أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - ماهر عزيز بدروس - صراع وجودي















المزيد.....

صراع وجودي


ماهر عزيز بدروس
(Maher Aziz)


الحوار المتمدن-العدد: 8375 - 2025 / 6 / 16 - 17:26
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


وفقا للمعطيات التاريخية لأوضاع المواجهة التي سبقت الحرب الحالية بين إسرائيل وإيران يؤكد السياق التاريخي القائم أن الحرب الدائرة الآن هي حرب وجودية ؛ إما قاتل أو مقتول ؛ إما إبادة أو غير إبادة ؛ إما موجود أو غير موجود .

غير أن الوجود أو عدم الوجود هو الذي يتربص فقط بإسرائيل وحدها ، لأن التجمع المحيط بها يضع هدفا واحدا وجوديا بطبيعته ؛ هو إبادة إسرائيل نهائيا ، واقتلاعها اقتلاعا من وجه الأرض ؛ مستندا في ذلك إلي أنها قد اغتصبت الأرض دون وجه حق ؛

بينما منح قرار الأمم المتحدة عام 1948 إسرائيل حوالي 48% من مساحة الأرض ، استنادا إلي تاريخ عميق يقول بوجود اليهودية القديمة إلي جوار الفلسطيين القدماء جنبا إلي جنب ؛ بحسب المتون الابراهيمية وبعض الشواهد الأركيولوجية ؛

ولقد نما التهديد الوجودي لإسرائيل نموا سريعا بعد هزيمة الجيوش العربية عام 1948 ، وكان القضاء علي إسرائيل نهائيا هدفا جوهريا "لفلسفة الثورة" ، و "حرب 1967" ، التي نجحت خلالها القوي العربية والغربية في كسر هذا الهدف بهزيمة عبد الناصر - الرمز الأقوي لإبادة الوجود الاسرائيلي - عام 1967 ؛ وهي الهزيمة التي تحالفت فيها السعودية مع دول عربية أخري مع إسرائيل والغرب لهزيمة هدف الإبادة الكاملة للوجود الاسرائيلي ؛ أو علي الأقل لإزاحته بعدا آخر في الزمن في جوف المستقبل ؛

ويقدم البعض تعليلات عقائدية تتلبس بالحرب بجلاء من دعاوي دينية ضخمة تضرب علي هذا الهدف المدوي ضربا عنيفا بلا هوادة ؛

ففي مؤتمر علمي للمنظمة الاقتصادية والاجتماعية للأمم المتحدة لغرب آسيا - الشهيرة "بالإسكوا" (UN-ESCWA) - عقد في عمان بالأردن حوالي عام 2007 ، قدمت فيه ورقة بحثية ، قيل للمشاركين في المؤتمر في الجلسة الختامية أن مسئولا كبيرا سيأتي ليخطب في الحاضرين ، فإذا بأحد أقطاب جماعة الإخوان بالأردن يأتي ويقف ليخطب علي المنبر ، وكان صلب ماقاله أن القرآن يشتمل علي 242 آية تأمر المؤمنين أمرا دينيا مقدسا صريحا بقتل اليهود أينما كانوا ، وأن الحجر والشجر سيصيحون يوم القيامة ليدلوا المؤمنين علي اليهود المختفين خلفهم ليقتلوهم قتلا مقدسا باسم الله .

هكذا يؤمن الملايين في منطقتنا - من إيران شرقا إلي المغرب غربا ومن تركيا شمالا إلي الصومال جنوبا - بالإبادة المطلقة لإسرائيل ،

كذلك يقدم المفكر الأمريكي الكبير "صامويل هنتنجتون" في كتابه الشهير "صدام الحضارات" أو "صراع الحضارات " - الصادر عام 1996 - تأويلا صريحا للبعد الأصولي في هذه الحرب ، مؤكدا أن صراع الحضارات في جوهره ليس إلا صراع أصوليات ، وعلي الأخص الأصولية الإسلامية في مواجهة الأصولية اليهودية (والغربية) ، ما يعني أن المواجهة الرئيسية ليست بين دولة أو دول إسلامية وإسرائيل ( والغرب) ، بل هي في جوهرها مواجهة وجودية ، بقاء أو فناء ، بين الإسلام واليهودية (والغرب) .

ويتضح البعد الديني للإبادة جليا في الشعارات المرفوعة من الطرفين ، عنوانا علي الحرب بينهما ، فالهجوم الإسرائيلي انطلق تحت اسم عملية "الأسد الصاعد" ، وهو اسم مأخوذ من آية في سفر العدد قائلة : "هوذا شَعْبٌ يَقُومُ كَلَبْوَةٍ ، وَيَرْتَفِعُ كَأَسَدٍ . لاَ يَنَامُ حَتَّى يَأْكُلَ فَرِيسَةً وَيَشْرَبَ دَمَ قَتْلَى" (سفر العدد 23 : 24) ، بينما أطلقت إيران علي العمليات الحربية من جانبها ضد إسرائيل شعار : "الوعد الصادق" ، المأخوذ من الأدعية الإسلامية : "صدق وعده ، ونصر عبده ، وأعز جنده ، وهزم الأحزاب وحده" .

فهي إذن في جوهرها حرب إبادة وجودية باسم الدين ، تتكاثف حولها ردود الأفعال في صف طرف لمواجهة الطرف الآخر في أرجاء العالم كله .

هدف إيران من الحرب هو تثبيت أركان البرنامج النووي وصولا إلي القنبلة الذرية ، فتحرز القيادة الإسلامية في العالم لتحقيق الهدف الديني الغائي الأكبر بالقضاء علي إسرائيل قضاء مبرما ، بينما هدف إسرائيل من الحرب هو القضاء علي قدرات إيران علي إبادة إسرائيل لأجل للبقاء .

من جهة أخري فإن إيران في الحرب الدائرة الآن تدافع بالأحري عن بقاء برنامجها النووي ، وهو البقاء الذي يطمر داخله الهدف الديني الثابت في إبادة إسرائيل ، ما يجعل غالبية كبيرة في الدول العربية والإسلامية تعتقد اعتقادا جازما بأن إيران تخوض حربا لأجل الدول الإسلامية كلها ، وأن انتصار إيران في الحرب انتصار أكيد للدول الإسلامية ، وهزيمتها كذلك هزيمة موجعة لها ، فتحتاج بالضرورة إلي دعم كل الدول الإسلامية .. لكن المأزق الآن في ذلك الاعتقاد -في الواقع الراهن- يكمن في التجاوز البالغ لجدل التاريخ وأحداثه ؛ فالواقع الفعلي لا يساند هذا الاعتقاد ، لأن إيران تحارب بنفسها لنفسها ، وتقاتل عن نفسها لنفسها ، وتدافع عن نفسها لنفسها أيضا ، حتي لو انطمر الهدف الديني في أعماق حربها ؛ ولا يوجد ما ذهب إليه البعض بأن إيران تدافع عن "الأمة العربية" ، لأن إيران "أمة فارسية" لا شأن لها مطلقا بأمة عربية ، بل كانت تاريخيا عدوا لدودا للعرب ؛ كذلك فالقائم الآن هو "دول عربية" ، وليس "الأمة العربية" التي وجدت فقط في خطبنا وأشعارنا وموضوعات إنشائنا ، حتي أن الجامعة العربية اسمها منذ تكوينها "جامعة الدول العربية" ، وليس "جامعة الأمة العربية" ؛ كذلك توجد دول إسلامية لا "أمة إسلامية" ، وفيها شيعة في إيران واليمن وحماس وحزب الله وغيرها ، يحاربون دائما السنة ، والعكس بالعكس .. إذن توجد دول عربية ودول إسلامية لا "أمة عربية" أو "أمة اسلامية" ، ولذلك تهتم إيران فقط بنفسها ولا شأن لها مطلقا بدول عربية أو إسلامية .. بل هي لو ملكت القنبلة الذرية ستكون الأخطر بما لا يقاس علي الدول العربية وعلي مصر ، ذلك لأن تاريخ المواجهة "الفارسية-العربية" يؤكد ذلك ، كما يؤكده تاريخ الاحتلال الفارسي لمصر لمدة تربو علي مائة عام متصلة .

في الختام أرجو أن أوضح أنني حاولت فقط تحليل مواقف الأطراف المختلفة من الحرب ، وليس ما كتبته أعلاه يعبر بالضرورة عن رأيي الشخصي ، لكنه محاولة لقراءة محايدة للوقائع الحاضرة في الحرب ووشائجها المختلفة .



#ماهر_عزيز_بدروس (هاشتاغ)       Maher_Aziz#          



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- التكنولوجيا والصناعة .. شراكة استراتيجية نحو مستقبل مزدهر
- سعد الهلالي : تجديد الخطاب الديني تحت المقصلة
- المهجرون وتخوفات مشروعة
- هل يكون الدين علما؟
- علمانية الدولة.. درس من تونس الخضراء
- الخطر الذى يحدق بمصر
- التغيير الجذري ومسئولية الرئيس
- الجمال والقبح في مصر المحروسة
- الطاقة الخضراء وجيوسياسيات التحول الطاقى
- التخلص من النفايات النووية
- كوب 28 يدعم قادة الاتحاد الأوروبى فى ندائهم للعودة إلى القوى ...
- أهمية الطاقة النووية فى حل مشكلات المناخ
- الطريق إلى دبى
- المخاطر العالمية تهدد البقاء
- 28 سبتمبر/ الجبل الذي هوي- وفاة الرئيس عبد الناصر
- الطريق إلى شرم الشيخ 4 - تحدى القضايا الملتهبة
- الطريق إلى شرم الشيخ 3 - تحدى التفاوضات العَسِرَة
- الطريق الى شرم الشيخ 2 - فجوة التمويل
- الطريق إلى شرم الشيخ 1 - فجوة الابتعاثات
- صفحات من سيرتى الذاتية-لغة الهندسة


المزيد.....




- إيران تستهدف مستشفى سوروكا في تل أبيب.. وإسرائيل ترد بتصعيد ...
- قبل إعلان ترامب عن مهلة لإيران.. مصادر تكشف لـCNN عن تحركات ...
- تحليل لـCNN: هل يستطيع الكونغرس منع ترامب من ضرب إيران؟
- -كتائب حزب الله- العراقية تتوعد ترامب إذا ضرب إيران: ستخسر ك ...
- صفارات الإنذار تدوي في إسرائيل للتحذير من هجوم صاروخي إيراني ...
- غروسي: إيران لم تكن تصنع قنبلة نووية عند بدء الهجوم.. لا تنس ...
- 34 شهيدا في غزة منذ فجر اليوم أغلبهم من المجوعين
- الرئيس الأوكراني يعيّن قائدا جديدا للقوات البرية
- شي وبوتين يتفقان على أولوية وقف إطلاق النار بين إيران وإسرائ ...
- وول ستريت جورنال: تكلفة خيالية تتكبدها إسرائيل لاعتراض صاروخ ...


المزيد.....

- كذبة الناسخ والمنسوخ _حبر الامة وبداية التحريف / اكرم طربوش
- كذبة الناسخ والمنسوخ / اكرم طربوش
- الازدواجية والإغتراب الذاتي أزمة الهوية السياسية عند المهاجر ... / عبدو اللهبي
- في فوضى العالم، ما اليقينيات، وما الشكوك / عبد الرحمان النوضة
- الشباب في سوريا.. حين تنعدم الحلول / رسلان جادالله عامر
- أرض النفاق الكتاب الثاني من ثلاثية ورقات من دفاتر ناظم العرب ... / بشير الحامدي
- الحرب الأهليةحرب على الدولة / محمد علي مقلد
- خشب الجميز :مؤامرة الإمبريالية لتدمير سورية / احمد صالح سلوم
- دونالد ترامب - النص الكامل / جيلاني الهمامي
- حَرب سِرِّيَة بَين المَلَكِيّات وَالجُمهوريّات 3/4 / عبد الرحمان النوضة


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - ماهر عزيز بدروس - صراع وجودي