عمر حمش
الحوار المتمدن-العدد: 8416 - 2025 / 7 / 27 - 18:44
المحور:
الادب والفن
القذائف ..
قطاراتُ سماءٍ؛ تنفلتُ عن قضبانها، تموجُ قبيل الانفجارِ، ومن بعده لحظاتُ سكونٍ تقطعُ أنفاسنا.
نحملقُ فقط، من بعد أن كنّا نميد، ونخمّن مَن الذين هوت عليهم السقوف ..
أصحو، وأغمضُ من حولي صغار، ومن خلفي عرباتُ الإسعافِ، وخشبٌ يقومُ من خلف دواب .. يَصّرُّ، ويزحفُ بالجثث المهتزّة.
مَن يُسعفُ الذين صاروا تحت الردم؟
وأغرقُ في الصّغار، وفي جدارٍ يقابلني.
كلما اهتزّ؛ قشّرُ دهانه، ليصنعَ وحوشا، وخرائط.
يرتجفُ الأصغرُ:
أنت خائف يا جدي.
أنا أصيرُ ذُبابة.
قشورُ الجدارِ تستحلبُ أمّي ..
تقطُرها في قطرةٍ، ويشهقُ قلبي.
ترفع جبهتها عن سجادةِ صلاةِ، وتشهرُ كفّيها، وعيناها ترسلانِ دمعا، يتتبع ولولة الكونِ.
الأبواقُ تصرخُ، والأسواطُ تحثُّ البهائم، وفي حضني بقايا أطفال ..
أنا أيضا طفلٌ:
أمّي!
خطوطُ الجدارِ كلابٌ، تراوغُ حواف الخرائط .. أمّي تسكب تعويذةً، وتُميلُ كتفا، يسدلُ شَعرا، ويرسم وجها.
ماذا تصنعين يا أمي؟
هو!
أتفحصُ الشارب المشذّبَ تحت العينين الغامقتين .. الكفّ المتثنية تسندُ الجبهةَ المائلة، وفي الأخرى قلم.
هو، أي والله.
يبتسم: عرفتني؟
أقول: وكيف صرتَ غسان كنفاني؟
يقوم أبي، وغسان؛ اثنين في واحدٍ .. يرجمانِ جيش الكلاب، ثمّ يلاحقان شخصا يجري.
يستديرُ أبي، وغسان؛ اثنين في واحدٍ .. يصرخان:
عرفته؟
جوفي الذي صاح:
أبو الخيزران ..
ويأتي انفجار ..
يأتي؛ وأمّي من على السجادةِ توميءُ، ويتفسّخُ الجدارُ .. تتناثر الرسومُ، وينداحُ أبي، وتهوي أمّي، وفي زاويةٍ؛ علَقَ قليلا غسان ..
أنا بلا اتزانٍ؛ أرقبُ تهاويَ النثار ..
في السقفِ؛ الكلابُ تلوكُ لحما ..
معهم أبو الخيزران كان هناك يُزمجرُ، ويرفع فكّيه، ويقهقه.
#عمر_حمش (هاشتاغ)
ترجم الموضوع
إلى لغات أخرى - Translate the topic into other
languages
الحوار المتمدن مشروع
تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم
العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم.
ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في
استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي،
انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة
في دعم هذا المشروع.
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟