|
صيف الذكريات والابداع والحياة
فوزية بن حورية
الحوار المتمدن-العدد: 8422 - 2025 / 8 / 2 - 21:21
المحور:
الادب والفن
بحلول الصيف ينفرج باب بنك معلومات ذاكرة بعض الناس على نوافذ وعوالم من الذكريات التي لا يمكن نسيانها بل يستحيل طمسها... تظل راسخة في الذهن رسوخ الروح في الجسد.. ذكريات جميلة وراءعة تفرض نفسها على المرء في الحاح شديد حتى تتربع الفكر... وسدة حكم نشوة الكتابة... نعم مثلي انا، لقد سيطرت علي سيطرة لا يمكنني مقاومتها...حتى انها جعلتني امسك بالقلم واكتب في انسياب بلا كلفة ولا مراقبة... لقد كانت الساعة تشير الى التاسعة ليلا حين انتهينا من تناولنا العشاء في الصالون الخارجي والنسيم المنعش يخترق النوافذ متسللا في حركات متانية... تجعل ستاءر الدنتال الابيض تتراقص على هباته في هزات رقيقة متثنية كراقصة غجرية... واحيانا تتطاير الى الاعلى كطاءر الحمام الابيض باسط جناحيه... واحيانا ملوحة باطرافها على مهل في حركات رشيقة وكانها راقصة اموية ملوحة بشالها الحريري على كتفيها في تان مع تراخ ساحر... نعم في الصالون الخارجي الشاسع لا كعادتنا في غرفة الاكل في فصل الشتاء والنوافذ محكمة الغلق خشية تسرب الهواء البارد... يا سادتي ياكرام انه فصل الصيف، الظيف اللطيف الخفيف الظل كما تقول امي رحمها الله... فصل يتغير فيه اسلوب الحياة ثلاث ماءة وستون درجة،... يعني راسا على عقب من ياءه الى الفه... حتى التلفاز لم نعد نلتفت اليه... نتناساه بل نتجاهله تماما ما عدا ابي هو الوحيد الذي يهتم به وذلك اثناء الاخبار الرءيسية بالطبع في الساعة الثامنة مساء... وحال دخول الصيف، شهر جويلية بالتحديد يتابع اخبار منتصف الليل... انصرفت اختي الكبرى الى كتاب مطالعة... لا اتذكر عنوانه... اما انا واخي انصرفنا الى ما بقي من صفحات بيضاء، صفحات ظلت عذراء في كراس التمارين وشرعنا في لعبة تعبءة مربعات الورقة بعد ان حددنا حدود اللعبة، بقاطع ومقطوع، انا مسكت بقلم جاف احمر واخي بقلم جاف ازرق... الجو في الليل الصيفي راءع للغاية... ومنعش... في الرواق الخلفي احيانا نقضي السهرة وراءحة الياسمين تعبق بالمكان... فاتمدد واخوتي على قياس نابلي لا يخلو منزل في الوطن القبلي منه، وهو حصير متكون من عشبة السمار... ونظل نتمتع برؤية النجوم ودرب التبانة وكانه طريق ابيض شفاف يشق كبد السماء... امي ارتنا اياه، وهي تشير بسبابتها الى السماء قاءلة ذاك الخط الابيض العريض الذي ترونه في السماء اسمه... ثم تصمت وكانها تنتظر منا من يذكر اسمه او من يسال عنه... نلتفت الى بعضنا البعض ونحن نتبادل النظرات في حيرة... ينحني اخي على اذني موشوشا في تساءل: قولي ما اسمه؟... لكني لا اجيبه... فيلجا الى الصمت عن مضض... ثم نرد عليها بصوت واحد نعم نراه... لكننا نجهل اسمه... فتخبرنا بانه"سراق التبن" فقال اخي جمال الشغوف بحب الاطلاع رغم صغر سنه... وهو يتطلع اليها بنظرات حاءرة: يعني ذاك الخط الابيض هي قطع التبن التي سقطت من حمولته المسروقة؟... فضحكت امي عند ذلك حتى بانت نواجذها وارتد راسها الى الوراء قاءلة: لا ايها الشقي، انما هذا ما يطلق عليه... كما يطلق على تلك النجمة اللامعة التي ترونها... متوجهة الينا جميعا بالكلام وكانما هي تختبر مدى قوة التركيز لدينا... وربما تدربنا على التركيز والانتباه... ربما من يدري... البعض منا اجاب بالنفي والبعض الاخر بالايجاب... فتامرنا بالتركيز وامعان النظر في السماء جيدا، ثم تواصل كلامها قاءلة: تلك النجوم الاكثر لمعانا من بقية النجوم، يقولون انها النجمة القطبية وهناك نجمة الزهرة... فتساءل اخي وقد اشراب عنقه متطلعا الى السماء بعد ان اعتمد على يديه الى الوراء.... وتلك النجمة الملاصقة للهلال ترى ما اسمها؟... فاجابته امي بانها لا تدري... ثم وكانما شعرت بالحرج فانسحبت بذكاء الى داخل المنزل لقضاء بعض الشؤون.... او علها تستعد لاداء صلاة العشاء.... ويروح كل منا سابحا في خياله ومخياله وتصوراته، كيف صعد سارق التبن الى السماء؟... وكيف حمل التبن المسروق كل هذه المسافة ومشى عليها ولم يسقط على راسه على الارض؟!... ولماذا عرج به الى السماء؟!... نتخالف في التاويلات والاراء... منا من يقول لا بد وان له سلما سحريا... سلما مغناطيسيا عجيبا غريبا شفافا لا يرى... ومنا من يقول لا بد وان له قوة خارقة... وهكذا نظل نتجادل جدالا عقيما... ونتحاور حوارا بيزنطيا لا يجدي نفعا ولا ياتي بنتيجة.. لقد كانت السماء كالبساط اللامتناهي موشى بنجوم لا تحصى ولا تعد... لا يعلم عددها الا الله... منها التي تلمع او تشع اكثر من بقية النجوم... واحيانا نرى الشهب تمر كالسهام في السماء بسرعة عجيبة... فتقول امي: "النجمة ترجم في الشيطان" الذي يسترق السمع... فنطلب منها التوضيح لاننا لم نستوعب ما قالته، وبالاحرى لم نفهم فنفحمها بالاسءلة حينها لن يكون لها من مخرج الا ان تقول : اكبروا واجتهدوا في الدراسة وانكبوا على المعرفة حتى تفهمون الحياة والكواكب حق الفهم... ثم تتركنا نتساءل فيما بيننا... وهي تراقبنا في صمت... الشيطان لعنة الله عليه اتراه يجلس على كرسي ام يظل واقفا تارة على ساقيه وتارة على ساق واحدة... وربما يتراوح بين الوقوف والجلوس... لكن من اين له بالكرسي... اتراه يطير... كيف يسترق السمع؟!... لماذا؟... وعلى من يتجسس؟!... ولفاءدة من؟!.... كيف لا يسقط؟!... نتبادل النظرات في تساءل مشحون بالتعجب والذهول... باختصار شديد ان الصيف صيف الابداع والمعرفة... والترويح عن النفس.... صيف يخلع عباءة الارهاق الجسدي... والتعب النفسي... وتحل محلها عطلة تعطي الجسد قسطا من الراحة... مع حلة الترويح عن النفس... في الصيف يحلو الترفيه والسمر... كما يحلو الابداع في جو اللهو والمرح... والتعلم اثناء اللعب، خاصة في القيلولة حين يخلد الكل الى النوم لساعة لا اكثر... حينها يخلو لنا الجو وتتفتق مواهبنا الابداعية... نعم لكم كنت شغوفة بالابداع... انه العشرون من شهر جوان شغفي بهذا الشهر كشغفي بيوم العودة المدرسية... ابي وامي رحمهما الله يتهامسان فيما بينهما... التفتت لنا امي امرة... هيا انصرفوا الى دروسكم... فاجابها اخي دون ان يلتفت اليها لقد انتهت الدروس... فتوجهت امي عند ذلك بالسؤال الى اختي الكبرى... وذلك لانها لم تاخذ جواب اخي الوحيد ماخذ الجد لانه في السنة الاولى ابتداءي: هل انتهت الدروس حقا؟!... فاجابتها اختي الكبرى مؤكدة باشارة من راسها: لقد اجرينا كل الامتحانات... فقالت لها امي: ذلك لانك اجريت امتحان "السيزيام" اما اختك لا زالت في السنة الثالثة ابتداءي، هذه المستهترة بالقراءة والتعلم... فاجبتها وانا كاتمة لغضبي لوصفها لي بالمستهترة... لقد انتهت الدروس، لكن المعلم قال لنا لزام عليكم الحضور الى المدرسة كالعادة... من يتخلف يعاقب ولن ينال دفتر نهاية العام الدراسي... ولن يتسلم جاءزته... لذا امي لن استطيع التغيب ناهيك عن مشاركتي في المسرحية التي سنقدمها في حفل اخر السنة الدراسية... فاشرق وجه ابي الجميل وعيناه الزرقاء بابتسامة شاسعة وعيناه تشعان حبا وهو ينظر الينا بنظراته الراءعة قاءلا: اذن لا باس فلنؤجل الذهاب... ثم صمت... فتراجعت امي في جلستها قليلا الى الوراء من المفاجاة التي لم تكن تتوقعها مستفسرة، وقد زوت ما بين حاجبيها... الى اين يا حاج؟!... فرد عليها قاءلا: سنذهب الى قربص.... فسالته في تعجب: ماذا تقول؟!... الى قربص!... كيف؟... لقد تعودنا على الذهاب اليها في الشتاء... فتبسم ابي في هدوء دون ان يحول بصره عنها قاءلا:.... ان كنت معارضة لا باس... اردت زيارتها في الصيف لاننا لم نذهب اليها في هذا الفصل... لذا اردت التغيير... فردت عليه امي وقد ارتسمت البسمة على شفتيها انها لفكرة راءعة... وانا لست بالمعارضة... لكني تعودت منذ عشرات السنين على الذهاب الى قربص في الشتاء لذا استغربت الفكرة... فقال ابي: اذن اختاري المكان الذي تودين زيارته مع الصغار وقرري... اما انا الاسبوع القادم ذاهب الى صفاقس كما تعلمين لبيع الكاكوية... لم يبق على جمع المحصول الجديد سوى بضعة اشهر قليلة.... فابتسمت امي قاءلة: القلب على القلب وانا ايضا ساشرع في اعداد العولة، الكسكسي والمحمص لقد سالتني السيدة منجية يوم الجمعة في الجامع ان كنت ساستدعيها وبعض النسوة كالعادة لاعداد العولة ككل سنة فقلت لها تعالينا في الغد... فسالها ابي مستفسرا في شبه احتجاج: لماذا الغد؟... فاجابته قاءلة: انسيت يا حاج... لاعداد عولة الطماطم وبعدها مباشرة نشرع في عولة الكسكسي والمحمص... ثم نمر الى بقية العولة... خطوة، خطوة... فاتسعت ابتسامته وهو يقول وبعدها طبعا ستنهمك النسوة في اعداد عولة الفلفل والهريسة، والفلفل المرحي،... والبرغل، والملثوث، والشربة، والحلالم... ثم قلي حبوب الشعير وتخزينها حتى لا تصاب بالقيطوع "سوسة الحبوب"... ثم بعد ذلك ياتي حرفي الدهان... يعني ينتهي الصيف ولا يتمتع الصغار ولا نحن بالصيف!... فبادلته امي الابتسامة قاءلة: حلمك يا حاج... من الغد باكرا احضر العامل الفلاحي عديد الصناديق من الطماطم وضعها بداخل المنزل وانصرف بعد ان اوصته امي بجلب الفلفل الاحمر للعولة حال احمراره... فقال لها ليس في جمع المحصول الاول ولا الثاني انما في جمع المحصول الثالث... بعد ساعة تقريبا كان المنزل في حالة غير عادية يعج بالحياة والنشاط... ويضج بحديث النساء وضحكاتهن ونكاتهن... وهن تستعددن لتحضير العولة في نشاط وحيوية.... تشعر وكان الحياة تنط من حركاتهن وهن ترحن وتجءن بكل حرية... وشفاههن لا يفارقها الضحك والابتسام... احداهن قامت باحضار الكانون ووضعت عليه البراد استعدادا لطبخ الشاي بعد تناولهن فطور الصباح.... خديجة تمصمص شفتيها قاءلة وهي تنظر الى امي: بارك الله فيك... العسل اسمع به سمع... لم اذق طعمه في حياتي قبل اليوم.... فانحلت حينها عقدة السنة النسوة وشرعنا في الدعاء بالخير لامي وابي والترحم على الاجداد والجدات الاموات منهم... احداهن ما ان رفعت صوتها بزغرودة حتى لحقت بها النسوة... فضحكت امي مدارية حرجها... فقالت احداهن وهي منكبة على صندوق الطماطم: كالعادة نبدا العولة بالزغاريد ثم واصلت كلامها "اللهم اجعلها عولة مباركة"... فقالت لها: امي مثل العادة لا تنسين حصتكن... فردت عليها احداهن طالبة فصا من الوشق (نوعا من البخور راءحته نفاذة) نطير به الكساد والحسد... اما انا واخي بعد عودتنا من المدرسة اغتنمنا فرصة غياب ابي فذهبت واياه الى العطار عبد الرزاق لاشتراء لعبة الورق... استعدادا لعطلة الصيف التي ستهل بعد اسبوع... بعد مدة خبر ابي امي بانه غدا فجرا سيسافر مرة اخرى الى صفاقس ليبيع ما تبقى من محصول السنة الفارطة من الكاكوية... الا انه هذه المرة عاد مبكرا من سفره على غير عادته... لقد تعودنا بعودته ليلا مع الساعة الثامنة مساء في نفس اليوم الا هذه المرة!... ونحن نلعب في السقيفة لعبة الورق بعد ان راحت امي واختي الكبرى في قيلولة هادءة، ولم نتفطن لدخوله علينا... وبينما نحن مندمجان في اللعب ونتناقش في صخب... في خلاف عن الشكبة... اخي مصر على انه سجل "شكبة" وانا مصرة على انه متحايل... بغتة شعرت بشيء ثقيل حط على كتفي... فتوجست خيفة... وتمالكت نفسي... التفت نصف التفاتة ثم استرقت النظر الى كتفي فاذا بها يد... في نفس الوقت رفع كل منا راسه، فاذا به ابي، فاصبنا بالذهول لما رايناه منحن علينا وابتسامته تكاد تنفلت منه... وكل منا يتساءل في قرارة نفسه غير مصدق... كيف عاد ابي مبكرا؟!... فما كان منه الا ان سالنا مستفسرا: ماذا تفعلان؟... لم ينتظر جوابنا بل واصل سؤاله محققا... من اين لكما بهذه الاوراق اللعينة؟.. فجمعت شتات نفسي وقلت له: اشتريناها من العطار عبد الرزاق ولد رقية... فنهرنا قاءلا: انها لعبة محرمة ومد يده وجمع الاوراق من امامنا واخذها ثم انصرف الى داخل المنزل... ولا ندري الى حد الان ماذا حل بالاوراق... وفتشنا في كل مكان بالبيت ظننا انه اخفاها فيه الا اني اظنه اتلفها.... فماكان منا الا ان اقتطعنا قطعا من صناديق الاحذية التي اشتراها لنا من صفاقس ورسمنا عليها ثماني وعشرين قطعة دومينو ثم قطعنا القطع واخفيناها... وسالنا امي كيف عاد ابي مبكرا على غير عادته؟!... فقالت انه باع الكاكوية لتاجر في منزل تميم... فكنا كل قيلولة نتخذ من احدى زوايا السقيفة مكانا لنا نلعب فيه الدومينو... خلسة حتى لا تتفطن الينا امي وخاصة ابي... او ناخذ في رسم اي منظر طبيعي...فرسم اخي ذات مرة قطا فما كان منه الا ان اخذ بعضا من القطن من مكان معدات الخياطة لوالدتي... وبعد ان طلا الرسمة بالغراء وزع القطن عليها ثم وضع حبتين من كوز الذرة مكان العينين اما الانف اختار صدفة صغيرة وردية اللون اخذها من علبة الاصداف التي جمعت فيها امي اصداف الثياب التي لم تعد مستعملة... فجاء وكانه قطا حقيقيا... واخفيناه عن ابي... ولم يره الا بعد ان وعدتنا امي بان تمنع ابي من تمزيق لوحة القط... الا انها في نفس الوقت وبخت اخي الذي لم يستاذنها قبل ان ياخذ القطن... وهي تقول له لا تعد لرسم كل ذي روح... حرام فعل ذلك.. ومن ذلك التاريخ ما رسمت ولا اخي كاءنا يحمل روحا ببن جنبيه... في مدة تحضير العولة التي طالت حتى اني خلتها دهرا... كنت اطالع كتبا استعرتها من مكتبة المدرسة... كلما نادتني امي لقضاء بعض الحاجيات كنت اقول لها لا استطيع فانا اقرا قصة مشوقة... مثل قصة جلد الحمار او الاميرة الناءمة... او ابا ذقن... او البجاعات.... قصص اطفال راءعة من السلسلة الحضراء... بعد ان اعدت الكتب الى المدرسة... تملكني السؤم، في الحقيقة من طبعي التغيير فطلبت من ابي ان يشتري لي حقيبة الرسم بعد ان انتهت اوراق الرسم التي اشتراها لاختي في السنة الدراسية... مع الوان ماءية وفرشاة للرسم... لقد كنت ولا زلت مغرمة بالرسم... فكان لي ما اردت ورسمت واخي عديد الرسومات في فترة القيلولة... وذات مرة خطرت لي فكرة الا وهي لماذا لا اكتب مخطوطة كتلك المخطوطات المعلقة بالغرف والصالون التي جلبها ابي من رحلته الى الحج... ورش المخطوطات بعد طلاءها بالغراء بقطع من الزجاج بعد تهشيمها ومحاولة تفتيتها... فنهضت من فوري وجمعت عديد القطع الزجاجية من الحديقة الخلفية لقد كانت متنوعة منها الخضراء والزرقاء والبيضاء والعسلية اللون... في الحقيقة هي شظايا قطع بلورية مكسرة... فقمت بتهشيمها وتفتيتها بمطرقة اخرجتها من غرفة الخن... هذه الغرفة موجودة في حديقة المنزل الخلفية فجاءت لوحة راءعة... ثم اخذت قطعة خشبية ووضعت في كل من طرفيها بعضا من المسامير... وواصلت بعضها ببعض بعد ان ربطت بها خيوطا من حرير صنارة البحر وجعلت منها عودا... ريشته ريشة من ريشات ذنب الديك الذي يصول ويجول في الحيز المخصص له وللدجاجات بالحديقة الخلفية... بعد انتهاء مدة العولة تنفست الصعداء وحمدت الله على انتهاءها... لكم كانت طويلة حتى اني خلتها لن تنتهي ابدا... كنا كل يوم مع الساعة السادسة مساء نذهب الى البحر بعد ان تعد امي العشاء اما ان يكون طاجينا او عجة على طريقتنا الخاصة او كفتة مع مقلي متكون من سمك مقلي او مشوي وبطاطا وقرع وفلفل الكل مقليين بزيت الزيتون مع دلاعة كان من النادر ان نذهب الى البحر عبر الطريق الرءيسي... فانا اكرهه لانه لا يمثل لي لا نزهة ولا فسحة... لا يوجد فيه ما يلفت النظر الا نبات "الدرع"... لقد كنا نذهب الى البحر عبر طريق مختصر، حيث اننا نمر ببستان "عرق حلوف" هكذا اسمه لست ادري لم سمي بهذا الاسم؟... نجمع نصيبا من التين خاصة الاسود واحيانا التين الشوكي ثم نذهب عبر البساتين ونعبر الوادي ثم نصعد الى المزرعة مباشرة فناخذ معنا الفريك وهي كؤوز الذرة قبل ان تجف بمفعول وهيج الشمس مع دلاعة فيغتنم ابي الفرصة فيوصي عامل الفلاحة المكلف بالمزرعة ببعض التوصيات التي تهم المزروعات السقوية انذاك كالفلفل والطماطم والبطاطا وغيرها... ويوصيه بالاسراع في تكويم التبن قبل غسالة النوادر... ويناولهم بعضا من حبات التين وهو يقول لهم: اشووا الفريك... ثم يلتفت الى عامل المزرعة قاءلا : لم الاحظ شريحة التين منشورة على اوراق الطابية (اوراق الصبار)... هيا بالشفاء لكم... فوقف عامل المزرعة من امام براد الشاي قاءلا: غدا سنشرع باذن الله في تشريح الكرموس (التين)... الا تجلس يا سي الحاج وتاخذ لك كاسا من الشاي... فاجابه والدي قاءلا: لا، لا استطيع في المرة القادمة ان شاء الله... ثم ننصرف تجاه البحر مباشرة بمحاذات الوادي، في نشاط وحيوية... لقد كان الوادي عميقا في ذاك الزمن عميقا جدا وعلى جانبيه اشجار الطرفاء واللكسيان (لكاسيا) والشرببو العملاق ذو الازهار الكبيرة الحجم المختلفة الالوان... اما اليوم جهرت البلدية الوادي فلم تعد به سوى بضعة شجيرات لا يستطيع ان يستنجد بها من يجرفه الوادي مثل زمان... هذا الطريق لا يبعد سوى عشرة دقاءق عن البحر هذا دون المسافة بين المنزل والمزرعة اما انا احب ايضا الذهاب الى البحر عبر زقاق المكي الذي تحيط جانبيه اشجار الصبار والعليق وبعض نبات الشعباطة البرية الشبيهة بشجرة اللبلاب معانقة لاشجار الصبار... وعناقيد حمراء قانية تتدلى منها فتزيدها جمالا... فيخالها الراءي وكانها عناقيد من عقيق، تلفت انتباه المارين حذوها... وشجيرات الطرفاء... فكنا اذا علمنا باننا سنذهب الى البحر عبر زقاق المكي ناخذ بايدينا بعض الاواني الصغيرة ونجمع فيها توت العليق الاسود انه شهي جدا... لما كبرت عرفت ان اكله دواء للماء الازرق الذي يصيب العيون بالعمى... حال وصولنا الى البحر يحذرنا ابي من الولوج الى الماء مباشرة لان العرق غسل اجسادنا بالكامل قبل البحر... والشمس هي الاخرى اخذت نصيبها منا... لكننا لا نابه لها... فنلهوا على الشاطء قليلا وضحكنا يتردد صداه في المكان لان الشاطء في السبعينات كان شاسعا جدا وشبه مقفر من الناس.... الا من بعض العاءلات الغزية المتناثرة هناك وهنالك.. حال وصولنا اخلع الشبشب بوصبع ووردة دوار الشمس وامشي حافية القدمين لاتمتع بصوت الرمال البيضاء وهي تقزقز تحت اقدامي... كان صوتا جميلا واحساسا راءعا... ثم نركض تجاه كثبان الرمال البيضاء نصعد عليها ثم ننزل عبر التزحلق ونعيد الكرة كذا مرة ومرة ونحن نقهقه ثم نصعد الى قمة سيدي منصور مع ابي نتلو نصيبا من القران نهدي ثوابه الى الولي الصالح سيدي منصور ثم ننزل... حينها يشرع ابي في خلع ثيابه ونحن ايضا... وندخل الى البحر للسباحة... خطوة خطوة ونحن نصب حفنات من الماء بايدينا ونلقي بها على رؤوسنا ثم على صدورنا متتبعين ابي في حركاته وبعدها نسبح في البحر... بعد ان حفر ابي حفرة في رشم الماء (حيث تترك موجة البحر زبدها) ثم يضع فيها الدلاعة التي جلبها من المزرعة ويغمرها بالرمال لتصبح باردة... بعد الاستحمام في البحر يخرج ويتجه مباشرة الى الغابة المحيطة بالشاطء... الغابة اليوم لم تعد كما كانت واحتل مكان شجر لكاسيا شجر الغردق اللعين... ويدخل بين اشجار اللكسيان (لكاسيا) ويشعل النار ومن ثم يشرع في شي الفريك... وامي معنا تسبح في البحر... نسبح ونحن نراقب ابي حالما نراه انحنى على القفة وحمل انية بلورية ندرك انه سينادينا لتناول العشاء فنخرج ثم نركض الى حيث ابي، وامي خلفنا تتهادى في مشيتها... فنجده قد فرش شرشفا وان نسينا الشرشف نجلس اما على الرمل مباشرة او على بعض الاغصان اللكسيان لمن اراد فعل ذلك ومن ثم نشرع في الاكل ونختم بالدلاع والتين... التين بعد غسله في البحر يصبح طعمه لذيذ لان به بعضا من الملوحة... ولا نعود الى المنزل الا في الساعة العاشرة ليلا عبر الطريق الرءيسي... في ذاك الزمن لا يؤم شاطء حمام الاغزاز الا العاءلات يعني سكان المدينة... لذا كان الشاطء نظيفا راءعا وهادءا لا تسمع فيه الا هدير الامواج... لن تجد على الشاطء الا ما يخرجه البحر من الاصداف والاعشاب الميتة التي كنا نجمعها ونحن نضحك... على الشاطء نتبارى فيما بيننا في سباق الجري والصعود الى الكثبان الرملية او الى سيدي منصور... اتذكر جيدا ذات مرة وجدنا عشرات من الحرباء تتجول في الاعشاب هناك على قمة سيدي منصور ومنعنا ابي من الامساك بها... ثم ننصرف في السباق لجمع الاصداف... او في السباحة تحت الماء... وحال عودتنا نسهر ماشاء لنا.... ومن الغد ناخذ الاصداف والاعشاب التي جمعناها ونجعل منها لوحات راءعة... من الببوش نصنع العصافير والكويرات العشبية البحرية اعشاشا لها بعد ان نقسمها الى نصفين وذلك بعد ان نكون قد الصقنا بعض الاعواد الرفيعة التي اخذناها من اشجار الحديقة الخلفية لتكون شجرة بين اغصانها الاعشاش.... اما العصافير منها ما نضعه داخل الوكر ومنها ما نلصقه على الاغصان... فيبدو كطيور جالسة على الاغصان... اما اصداف البلح فنجعل منها عصافير تطير ثم نلصقها على خلفية اللوحة فتبدو كطيور محلقة في السماء.... اما اذا قررا ابي و امي الذهاب الى شط بوزيد او كما يطلق عليه البعض بالشط القبلاوي... هو في الحقيقة ملك بن حورية الا ان هناك من تبرع به الى بعض المناضلين وكانه ملك والده... فكنا نمضي الليل نبحث عن قطع من قماش الموسلين او بعض قطع القماش من سفساري او كلة اوخيبور قديم اي ستار قديم لنجعله مصيدة للسمك... ننهض في الساعة الرابعة صباحا ونذهب الى شط بوزيد عبر طريق زراعي... ثم نعبر المقبرة الاثرية الفينيقة او البونيقية او الرومانية لست ادري،... ليس هناك من يدلك ولا لافتة منصوبة في المكان... كبطاقة تعريف تاريخية لهذه القبور الاثرية... وهي غرف محفورة تحت الارض ننزل اليها عبر الدرج المنقوش في الصخر المؤدي للغرفة مباشرة... للاسف انها مهملة ولا احد يتحدث عنها تقريبا... ونقضي هناك في ببيرات يوما كاملا... ببيرات هذه منطقة صخرية احبها كثيرا لانها تشعرك بانك في بحر اخر... توجد بها غرفة يطلق عليها "بيت العسة" يقال ان المرابطين كانوا يقيمون بها لمراقبة القراصنة الايطاليين... هناك من يحجزها ويقطن فيها في اول موسم الصيف... وعله يمضي بها صيفا كاملا... حال وصولنا ننطلق الى الفجوات العديدة الشبيهة بالجداول بين الصخور والبحيرات الصغيرة التي يتمدد اليها ماء البحر اثناء تكسر الامواج على الصخور وبين الصخور الضخمة والعملاقة وذلك لنصطاد السمك والببوش حيا،... والقنفد البحري،... واحيانا صغار القرنيط ثم نضع ما اصطدناه في سطل من الماء كنا جلبناه معنا خصيصا لحمل ما نصطاد من السمك وغيره... ثم نعود به الى المنزل وحال وصولنا نصبه في حوض النافورة في حماس... نعتني بها بعض الوقت ثم ننساها فتموت جوعا لاننا لا نعرف ماذا نطعمها... ونعيد الكرة كلما ذهبنا الى شط بوزيد... واتذكر ذات مرة اتى ابي بثلاث فراخ صنور ووضعها في البءر بالحديقة الخلفية قال لتاكل "الزغلان" صغار الناموس الوشواشة... ومرت الايام ونحن بين بحري حمام الاغزاز الشرقاوي والقبلاوي وبحر الهوارية الذي اهيب به وبصخوره وامواجه العملاقة... فمنظره مهيب ورهيب للغاية فتخال نفسك وكانك في احدى جزر تايلاندا او تايوان... كان المكان لا يمت الى تونس بصلة.... ونظل نرمق الى جزيرتي زمبرة وزمبرته نرقبهما عن بعد... ونحن نامل زيارة احداها... واحيانا في بعض ايام الصيف نذهب مبكرين صحبة بنات وزوجة عامل الفلاحة لنلعب في البستان.... وناكل التين بعد ان نقطفه من شجرة التين مباشرة... اما عامل الفلاحة وابناؤه يضعون التين الذي جمعوه في صناديق ثم يذهبون به الى السوق البلدي او الى السوق المركزي بقليبية او الى منزل تميم لبيعه... بعد ان يمروا على منزلنا ويتركوا مقبضا مملوؤا تينا.... اما البقية الباقية تشرح زوجة العامل الفلاحي البعض منها على الطابية... ونحن نلعب في البستان تارة نبحث عن اعشاش العصافير... وتارة نشارك الخالة ناجية زوجة عامل الفلاحة رحمها الله في تشريح التين فتنهرنا قاءلة: ستسقطون في الطابية، هيا ابتعدوا... واحيانا بعد اللعب ننام في وزرتها... الوزرة لمن لا يعرفها هي غطاء نساءي يصنع من صوف الغنم الاسود اللون... تلتحف بها نساء الفلاحين للذهاب الى البساتين والمزارع... منهن من تجعلها غطاء لابناءها في فصل الشتاء والربيع... اما نساء الاثرياء يلتحفنا بالبطانية الخيارية... وهي تصنع من الصوف مع قيام من القطن مقصبة بلونين ابيض واصفر فاتح من صوف الغنم الطبيعية... ان السفساري الحريري المقصب باللون الابيض والحرير الاصفر نسخة مطابقة للاصل منها... وهي لحاف لمناسبات الافراح، يلعب دور السفساري الذي طغى عليها في الخمسينات وبداية الستينات... واستبدلت البطانية والوزرة بالسفساري الحرير للنساء الثريات والسفساري النيلون للطبقة الوسطى والفقراء... بعد انتهاء موسم التين ببضعة ايام تاتي الخالة ناجية محملة بالشريحة وهي تقول لامي بعد ان تسلم على جدتي: لقد اخذت حصتي وهذه حصتكم وتضعها امام جدتي... في قصعة من الفخار ثم تجلس قبالة جدتي وتاخذ في دهنها مع جدتي بزيت الزيتون قطعة شريحة فوق قطعة شريحة ثم تخزنها في انية فخارية للعولة... اما بقية الشريحة تدهنها بزيت الزيتون ثم تخزنها في انية فخارية كبيرة لبيعها في فصل الشتاء... وهي تقول لامي: سياتي "زوجي" حال قدوم فصل الشتاء لاخذها وبيعها في السوق... تبارك الله هذه السنة المحصول جيد جدا... الشريحة اصبحت مطلوبة من طرف الناس... وقبل انصرافها تناولها امي بعض قوارير الزيت.... كان ابي عباه في قوارير بغاية توزيعها على من يستحقها... حتى كان يوما قال ابي غدا سنذهب الى شط كركوان فطارت بي الفرحة عاليا اتدرون لماذا لانها ستكون رحلة راءعة رحلة المعرفة والفاءدة تجمع بين البحر والتجوال بين الاثار.... وجني معلومات الغابرين... فقالت امي: اذا ساطبخ طجين لناخذه فطورا لنا.... فقال لها ابي: لا تفعلي لقد اشتريت علبتين من التن وبعض علب من السردين... لا تفعلي شيءا اجلسي.... حضري لنا منها لمجات انها تكفي... فضحكت امي وهي تستعد للنهوض قاءلة وهي لا زالت محافظة على ضحكتها: لقد خطرت لي فكرة... امي تضحك مثلنا حين نسمع باشتراء شيء جديد... امي رحمها الله كم كانت نفسها شفافة واحساسها رهيف!... ثم واصلت معلنة انها ستطبخ طجين ومعه بريك اما السكمبر قالت انها ستقليه ثم سالتنا : ما رايكم يا اولاد؟.... فصحت باعلى صوتي فرحا لاني احب الاكلات الجافة ان صح التعبير... الله اخليك يا امي... ثم انطلقت اليها وارتميت في اخضانها مقبلة... فانفجر ابي واختي واخي طبعا مقهقهين... فقال ابي: ليكن في علمكم ان المسافة بعيدة يمكن اختصارها عبر الشاطء... او الذهاب بوسيلة نقل، ها ما رايكم؟... فصحنا كلنا بصوت واحد... مرددين عبر الشاطء يا ابي.... عبر الشاطء... فقال لنا وكانه يخوفنا: سنمر بغابة كثيفة الاشجار وكثيرة الادغال، هل انتم موافقون؟... فاجبنا بصوت واحد والفرحة تكاد تزغرد في اعيوننا.... نعم موافقون.... كانت الساعة الرابعة صباحا حين كنا في طريقنا الى شط كركوان وذلك عبر الشريط الساحلي للشاطء بدءا بشط حمام الاغزاز... فكنا نمشي على رشم الماء تارة نلعب بالماء وتارة نركض حتى وصلنا الى شاطء حمام الجبلي، ثم واصلنا طريقنا الى ان وصلنا الى شاطء الخربة التي يطلق عليها الان الزهراء فوجدنا بعض الفلاحين يتناولون فطور الصباح فالقى عليهم ابي التحية فقالوا له : هيا باسم الله... فرد عليهم ابي قاءلا: بالشفاء والهناء.... وواصلنا طريقنا وقبل مغادرتنا شاطء الخربة جلسنا على الشاطء وتناولنا فطور الصباح وشربنا القهوة ولعبنا قليلا بالماء وسبح ابي لقرابة ربع ساعة اما اخي حاول تقليد ابي الا انه سارع في الخروج من الماء ولما سالته امي لم خرجت مسرعا؟!... اجابها قاءلا: لم يرق لي هذا البحر.... ثم واصلنا الطريق واخيرا وصلنا الى شاطء كركوان كان الشاطء المحاذي للاثار صغيرا الا انه جميل جدا فقرر ابي البقاء هناك ودخلنا الى الاثار وتجولنا في كركوان الاثرية واكتشفت الهندسة المعمارية الشبيهة بالهندسة المعمارية في بناء الفيلات اليوم... والفسيفساء... في قاعة شاسعة.... وهناك اعمدة شبيهة بتلك الموجودة في اثار قرطاج ... وحوض استحمام صغير من الحجارة الصند الوردية اللون ملاصق لجدار غرفة بها حوض لغسل الايدي به ثقب يصب في حوض الاستحمام مباشرة.... وابار فمها ضيق تقريبا لا تتحدى الخمسين سنتمتر مربع ذهلت كيف حفروا هذه الابار بهذا المقاس في ذاك الزمن الغابر... وانهج و بيوت تفتح في الانهج وجدران احجارها شبيهة بالكانتول كما يوجد مدرج اغلبه غمر تحت مياه البحر... قال احد الرجال هناك: ان هذه المدينة اغلبها تحت البحر... قد تكون غرقت بمفعول ثورة بركان "بنتاناريا" ولما الححنا في السؤال عن بنتناريا ما هي؟... لماذا لا نراها؟... قال ابي انها جزيرة في ايطاليا وهي لا تبعد الا ثمانين كلمترا تقريبا عن حمام الاغزاز وقليبية وربما اكثر وربما اقل عن كركوان... تحاور معه ابي قليلا ثم انصرف... لقد كانت حضارة متقدمة باتم معنى الكلمة ... حضارة قاءمة الذات.... انها اجمل رحلة في حياتي بعد شاطء الهوارية.... انها مدينة حسنة الهندسة المعمارية، والنظام البلدي وذلك من حيث هندسة المنازل والانهج... ومكان المقبرة.... ولازال جزء كبير منها مطمور تحت الارض بحيث ان الحفريات متواصلة حتى انها تكاد لا تنقطع... واثناء الفطور جلست انا واخي على حافة حاءط قريب من بداية المدرج الممتد على الشريط الساحلي عدة امتار والمغمور تحت بمياه البحر وامي وابي واختي الكبرى جلسوا قريبا من الرمال.... فجاة ظهرت اسراب لم اتوقع ان اشاهدها مباشرة... نعم لقد شاهدنا منظرا راءعا لم ار له مثيلا... الا وهو رؤية اسراب من الحوت القاتل ذاك الدلفين العملاق الاسود الابيض الجميل جدا... كان يسبح غير بعيد عنا الا ببضعة امتار تقريبا حتى اننا نراها جيدا بينها دلافين صغيرة الحجم قرابة حجم الكبش الكبير هكذا بدا لي وربما اكبر من ذلك... وهي سوداء بها بقع برتقالية اللون بدل البقع البيضاء في اجساد امهاتها... وهي تارة تغوص في الماء وتارة تصعد فوق الماء في حركات رشيقة لم ار لها مثيلا... ما كنت اظن ان هذا الحوت القاتل العملاق ينافس الطيور الصغيرة مثل الشحرور الاسود والكنار وغيره في رشاقتها فاذا به يفوقها... ذاك المشهد الراءع لن انساه ما حييت.... بعد بضعة ايام جلب عامل الفلاحة عددا كبيرا جدا من الدلاع فوزع ابي ما وزع على بعض الجيران مثل الجارة محبوبة والخالة حليمة وعاءلات لا اعرفها.... وبقي الكثير الكثير منها... في الحقيقة الدلاع يبقى في بيتنا الى قرابة فصل الشتاء... فكنت انا واخي في القيلولة نختار الدلاع الصغير في حجم الكورة المتوسطة الحجم نجعل بها فتحة حيث يوجد العنق ونخرج بايدينا شحم الدلاع حتى تصبح جوفاء ومن ثم نجعل بجانبيها ثقبتان واحدة على اليمين واخرى على اليسار ونربط بها حبلا من خيط الصبارة ونجعل منها دلاء نملا بها الماء من البءر ثم ندلقه تحت اعناق الاشجار ثم نعود الى البءر ونملا دلو الدلاع بالتناوب ونظل هكذا نلعب ولا نكف عن اللعب والضحك واحيانا القهقهة الا اذا دخل ابي او امي الى الحديقة الخلفية فينهرنا خوفا علينا من السقوط في البءر.... فننصرف الى شحم الدلاع الذي وضعناه في قصعة ونظل نرفسه بايدينا الى ان يصبح ماء احمر وبعد ذلك نصفي قلوب الدلاع ونصعد بها الى السطح... هذه القلوب بعد ان تجف جيدا نقزقزها في القيلولة... اما قلوب المشماش المرة الطعم نصنع منها الروزاتا... بالطبع بعد دقها بالمهراس ثم نظيف اليها السكر والماء ونخلطها جيدا حتى تتجانس... والبعض من قلوب المشماش خاصة منها قلوب المشماش الحلوة مثل اللوز نحك جانبا منها على جدار الحديقة الخلفية مع ابناء الجيران وبنات الجيران اترابنا لان حجمها اكبر من حجم قلوب المشماش المرة الطعم... حتى يثقب ثم نخرج اللب الداخلي، منا من ياكله ومنا من يلقي به ونستعمل القلب الصلب الخارجي صفارة نصفر بها.... ونتبارى من صفارته صوتها احسن من صفارة صاحبه... لقد كان محصول المشماش وافرا جدا، منه ما يذهب به الى السوق ومنه ما يوزع على بعض الجيران ومنها ما تصنع منه امي معجونا عولة العام... كما صنعت من قبل معجون التين... وعندما ينقطع التيار الكهرباءي نستعمل "الانبارا" لكم كنت ولا زلت منبهرة بشدة ضياء نورها... هذه الانبارا لاتغيب في الاعراس في حمام الاغزاز.... ولما كبرت تحديدا في صيف السنة السادسة ابتداءي بدات في كتابة الشعر نثرا... وفي السنة الاولى ثانوي بدات بالقاء الشعر في دار الشباب بقليبية كما خصصت عطلة الصيف لكتابة القصة والخاطرة والشعر ايضا... اما رمضان في الصيف فذاك امر اخر اشد جمالا وافتتانا ورونقا،... اتذكر اننا كنا قبل اذان المغرب بقليل نجتمع اي اطفال الحي امام دكان العطار عبد الكريم ونقف على مدرج الدكان وحالما يشرع الجامع في تلاوة القران نتحمس ويكثر نشاطنا وهمسنا... ونحن نامر بعضنا البعض بالصمت والاصغاء... عندما ينقطع الرجال عن تلاوة القران وتضاء المصابيح الكهرباءية في اعلى الصومعة يصرخ جميعنا بصوت واحد"اذن، اذن، اذن..." ونكررها كذا مرة ثم يعود كل منا الى منزله.... اتذكر جيدا ذات مرة لم اجتمع مع اترابي كالعادة كنت في بيت جدتي التي لا تبعد عن منزلنا سوى بضعة امتار... فجاة صرخت اذن فانكبت جدتي على حلاب الماء وتجرعت منه في لهفة ثم قالت وهي تمسح فمها الحمد لله ارتويت... فاعلمتها زوجة خالي بان اذان المغرب لم يحن بعد عندها فررت الى منزلنا... الا ان جدتي لحقت بي لاني وعدتها بالعشاء معها... كنت خاءفة ان تشي بي الى امي او ابي الا انها قبلتني ولم تقل حرفا واحدا وعدت معها... وفي السحور كانت رحمها الله تصر على تناولي السحور معها وزوجة خالي وخالي.... اتذكر جيدا اننا كنا نصوم رمضان، لكن الى منتصف النهار في هذا التوقيت بالذات تقول لنا امي ان مغرب الصغار اذن وتقدم لنا الطعام بالطبع لا نرضى به الا اذا كان مصحوبا بالبريك... ثم تامرنا بان نمضمض ونعلق على الصيام... اما اول يوم في رمضان صمته كاملا كنت اغدو واروح وانا اتثبت في الساعة المعلقة حتى اني اقف امامها وانا احسب الدقاءق التي تسبق توقيت اذان المغرب... وحالما ينتهي الاذان انصرف مباشرة الى ماءدة العشاء وانكب في لهفة على صحن البريك اتناول بريكة واحدة ثم التهمها في شغف... مع العلم اني لا استسيغ البريك ببيضة ومقدونس وتن، انه قوي ربما لانه مقلي بزيت الزيتون... لقد كنت افضل بريك الكفتة كما تسميه امي، الا وهو بريك بالبطاطا والمعدنوس والكبار والقارص بالطبع مع اللحم... لست بالمبالغة حين اقول ان الصيف هو موسم الاعراس بامتياز... حين يهل شهر جويلية تشم رواءح الفرح في كل حي تقريبا... كنت حين تمر في احد الشوارع تشم راءحة مميزة تعلنك ان في الشارع منزل يستعد للفرح.... تشم راءحة الدهان لست ادري لماذا راءحتها مميزة عن بقية راءحة الدهان في بقية المنازل... وتشم راءحة اطعمة مميزة تنبءك بان هناك اكيد زفاف.... باختصار شديد صباح ليلة الزفاف تعزف الموزيكى على جهاز العروس وتصحبه عزفا الى ان يوضع في بيتها الجديد... بيت الزوجية ويصطف هذا الجهاز.... وتظل الموزيكى تعزف وتعزف الى ما شاء اهل العريس والعروس... ثم يغادر العازفون او كما نطلق عليهم الحسينية اما اهل منزل تميم يطلقون عليهم طبال الباشا.... اما يوم الزفاف في بيت العريس تدب منذ الصباح الباكر حركة غير عادية، تاتي الموزيكى وهي الفرقة النحاسية او الماشطة الى بيت العريس مع الساعة الرابعة مساء وتظل تعزف الى ما يقارب الساعة وربما اكثر وربما اقل على كسوة العريس.. وذلك قبل ذهابه الى الحمام وبعد عودته يذهبون مباشرة الى دار العراسة (منزل احد اقاربه) لتناول العشاء مع اصدقاءه... ثم يرتدي العريس طاقم زفافه على انغام الفرقة النحاسية... وبعد ذلك يمتطي السيارة صحبة امه واخته لجلب العروس الى بيت الزوجية... اما الفرقة النحاسية او الموزيكى فهي تصطحب اهل العريس الى بيت العروس وهي تعزف والكل يمشي راجلا وفي تان... وتدخل مع النسوة الى دار والد العروس وتعزف وقتا طويلا... بعد ان يتصدر العريس بجانب عروسه يتبادلان خواتم الزواج... وشراب الماء ورد... على انغام الفرقة النحاسية... وعند خروج العروس صحبة العريس وهو متابط ذراعها تعزف الفرقة النحاسية واعضاؤها يغنون يا دار باب بالسلامة.... بعد ذلك تخرج العروس صحبة عريسها الى بيت الزوجية... في نفس السيارة التي جاء فيها واعضاء الفرقة النحاسية محاطون بالسيارة وهم يضربون الصنوج ويغنون اغاني مختارة مثل اغنية يا دار بابا بالسلامة، واغنية ياسمين وفل سالمة ليوسف التميمي في صحبة اهلها وكذلك تحت انغام الفرقة النحاسية.... وعند دخولها الى بيت الزوجية تغير الفرقة النحاسية الاغنية باغنية "عرقوب الخير عروستنا"... اما الماشطة تستقبلها باغنية "مرحبا باولاد سيدي" ويوم صباحية الزواج يكون للكسكسي مكانة خاصة الا وهو كسكسي القصعة براءحته الشهية والمميزة المدغدغة للانفاس والمسيلة للعاب.... ياتى بها اقرب الاقرباء من اهل العروس الى بيت العريس في قصعة كبيرة من بيت والد العروس وقد رش عليه الحمص والزبيب وحبات الحلوى وقطع اللحم مع البيض وفي وسط القصعة توضع قارورة شروبو الورد او الرمان... كسكسي القصعة لمن لا يعرفه هو كسكسي يطبخ فيه تقريبا كبشا مع الحمص والزبيب بعد ان يسقى بزيت اليخنة... يوزع الكسكسي في صحاف مخصصة لذلك ثم يرش عليه الزبيب والحمص مع حلويات مختلفة الانواع والالوان والاشكال منها القنفيد والمكسرات من بينها اللوز.... ثم توضع قطع اللحم بجانب كل واحدة منها بيضة مسلوقة؛ مع الملاعق. هذه الصحاف يلتف حولها النساء الحاضرات في العرس... في المساء تاتي المدعوات بفساتين السهرة متبرجات كاقوى وابهى واجمل تبرج شفته في حياتي... تبرج لا تضاهيه ممثلات هوليود بزينتهن الساحرة وبفساتينهن الراءعة التي لم ار لها مثيلا الا في افلام ليلى مراد وشادية... وراءحة العطور المختلفة المصادر والماركات العالمية.... يفوح شذاها في الشارع اكون قد بالغت ان قلت في الحي كله، تتصدرن في المحضر... وهن في اجمل وابهى حللهن... واجمل من اي ملكة في اي عصر من العصور في ارقى فساتين السهرة... والفوطة وبلوزة وبهرجتهن يصبنا من يراهن بالسحر المبين.... وهن بين باسمة وضاحكة في احتشام ومنهن المقهقهة.... والموشوشة والهامسة اثناء تبادل الحديث مع نديمتها او جليستها... فجاة تظهر امراة من النساء المهتمات بشؤون العرس... او لنقل مديرة شؤون العرس او القاءمة على الضيوف... تنادي على بعض النسوة... فلانة ارسل لك زوجك بمشموم ياسمين... فيتقدم انذاك طفل يمسك بين يديه مشموما لف بورقة من جريدة او كراسة واحيانا بورقة من شجرة التين شدت اطرافها بحكمة باشواك الصبار... ويقدمه للمراة المعنية فتفتحه فاذا به مشموما تضوع راءحته في المكان متحدية رواءح العطور ... مشموما ظخما عرضه تقريا عشرين سنتمتر وسمكه بين ثلاث او اربع سنتمترات مثل مشموم الحبيب بورقيبة.... لم ابالغ ان قلت ذلك... ثم تضعه مباشرة في جيب صدرها في حركة رشيقة بكل رقة واناقة... وهي تنفض راسها فخرا وتباهيا.... ثم تظهر المراة مرة اخرى وهي تنادي زوجة فلان ارسل لك زوجك عقدا من الياسمين ويتقدم طفل ويمدها بعقد الياسمين فتضعه في الحال في جيدها... وحبات الياسمين التي تسقط من العقد ترشقها في شعرها... ومنهن من تضع العقد تاجا على راسها فيكون مثل التاج فيزيدها جمالا وبهاء... ومنهن من تضع وردة خلف اذنها.... نعم كانت النسوة في الاعراس وانا صغيرة اكثر جمالا وحسنا وبهاء واناقة ورشاقة من اجمل الملكات وافتنهن.... لا تضاهيهن لا ممثلات هوليود ولا ملكات جمال العالم... ثم ياتي دور الحرقوس.... وهي مادة تصنعها امراة نطلق عليها الحنانة نسبة للمراة التي توظف لتزيين العروس من اول يوم يشرع فيه العرس... وتجلس النساء الواحدة بعد الاخرى امام الحنانة لنقش اناملها وساقيها... وخاصة تلك النمنمات الجميلة للغاية التي تنقش على الخد او الكتف او في المنحر او في اماكن اخرى...... ومنهن من تضع نقطة الحرقوص على خدها وعلى شاربها... وتحت شفتها... اما البنات بمختلف اعمارهن ينتظرن غير بعيد دورهن بفارغ الصبر... حالما تنتهي الحنانة من النسوة تنادي عليهن قاءلة: البنات من تريد نقش اصبع او اصبعين فلتاتي... واتقدم معهن واقف انتظر دوري لاحرقص خنصري... اما العجاءز فكن حافلات بوقارهن وازياءهن التقليدية التي تفوق ازياء الشابات... اكفهن وسيقانهن بالحناء وهن مرتديات الزي الخاص وهو المريول فضيلة وبوسطو مطرز اما بالعدس والكونتيل او بالخيط... ومتحزمات بفوطة من الحرير المقصب او السبارة... وقد لففنا رؤوسهن بغطاء يسمى "التقريطة" من الحرير المقصب هي الاخرى بنفس الالوان الموجودة في الفوطة تقريبا من نفس القماش... منهن من تميل التقريطة الى اليمين في فنطزية.... وتحت الفوطة ترتدين سروال بالريكامو يصل الى الكعبة مع طماق... وهن متبرجات برصانتهن وحليهن وجداءلهن الحمراء بالحناء وعيونهن بالكحل... جمالهن واناقتهن فريدة من نوعها... مع ذاك الوقار الذي تفتقده النسوة الشابات والمتوسطات في العمر... اما الفتاة المخطوبة يرسل لها خطيبها هدية وهي قطعة من المصوغ مع والدته وذلك للاعلام... هذه الهدية تسمى "ارشيقة".... نعم لقد كان فصل الصيف حقا فصل الحياة والنشاط... والخيال،... والابداع،... والحلم،... والتعلم... والحرية البريءة.... الاديبة والكاتبة المسرحية والناقدة والشاعرة فوزية بن حورية تونس
#فوزية_بن_حورية (هاشتاغ)
ترجم الموضوع
إلى لغات أخرى - Translate the topic into other
languages
الحوار المتمدن مشروع
تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم
العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم.
ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في
استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي،
انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة
في دعم هذا المشروع.
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
الكاتب-ة لايسمح
بالتعليق على هذا
الموضوع
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
الوحشية الانتقامية في قطاع غزة
-
مصير اطفال الشوارع
-
تاريخ المكتبة الوطنية التونسية
-
الي بقوسي
-
الناقد الكذوب
-
استهتار الدول العربية بامنها
-
الشهاءد والشاعر
-
مشلوا العزاءم
-
المذيع والشاعرة
-
انتزاع ارض المواطن بالثمن البخس
-
سوء التعبير جلب على صاحبته التكفير
-
جنت شاعرةبتعبيرها على نفسها
-
التخوف من اندثار الكتاب الورقي
-
التخوف من اندثار الصحف الورقية
-
شاعر ناجح محسوود وشاعر فاشل منسي
-
حرب الهنود الحمر وحرب غزة
-
الكل مع الكل حتى يرثى الجميع
-
الدكتورة ومدى تاثير اكل لحم الابل على قسوة العرب
-
الشعراء وقصيدة النثر
-
جزاء المثقف جزاء سنمار
المزيد.....
-
العثور على جثمان عم الفنانة أنغام داخل شقته بعد أيام من وفات
...
-
بعد سقوطه على المسرح.. خالد المظفر يطمئن جمهوره: -لن تنكسر ع
...
-
حماس: تصريحات ويتكوف مضللة وزيارته إلى غزة مسرحية لتلميع صور
...
-
الأنشطة الثقافية في ليبيا .. ترفٌ أم إنقاذٌ للشباب من آثار ا
...
-
-كاش كوش-.. حين تعيد العظام المطمورة كتابة تاريخ المغرب القد
...
-
صدر حديثا : الفكاهة ودلالتها الاجتماعية في الثقافة العرب
...
-
صدر حديثا ؛ ديوان رنين الوطن يشدني اليه للشاعر جاسر الياس دا
...
-
بعد زيارة ويتكوف.. هل تدير واشنطن أزمة الجوع أم الرواية في غ
...
-
صدور العدد (26) من مجلة شرمولا الأدبية
-
الفيلم السعودي -الزرفة-.. الكوميديا التي غادرت جوهرها
المزيد.....
-
مسرحة التراث في التجارب المسرحية العربية - قراءة في مسرح الس
...
/ ريمة بن عيسى
-
يوميات رجل مهزوم - عما يشبه الشعر - رواية شعرية مكثفة - ج1-ط
...
/ السيد حافظ
-
. السيد حافظيوميات رجل مهزوم عما يشبه الشعر رواية شعرية مك
...
/ السيد حافظ
-
ملامح أدب الحداثة في ديوان - أكون لك سنونوة-
/ ريتا عودة
-
رواية الخروبة في ندوة اليوم السابع
/ رشيد عبد الرحمن النجاب
-
الصمت كفضاء وجودي: دراسة ذرائعية في البنية النفسية والجمالية
...
/ عبير خالد يحيي
-
قراءة تفكيكية لرواية -أرض النفاق- للكاتب بشير الحامدي.
/ رياض الشرايطي
-
خرائط التشظي في رواية الحرب السورية دراسة ذرائعية في رواية (
...
/ عبير خالد يحيي
-
البنية الديناميكية والتمثّلات الوجودية في ديوان ( الموت أنيق
...
/ عبير خالد يحيي
-
منتصر السعيد المنسي
/ بشير الحامدي
المزيد.....
|