أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - رابعة خضر الخطيب - قراءة جديدة لقصيدة محمود درويش-أنا يوسف يا أبي-














المزيد.....

قراءة جديدة لقصيدة محمود درويش-أنا يوسف يا أبي-


رابعة خضر الخطيب

الحوار المتمدن-العدد: 7413 - 2022 / 10 / 26 - 04:32
المحور: الادب والفن
    


"محمود درويش" وبما أنه شاعر رمزي فإن قصائده قد طالها الكثير من الظلم لأن الرمزية الشعرية هي كتابة من داخل الظّل ومن خلف الضَّباب وهذا ما يجعلها منفتحة على الإمكان أي تتعدد تأويلاتها وتفسيراتها.
إلا أن قصائد درويش معظمها مفسّرة تفسيرا واحدًا عامًّا وهذا ما يحد منها ويسجنها في قالب يتناقض مع رمزية القصيدة؛ ومن هذه القصائد قصيدته" أنا يوسف يا أبي"
حيث وبالرغم من أن التفسير الشائع لهذه القصيدة هوأن الشاعر يقصد بها ما طال الشعب الفلسطيني من عذاب وظلم وقهر وتهجير وهذا التفسير جائز وصحيح نظرًا لرمزية القصيدة إلا أن القصيدة تحمل مضامين أخرى ويمكننا تفسيراها وتأويلها بخلاف ذلك وهو تفسير يتعلق بشخص الشَّاعر كشاعر بالذّات.
فالشَّاعر ((نبي)) لذلك قد سمّى نفسه ب"يوسف" وكأنه يقول: "أنا شاعر" أما الأب في عبارة "يا أبي " جاء على شكل نداء وتضرع فيه نوع من العتاب وكأنه يناجي كائن إلهي متعالي راعي البشرية كلّها وهذا نربطه مع قوله:
"وهم أوصدوا باب بيتك دوني"
إذ أن الشّاعر غالبًا ما يتم تكفيره وزندقته ورفضه لأنّه يأتي بقيم جديدة عكس السّائد من القيم.
وما يدل على أن القصيدة تتعلق كثيرًا بالجانب النّفسي للشاعر وما يعانيه من ظلم واضطهاد بين أبناء جلدتِه عندما قال: "يريدونني أن أموت لكي يمدحوني" وللأسف هذا حال معظم الشعراء سواء عالميًا أو عربيًّا لأنهم لا يكرّمون ويأخذون حقهم بالاحترام إلا بعد موتهم فهم يكتبون لغير عصرهم ولغير جيلهم ومثال على ذلك الشاعر الفرنسي"شارل بودلير" .
وأيضًا السّطور الشّعرية:
هم سمموا عنبي يا أبي
هم حطّموا لُعَبي يا أبي
هي جمل تشير وبشكل واضح إلى شعريّة الشاعر، فالعنب نستخلص من الخمر ولربما أراد الإشارة إلى حالة الثمالة الشعرية التي يلوثها بقية البشر بتأويلاتهم الخاطئة لها ووصفها بالمجون والتشيطن وأما الألعاب فتشير إلى الروح الطفولية للشاعر أوّلاً وثانيًا إلى الأحلام والآمال التي لدى الشَّاعر والتي قد تم تحطيمها وقمعه بسببها.
بالإضافة هذه الأسطر عندما قال درويش:
حين مرّ النسيم ولاعب "
شعري، غارروا وثاروا علي
وثارو عليك، فماذا صنعتُ لهم يا أبي"
وهذه كلّها تشير إلى حالات وطقوس شعرية ووجدانية يعيشها الشاعر بعلاقته مع الموجودات حوله وهذه العلاقة هي دائما تكون غير مفهومة لمن ليس بشاعر.
وأيضًا حين قال:
"الفراشات حطّت على كتفي
ومالت عليَّ السَّنابل، والطَّير
حطّت على
راحتي"
هي أسطر تشير إلى مخيّلة الشّاعر الجامحة إذ أن كل شيء يصبح صديقه وطوع يديه لحظة الخلق الشعري وهذا ما جعله يتساءل بقوله:
"فماذا فعلت أنا يا أبي"
إذ أنه لم يفعل أكثر من أنه انفتح على العالم بنوع من الوَجد والروحانية والرهافة عبر حالة شعرية مسالمة وحالمة، أي أنه لم يذنب في حق أبناء جنسه من البشر فقط عاش حرًا كشاعر وثائرًا كنبي يحمل رؤى جديدة. فالشعراء مرفوضين يعانون الرفض في معظم المجتمعات والعصور والأزمنة لأنهم يخلخلون الثوابت والقيم المسيطرة على عقلية النّاس بحريّتهم ومخيّلاتهم وعواطفهم الجيّاشة.
وحين قال:
"هل جنيت على أحدٍ عندما
قلت أني رأيتُ أحد عشر
كوكبًا والشّمش
والقمر، رأيتهم لي ساجدين"
وقد اقتبسها "محمود درويش" لأن هذه الآية تدل على رؤية شعرية غير معقولة بالنّسبة لمعظم النّاس وهي تشير إلى نبوة الشّاعر إذ أنّها تتشابه مع أسطر أخرى للشاعر مثل الطُّيور التي تحطُّ على يدهِ والسَّنابل الَّتي تميلُ نحوه وبالفراشات التي تحط على كتفيه أي أنها لا تختلف عن قول أن الشمس والقمر يسجدون للنبي يوسف ولعلّه قصد باقتباس هذه الآية الإشارة إلى قصائده وأشعاره التي هي حالة خاصّة به يعيشها هو وحده دون غيره من البشر أي ذاتية، إلا أنه بالمقابل عانى مرارة الرّفض والإقصاء والنَّفي من قِبل النَّاس في مجتمعه .

وأخيرًا فإن القصائد ذات الطَّبيعة الرمزية متعددة التأويلات والقراءات وهذا يعني أنه لا قراءة وحدها هي الصحيحة بل كل القراءات لها صحيحة.



#رابعة_خضر_الخطيب (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- مجموعة قصائد (2)
- مجموعة قصائد
- قراءة في شعر إيميلي ديكنسون


المزيد.....




- سامسونج تقدّم معرض -التوازن المستحدث- ضمن فعاليات أسبوع ميلا ...
- جعجع يتحدث عن اللاجئين السوريين و-مسرحية وحدة الساحات-
- “العيال هتطير من الفرحة” .. تردد قناة سبونج بوب الجديد 2024 ...
- مسابقة جديدة للسينما التجريبية بمهرجان كان في دورته الـ77
- المخرج الفلسطيني رشيد مشهراوي: إسرائيل تعامل الفنانين كإرهاب ...
- نيويورك: الممثل الأمريكي أليك بالدوين يضرب الهاتف من يد ناشط ...
- تواصل فعاليات مهرجان بريكس للأفلام
- السعودية تتصدر جوائز مهرجان هوليوود للفيلم العربي
- فنانون أيرلنديون يطالبون مواطنتهم بمقاطعة -يوروفيجن- والوقوف ...
- بلدية باريس تطلق اسم أيقونة الأغنية الأمازيغية الفنان الجزائ ...


المزيد.....

- صغار لكن.. / سليمان جبران
- لا ميّةُ العراق / نزار ماضي
- تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي / لمى محمد
- علي السوري -الحب بالأزرق- / لمى محمد
- صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ ... / عبد الحسين شعبان
- غابة ـ قصص قصيرة جدا / حسين جداونه
- اسبوع الآلام "عشر روايات قصار / محمود شاهين
- أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي / بدري حسون فريد
- أعلام سيريالية: بانوراما وعرض للأعمال الرئيسية للفنان والكات ... / عبدالرؤوف بطيخ
- مسرحية الكراسي وجلجامش: العبث بين الجلالة والسخرية / علي ماجد شبو


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - رابعة خضر الخطيب - قراءة جديدة لقصيدة محمود درويش-أنا يوسف يا أبي-