همام طه
الحوار المتمدن-العدد: 8422 - 2025 / 8 / 2 - 16:49
المحور:
العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
دائماً عندما نسترجع قصة ابنَي آدم، هابيل وقابيل، نحتفي بالابن هابيل (المجني عليه) ونعتبره رمزاً للطيبة والنقاء والرحمة، بينما يمثّل قابيل (الجاني) بالنسبة لنا القسوة والظلم والغدر.
وكثيراً ما نستحضر كلمات هابيل: "لئن بسطت إليّ يدك لتقتلني ما أنا بباسط يدي إليك لأقتلك إني أخاف الله رب العالمين" بوصفها عبارات خالدة تدلّ على التسامح وحب السلام والأخوّة الحقّة.
لكننا نتغافل عن الآية التالية حيث يكمل هابيل كلامه فيقول لأخيه وبلغة هجومية مُستفِزة: "إني أريد أن تبوء بإثمي وإثمك فتكون من أصحاب النار وذلك جزاء الظالمين"!
ألم يكن الأجدر بهابيل في تلك اللحظة أن يستعطف أخاه الحاسد والغاضب والناقم (قابيل) ويذكّره بالرابطة الإنسانية والأسرية والأخوية بينهما فيقول له:
(إني "أخاف عليك" أن تبوء بإثمي وإثمك) بدلاً من (إني "أريد" أن تبوء بإثمك وإثمي)؟!
هل من المناسب أن يقول إنسان لأخيه الذي يريد قتله: إني أريد لك أن يتعاظم ذنبك وأن تكون من أصحاب الجحيم فأنت من الأشرار الظالمين؟!
هل يُفترض بهذه اللحظة أن تكون لحظة استفزاز وإساءة وتهييج للغضب أم لحظة استعطاف واسترحام واستدرار للرأفة والحنان الأخوي؟!
ألا يعتبر هابيل (الضحية) مسؤولاً بشكل ما عن الجريمة من خلال كلماته العدوانية والاستفزازية التي استثارت غضب أخيه قابيل (القاتل)؟!
ألا يمكن أن تدخل كلمات هابيل تحت مفهوم "الاستفزاز الخطير"، والذي يُعرّف في القانون الجنائي بأنه: "سلوك مقصود يهدف إلى إثارة غضب شخص ما أو إزعاجه بشكل كبير، وغالباً ما يؤدي إلى رد فعل عنيف أو غير متوقع. وهو يعتبر ظرفاً مخففاً في القانون الجنائي في بعض الحالات"؟!
فبعد أن صدرت تلك الكلمات من هابيل مباشرةً، ارتكب قابيل جريمته وقتل هابيل: "فطوّعت له نفسه قتل أخيه فقتله فأصبح من الخاسرين".
ثم ندم على فعلته: "قال يا ويلتا أعجزت أن أكون مثل هذا الغراب فأواري سوأة أخي فأصبح من النادمين".
لاحظ أن ندمه وورود كلمة "أخي" على لسانه بعد ارتكاب الجريمة يدلّان على أنه لم يكن شريراً خالصاً، ولم يكن حالة ميؤوساً منها، بل كانت هنالك احتمالية وقابلية لردّه عن جريمته وإصلاحه لو أن هابيل تعامل معه برحمة أخوية وذكاء إنساني ومنطق أخلاقي.
#همام_طه (هاشتاغ)
ترجم الموضوع
إلى لغات أخرى - Translate the topic into other
languages
الحوار المتمدن مشروع
تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم
العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم.
ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في
استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي،
انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة
في دعم هذا المشروع.
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟