أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع - عاهد جمعة الخطيب - الفلسفة الشاملة للحياة اليومية (TDLP): المفهوم والأسس الجديدة (48)














المزيد.....

الفلسفة الشاملة للحياة اليومية (TDLP): المفهوم والأسس الجديدة (48)


عاهد جمعة الخطيب
باحث علمي في الطب والفلسفة وعلم الاجتماع

(Ahed Jumah Khatib)


الحوار المتمدن-العدد: 8422 - 2025 / 8 / 2 - 14:10
المحور: الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع
    


الذات والآخر الداخلي: تأملات فلسفية في عبء القيم والتحرر الأخلاقي
الملخص
تتناول هذه المقالة إشكالية وجود الإنسان بوصفه كائناً يحمل في داخله آخرَ يثقل عليه من النواحي القيمية والأخلاقية، مما يخلق صراعًا داخليًا بين الذات الأصيلة والذات المفروضة. تنطلق الدراسة من تأملات فلسفية حول الهوية والحرية والمسؤولية، مع استحضار آراء فلاسفة غربيين كجان بول سارتر ونيتشه، وأبعاد روحية من الفلسفة الصوفية الإسلامية، إضافة إلى إشارات من علم النفس التحليلي عند يونغ. وتهدف إلى الكشف عن لحظة التحرر بوصفها نقطة تحول وجودية وفلسفية عميقة.

مقدمة
يعيش الإنسان غالبًا في حالة من الانقسام الداخلي، يتجلى في شعور دفين بوجود "آخر" يسكنه، يشكل عبئًا على كينونته من حيث الالتزامات الأخلاقية، والتقاليد القيمية، والضغوط المجتمعية. هذا الآخر قد لا يكون شخصًا خارجيًا، بل بنية داخلية تشكلت بفعل التنشئة الاجتماعية والتجارب الحياتية. وقد يصل الفرد في مرحلة من مسيرته الوجودية إلى لحظة إدراك أنه لا بد من الانفكاك عن هذا الآخر كي يكون حرًّا وأصيلاً في اختياراته.

أولاً: ثنائية الذات والآخر الداخلي
تُطرح هنا إشكالية "من أنا؟"، والتي ترتبط بفكرة الازدواجية بين الذات الأصيلة التي تمثل الرغبات العميقة والقناعات الذاتية، والذات المفروضة التي تمثل مزيجًا من الأوامر الأخلاقية والدينية والثقافية التي لم يخترها الإنسان بحرّية. وقد عالج جان بول سارتر هذه الفكرة من خلال مفهوم "سوء النية" (Bad Faith)، حيث يتقمص الإنسان أدوارًا اجتماعية ينكر من خلالها ذاته الأصيلة، ليحيا حياة خاضعة لأوامر الآخر، متنازلاً عن حريته الجوهرية (Sartre, 1943).

ثانيًا: البعد الأخلاقي – هل الأخلاق عبء أم اختيار؟
يشكل هذا "الآخر الداخلي" عبئًا قيميًا حينما تُفرض على الفرد منظومة أخلاقية صارمة لا تمثل قناعاته بل تخدم سلطة خارجية. وهنا نستحضر رؤية فريدريك نيتشه الذي انتقد "أخلاق العبيد" بوصفها أخلاقًا تقوم على الخضوع والتضحية لا على الإرادة الحرة، معتبرًا أن الإنسان لا يمكن أن يكون مبدعًا لذاته دون أن يتحرر من القيود الأخلاقية التقليدية (Nietzsche, 1887).

ثالثًا: لحظة الانفكاك والتحول الوجودي
التحول لا يحدث فجأة، بل بعد صراع طويل. يصل الإنسان إلى ما يمكن تسميته بـ**"اليقظة الوجودية"، حين يدرك أن عليه أن يتحمل مسؤولية وجوده بالكامل. يختار أن يتحرر من "الآخر الداخلي" الذي يشكل ثقلاً على اختياراته. ووفقًا لـسورين كيركغارد**، فإن هذه اللحظة تتمثل بـ"القلق الوجودي"، حيث يتولد الإحساس بالحرية المطلقة، مصحوبًا بعبء المسؤولية (Kierkegaard, 1844).

رابعًا: الرؤية الصوفية – التحرر بوصفه عودة إلى الجوهر
على خلاف الفلسفة الغربية التي تميل إلى الصراع، تقدم الصوفية الإسلامية رؤية أكثر توافقًا: الإنسان لا يقتل الآخر داخله، بل "يذوّبه" في جوهر أعلى. بحسب ابن عربي، فإن النفس تمر بمراحل تصفية وتنقية وصولًا إلى النفس المطمئنة، في سعي للوصول إلى الحقيقة الإلهية عبر تخلية وتحلية وتجلي (ابن عربي، الفتوحات المكية). وبالتالي، فإن التحرر في هذا السياق لا يعني الإنكار، بل التجاوز نحو مقام أسمى.

خامسًا: النفس والتحليل النفسي – رؤية كارل يونغ
يقدّم كارل يونغ منظورًا نفسيًا لهذه الثنائية من خلال مفهوم "الظل" (The Shadow)، أي الأجزاء المرفوضة أو المكبوتة من الذات. يرى يونغ أن التكامل النفسي لا يتم إلا عبر الاعتراف بهذا "الآخر الداخلي"، ودمجه في الوعي بطريقة متزنة. وعليه، فإن التحرر لا يكون بقطع العلاقة مع الذات المفروضة، بل بفهمها وتجاوزها من الداخل (Jung, 1953).

خاتمة
يتنقل الإنسان بين الازدواج والانسجام، بين خضوعه لسلطة الآخر – أيًا كانت – وبين توقه الدائم لأن يكون حرًّا وأصيلاً. التحرر من الآخر الداخلي ليس بالضرورة فعل عنف رمزي، بل لحظة وعي تتطلب شجاعة فلسفية، وروحًا نقدية، وأفقًا مفتوحًا على التساؤل. هي رحلة من العبودية إلى الإرادة، ومن الظل إلى النور، ومن القالب إلى الجوهر.



#عاهد_جمعة_الخطيب (هاشتاغ)       Ahed_Jumah_Khatib#          


ترجم الموضوع إلى لغات أخرى - Translate the topic into other languages



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- الفلسفة الشاملة للحياة اليومية (TDLP): المفهوم والأسس الجديد ...
- الفلسفة الشاملة للحياة اليومية (TDLP): المفهوم والأسس الجديد ...
- الفلسفة الشاملة للحياة اليومية (TDLP): المفهوم والأسس الجديد ...
- الفلسفة الشاملة للحياة اليومية (TDLP): المفهوم والأسس الجديد ...
- الفلسفة الشاملة للحياة اليومية (TDLP): المفهوم والأسس الجديد ...
- الفلسفة الشاملة للحياة اليومية (TDLP): المفهوم والأسس الجديد ...
- الفلسفة الشاملة للحياة اليومية (TDLP): المفهوم والأسس الجديد ...
- الفلسفة الشاملة للحياة اليومية (TDLP): المفهوم والأسس الجديد ...
- الفلسفة الشاملة للحياة اليومية (TDLP): المفهوم والأسس الجديد ...
- الفلسفة الشاملة للحياة اليومية (TDLP): المفهوم والأسس الجديد ...
- الفلسفة الشاملة للحياة اليومية (TDLP): المفهوم والأسس الجديد ...
- الفلسفة الشاملة للحياة اليومية (TDLP): المفهوم والأسس الجديد ...
- الفلسفة الشاملة للحياة اليومية (TDLP): المفهوم والأسس الجديد ...
- الفلسفة الشاملة للحياة اليومية (TDLP): المفهوم والأسس الجديد ...
- الفلسفة الشاملة للحياة اليومية (TDLP): المفهوم والأسس الجديد ...
- الفلسفة الشاملة للحياة اليومية (TDLP): المفهوم والأسس الجديد ...
- الفلسفة الشاملة للحياة اليومية (TDLP): المفهوم والأسس الجديد ...
- الفلسفة الشاملة للحياة اليومية (TDLP): المفهوم والأسس الجديد ...
- الفلسفة الشاملة للحياة اليومية (TDLP): المفهوم والأسس الجديد ...
- الفلسفة الشاملة للحياة اليومية (TDLP): المفهوم والأسس الجديد ...


المزيد.....




- -لم أستطع تجاوز الأمر-.. روبرت إيفريت يقول إنه طُرد من مسلسل ...
- بركان بروسيا يثور بعد قرون من السكون.. هل الزلزال هو السبب؟ ...
- غارات إسرائيلية تستهدف مقر الهلال الأحمر الفلسطيني في غزة
- لبنان على مفترق حاسم حول ملف السلاح.. وزير العدل: لن نسمح ل ...
- تصعيد جديد في السويداء.. خرق لوقف إطلاق النار ووضع إنساني يت ...
- البطاطا تنحدر من الطماطم! .. كشف أصل غذاء البشر الرئيسي
- صحف عالمية: البحث عن طعام قاتل كما الجوع بغزة ومفتاح الحل مع ...
- أسانج يشارك في مسيرة حاشدة مؤيدة للفلسطينيين في سيدني
- مناورات بحرية روسية صينية في بحر اليابان
- مسيرات في الضفة تضامنا مع غزة وبن غفير يجدد دعوته لاحتلال ال ...


المزيد.....

- الصورة النمطية لخصائص العنف في الشخصية العراقية: دراسة تتبعي ... / فارس كمال نظمي
- الآثار العامة للبطالة / حيدر جواد السهلاني
- سور القرآن الكريم تحليل سوسيولوجي / محمود محمد رياض عبدالعال
- -تحولات ظاهرة التضامن الاجتماعي بالمجتمع القروي: التويزة نمو ... / ياسين احمادون وفاطمة البكاري
- المتعقرط - أربعون يوماً من الخلوة / حسنين آل دايخ
- حوار مع صديقي الشات (ج ب ت) / أحمد التاوتي
- قتل الأب عند دوستويفسكي / محمود الصباغ
- العلاقة التاريخية والمفاهيمية لترابط وتعاضد عالم الفيزياء وا ... / محمد احمد الغريب عبدربه
- تداولية المسؤولية الأخلاقية / زهير الخويلدي
- كتاب رينيه ديكارت، خطاب حول المنهج / زهير الخويلدي


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع - عاهد جمعة الخطيب - الفلسفة الشاملة للحياة اليومية (TDLP): المفهوم والأسس الجديدة (48)