أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - محمد بركات - المختار من الفتوحات المكية (18) محيي الدين بن عربي















المزيد.....

المختار من الفتوحات المكية (18) محيي الدين بن عربي


محمد بركات

الحوار المتمدن-العدد: 8422 - 2025 / 8 / 2 - 14:17
المحور: العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
    


• قال الله تعالى يا أَيُّهَا النَّاسُ أَنْتُمُ الْفُقَراءُ إِلَى الله والله هُوَ الْغَنِيُّ الْحَمِيدُ يعني بأسمائه كما نحن فقراء إلى أسمائه ولذلك أتى بالاسم الجامع للأسماء الإلهية حقيقة سره لَقَدْ سَمِعَ الله قَوْلَ الَّذِينَ قالُوا إِنَّ الله فَقِيرٌ ونَحْنُ أَغْنِياءُ فلو اتصفوا اتصفوا بحقيقة سَنَكْتُبُ ما قالُوا سببه وأَقْرِضُوا الله نزاهته قَرْضاً حَسَناً بيانه ودليله الإحسان أن تعبد الله كأنك تراه جزاؤه وما يَفْعَلُوا من خَيْرٍ فَلَنْ يُكْفَرُوهُ وباب الفقر ليس فيه ازدحام لاتساعه وعموم حكمه والفقر صفة مهجورة وما يخلو عنها أحد وهي في كل فقير بحسب ما تعطيه حقيقته وهي ألذ ما ينالها العارف فإنها تدخله على الحق ويقبله الحق لأنه دعاه بها والدعاء طلب وتقرب منها أختها وهي الذلة قال أبو يزيد قال لي الحق تقرب إلي بما ليس لي الذلة والافتقار فذله وحجبه فهاتان صفتان في اللسان نعتان للممكنات ليس لواجب الوجود منهما نعت في اللسان تعالى الله حجاب مسدل وباب مقفل مفتاحه معلق عليه يراه البصير ولا يحس به الأعمى قُلْ هَلْ يَسْتَوِي الَّذِينَ يَعْلَمُونَ والَّذِينَ لا يَعْلَمُونَ إِنَّما يَتَذَكَّرُ أُولُوا الْأَلْبابِ
• وفي هذه الآية أعني آية قوله أَنْتُمُ الْفُقَراءُ إِلَى الله تسمى الحق لنا باسم كل ما يفتقر إليه غيرة منه أن يفتقر إلى غيره فالفقير هو الذي يفتقر إلى كل شيء ولا يفتقر إليه شيء وهذا هو العبد المحض عند المحققين فتكون حاله في شيئية وجوده كحاله في شيئية عدمه دواء نافع لداء عضال قوله وقَدْ خَلَقْتُكَ من قَبْلُ ولَمْ تَكُ شَيْئاً قضية في عين قضية عامة أولا يَذْكُرُ الْإِنْسانُ أَنَّا خَلَقْناهُ من قَبْلُ ولَمْ يَكُ شَيْئاً تنبيه على شرف الرتبة هَلْ أَتى عَلَى الْإِنْسانِ حِينٌ من الدَّهْرِ لَمْ يَكُنْ شَيْئاً مَذْكُوراً مع وجود عينه لأن الحين الدهري أتى عليه فالفقر احتياج ذاتي من غير تعيين حاجة لجهله بالأصلح له ومن أسماء الله المانع وهو قد أَعْطى كُلَّ شيء خَلْقَهُ حتى الغرض لما خلقه فينا أعطاه خلقه فلإنزال أصحاب أغراض فما يمنع إلا للمصلحة كما يملي لقوم لِيَزْدادُوا إِثْماً فقد أعطاهم الإثم كما أعطى الإثم خلقه فالحق لا يتقيد إنعامه والقوابل تقبل بحسب استعداداتها فمنعه عطاء لعلمه بالمصالح لذلك حكي عن بعضهم أنه سئل عن الفقير ما هو فقال من ليست له إلى الله حاجة يعني على التعيين ونبه أن الاحتياج له ذاتي والله قد أَعْطى كُلَّ شيء خَلْقَهُ فقد أعطاك ما فيه المصلحة لك لو علمت فما بقي لصاحب هذا المقام ما يسأل الله فيه
• وما شرع السؤال إلا لمن ليس له هذا الشهود ورآه يسأل الأغيار فغار فشرع له أن يسأله ولما سبق في علمه أنه يخلق قوما ويخلق فيهم السؤال إلى الأغيار ويحجبهم عن العلم به أنه المسئول في كل عين مسئولة يفتقر إليها من جماد ونبات وحيوان وملك وغير ذلك من المخلوقات أخبرنا أن الناس فقراء إلى الله أي هو المسئول على الحقيقة فإنه بِيَدِهِ مَلَكُوتُ كُلِّ شيء فالفقر إلى الله هو الأصل فالعلماء بالله هم الذين يحفظون أحوالهم
[الغني بالله]
الغني بالله فقير إليه، فالنسبة بلفظ الفقر إلى الله أولى من النسبة بالغنى لأن الغني نعت ذاتي يرفع المناسبة بين ذات الحق والخلق، ولا عين موجودة ما في الكون إلا طالب فما في الكون إلا فقير لما طلب ويتميز الفقر عن سائر الصفات بأمر لا يكون لغيره وهو أنه صفة للمعدوم والموجود وكل صفة وجودية من شرطها أن تقوم بالموجود ألا ترى الممكن في حال عدمه يفتقر إلى المرجح فإذا وجد افتقر أيضا إلى استمرار الوجود له وحفظه عليه فلا يزال فقيرا ذا فقر في حال وجوده وفي حال عدمه فهو أعم المقامات حكما
• فالذي يكتسب من هذه الصفة إضافة خاصة وهي الفقر إلى الله لا إلى غيره وبه يثنى عليه وهو الذي يسعده ويقربه إلى الله ويشركه في هذه الإضافة كل وصف جبل عليه الإنسان مثل البخل والحرص والشرة والحسد وغير ذلك تشرف وتعلو بالإضافة والمصرف وتتضع وتسفل بالإضافة والمصرف.
• لا فقر أعظم من فقر الملوك لأنه مفتقر إلى كل ما يصح له به الملك وهو فقير إلى ملكه الذي يبقى عليه اسم الملك قيل للسلطان صلاح الدين يوسف ابن أيوب رحمه الله سنة إحدى وثمانين وخمسمائة لما ذكر أبو القمح المنجم أن ريحا عظيمة في هذه السنة تكون لا تمر على شيء إِلَّا جَعَلَتْهُ كَالرَّمِيمِ فأشار عليه بعض جلسائه أن يتخذ في الأرض سربا يكون فيه ليلة هبوب تلك الريح فقال ويهلك الناس قيل له نعم فقال إذا هلك الناس فعلى من أكون ملكا أو سلطانا لا خير في الحياة بعد ذهاب الملك دعني أموت ملكا والله لا فعلت فانظر ما أحسن هذا فكل موجود إضافي متحقق بالفقر وإن لم يشعر بذلك وإن وجده فلا يعلم أن ذلك هو المسمى فقرا وإذا كان حكمه هذا فالفقر إلى الله تعالى الذي بِيَدِهِ مَلَكُوتُ كُلِّ شيء ثابت وموجود ولذلك الإشارة بقوله تعالى سَنَكْتُبُ ما قالُوا أي سنوجبه أي سيعلمون أن الفقر نعت واجب لا يشكون فيه وجوبا ذاتيا من أجل قولهم ونَحْنُ أَغْنِياءُ لأنهم انحجبوا عما هو الأمر عليه من فقرهم ولذلك كانوا كافرين فستروا ما هم به عالمون ذوقا من أنفسهم لا يقدرون على إنكاره وإن باهتوا فالحال يكذبهم فقالوا نَحْنُ أَغْنِياءُ وليسوا بأغنياء وقالوا إِنَّ الله فَقِيرٌ وليس بفقير من حيث ذاته فإنه غَنِيٌّ عَنِ الْعالَمِينَ وقد تقدم في مواضع من هذا الكتاب معنى قوله فَإِنَّ الله غَنِيٌّ عَنِ الْعالَمِينَ وإنه ليس مثل قوله والله هُوَ الْغَنِيُّ ولا مثل قوله والله الْغَنِيُّ وأَنْتُمُ الْفُقَراءُ
فإذا علمت إن الفقر بهذه المثابة فالزم استحضاره في كل نفس وعلى كل حال وعلق فقرك بالله مطلقا من غير تعيين فهو أولى بك وإن لم تقدر على تحصيل عدم التعيين فلا أقل إن تعلقه بالله تعالى مع التعيين
أوحى الله تعالى إلى موسى يا موسى لا تجعل غيري موضع حاجتك وسلني حتى الملح تلقيه في عجينك
هذا تعليم الله نبيه موسى عليه السلام ولقد رأيته سبحانه وتعالى في النوم فقال لي وكلني في أمورك فوكلته فما رأيت إلا عصمة محضة لله الحمد على ذلك جعلنا الله تعالى من الفقراء إليه به فإن الفقر إليه تعالى به هو عين الغني لأنه الغني وأنت به فقير فأنت الغني به عن العالمين فاعلم ذلك.



#محمد_بركات (هاشتاغ)      


ترجم الموضوع إلى لغات أخرى - Translate the topic into other languages



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- المختار من الفتوحات المكية (17) محيي الدين بن عربي
- المختار من الفتوحات المكية (16) محيي الدين بن عربي
- المختار من الفتوحات المكية (15) محيي الدين بن عربي
- المختار من الفتوحات المكية (14) محيي الدين بن عربي
- المختار من الفتوحات المكية (13) محيي الدين بن عربي
- المختار من الفتوحات المكية (12) محيي الدين بن عربي
- المختار من الفتوحات المكية (11) محيي الدين بن عربي
- المختار من الفتوحات المكية (10) محيي الدين بن عربي
- المختار من الفتوحات المكية (9) محيي الدين بن عربي
- المختار من الفتوحات المكية (8) محيي الدين بن عربي
- المختار من الفتوحات المكية (7) محيي الدين بن عربي
- المختار من الفتوحات المكية (6) محيي الدين بن عربي
- المختار من الفتوحات المكية (5) محيي الدين بن عربي
- المختار من الفتوحات المكية (4) محيي الدين بن عربي
- لقاء محيي الدين بن عربي بابن رشد في قرطبة
- المختار من الفتوحات المكية (3) محيي الدين بن عربي
- المختار من الفتوحات المكية (2) محيي الدين بن عربي
- المختار من الفتوحات المكية محيي الدين بن عربي (1)
- ما هي العبادة المظلمة التي لا يبالي الله بها
- روض الرياحين من حكايات الصالحين (1)


المزيد.....




- الأردن.. إجراءات بحق جمعيات وشركات مرتبطة بتنظيم -الإخوان-
- إغاثة غزة.. منظمات يهودية أميركية تضغط على إسرائيل
- الناخبون اليهود في نيويورك يفضلون ممداني على المرشحين الآخري ...
- الأردن يحيل شركة أمن معلومات تابعة لجماعة الإخوان المحظورة إ ...
- كيف تدعم -خلية أزمة الطائفة الدرزية- في إسرائيل دروز سوريا؟ ...
- الخارجية الفلسطينية تدين دعوات اقتحام المسجد الأقصى غدًا بحج ...
- 3 أسباب تُشعل الطائفية في سوريا
- آلاف الفلسطينيين يؤدون صلاة الجمعة في المسجد الأقصى وسط قيود ...
- جولي دهقاني في بلا قيود: لدينا أفراد في الكنيسة لا يقبلون سل ...
- 40 ألف فلسطيني يؤدون صلاة الجمعة بالمسجد الأقصى


المزيد.....

- علي قتل فاطمة الزهراء , جريمة في يترب / حسين العراقي
- المثقف العربي بين النظام و بنية النظام / أحمد التاوتي
- السلطة والاستغلال السياسى للدين / سعيد العليمى
- نشأة الديانات الابراهيمية -قراءة عقلانية / د. لبيب سلطان
- شهداء الحرف والكلمة في الإسلام / المستنير الحازمي
- مأساة العرب: من حزب البعث العربي إلى حزب الله الإسلامي / حميد زناز
- العنف والحرية في الإسلام / محمد الهلالي وحنان قصبي
- هذه حياة لا تليق بالبشر .. تحرروا / محمد حسين يونس
- المرحومة نهى محمود سالم: لماذا خلعت الحجاب؟ لأنه لا يوجد جبر ... / سامي الذيب
- مقالة الفكر السياسي الإسلامي من عصر النهضة إلى ثورات الربيع ... / فارس إيغو


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - محمد بركات - المختار من الفتوحات المكية (18) محيي الدين بن عربي