعد نظم الذكاء الاصطناعي كثيفة الموارد، حيث يتميز العديد منها بالكفاءة في الانتشار على نطاق واسع.


الشكل 1: تصور لشبكة عصبية عميقة، وهي نوع من نماذج الذكاء الاصطناعي التي تُشَغِّل نظم الذكاء الاصطناعي المنتشرة، مثل ChatGPT

لنفترض وجود برنامج حاسوب يلعب الشطرنج. يتضمن النهج التقليدي لكتابة مثل هذه الخوارزمية برمجة قواعد الشطرنج صراحةً، وترميز المبادئ الأساسية للعب الجيد، وتحديد طريقة لاستكشاف كافة الحركات الممكنة لاختيار أفضلها. هذه مهمةً صعبة للحاسوب حيث أن عدد وضعيات الشطرنج قد يُقارب عدد الذرات على كوكب الأرض. (ولمن لديهم فضول لمعرفة العدد، يُعادل حوالي
1,000,000,000,000,000,000,000,000,000,000,000,000,000,000,000 وضعية).
ولا يُمكن لأي حاسوب حالي، حتى أقوى عناقيد الحوسبة الفائقة، لعب الشطرنج بهذه الطريقة بكفاءة.

لنفترض وجود نهج ذكاء اصطناعي يلعب الشطرنج. تتمثل الفكرة الأساسية في استبدال المدخلات البشرية من الاستراتيجيات الجيدة بنظام لا يستخدم سوى قواعد اللعبة ليتنافس ضد نفسه من أجل إيجاد استراتيجيات جيدة. يمكن لنظام الذكاء الاصطناعي محاكاة ألعاب يتنافس فيها ضد نفسه لملايين المرات عن طريق استخدام الرياضيات الذكية التي تقلل من الحاجة إلى البحث في كافة الحركات الممكنة تقليلًا ملحوظًا. وتُمكّن هذه المحاكاة المتكررة نظام الذكاء الاصطناعي من "تعلم" مبادئ اللعب الجيد، بطريقة تتجاوز قدرة الأشخاص المبرمجين على ترميزها صراحةً في البرمجيات. يَسْتَخْدِمْ هذا النهج في الذكاء الاصطناعي فروعًا من التعلم الآلي تُعرف بالشبكات العصبية العميقة (راجع الشكل 1) والتعلم المعزز (Reinforcement Learning)، وتُعَد مناسبة تمامًا للمشكلات التي تؤدى فيها المحاكاة دورًا بارزًا.

يُلخص الجدول-1 الفرق الرئيسي بين الذكاء الاصطناعي والحوسبة التقليدية.
يُعدّ التعلم الآلي الخاضع للإشراف وغير الخاضع له طريقتين أخريين لإنشاء نظم الذكاء الاصطناعي، حيث يعتمد كلاهما على البيانات التاريخية لـ "تَعَلُمْ" الأنماط.

ولكن يتطلب التعلم الخاضع للإشراف بيانات تاريخية مُصنّفة أو أهدافًا واضحة. وتتمثل إحدى الأمثلة الشائعة على ذلك في تقنية التعرف على الأرقام المكتوبة بخط اليد، المستخدمة في العديد من خدمات البريد حول العالم، والتي تُقرن آلاف الصور الممسوحة ضوئيًا للأرقام المكتوبة مع أرقامها المقابلة بهدف "تدريب" نظام الذكاء الاصطناعي.

لا يتطلب التعلم غير الخاضع للإشراف سوى بيانات تاريخية، دون أي تصنيفات مُقابلة. ويُدرّب نظام الذكاء الاصطناعي على البحث عن الأنماط والروابط المُخبأة في البيانات. كما يُستخدم هذا النوع من الذكاء الاصطناعي استخدامًا شائعًا في محركات التوصيات، التي يُمكنها اقتراح أفلام قد تُعجبك بناءً على أفلام شاهدتها سابقًا وأنماط تاريخية لما يُفضله الآخرون ويكرهونه عند مشاهدة أفلام مُماثلة.

الجدول 1: الذكاء الاصطناعي يختلف عن البرمجيات التقليدية في متطلباته ومخرجاته
البرمجيات التقليدية الذكاء الاصطناعي
المتطلبات • لا توجد حاجة إلى بيانات تاريخية
• البرمجة الصريحة لمجال المعلومات
• لا توجد حاجة إلى "تدريب" (كل شيء مُبرمج صراحةً) • توجد حاجة إلى بيانات تاريخية أو نظم مُحاكاة
• البرمجة الضمنية لتوقعات الأنماط من البيانات
• توجد حاجة إلى "تدريب" خوارزميات الذكاء الاصطناعي لاستخراج الأنماط
المخرجات • نتائج قطعية
• يمكنها حل المشكلات البسيطة بكفاءة • نتائج إحصائية: قد يرتكب أخطاءً أحيانًا.
• قد يقدم حلولًا لمشكلات أكثر تعقيدًا.

وتتمتع نظم الذكاء الاصطناعي الحديثة بقدرات واسعة النطاق في عدة مجالات :

1- الكشف: يستطيع الذكاء الاصطناعي اكتشاف الأنماط والإنحرافات في مجموعات البيانات الضخمة والمعقدة. فتُمكّنه هذه القدرة من أداء مهام، مثل الكشف عن الوجوه في الصور، وتحديد تسربات أو تهريبات leaks) غازات الدفيئة من بيانات الأقمار الصناعية. كما يجمع الرصد بين القدرة على الكشف المستمر وقدرات التنبيه. وفي هذا السياق، يُسهّل الذكاء الاصطناعي الكشف المستمر عن الأنماط أو الإنحرافات غير العادية في مجموعات البيانات، الأمر الذي يختلف عن أساليب الرصد التقليدية التي تتضمن فحوصات دورية وتدخلًا بشريًا. وتشمل الأمثلة التقليدية للرصد تتبع المعاملات المالية بحثًا عن علامات احتيال، ومسح بيانات أصول استخراج الغاز بهدف الكشف عن تسربات غاز الميثان، حيث يستفيد كلاهما من الكشف والرصد المدعوم بالذكاء الاصطناعي.
2- التنبؤ: تستطيع نظم الذكاء الاصطناعي التعلم من الأنماط التاريخية لعمل تنبؤات وتوقعات حول تصرفات النظام في المستقبل. وتُمكّن هذه القدرة الذكاء الاصطناعي من أداء مهام، مثل تخمين الأفلام التي قد ترغب بمشاهدتها، وتوقع أنماط الطقس المعقدة للأسبوع القادم. وعادةً ما تتضمن هذه التوقعات تنبؤات بمرور الوقت (في المستقبل غالبًا). ولكن تُعد القدرة على عمل التنبؤات جزءًا أساسيًا من نظم الذكاء الاصطناعي، حيث تُمكّن القدرات المذكورة في شكل-2.
3- البيانات مقابل التكلفة: هي بيانات تخضع لاتفاق استخدام بتكلفة يحددها مُضيفها. وغالبًا ما تكون هذه البيانات عالية الجودة ومُخصصة لمجالات تطبيقية مُحددة، كما قد تخضع لاتفاقات ترخيص إضافية. وتتضمن الأمثلة عليها بيانات التصوير التي تبيعها شركات تشغيل الأقمار الصناعية، والبيانات المُعدّة خصيصًا لتطوير المركبات ذاتية القيادة، وبيانات النقل من شركات الشحن.


الشكل 2: يُعدّ توفر البيانات وإمكانية الوصول إليها من الجوانب الأساسية لتمكين تطبيقات الذكاء الاصطناعي. ويعتمد النطاق المثالي لتطوير الذكاء الاصطناعي على بيانات سهلة الوصول، قابلة للقياس، جيدة الرقمنة.


4- البيانات الداخلية: تحتفظ الجهات المستضيفة بهذه البيانات من أجل الاستخدام الداخلي. وعادةً ما تكون هذه البيانات ملكية خاصة، وتحتوي على معلومات سرية أو خاصة. وتشمل الأمثلة عليها بيانات الإنتاج الصناعي، وسجلات البحث والتطوير في علوم المواد، وبيانات موقع نظام تحديد المواقع العالمي (GPS) على مستوى الأفراد.
5- بيانات لا يمكن الوصول إليها: تُولَّد هذه البيانات ولكنها لا تُخزَن. وغالبًا ما تُنشأ مؤقتًا بواسطة برامج الحاسوب وتُستخدم بطريقة ما. كما قد تُخزَّن النتائج المستخلصة، ولكن غالبًا ما تُهمَل البيانات الأولية. وتشمل الأمثلة عليها مُحاكيات النظم الحقيقية والبيانات الوسيطة المُستخدمة في معالجة بيانات أخرى. البيانات التي لا يمكن الوصول إليها تعوق تطوير الذكاء الاصطناعي.

وتُعَد سرعة ونطاق تطوير الذكاء الاصطناعي ونشره مؤخرًا من الأمور الملحوظة. فتُزيد التحسينات في تكنولوجيا الحوسبة والانخفاضات الهائلة في التكلفة من تطوير نظم ذكاء اصطناعي أكبر وأكثر تعقيدًا. ولقد خَفَضَّت مشاركة النماذج المُدرَّبة مسبقًا التكاليف من خلال تمكين التعلم الانتقالي بدلًا من بناء نظم ذكاء اصطناعي من الصفر. وتُتيح هذه التكاليف المتناقصة استخدامًا أوسع نطاقًا للذكاء الاصطناعي المتقدم، مثل النماذج اللغوية الكبيرة في برامج الدردشة.



#ماهر_عزيز_بدروس (هاشتاغ)       Maher_Aziz#          


ترجم الموضوع إلى لغات أخرى - Translate the topic into other languages



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- استراتيجيات الضرورة
- مصر تعدل اتفاق الغاز مع إسرائيل في أضخم صفقة طاقة بين البلدي ...
- التكنولوجيا للناس: مشروع الضبعة والأثر المتوقع على تنمية الم ...
- الإشعاع الذري
- الخطر النووي المنتظر في الحرب الإيرانية - الاسرائيلية
- صراع وجودي
- التكنولوجيا والصناعة .. شراكة استراتيجية نحو مستقبل مزدهر
- سعد الهلالي : تجديد الخطاب الديني تحت المقصلة
- المهجرون وتخوفات مشروعة
- هل يكون الدين علما؟
- علمانية الدولة.. درس من تونس الخضراء
- الخطر الذى يحدق بمصر
- التغيير الجذري ومسئولية الرئيس
- الجمال والقبح في مصر المحروسة
- الطاقة الخضراء وجيوسياسيات التحول الطاقى
- التخلص من النفايات النووية
- كوب 28 يدعم قادة الاتحاد الأوروبى فى ندائهم للعودة إلى القوى ...
- أهمية الطاقة النووية فى حل مشكلات المناخ
- الطريق إلى دبى
- المخاطر العالمية تهدد البقاء


المزيد.....




- بين التقارب والانزعاج.. تاريخ علاقة ترامب مع بوتين
- لقاء ترامب وبوتين: ماذا نعرف عنه؟
- معدن نيزكي نادر يكسر قواعد انتقال الحرارة ويذهل العلماء
- مصر تدين -ما يسمى بإسرائيل الكبرى- وتطالب الدولة العبرية بإي ...
- حصاد التجويع المنهجي لقطاع غزة
- أي مستقبل لملف السويداء السورية؟
- تقدم في المفاوضات مع إندونيسيا وأرض الصومال لاستقبال الغزيين ...
- زيارة لاريجاني إلى لبنان.. رسائل إيرانية تصطدم بجدار السيادة ...
- اجتاح أوروبا.. -تسونامي الاعتراف- بفلسطين يشعل الجدل الدولي ...
- -أرانب الزومبي- تثير ذعرا في ولاية أميركية


المزيد.....

- الأرملة السوداء على شفا سوريا الجديدة / د. خالد زغريت
- المدخل الى موضوعة الحوكمة والحكم الرشيد / علي عبد الواحد محمد
- شعب الخيام، شهادات من واقع احتجاجات تشرين العراقية / علي الخطيب
- من الأرشيف الألماني -القتال في السودان – ينبغي أن يولي الأل ... / حامد فضل الله
- حيث ال تطير العقبان / عبدالاله السباهي
- حكايات / ترجمه عبدالاله السباهي
- أوالد المهرجان / عبدالاله السباهي
- اللطالطة / عبدالاله السباهي
- ليلة في عش النسر / عبدالاله السباهي
- كشف الاسرار عن سحر الاحجار / عبدالاله السباهي


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - ماهر عزيز بدروس - الذكاء الاصطناعي وتغِّيُّر المناخ