أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - رابعة خضر الخطيب - سلفادور دالي ولوحته -إصرار الذاكرة-














المزيد.....

سلفادور دالي ولوحته -إصرار الذاكرة-


رابعة خضر الخطيب

الحوار المتمدن-العدد: 7415 - 2022 / 10 / 28 - 17:04
المحور: الادب والفن
    


" سلفادور دالي" رسام اسباني مجنون وفوضوي هدام لكل ما هو منطقي وواقعي ومألوف تتصف أعماله بأنها تصدم المشاهد وتثير دهشته وتساؤلاته وذلك لغرابتها ولا منطقيتها إذ أن أعماله جميعها تصور اللامعقولية والاضطراب النفسي وبالرغم من أن اسم "دالي" أصبح الأشهر أو بالأحرى هو المرادف للسريالية إلا أن الصدمة في كون مؤسس السريالية "أندريه بريتون" قد طرده من الحركة متهمًا أياه بالإساءة إليها وبمعنى أدق اعتبره {معادٍ للسّريالية} وذلك فقط من أجل خلافات سياسية حيث بريتون المنغمس بالحياة السياسية ودالي الذي يهرب منها ويعدها مضرة بالفنانين بالرغم من حبّه للشيوعية والماركسية، وقد وصف دالي فعلة بريتون على أنه طرده فقط لانه لم يجاهر له بالولاء.

"ومن أشهر أعماله لوحة "إصرار الذاكرة:
في هذه اللوحة تحتشد الرموز حيث نرى الساعات الذائبة التي ضاقت ذرعًا بالوقت العادي المقاس متفرقة في معظم أنحاء اللوحة، إضافة إلى ساعة يد صغيرة صدئة تشير إلى الإنحلال والكون والفساد، ويعتلي هذه الساعة جيش من النمل ويشير إلى التفسخ والتحلل والتفكك، وهنالك شيء أشبه بوجه نائم ولعله وجه الرسام نائمًا في حالة من الحلم وعيناه مغمضة ومنعكسة على عالم داخلي باطني وهذه إشارة إلى السريالية عمومًا، إضافة إلى غصن الزيتون والأفق في أعلى اللوحة الذي قد يشير إلى نوع من اللامحدودية واللاتناهي والانفتاح على عالم أكثر شساعة ووساعة.

إن دالي في لوحته يظهر لنا مجموعة من الثنائيات إذ يتداخل الواقع بالحلم، والموت بالحياة، والفناء بالخلود ولعل هدفه هو تكسير وتخريب كل ما هو منطقي وواقعي وعقلاني ليظهر لنا اعتباطية الوقت والساعات عندما نكون في حالة الحلم، وهكذا فإنه سيّل الزمن وأفقدَه صلابته عبر ذاكرة مائعة رافضة للزمن الصلب الممل والمحدود ورافضة للصيرورة وهذا دفعه لخلق زمن معاكس ومغاير وموازٍ للزمن الفاني ثائر على الصيرورة والكون والفساد والموت والفناء منتقلاً إلى عالم من خلقه هو عالم الخلود والأبدية.

قد نجد هنا زمنين ضد الزمن الفيزيائي العادي: الزمن النفسي الذي يتجسّد بمشاعرنا وانفعالاتِنا كما تفسّره ديمومة "بيرغسون" أو ذاك الزمن الخيالي الذي يحقق حلم البشرية بالسَّفر عبر الزمن إذ يجلب الماضي بتذكره ويستحضر المستقبل بتخيّله.

كان دالي في لوحته ساخرًا متهكّمًا وفوضوي جدًّا لقد سخر من أكثر الأمور إرهاقًا واخضاعًا للناس وسيطرةً عليهم ألا وهو الزمن فجعله لعبة بين يديه يذيبه ويسيله كما يشاء وفي ذلك إشارة إلى قدرة الفن الإبداعية في التحطيم والهدم واللامحدودية فقد سالت الساعات كما تسيل ألوان الفنان تحت الريشة وهنا تظهر عبقريته(( تحوله إلى الإله الخالق )) حيث يستطيع التحكّم واللعب بما لا يستطيع بقية الناس اللعب والتحكم فيه، ومن هنا يستطيع تخريب العالم الواقعي بخلق عالم آخر مغاير يتناسب مع روح الفنان اللامتناهية.
ولعل دالي تأثّر بنسبيّة "آينشتاين" ليظهر لنا نسبيّة كل شيء ساخرًا من الدوغماىية_الوثوقية_ والإطلاقية التي تسيطر على معظم العقول.
لقد مزج دالي ببن الفيزياء وعلم النفس والحلم والجنون خالقًا لنا لوحته ورائعتَه هذه إذ لا يمكن النظر إلى أعماله دون الشعور بالدّهشة والتّساؤل وحتى النّفور أحيانًا نظرًا لغرابتها وجنونها، ولا ننسى الغموض والإبهام الذي نجح سلفادور دالي في إعطائه لهذه اللوحة ما جعلها قابلة للكثير من التفسيرات والتأويلات وهذا ما أعطاها الخلود بعد موت رسامها..



#رابعة_خضر_الخطيب (هاشتاغ)      


ترجم الموضوع إلى لغات أخرى - Translate the topic into other languages



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- قراءة جديدة لقصيدة محمود درويش-أنا يوسف يا أبي-
- مجموعة قصائد (2)
- مجموعة قصائد
- قراءة في شعر إيميلي ديكنسون


المزيد.....




- مسرحية -أشلاء- صرخة من بشاعة الحرب وتأثيرها النفسي
- الجمعة.. انطلاق نادي السينمائيين الجدد في الرياض
- غدا.. اجتماع اللجنة الفنية للسياحة العربية بمقر الجامعة العر ...
- “مبروك لجميع الطلاب ” رابط نتيجة الدبلومات الفنية 2025 الدور ...
- مذكرة تفاهم رباعية لضمان التمثيل القانوني المبكر للأحداث بين ...
- ضحك طفلك طول اليوم.. تردد بطوط على القمر الصناعي لمتابعة الأ ...
- الياباني أكيرا ميزوباياشي يفوز بالجائزة الكبرى للفرنكوفونية ...
- كيف تحولت شقة الجدة وسط البلد إلى مصدر إلهام روائي لرشا عدلي ...
- القهوة ورحلتها عبر العالم.. كيف تحولت من مشروب إلى ثقافة
- تاريخ اليهود والمسيحيين في مكة والمدينة حتى ظهور الإسلام


المزيد.....

- رواية الخروبة في ندوة اليوم السابع / رشيد عبد الرحمن النجاب
- الصمت كفضاء وجودي: دراسة ذرائعية في البنية النفسية والجمالية ... / عبير خالد يحيي
- قراءة تفكيكية لرواية -أرض النفاق- للكاتب بشير الحامدي. / رياض الشرايطي
- خرائط التشظي في رواية الحرب السورية دراسة ذرائعية في رواية ( ... / عبير خالد يحيي
- البنية الديناميكية والتمثّلات الوجودية في ديوان ( الموت أنيق ... / عبير خالد يحيي
- منتصر السعيد المنسي / بشير الحامدي
- دفاتر خضراء / بشير الحامدي
- طرائق السرد وتداخل الأجناس الأدبية في روايات السيد حافظ - 11 ... / ريم يحيى عبد العظيم حسانين
- فرحات افتخار الدين: سياسة الجسد: الديناميكيات الأنثوية في مج ... / محمد نجيب السعد
- أوراق عائلة عراقية / عقيل الخضري


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - رابعة خضر الخطيب - سلفادور دالي ولوحته -إصرار الذاكرة-