أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - همام طه - العراق: ساحة للاستلاب الإقليمي أم دولة ذات سيادة؟!














المزيد.....

العراق: ساحة للاستلاب الإقليمي أم دولة ذات سيادة؟!


همام طه

الحوار المتمدن-العدد: 8409 - 2025 / 7 / 20 - 14:01
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


مرة قال أحد رؤساء الجمهورية الذين تعاقبوا على المنصب بعد صدام: نريد للعراق أن يكون ساحة لتلاقي المصالح في المنطقة!!
في الحقيقة لا يوجد رئيس دولة يمتلك وعياً سيادياً يمكن أن يتكلم عن بلده بهذه الطريقة! ما معنى ساحة لتلاقي المصالح؟! ولماذا يكون العراق مجالاً وساحة لنفوذ وتدخلات وصفقات الآخرين؟!
لماذا نرهن أنفسنا ومصالحنا بنزاعات ومصالح الآخرين؟!
وقتها تذكرت ما كان يسمى في بغداد قديماً بساحة البيع المباشر للسيارات في منطقة النهضة أو البياع والتي كان يطلق عليها "الوكفة" أي أنها "مكان الوقوف" حيث يتجمّع البيّاعة – شرّاية (تجار السيارات) والجَنّاية (الذين يقتنون السيارات للاستخدام الشخصي) لعقد صفقات بيع وشراء أنواع السيارات التي أصبحت اليوم عتيقة كالبرازيلي والسوبر والماليبو والكرونا والمرسيدس الدبّ والكوستر القنبورة.
ساحة البيع المباشر هي أيضاً ساحة لتلاقي المصالح!
وأتذكر أيام الاعتصامات الاحتجاجية التي حصلت في المحافظات السنية والتي بدأت عام 2012 أن أحد قادة هذه الاعتصامات قال إن الشعار الرمزي للتظاهرات (كف مضمومة ما عدا السبّابة التي تشير إلى التوحيد) يشبه شعار اعتصام جماعة الإخوان المسلمين في ميدان رابعة ضد نظام السيسي في مصر (كف مفتوحة ما عدا الإبهام) لأن القضية هنا وهناك واحدة!!
بمعنى أن قضية السنّة في العراق هي امتداد لقضية الإخوان المسلمين في مصر .. وهذا منطق أممي ينطبق عليه مفهوم "وحدة الساحات" .. أي أن الساحة العراقية تتداخل مع الساحة المصرية والساحة السورية والساحة التركية عندما يتعلّق الأمر بأمن ومصير السنّة في المنطقة.
في الجانب الشيعي، هنالك إيمان بوحدة الساحات أيضاً، بمعنى أن الساحة العراقية تتداخل مع الساحة السورية والساحة الإيرانية والساحة اللبنانية والساحة اليمنية عندما يتعلق الأمر بمصالح ومصير الشيعة في المنطقة.
مقولة "وحدة الساحات" اليوم يتم استدعاؤها عراقياً، فهنالك سردية سنية ترى في صعود أحمد الشرع وتراجع المشروع الإيراني في سوريا انتصاراً رمزياً للهوية السنية في المنطقة وبضمنها العراق، وفي المقابل هناك سردية شيعية ترى في سقوط نظام الأسد وسيطرة "السلفية الجهادية" على السلطة في دمشق هزيمة رمزية للهوية الشيعية في العراق والمنطقة.
إنه منطق وحدة الساحات أيضاً .. فالساحة العراقية مرتبطة بالساحة السورية وفق هذه السردية المذهبية المشتركة التي تنظر للعراق بوصفه "ميدان مواجهة" ضمن صراع أممي أوسع و"ثغراً من ثغور الكفاح الثوري" لكلٍّ من الهويتين.
إن منطق "وحدة الساحات" كما تتبناه بعض الخطابات بصورة مباشرة أو غير مباشرة، ومنطق "ساحة تلاقي المصالح" كما ورد في تصريح سياسي، كلاهما يعكسان تصوراً وظيفياً للدولة العراقية باعتبارها حيزاً مفتوحاً للتفاعل الخارجي ومساحة شاغرة قابلة للاستخدام الأيديولوجي وتقاطع المشاريع الإقليمية والتوظيف في السرديات الأممية، لا فضاءً سيادياً لصناعة القرار المستقل أو تثبيت الهوية الوطنية الجامعة.
وهذا المنطق لا يختلف كثيراً عن مشهد "ساحة البيع المباشر" في الثمانينات والتسعينات ببغداد، حيث تُعرض السيارات بانتظار من يساوم عليها. الفارق الوحيد أن المعروض هنا ليس مركبة مستعملة، بل وطن تتنازع عليه الأهواء والولاءات.
إن اختزال العراق إلى "ساحة" بأي معنى هو تعبير عن عجز النخب عن إنتاج سردية جديدة تتمحور حول الدولة العراقية بوصفها كياناً سيادياً واعياً بذاته ومصالحه، ومجتمعاً متماسكاً مدركاً لمسؤولياته الأخلاقية تجاه نفسه وبلده، و"سردية وطنية" خالصة وثرية ومُلهِمة ومستقلة عن المقولات الأممية والسرديات العابرة للحدود.
إن الطريق نحو إعادة صياغة العراق بوصفه دولة فاعلة لا ساحة مستباحة، يبدأ بإعادة بناء الوعي السياسي على أسس سيادية وحقوقية وتنموية. فبلورة فكر وطني عقلاني، يتجاوز التابعية والالتحاقية والمحاور، هو وحده الكفيل بإرساء مناعة داخلية مستدامة تُمكّن العراق من مقاومة مشاريع الهيمنة الخارجية، والتعامل بوعي مع التحوّلات الإقليمية، واحتواء الضغوط الأيديولوجية والانفعالات العاطفية التي غالباً ما تكون مدخلاً للتأثير والنفوذ. فبدون هذا التحوّل البنيوي في التفكير، سيبقى العراق حبيس منطق "الساحة" الذي يكرّسه كياناً هشاً وبيئة رخوة قابلة للاستقطاب والاستلاب مهما تغيّرت الأيدي التي تتناوب على إدارته.



#همام_طه (هاشتاغ)      


ترجم الموضوع إلى لغات أخرى - Translate the topic into other languages



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- مأساة الكوت وأزمة الدولة العراقية
- من البوابة إلى الحضن إلى الانكفاء: صراع السرديات حول تموقع ا ...
- العنف المؤسسي في العراق: بين انحدار اللغة وكرامة الإنسان
- الاستثمار في الذات: ثورة على المرايا المكسورة
- قمة بغداد: محاولة عربية لقول شيء مختلف
- القمة العربية في بغداد: بين الرمزية السياسية وتجديد الخيال ا ...
- التشكيل والتأويل: قراءة النص الديني في ضوء العمل الفني
- في مديح التطبيل: يا عزيزي كلّنا مطبّلون!
- الذكاء الاصطناعي وتحديث الفكر الديني: أفق جديد للتفكيك والإص ...
- السوداني وتمرين المركزية الهادئة: حين يتمرّد القرار العراقي ...
- دهوك بطلاً للخليج: من المنجز الرياضي إلى أفق الجغرافيا التشا ...
- السوداني وفلسفة السيادة الأخلاقية: عقلانية سياسية تتجاوز جرا ...
- منطق الدولة بين العنف والحوار: نحو فلسفة أمنية جديدة لإدارة ...
- من الطائفية إلى الفئوية: تحوّلات الخطاب الحقوقي في العراق
- المعلم العراقي بين الواجب والمعيشة: مقترح لإعادة توزيع الكوا ...
- ترييف المدينة: بين التحوّلات الحضرية والتحامل الطبقي
- الخسارة كفرصة: حين تُعيدنا كرة القدم إلى أسئلة الوطن الكبرى
- الترجمة الخلّاقة: إعادة إنتاج المعنى بروح جديدة .. حوار مع ا ...
- إعادة تشكيل الوعي الوطني: الدين والتنوّع في الدولة الحديثة
- بين الدولة والعشيرة: هل الحكومات مسؤولة عن أفعال مواطنيها؟


المزيد.....




- ليس في أمريكا..أين يقع أقدم منتزه وطني في العالم؟
- أول تعليق من الكرملين بعد دعوة رئيس أوكرانيا لإجراء مباحثات ...
- كيتي بيري كادت أن تسقط من على منصة فراشة خلال حفلها في سان ف ...
- في قلب دخان أسود.. كاميرات مثبتة بالجسم توثق إنقاذ سكان مبنى ...
- آلام الأسنان: ما السبب وراء الألم عند تناول المثلجات والمشرو ...
- الجيش الإسرائيلي يصدر أوامر إخلاء في مناطق -لم يعمل بها سابق ...
- سوريا: هدوء نسبي في السويداء ونزوح جماعي بسبب أعمال العنف
- هل أصبح ترامب جزءا من الدولة العميقة التي حاربها؟
- بولر متفائل بشأن اتفاق جديد ويصف حماس بالعنيدة
- صحف عالمية: إسرائيل ترتكب بدم بارد جريمة ضد الإنسانية في غزة ...


المزيد.....

- شعب الخيام، شهادات من واقع احتجاجات تشرين العراقية / علي الخطيب
- من الأرشيف الألماني -القتال في السودان – ينبغي أن يولي الأل ... / حامد فضل الله
- حيث ال تطير العقبان / عبدالاله السباهي
- حكايات / ترجمه عبدالاله السباهي
- أوالد المهرجان / عبدالاله السباهي
- اللطالطة / عبدالاله السباهي
- ليلة في عش النسر / عبدالاله السباهي
- كشف الاسرار عن سحر الاحجار / عبدالاله السباهي
- زمن العزلة / عبدالاله السباهي
- ذكريات تلاحقني / عبدالاله السباهي


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - همام طه - العراق: ساحة للاستلاب الإقليمي أم دولة ذات سيادة؟!