أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع - سعود سالم - هيجل وعلم المنطق














المزيد.....

هيجل وعلم المنطق


سعود سالم
كاتب وفنان تشكيلي

(Saoud Salem)


الحوار المتمدن-العدد: 8422 - 2025 / 8 / 2 - 20:13
المحور: الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع
    


287 - أركيولوجيا العدم
العدمية الثورية
35 - المنطق الهيجلي

" .. والمنطق من ناحية أخرى لا يمكن أن يسلم بصور الفكر أو قواعده أو قوانينه لأنها تكون جزءا من نسيج المنطق نفسه، ومن ثم فلابد من البرهنة عليها داخل إطار العلم ذاته. وليس منهج الفلسفة هو وحده الذي ينتمي إلى مضمون المنطق وإنما مفهوم الفلسفة ذاتها، فهو في الحقيقة نتيجته النهائية. ومن هنا فلا يمكن أن نقدم تعريفا معدا أو جاهزا مسبقا للمنطق بل على العكس فإننا لا نصل إلى معنى المنطق إلا كنتيجة أو خاتمة للموضوع كله". هيجل - علم المنطق

يخبرنا هيجل في مقدمة كتابه «علم المنطق الصادر في سنة science de la logique -1812» أن غاية المنطق هي الحقيقة. ونظرا لوجود حقائق متعددة، يبدأ هيجل بالإشارة إلى وجهة النظر التقليدية بشأن هذا الموضوع الأزلي في الفلسفة، التي تبدأ بالفصل بين الشكل والمضمون، وتعتبر أن المنطق هو دراسة شكل الفكر الحقيقي أو الصحيح، بصرف النظر عن مضمونه. فالمنطق، على النحو الذي يُفهم به عادةً، يدرس أشكالًا من الحُجج المنطقية المجردة: إذا كان كل ما هو «أ» هو «ب»، وإذا كان «س» هو «أ»، إذن «س» هو «ب». حيث أ وب وس يمكن إستبدالها بأي شيء آخر، فصحة الحُجَّة الإستدلالية هي مسألة شكل لا مضمون؛ فعالِم المنطق لا يعنيه ما مضمون المعادلة. ونتيجةً لهذا الفصل بين الشكل والمضمون، لا يخبرنا المنطق بأي شيء بخصوص العالم الواقعي. غير أن هيجل لا يقبل هذه النيجة ولا يقول بأن المنطق لا يتعلق بعالم الطبيعة والعقول المحددة، فهو لا يقبل وجهة النظر التقليدية المتعارف عليها منذ أرسطو. ولكن الفكرة التي يرفضها بشدة أكثر هي الفكرة التي تدعي بأن الواقع - أو الحقيقة - يوجد «فقط» في عالم الطبيعة والأشخاص والكائنات المتعينة ماديا. على العكس من ذلك، فمثاليته المطلقة تُظهِر أن الواقع المطلق يوجد ويتمثل فيما هو عقلي وفكري، وليس فيما هو مادي. فهو يوجد، على وجه التحديد، في الفكر العقلاني. وبالتالي فإن المنطق هو دراسة الواقع المطلق في شكله الخالص، مجردًا من الأشكال المحددة التي يتخذها في العقول المتعينة للبشر أو في العالم الطبيعي. المنطق بالنسبة لهيجل هو نسق الفكر الخالص، وهو الروح التي تبث الحياة في كل العلوم الأخرى كفلسفة الطبيعة أو فلسفة الروح، والتي تدور جميعها حول موضوع واحد هو العقل في تجلياته كما تتشكل في الطبيعة وفي الوعي، وهي أشكال تمثل نمطا جزئيا من صور الفكر الخالص.
هيجل فيلسوف مثالي يبحث عن الوحدة المطلقة التي يمكن أن تفسر وتدرك الظواهر في نسق عقلي كلي شامل، بحيث يكون كل شيء في مكانه المناسب بالضرورة في هذا الكل. وقد عاين المناهج الفلسفية المختلفة واكتشف عدم ملائمتها للبحث الفلسفي كما يراه، لأن الفلسفة لا بد أن تكوّن منهجها من صميم الفلسفة ذاتها ولا ينبغي أن تستعير منهجها من علم آخر كالرياضيات أو العلوم التجريبية التي تستند على الحدس أو الإستدلالات التي تعتمد على أفكار خارجية. والمنهج المناسب حسب تحاليل هيجل، هو المذهب الجدلي والذي يعتمد على التحليل والتركيب في آن واحد. فالمنطق ليس مجرد دراسة صور الفكر وأشكاله الفارغة فحسب، لكنه أيضا دراسة لطبيعة الفكر ولحركة العقل الذي يتجلى في العالم. وهذه الدراسة تكشف أن العقل ذو طابع ديالكتيكي وذو حركة ثلاثية الإيقاع، من الإيجاب إلى السلب إلى التأليف بينهما وتركيب موضوع جديد يحتفظ بالجانبين السابقين.
وللمنطق جانب أنطولوجي أو ميتافيزيقي يعتمد عليه أوليا وهي المقولات المجردة مثل الكم والكيف والنفي والإيجاب والوحدة والكثرة ..إلخ. وهي التصورات الضرورية والهيكل العظمي والعمود الفقري للعالم بعد عملية تجريد الكائنات والظواهر من صفاتها الحسية العرضية. وهيجل لا يفترض وجود هذه المقولات وجودا فعليا منفصلة عن الأشياء المادية، لأن هذا الفصل هو فصل منطقي في الفكر وحده وليس في الواقع. فلا يمكننا أن نلتقي بفكرة الكم أو الكثرة في الشارع، كما أنه لا يمكننا أن نلتقي باللون الأحمر مطلقا بدون مادة تحمله. ولذلك فإن المنطق بإعتباره الخطوة الفلسفية الأولى، لا بد أن ينتقل إلى فلسفة الطبيعة حتى لا تظل هذه المقولات مجرد تجريد أجوف وفارغ من الواقع الذي نعيشه في كل لحظة.
وبالإضافة إلى الجانب الميتافيزيقي، هناك الجانب الإبستيمولوجي، فالمنطق الهيجلي يتكون من ثلاثة أقسام معرفية كبرى هي: الكينونة التي تدرس التصورات الحسية للإدراك، ثم الماهية والتي يعرض فيها المقولات التي توظفها العلوم المختلفة، ثم القسم الثالث يعرض مقولات الفكرة الشاملة والتي تستخدمها الفلسفة.
فالإدراك المباشر للظواهر هو ما نعيشه في كل لحظة بطريقة شبه أوتوماتيكيه، نرى هذه الشجرة وذاك الكرسي والشارع والباص والناس يتحركون ويتكلمون مع بعضهم البعض، وهذا ما نسميه بالواقع المعاش وهو ما يشكل الحقيقة المباشرة المشتركة بين كل البشر. وإذا أنتقلنا خطوة أخرى في تحديد الظواهر بطريقة أكثر دقة، فإنه يجب إستخدام المنهج العلمي، واللجوء إلى مقولات الماهية مثل خواص الكائنات والأشياء مثل القوة، والجوهر والعرض والعلية والغائية والفعل ..إلخ. ويستنتج هيجل من ذلك أن الكون كله عبارة عن كائن حي عضوي وأن الروح أو الفكرة المطلقة أو العقل هي ما يمثل ويعبر عن هذا الكائن المطلق. والفلسفة هي الطريق الوحيد لمعرفة هذا المطلق وإستكشاف تضاريسه المعقدة. فهناك إذا الحس المشترك العام الذي يعتمد على الإدراك، ثم هناك العلم وقوانينه الصارمة التي تعتمد على التحليل والتي تتجاوز المعرفة الإدراكية العادية، وأخيرا الفلسفة التي تتجاوز العلم والحس المشترك معا دون أن تلغي أو تنكر الحقائق المتعلقة بهذه المعرفة.

يتبع



#سعود_سالم (هاشتاغ)       Saoud_Salem#          


ترجم الموضوع إلى لغات أخرى - Translate the topic into other languages



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- السلب والإيجاب عند هيجل
- هيجل
- الجسد معبد اللغة
- تفتت الأنا
- ميلاد الموتى
- دهاليز الروح
- سبينوزا ونهاية المغامرة
- سبينوزا وفكرة السلب
- حرية الحجر
- الجسد المثقوب
- الرصاصة والثقب
- المعطف المثقوب
- اليهودي الملعون
- فيخته بين العقل والأخلاق
- إما الثورة وإما العبودية ..
- فلسفة القفزة القاتلة
- الله والذكاء الإصطناعي
- رسالة جاكوبي ضد العدمية
- المثالية الألمانية
- بيكيت بين العبث والعدمية


المزيد.....




- معلومة قد تذهلك.. كيف يمكن لاستخدام الليزر أن يصبح -جريمة جن ...
- عاصفة تغرق نيويورك: فيضانات في مترو الأنفاق وانقطاع كهرباء و ...
- هيركي عائلتي الكبيرة
- نحو ربع مليون ضحية في 2024 .. رقم قياسي للعنف المنزلي في ألم ...
- غضب واسع بعد صفع راكب مسلم على متن طائرة هندية
- دراسة: أكثر من 10 آلاف نوع مهدد بالانقراض بشدة
- بين الصمت والتواطؤ.. الموقف التشيكي من حرب غزة يثير الجدل
- تركا ابنهما خلفهما بالمطار لأجل ألا يخسرا تذاكر السفر
- في تقرير لافت.. الاستخبارات التركية توصي ببناء ملاجئ وأنظمة ...
- لماذا أُثيرت قضية “خور عبد الله” الآن؟ ومن يقف وراءها؟


المزيد.....

- الصورة النمطية لخصائص العنف في الشخصية العراقية: دراسة تتبعي ... / فارس كمال نظمي
- الآثار العامة للبطالة / حيدر جواد السهلاني
- سور القرآن الكريم تحليل سوسيولوجي / محمود محمد رياض عبدالعال
- -تحولات ظاهرة التضامن الاجتماعي بالمجتمع القروي: التويزة نمو ... / ياسين احمادون وفاطمة البكاري
- المتعقرط - أربعون يوماً من الخلوة / حسنين آل دايخ
- حوار مع صديقي الشات (ج ب ت) / أحمد التاوتي
- قتل الأب عند دوستويفسكي / محمود الصباغ
- العلاقة التاريخية والمفاهيمية لترابط وتعاضد عالم الفيزياء وا ... / محمد احمد الغريب عبدربه
- تداولية المسؤولية الأخلاقية / زهير الخويلدي
- كتاب رينيه ديكارت، خطاب حول المنهج / زهير الخويلدي


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع - سعود سالم - هيجل وعلم المنطق