أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - رابعة خضر الخطيب - عالم بلا أذرع














المزيد.....

عالم بلا أذرع


رابعة خضر الخطيب

الحوار المتمدن-العدد: 8426 - 2025 / 8 / 6 - 14:38
المحور: الادب والفن
    


أستيقظت ذات صباح كئيب، ربما لم تستيقظ وكل شيء مجرد حلم.
على كل شيء في ذلك الصباح كان غريبا.
كانت مشاعرها سيئة للغاية، لدرجة أنها لم تستطع أن تلقِ بالا للعصافير التي تغني على الأغصان كالعادة، لقد تبدى لها الصوت مثل وكأنه أغنية حزينة، وأن زقزقات العصافير دموع كبيرة تسقط فوق رأسها.
نهضت من الفراش وذهبت إلى الحمام، لم ترغب في التحديق في المرآة لكي لا ترى وجهها الشاحب والمتعب أطالت التحديق.
سألت الوجه الذي في المرآة:

" من أنتِ؟ لماذا تبدين مثل فجوة سوداء جائعة لشيء ما؟"

تجاهلت الأمر وظنت أنها لا تزال تحت تأثير النوم، لم تعد تستخدم مستحضرات التجميل بكثرة، إنها تشعر بالغضب حول المجتمع والرأسمالية الذين يدفعون الفتيات لشراء الكثير من المستحضرات فقط لكي تبدين جميلات، وذلك لأنهم لا يستطيعون البحث عن الجمال الحقيقي في الاختلاف والتفرد، بل لديهم صورة غبية جامدة حول المرأة الجميلة.
وهكذا كانت قد وضعت فقط واقي الشمس، مع انها لا ترغب باستخدامه ولكنها مضطرة بسبب وصف الطبيب، لأن بشرتها حساسة للغاية.
وضعت أيضا القليل من الكحل مع انها لا تحتاجها إذ لديها عيون واسعة مع رموش سوداء كثيفة نوعا ما، والقليل من أحمر الشفاه لكي تغطي على الشحوب الذي تظهره ملامحها.
نظرت إلى المرآة بعد رسم أحمر الشفاه وكانت كمن تحدق في أعماق روحها وليس في وجهها، كانت تحتاج إلى عناق، حاولت أن ترى والديها وإخوتها لعلها تحصل على عناق بسيط، لكنها صعقت عندما وجدت أن جميع من في المنزل لا يملكون ذراعين، لكنهم يعيشون حياتهم بشكل طبيعي وكأن شيئا لم يكن، حاولت أن تستفسر لكنهم أبدوا استغرابهم وكأنها تقول أشياء غير مفهومة، لذلك قررت أن تستجمع أفكارها وصوابها لتخرج.
عندما بدأت تسير في الشارع كان الهواء باردًا، والسماء لا تزال تلوح بلون الشروق الاحمر، وقفت لبرهة في محاولة لتجاوز صدمتها داخل المنزل. حاولت استنشاق الهواء البارد والاستمتاع به لأنها تحبه، مع أنه سيء لها لأنها تعاني من حساسية الربو، وبينما كانت تستنشق النفس الأخير، قبل أن تتابع السير كانت قد رأت الجارة العجوز التي تبقى صامتة ووحيدة طيلة الوقت... رأتها بلا ذراعين أيضًا. في تلك اللحظة، نما الخوف داخلها، كأنّه بذرة صغيرة، فجأةً انشقت وبدأت تتضخم إلى شجرة كبيرة.

ركضت مثل المجانين من الصدمة، ركضت حتى وصلت إلى الشارع الرئيسي وهنالك وجدت حشدًا من الناس الذين يمشون ذهابًا وأيابًا كلهم بلا ذراعين، ولكن كل شيء كان طبيعيًا بالنسبة لهم ما عدا شعورها هي بالصدمة والمفاجئة، وعندما وصل الباص، ركبت في الداخل وكان الجميع أيضًا بلا أيدي وهنا نستطيع القول أن شجرة الخوف تلك بداخلها قد نضجت بالكامل.
مسحت وجهها بكفيها ثم قالت لنفسها:
"لا بأس ربما عندما أصل سوف أخبر زميلي في العمل حول هذا الكابوس".
زميلها الذي يعجبها وتود تقبيله بشدة ربما لو أخبرته، سيرى مخاوفها ويعانقها لأنها هذا الصباح تحتاج فعلاً إلى عناق بشدة بدون أسباب واضحة، لكن عندما وصلت، رأت زميلها الشاب وهو يبتسم ويتحدث مع مديرهم في العمل.
لم تستطع ذاك الصباح أن تحدق بشعره الذهبي كما في السابق، ولا أن تغوص في حقل الزيتون الذي يحمله داخل عينيه، لم تتساءل لماذا هو طويل للغاية هل يشبه أمه أم أبيه، وذلك لأن أول ما وقعت عليه عيناها هو أنه بلا ذراعين، هنا بدأت ترتجف، شعرت بالخوف، كان جسدها يبرد تدريجيًا مثل كأنها ماتت منذ دقائق. شعرت بحاجة أكبر للعناق بعد كل ذلك ربما لطرد ذلك الخوف.
لفت ذراعيها حول نفسها لأنها تريد أن تسكت جسدها الجائع، كانت تحتاج بشدة إلى العناق لكن ما من أذرع في كل العالم.



#رابعة_خضر_الخطيب (هاشتاغ)      


ترجم الموضوع إلى لغات أخرى - Translate the topic into other languages



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- العود الأبدي في فيلم الأنمي -ممثلة الألفية-
- مراجة ودراسة لشخصيات أنمي -Monster-.
- فيلم poor things
- تحليل مسلسل الأنميشن بعنوان الآخر/Another
- حول فيلم الختم السابع لبيرغمان
- قراءة في كتاب المياه بلون الغرق((قياسات المرارة) لإميل سيورا ...
- حول الإلقاء الشعري
- سلفادور دالي ولوحته -إصرار الذاكرة-
- قراءة جديدة لقصيدة محمود درويش-أنا يوسف يا أبي-
- مجموعة قصائد (2)
- مجموعة قصائد
- قراءة في شعر إيميلي ديكنسون


المزيد.....




- عشرات الفنانين والإعلاميين يطالبون ميرتس بوقف توريد الأسلحة ...
- حكايات ملهمة -بالعربي- ترسم ملامح مستقبل مستدام
- مسرحية -لا سمح الله- بين قيد التعليمية وشرط الفنية
- أصالة والعودة المرتقبة لسوريا.. هذا ما كشفته نقابة الفنانين ...
- الذكاء الاصطناعي التوليدي.. ضربة موجعة جديدة لقطاع الإعلام ا ...
- نقل الفنان المصري محمد صبحي إلى المستشفى بعد وعكة صحية طارئة ...
- تضارب الروايات حول استهداف معسكر للحشد في التاجي.. هجوم مُسي ...
- ديالا الوادي.. مقتل الفنانة العراقية السورية في جريمة بشعة ه ...
- مقتل الفنانة ديالا صلحي خنقا داخل منزلها بدمشق والتحقيقات تك ...
- القنبلة الذرية طبعت الثقافة اليابانية بإبداع مستوحى من الإشع ...


المزيد.....

- نقوش على الجدار الحزين / مأمون أحمد مصطفى زيدان
- مسرحة التراث في التجارب المسرحية العربية - قراءة في مسرح الس ... / ريمة بن عيسى
- يوميات رجل مهزوم - عما يشبه الشعر - رواية شعرية مكثفة - ج1-ط ... / السيد حافظ
- . السيد حافظيوميات رجل مهزوم عما يشبه الشعر رواية شعرية مك ... / السيد حافظ
- ملامح أدب الحداثة في ديوان - أكون لك سنونوة- / ريتا عودة
- رواية الخروبة في ندوة اليوم السابع / رشيد عبد الرحمن النجاب
- الصمت كفضاء وجودي: دراسة ذرائعية في البنية النفسية والجمالية ... / عبير خالد يحيي
- قراءة تفكيكية لرواية -أرض النفاق- للكاتب بشير الحامدي. / رياض الشرايطي
- خرائط التشظي في رواية الحرب السورية دراسة ذرائعية في رواية ( ... / عبير خالد يحيي
- البنية الديناميكية والتمثّلات الوجودية في ديوان ( الموت أنيق ... / عبير خالد يحيي


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - رابعة خضر الخطيب - عالم بلا أذرع