أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - إبراهيم اليوسف - نورالدين صوفي ومحاولة لسداد جزء من دين متأخر














المزيد.....

نورالدين صوفي ومحاولة لسداد جزء من دين متأخر


إبراهيم اليوسف

الحوار المتمدن-العدد: 8431 - 2025 / 8 / 11 - 07:08
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


لا يختبر الغياب قسوته القصوى إلا حين يأتي مؤجَّلًا، محمّلًا بأصداء سنوات من الغموض والاحتمالات. إذ إنه منذ إصابة نورالدين صوفي في نيسان 2021 بضربة جوية من قبل الطيران التركي على موقع إقامته في جبال قنديل، بعد أن أعلن أردوغان نفسه – حينها – استشهاده بزهو وانتصار، ظل مصيره معلقًا بين روايات متناقضة: ثمة من نفى النبأ، وثمة من قال إنه جريح ويعالج الآن في ألمانيا وأن تشوّه جسده لا يسمح برؤيته، وهناك من أكد استشهاده، أو أبقاه حيًّا كما نريد. وكانت النتيجة أن أُحكم الكتمان من حوله، حتى أقرب الناس إليه في قامشلي لم تكن لديهم أية معلومات عن مصيره، سوى ما يقال لهم من ضمن قنوات رفاقه: إنه حي!
ولقد جاء الإعلان الرسمي الجديد في العاشر من آب 2025 ليضع حدًا لرحلة الشكوك، ما دعا لأن يعم الحزن ليس بين أسرته، بل بين محبيه ورفاقه، لأنه أحد هؤلاء القادة الذين دحروا فلول الإرهاب. وها هو اليوم، في الحادي عشر من الشهر ذاته، بعد أربع وعشرين ساعة من نبأ استشهاده الأليم، يصل الجسد الطاهر عبر معبر سيمالكا عائدًا من إقليم كردستان إلى مسقط رأسه، ليغلق دائرة الانتظار الطويلة، كي يوارى الثرى في قامشلي، في مدفن الشهداء، حيث ستلقى عليه نظرة الوداع الأخير.
بالنسبة لي، هذا المقال ليس رثاءً تقليديًا لشهيد وفي ونبيل، بل محاولة لسداد دين مؤجل لإنسان مخلص ووفي بحث عني أكثر من مرة، بود وتقدير واحترام، قبل أن أتذكره بفعل فارق العمر بيننا. إذ أحاول جمع ملامح أول صورة له في ذاكرتي وهو في بيت قريب له، كان صديقًا لي، ولا أكر سوى مجرد طيف شاب هادئ الطبع، خلوق، علمت فيما بعد أنه كان يكتب الشعر بالكردية والعربية، وكان من جيل أحد إخوتي، وعلى مقاعد الدراسة معه، وإن لم تجمعهما صداقة في تلك المرحلة، رغم أن كليهما ينحدر من أسرة دينية.
مرّت الأعوام، ووصلني اسمه من جديد عبر وسائل الإعلام، ولم أربطه فورًا بذلك الفتى. أحد المقرّبين، الذي استضافه مع رفاقه في بيته، أخبرني أنه كان يذكر اسمي مرارًا ويسأل عني. ما إن انتهى من درس له في أحد المعسكرات حتى قال لصديق لي علمت فيما بعد أنه كان من رفاقهم: أين صديقك فلان؟ فرد عليه صديقي أنه لا يعلم إلا أني خارج الوطن، فقال له الشهيد نورالدين أو عادل كما سأعلم اليوم: اذهب في إجازة إلى المدينة واسأل عنه، واعرض عليه زيارة الوطن، وسأذهب لاستقباله أو أكلفك وعددًا ممن معك لاستقباله. رسائل وصلتني عبر أقرباء في الوطن، تحمل اقتراحه بزيارتي للبلاد، وانتظاره لي، لكن اللقاء لم يحدث.
تزامن ذلك مع فترة كنت أوجّه فيها نقدي إلى حزب العمال وأعلن موقفي من هيمنتهم على مناطقنا. شكرت من أوصلوا الرسائل، كما فعلت في محاولات مماثلة سابقة، من قبل أكثر من شخصية، لكن المسافة بقيت قائمة. لاحقًا، علمت أنه من الذين أسسوا وجود رفاقهم في مناطقنا، ووضعوا حجر الأساس، وزكّى بعض الأسماء التي أعرفها، وكان معنياً بالكتاب والثقافة. صديقي ذاك قال إنه لم يسأل عن أحد باللهفة التي سأل بها عني.
ما إن جاء خبر إصابته، حتى شعرت بالحزن يثقل قلبي. لكن تضارب الأخبار، والستار المسدول على تفاصيل وضعه، جعلا الحقيقة بعيدة حتى اللحظة التي أعلن فيها رحيله مجددًا.
اليوم، يعود جسد الشهيد الشهم إلى حضن الوطن، ويعود معه شريط الصور: الفتى الذي يكتب الشعر، الرجل الذي قاوم تنظيم داعش وفصائل الإرهاب، و خطط لمواجهة حيتان الفساد، المناضل العصامي الذي عاش كما يعيش عامة الناس ليقتنع بالكفاف من قوت يومه، تاركاً زوجته وأطفاله ليطلب منه أن يعود إلى قنديل في مهمته الأخيرة، كما فعل جوان إبراهيم الذي كانت تصلني منه رسائل في بدايات الثورة وهو يناصر الحراك الشبابي كصحفي، وربما ما زالت بعض رسائله في بريدي الإلكتروني، ولا أعلم أي شيء عنه حتى الآن!



#إبراهيم_اليوسف (هاشتاغ)      


ترجم الموضوع إلى لغات أخرى - Translate the topic into other languages



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)

الكاتب-ة لايسمح بالتعليق على هذا الموضوع


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- بين مؤتمري دمشق والحسكة وامتحان الوطنية السورية
- كرسي النهاية سرّ التهافت عليه!
- وثيقة الجنرال كركيزة فحسب: الموفد الكردي هو من يقرر حقوق شعب ...
- زياد رحباني شاعراً وهو في الثالثة عشرة من عمره مجموعة- صديقي ...
- سوريا بعد أربع عشرة سنة: ضرورة إعادة تدقيق تعريفي الثورة وال ...
- السيد أحمد الشرع من الجائزة الكبرى إلى مأزق الدم خياران خطير ...
- اللجنة الوطنية للتحقيق في مجازر الساحل تدق آخر مسمار في مصدا ...
- على هامش سقوط تصريح باراك وسقوط حلم المتبركين به
- الانتخاء باسم العشائر خدعة تأسيسية لحرب أهلية مؤجّلة مجاهدون ...
- نزع صاعق القنبلة المحرمة: العشيرة مظلة تعايش وقيم عالية ومسم ...
- السويداء مدينة منكوبة! و-حبل الدمار على الجرار- إن لم نتعظ!؟
- الحرب على الدروز- سباق للتفوق على جرائم الأسد
- الشيخ الدرزي الذي قتل مرتين حلاقة الشاربين تمهيداً لإبادة طا ...
- لا حياد لأصيل أمام الظلم ضد المتجبر حتى لو كنت أنا
- حرب الإبادة على الدروز: السويداء كنطع وعنوان لتكرار فصول الم ...
- محرقة البنادق وروح جبال الكرد: لا ضير أن نتابع الميثاق- طائع ...
- محرقة البنادق وروح جبال الكرد: لاضير أن نتابع الميثاق- طائعي ...
- شاعر جميل على سرير الشفاء حسان عزت كما عرفناه وكما ننتظره
- طبول الحرب على الكرد. قرابين بريئة على مذبح سلام موهوم!
- سقوط مشروع باراك وفضيحة الصمت الدولي المناطق الكردية من التف ...


المزيد.....




- -البعض يحبها-.. ترامب يكشف دراسة إدارته لقرار بشأن الماريغوا ...
- خلّف سحابة سوداء ضخمة.. فيديو يُظهر انفجارًا بمصنع للصلب في ...
- قصف روسي على زابوريجيا يصيب 20 شخصا على الأقل
- خطة نتنياهو الكارثية للسيطرة على غزة - افتتاحية فايننشال تاي ...
- استنفار أوروبي قبل قمة ألاسكا.. ميرتس يجتمع بترامب وزيلينسكي ...
- السودان: 40 قتيلا في هجوم لقوات الدعم السريع على مخيم نازحين ...
- -مراسلون بلا حدود- تطالب بجلسة طارئة لمجلس الأمن لحماية صحفي ...
- منظمات دولية للجزيرة نت: اغتيال طاقم غزة لإسكات آخر شهود الح ...
- موقع وهمي وشعارات مزيفة.. سقوط -مكتب مكافحة الجريمة- في الهن ...
- 7 أيام في ألماتي الكازاخية جوهرة آسيا الوسطى


المزيد.....

- الأرملة السوداء على شفا سوريا الجديدة / د. خالد زغريت
- المدخل الى موضوعة الحوكمة والحكم الرشيد / علي عبد الواحد محمد
- شعب الخيام، شهادات من واقع احتجاجات تشرين العراقية / علي الخطيب
- من الأرشيف الألماني -القتال في السودان – ينبغي أن يولي الأل ... / حامد فضل الله
- حيث ال تطير العقبان / عبدالاله السباهي
- حكايات / ترجمه عبدالاله السباهي
- أوالد المهرجان / عبدالاله السباهي
- اللطالطة / عبدالاله السباهي
- ليلة في عش النسر / عبدالاله السباهي
- كشف الاسرار عن سحر الاحجار / عبدالاله السباهي


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - إبراهيم اليوسف - نورالدين صوفي ومحاولة لسداد جزء من دين متأخر