أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - القضية الفلسطينية - علي ابوحبله - -بالروح بالدم نفديك يا غزة-... بين رمزية التظاهر وتغييب الحقيقة الاستراتيجية














المزيد.....

-بالروح بالدم نفديك يا غزة-... بين رمزية التظاهر وتغييب الحقيقة الاستراتيجية


علي ابوحبله

الحوار المتمدن-العدد: 8422 - 2025 / 8 / 2 - 11:33
المحور: القضية الفلسطينية
    


بقلم: المحامي علي أبو حبلة –
في قلب تل أبيب، عاصمة الدولة القائمة بالاحتلال، علت أصوات المتظاهرين أمام السفارة المصرية مرددة شعار: "بالروح بالدم نفديك يا غزة"، في مشهد فريد شارك فيه عدد من الرموز الوطنية في الداخل الفلسطيني، وعلى رأسهم الشيخ رائد صلاح والشيخ كمال الخطيب. ورغم أهمية الحدث من حيث توقيته ومكانه ورسائله الإنسانية، إلا أنه فتح الباب أمام نقاش استراتيجي أوسع: هل نوجّه الغضب الشعبي في الاتجاه الصحيح؟ ومن هو المسؤول الحقيقي عن تجويع غزة؟
أولاً: من يغذي المجاعة في غزة؟
منذ أكثر من اثني وعشرون شهرا، تتعرض غزة لحرب إبادة غير مسبوقة في التاريخ الحديث، وفق توصيف الأمين العام للأمم المتحدة وتقارير وكالات الإغاثة الدولية. وفي خضم القصف والتجويع ومنع المساعدات، عمدت إسرائيل – عبر تحالف حكومي يقوده بنيامين نتنياهو ويضم شخصيات متطرفة كإيتمار بن غفير وبتسلئيل سموتريتش – إلى تسليح الحصار واستخدام الغذاء كسلاح ضغط، في انتهاك صارخ لـ اتفاقية جنيف الرابعة (1949)، ولا سيما المادة 55 التي تلزم قوة الاحتلال بضمان الإمدادات الغذائية للسكان.
ولم تكتف حكومة الاحتلال بالتجويع، بل منعت دخول القوافل الإنسانية، وقصفت المستودعات، واستهدفت خطوط المياه والطاقة. وكل ذلك جرى بعلم وتواطؤ أو صمت دولي، وبدعم مباشر من قوى غربية توازيها المسؤولية الأخلاقية والقانونية.
ثانياً: مصر بين موقع الجغرافيا ومصيدة السياسة
إنّ مصر، الدولة المركزية في الإقليم، تتحمل عبئاً ثقيلاً ومعقداً في ملف غزة. فهي الجار الوحيد الذي يملك معبراً لا يخضع للاحتلال، وهي الدولة العربية الأهم التي تشكل رئة استراتيجية للشعب الفلسطيني في القطاع. وقد لعبت القاهرة، تاريخيًا، أدوارًا محورية في دعم القضية الفلسطينية، ودفعت ثمن ذلك في أكثر من محطة.
لكنّ هناك شعوراً متنامياً في الأوساط الفلسطينية بأن الموقف المصري الرسمي يتسم بالحذر وربما التقصير في بعض الجوانب، خاصة فيما يتعلق بإدخال المساعدات أو اتخاذ مواقف حاسمة ضد الاحتلال. وبينما يمكن تفهُّم الضغوط الدولية التي تمارس على مصر، إلا أن التاريخ لا يرحم، والأخوة لا تقاس بالحسابات الدبلوماسية فقط.
مع ذلك، فإن تحميل مصر كامل المسؤولية عن مأساة غزة فيه تبسيط مخلّ ومجافٍ للواقع. فالقاهرة، رغم كل ما يُقال، لم تكن يوماً شريكًا في مشروع الاحتلال، بل ظلت رقماً صعبًا في معادلة الصراع العربي الإسرائيلي، وإن اختلفت أدواتها اليوم عن الأمس.
ثالثاً: التظاهر في الاتجاه الخطأ... هل يخدم الغاية؟
إنّ اختيار السفارة المصرية في تل أبيب مكانًا للتظاهر، قد يكون نابعًا من اعتبارات رمزية، لكنه سياسيًا يطرح علامات استفهام كبيرة. فهل المطلوب تحميل القاهرة مسؤولية المجاعة؟ وهل نُعفي بذلك الاحتلال من جرائمه المباشرة؟ وهل يليق أن تكون رسالة الشيخ رائد صلاح، وهو القامة التي واجه السجون والتهديدات الإسرائيلية، موجهة للدولة العربية بدلاً من كيان الاحتلال الذي يفرض الحصار ويقتل الأطفال؟
ولماذا سمحت حكومة الاحتلال لمنظمي التظاهرة التظاهر أمام السفارة المصرية في تل ابيب وشرطتها بقيادة بن غفير تقنع التظاهرات وهو ما يحمل الكثير من التساؤلات
الاحتجاج السياسي يجب أن يكون واعيًا ومدروسًا. وعندما يُنقل الغضب الشعبي من مقر وزارة الدفاع الإسرائيلية إلى سفارة عربية، فإن الرسالة تُحرَّف عن مسارها، وتصبح ذريعة للعدو للادعاء بأن "الحصار عربي"، في حين أن أرقام الأمم المتحدة وتقارير هيومن رايتس ووتش والعفو الدولية تُجمِع على أن إسرائيل هي المسؤول الأول، ومرتكبة الجرائم الأشد.
رابعاً: الأبعاد الخفية... نحو مشروع التهجير القسري
لم تعد خطة تهجير سكان غزة مجرد "تخوفات"، بل تحوّلت إلى خطة موثّقة ضمن وثائق رسمية وتسريبات من مراكز أبحاث إسرائيلية. التجويع هو المرحلة الأولى من مشروع "إفراغ غزة"، تمهيدًا لإنشاء "منطقة آمنة" خالية من الفلسطينيين على حدود مصر، وهو ما تعمل حكومة نتنياهو على فرضه كأمر واقع، مستفيدة من تشتت الموقف العربي والدولي.
كل تحرك سياسي أو شعبي يجب أن يكون في إطار إجهاض هذه الخطة، لا تسويقها عن قصد أو دون قصد من خلال تشتيت المسؤوليات.
خامساً: الحاجة لاستراتيجية خطاب جديدة
نحن اليوم أمام مرحلة حرجة تتطلب إعادة تشكيل الخطاب الفلسطيني الشعبي والسياسي والديني. على القادة الرمزيين، مثل الشيخ رائد صلاح وقيادات الداخل، أن يُعيدوا ترتيب أولويات خطابهم، بحيث يكون العدو واضحًا، والهدف محددًا، والشعار موجهًا في الاتجاه الصحيح.
"بالروح بالدم نفديك يا غزة"، شعار لا يُستهلك فقط في الميادين، بل يجب أن يُترجم إلى فعل سياسي موجّه ضد الاحتلال، لا ضد الشقيق الذي قد تختلف معه، لكن لا يمكن مساواته مع العدو.
ونخلص إلى القول إن غزة لا تحتاج فقط إلى دموع... بل إلى وضوح في الموقف
التاريخ لا يرحم، والشعوب لا تغفر التواطؤ أو الغفلة. وعلى كل من يحمل شرف تمثيل الشعب، أن يحرص على أن تكون كلماته وسلوكياته منسجمة مع التحديات الوجودية التي تواجهنا. فالمعركة في غزة ليست فقط عسكرية أو إنسانية، بل هي معركة سردية ورواية ومسؤولية سياسية وقانونية.
فليكن صوتنا واضحًا: العدو هو الاحتلال، ومن يجوع غزه هو من يحاصر، والمحاسبة يجب أن تبدأ من تل أبيب لا من القاهرة.؟



#علي_ابوحبله (هاشتاغ)      


ترجم الموضوع إلى لغات أخرى - Translate the topic into other languages



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- 3 آب – يوم وطني وعالمي لنصرة غزة والأسرى: دعوة للعدالة وحماي ...
- رسالة مفتوحة إلى فخامة الرئيس محمود عباس
- إعلان نيويورك: هندسة أمنية جديدة أم شرعنة للاحتلال؟
- المشاركة الفلسطينية في قمة حركات التحرر – تثبيت للهوية النضا ...
- الاعتراف الأوروبي بدولة فلسطين: خطوة رمزية لا تكتمل دون خطة ...
- كسر الاحتكار الأمريكي وتدويل الصراع الفلسطيني:
- جامعة النجاح الوطنية: القيادة، المعرفة، والتنمية... نموذج فل ...
- خطاب التطرف الإسرائيلي وتواطؤ الموقف الأمريكي: قراءة قانونية ...
- الاحتلال في القانون الدولي: بين الإرهاب والعنصرية وأزمة الضم ...
- اقتحام سفينة -حنظلة-: عدوان بحرّي يخترق القانون الدولي ويعمّ ...
- نتائج التوجيهي والمصير المجهول:
- بلدية طولكرم: نموذج في الصمود المؤسسي والإدارة الرشيدة رغم ا ...
- -اللهم أغثنا-... صرخة من تحت الركام: حين تسقط العدالة وتعلو ...
- قرار الكنيست بضم الضفة والأغوار: خطوة نحو الأبرتهايد الكامل ...
- التصدي الفلسطيني لقرار الكنيست الإسرائيلي بضم الضفة الغربية: ...
- **السلام المستدام في الشرق الأوسط: نحو عيش مشترك وإنهاء الصر ...
- هل نعيد فتح باب التاريخ؟ دعوة إلى الإسرائيليين لصناعة سلام ي ...
- غزة… وصمة عار في جبين الإنسانية المفقودة
- دلالات تصريحات السفير الأميركي: بين المخاوف الأميركية وانفلا ...
- سلاح المخيمات الفلسطينية في لبنان: صراع الأجنحة، المخاطر الم ...


المزيد.....




- سؤال صعب خلال فعالية: -مليونا إنسان في غزة يتضورون جوعًا-.. ...
- كيف تبدو تصاميم الحدائق والمناحل الجديدة المنقذة للنحل؟
- ماذا يعني قرار ترامب نشْر غواصتين نوويتين قرب روسيا على أرض ...
- ويتكوف: لا مبرر لرفض حماس التفاوض، والحركة تربط تسليم السلاح ...
- ويتكوف يتحدّث من تل أبيب عن خطة لإنهاء الحرب.. وحماس: لن نتخ ...
- فلوريدا: تغريم تيسلا بأكثر من 240 مليون دولار بعد تسبب نظامه ...
- عاجل | وول ستريت جورنال عن مسؤولين: واشنطن تلقت خلال الصراع ...
- عاجل | حماس: نؤكد مجددا أن المقاومة وسلاحها استحقاق وطني ما ...
- الهند والصين تُعيدان فتح الحدود للسياح بعد قطيعة طويلة
- حتى الحبس له فاتورة.. فرنسا تدرس إلزام السجناء بدفع تكاليف ا ...


المزيد.....

- لتمزيق الأقنعة التنكرية عن الكيان الصهيو امبريالي / سعيد مضيه
- ثلاثة وخمسين عاما على استشهاد الأديب المبدع والقائد المفكر غ ... / غازي الصوراني
- 1918-1948واقع الاسرى والمعتقلين الفلسطينيين خلال فترة الانت ... / كمال احمد هماش
- في ذكرى الرحيل.. بأقلام من الجبهة الديمقراطية / الجبهة الديمقراطية لتحرير فلسطين
- الأونروا.. والصراع المستدام لإسقاط شرعيتها / محمود خلف
- الأونروا.. والصراع المستدام لإسقاط شرعيتها / فتحي الكليب
- سيناريوهات إعادة إعمار قطاع غزة بعد العدوان -دراسة استشرافية ... / سمير أبو مدللة
- تلخيص كتاب : دولة لليهود - تأليف : تيودور هرتزل / غازي الصوراني
- حرب إسرائيل على وكالة الغوث.. حرب على الحقوق الوطنية / فتحي كليب و محمود خلف
- اعمار قطاع غزة بعد 465 يوم من التدمير الصهيوني / غازي الصوراني


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - القضية الفلسطينية - علي ابوحبله - -بالروح بالدم نفديك يا غزة-... بين رمزية التظاهر وتغييب الحقيقة الاستراتيجية