أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الثورات والانتفاضات الجماهيرية - زهير الخويلدي - جورج إبراهيم عبد الله رمز النضال الأممي وحرية طال انتظارها















المزيد.....

جورج إبراهيم عبد الله رمز النضال الأممي وحرية طال انتظارها


زهير الخويلدي

الحوار المتمدن-العدد: 8417 - 2025 / 7 / 28 - 12:03
المحور: الثورات والانتفاضات الجماهيرية
    


مقدمة
يُمثل جورج إبراهيم عبد الله رمزًا بارزًا للنضال الأممي والمقاومة ضد الإمبريالية والصهيونية، حيث قضى أكثر من أربعة عقود في السجون الفرنسية نتيجة نشاطه السياسي الداعم للقضية الفلسطينية. ولد جورج عبد الله عام 1951 في قرية القبيات بمحافظة عكار شمال لبنان، ونشأ في بيئة تأثرت بالصراعات السياسية والاجتماعية التي عصفت بالمنطقة، ولا سيما الحرب الأهلية اللبنانية والاحتلال الإسرائيلي. انضم إلى الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين في أواخر السبعينيات، وأسس لاحقًا "الفصائل المسلحة الثورية اللبنانية"، وهي حركة ماركسية مناهضة للإمبريالية. اعتُقل عام 1984 في فرنسا بتهم تتعلق بالتواطؤ في عمليات استهدفت دبلوماسيين أمريكيين وإسرائيليين، وحُكم عليه بالسجن المؤبد عام 1987. بعد 41 عامًا من الاعتقال، أُفرج عنه في 25 يوليو 2025، في قرار أثار نقاشات واسعة حول العدالة السياسية وحقوق السجناء السياسيين. يهدف هذا المقال إلى استعراض مسيرة جورج عبد الله النضالية، وتحليل ظروف اعتقاله، وتسليط الضوء على دلالات إطلاق سراحه، مع التركيز على السياقات السياسية والقانونية والإنسانية المحيطة بقضيته. فكيف بدأت رحلة عبد الله نحو الكفاح الأممي؟ ولماذا تم تقييد حريته وأسره؟ وبأي معنى تحول الى رمز للكفاح الوطني وارتبط اسمه بالقضايا العادلة والحقوق الفلسطينية العربية؟
مسيرة جورج عبد الله النضالية
نشأ جورج إبراهيم عبد الله في سياق تاريخي واجتماعي معقد، حيث كانت لبنان في سبعينيات القرن العشرين مسرحًا لصراعات داخلية وإقليمية، بما في ذلك الحرب الأهلية (1975-1990) والاجتياح الإسرائيلي عام 1982. تأثر عبد الله بالقضية الفلسطينية، التي كانت محور النضال القومي العربي، فانضم إلى الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين، وهي حركة يسارية بقيادة جورج حبش، تتبنى النضال المسلح ضد الاحتلال الإسرائيلي والإمبريالية الغربية. في أوائل الثمانينيات، أسس عبد الله مع آخرين "الفصائل المسلحة الثورية اللبنانية"، التي تبنت عمليات استهدفت مصالح غربية وإسرائيلية في أوروبا، كرد فعل على السياسات الاستعمارية والدعم الغربي لإسرائيل.
كان عبد الله يرى أن المقاومة المسلحة هي السبيل الوحيد لمواجهة الظلم الذي يتعرض له الفلسطينيون، متأثرًا بفكر وديع حداد، القائد الفلسطيني الذي دعا إلى "ملاحقة العدو في كل مكان". هذا الموقف جعله هدفًا للملاحقة من قبل أجهزة المخابرات الغربية والإسرائيلية، مما أدى إلى اعتقاله في ليون عام 1984 بتهم تتعلق بحيازة أسلحة وتزوير وثائق، قبل أن تُضاف إليه لاحقًا تهمة التواطؤ في اغتيال دبلوماسيين أمريكي وإسرائيلي.
اعتقال جورج عبد الله والسياق القانوني
اعتُقل جورج عبد الله في 24 أكتوبر 1984، عندما دخل مركزًا للشرطة في ليون طالبًا الحماية من ملاحقة الموساد الإسرائيلي، لكنه وجد نفسه متهمًا بجرائم خطيرة. في مارس 1987، حُكم عليه بالسجن المؤبد بتهمة التواطؤ في اغتيال تشارلز راي، نائب الملحق العسكري الأمريكي، ويعقوب بارسيمانتوف، المستشار الثاني في السفارة الإسرائيلية في باريس. خلال محاكمته، تميز عبد الله بمواقفه الحادة، حيث وصف المحكمة وممثلي الادعاء بـ"الإمبرياليين القذرين"، معتبرًا نفسه "مقاتلاً وليس مجرمًا".
تثير قضية عبد الله تساؤلات حول نزاهة العملية القضائية. فقد اتهمت منظمات حقوقية فرنسا بالخضوع لضغوط سياسية أمريكية وإسرائيلية حالت دون إطلاق سراحه، على الرغم من استيفائه شروط الإفراج المشروط منذ عام 1999. على سبيل المثال، في عام 2013، أصدرت محكمة فرنسية قرارًا بالإفراج عنه، لكن وزير الداخلية آنذاك، مانويل فالس، رفض التوقيع على أمر الترحيل بسبب ضغوط أمريكية. هذه الضغوط جعلت قضية عبد الله مثالًا صارخًا على تسييس القرارات القضائية وانتهاك حقوق السجناء السياسيين.
إطلاق السراح: سياقات ودلالات
في 17 يوليو 2025، أصدرت محكمة الاستئناف الفرنسية قرارًا بالإفراج عن جورج عبد الله، مع شرط مغادرته فرنسا وعدم العودة إليها. نفّذ القرار في 25 يوليو 2025، وعاد عبد الله إلى لبنان، حيث استقبله حشد من المؤيدين في مطار رفيق الحريري الدولي في بيروت. يُعدّ هذا القرار تتويجًا لعقود من الحراك القانوني والشعبي الذي دعم قضيته، حيث أشار عبد الله نفسه إلى أن "التعبئة المتنامية" في صفوف أنصاره لعبت دورًا حاسمًا في تحقيق الحرية.
تتعدد دلالات إطلاق سراح عبد الله. أولاً، يُعتبر انتصارًا رمزيًا للنضال الفلسطيني والأممي، حيث أكد عبد الله في أول تصريح له بعد الإفراج أن "المقاومة مستمرة في هذه الأرض ولا يمكن اقتلاعها"، مشددًا على استمرار النضال ضد الاحتلال الإسرائيلي. ثانيًا، يكشف القرار عن تغيّر محتمل في المواقف السياسية الفرنسية، ربما بسبب تراجع الضغوط الأمريكية والإسرائيلية أو بفعل الحراك الحقوقي الذي استمر لعقود. ثالثًا، يُعيد القرار فتح النقاش حول العدالة السياسية وحقوق السجناء السياسيين، لا سيما في ظل اتهامات لفرنسا بالخضوع لتدخلات خارجية في قضايا مماثلة.
الأبعاد الإنسانية والرمزية
على المستوى الإنساني، قضى جورج عبد الله 41 عامًا في السجن، أي ما يعادل أكثر من نصف عمره، دون أن يتنازل عن قناعاته أو يبدي ندمًا. هذا الصمود جعله رمزًا للكرامة والثبات، كما وصفه أنصاره الذين رأوا فيه "عميد الأسرى" و"أيقونة الحرية". في لبنان، يُنظر إليه كبطل قومي، وكان استقباله في مطار بيروت دليلاً على مكانته في الوجدان الشعبي.
على المستوى الرمزي، يمثل عبد الله جسرًا بين أجيال المقاومة، حيث أكد في تصريحاته بعد الإفراج على أهمية استمرار النضال، مشيرًا إلى معاناة الفلسطينيين في غزة ومخيمات اللاجئين. كلماته التي استنكرت "الصمت العربي" تجاه حرب الإبادة في غزة تعكس التزامه المستمر بالقضية الفلسطينية، مما يعزز دوره كصوت مقاوم حتى بعد عقود من العزلة.
خاتمة
إن إطلاق سراح جورج إبراهيم عبد الله بعد 41 عامًا من الاعتقال ليس مجرد حدث فردي، بل انتصار لروح المقاومة والكرامة الإنسانية. قضيته تُظهر تفاعل القانون والسياسة في سياق النضال الأممي، وتكشف عن التحديات التي تواجه السجناء السياسيين في مواجهة الضغوط الدولية. عودته إلى لبنان تُمثل بداية فصل جديد، ليس فقط في حياته، بل في النقاش العالمي حول العدالة وحق المقاومة. ومع استمرار عبد الله في رفع صوت المقاومة، يبقى رمزًا للصمود، يذكّر العالم بأن النضال من أجل الحرية لا ينتهي بخروج من السجن، بل يستمر طالما استمر الظلم. فمتى تنصف الجماهير العربية المقاومين من أجل العدالة والمساواة والحرية وتعترف بقيمة أفعالهم؟ وكيف يمكن للثقافة العربية انتاج المزيد من المناضلين؟
كاتب فلسفي



#زهير_الخويلدي (هاشتاغ)      


ترجم الموضوع إلى لغات أخرى - Translate the topic into other languages



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- التجديد الفني والنضال الملتزم عند زياد الرحباني: رحلة كفاح م ...
- غسان كنفاني والأدب المقاوم والقضية الفلسطينية، مقاربة مابعد ...
- ريمون آرون بين بين قذارة الحروب، واستحالة السلام بين الدول
- طريق الفيلسوف حسب جان فال من مقالة في الميتافيزيقا إلى التفك ...
- تجربة الفنان وعلاقته بجمهوره
- من أجل فلسفة ملتزمة مقاومة
- الايروس المقاوم في حضارة اقرأ في مواجهة الثاناتوس في العولمة ...
- مستقبل العالم في صراع الحضارات والحروب بين الدول
- فلسفة المهرجان بين استعراض الابداعات الفنية وافاق انتظارات ا ...
- سياسات الفلسفة السياسية لهربرت ماركوز حسب جوليان فرويند
- يسارية جيل دولوز بين شيوعية صغرى وفلسفة العالم الثالث
- الوعي والإرادة والثورة الثقافية عند غرامشي وماو
- القوة الفلسفية الإيتيقية للهشاشة البشرية
- المراهنة الفلسفية على المقاومة
- وظيفة الحرب في التاريخ البشري بين تخليف التدمير الكلي والصحة ...
- فلسفة التقنية بين التقدم العلمي والتطور التكنولوجي والمحاذير ...
- النضال الفكري والأدبي عند ادوارد سعيد ومحمود درويش
- ضد الحرب الامبريالية على الشعوب الفقيرة
- نبذ العدمية: هل نكون مخطئين حقًا: العدمية المستنيرة أم الطبي ...
- كتاب الواجبات عند الرواقي شيشرون


المزيد.....




- حزب التقدم والاشتراكية ينعى المناضل التقدمي الكبير حميد المُ ...
- م.م.ن.ص// لا نقبل التشتيت.. ولا تراجع عن مواجهة الهدم!
- المكتب السياسي لحزب النهج الديمقراطي العمالي ينعي الرفيق أحم ...
- حزب العمال: العصابة الصّهيونية تعربد من جديد وتعتدي على سفين ...
- الرفيق عزوز الصنهاجي، عضو المكتب السياسي لحزب التقدم والاشتر ...
- أحمد العبادي عضو فريق التقدم والاشتراكية بمجلس النواب ضيف بو ...
- تيسير خالد : تفوقوا على النازيين الهتلريين في - كرمهم الانسا ...
- تركيا تفرج عن أحد  مساعدي عبدالله أوجلان بعد 31 عاما في السج ...
- الولايات المتحدة تنتقد إفراج فرنسا عن المناضل جورج عبد الله ...
- الجبهة الشعبية تدين بأشد العبارات القرصنة الصهيونية على سفين ...


المزيد.....

- ثورة تشرين / مظاهر ريسان
- كراسات شيوعية (إيطاليا،سبتمبر 1920: وإحتلال المصانع) دائرة ل ... / عبدالرؤوف بطيخ
- ورقة سياسية حول تطورات الوضع السياسي / الحزب الشيوعي السوداني
- كتاب تجربة ثورة ديسمبر ودروسها / تاج السر عثمان
- غاندي عرّاب الثورة السلمية وملهمها: (اللاعنف) ضد العنف منهجا ... / علي أسعد وطفة
- يناير المصري.. والأفق ما بعد الحداثي / محمد دوير
- احتجاجات تشرين 2019 في العراق من منظور المشاركين فيها / فارس كمال نظمي و مازن حاتم
- أكتوبر 1917: مفارقة انتصار -البلشفية القديمة- / دلير زنكنة
- ماهية الوضع الثورى وسماته السياسية - مقالات نظرية -لينين ، ت ... / سعيد العليمى
- عفرين تقاوم عفرين تنتصر - ملفّ طريق الثورة / حزب الكادحين


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الثورات والانتفاضات الجماهيرية - زهير الخويلدي - جورج إبراهيم عبد الله رمز النضال الأممي وحرية طال انتظارها