كتاب: الجيش والسياسة (1)

خليل الشيخة
كاتب وقاص
(Kalil Chikha)

الحوار المتمدن-العدد: 8416 - 2025 / 7 / 27 - 18:12
المحور: الادب والفن
    

كتاب: الجيش والسياسة -عزمي بشارة
مقدمة:
تأتي أهمية هذا الكتاب لأنه يناقش علاقة الجيش في الوطن العربي والانقلابات العسكرية المدمرة التي مارسها منذ الانقلاب الأول في سوريا بواسطة حسني الزعيم ثم عبد الناصر في مصر إلى عبد الكريم قاسم في العراق ... الخ. كل هذه الانقلابات أتت بالويلات للأوطان وشعوب المنطقة، ولم تقدم أي حلول جذرية سواء في الاقتصاد أو السياسة، بل على العكس، أتت بالاضطهاد وتدمير البلاد والعباد.
سأذكر الملاحظات مصحوبة برقم الصفحة، فهذه الملاحظات هي بمثابة أهم الأفكار التي ناقشها الكتاب.
تقوم الليبرالية على حرية الفرد وكرامته فوق قيم الجماعة، والدولة المدنية هي الدولة التي لا يحكمها رجال الدين أو العسكر (23). هناك في علم الاجتماع في ما يسمى بعلم الاجتماع العسكري، ومن أحد إعلامه موريس يافيتس الذي ألف كتاب (الدولة الثكنة) وهذه الدولة تجند الولاءات وشيوع المساوئ (24). يتدرب الجندي على التعامل مع العنف الفائض، وعادة، إذلال الجندي وكسر شخصيته هي السبب في تحقير المرأة لديه (25). نشأ في العالم الثالث وخاصة سوريا ما يسمى بالتوجه السياسي الذي يعني كما يقولون تثقيف الجندي عقائدياً ليتبع للحزب الحاكم (30). شهد الوطن العربي (50) انقلاباً بعد الاستقلال منها 31 انقلابا في سوريا والعراق (31). بعد هزيمة حزيران 1967 واستقالة عبد الناصر، انتشرت نظريات المؤامرة والخيانة بدلاً من التشخيص والنقد واستمر النظام رغم أنه فشل في الحرب كما حدث في العهد الملكي عام 1948 وهو الذي حمل الملك هزيمة الحرب آنذاك. توسع نشاط الجيش بعد حكم مبارك وأصبح له امتيازات ونشاطات اقتصادية وخدماتية وهذا ما رفعه فوق المجتمع المصري وقضاياه وتحول إلى جمهورية ضباط، وفعل ذات الشيء الحرس الثوري الإيراني الذي يملك شركات ومصارف ومرافق خدمية (34). لم يكن الحكم في العراق للعسكر، بل كان لفرد أو طغمة يملك بيده كل الصلاحيات (35).
- حول الانقلابات العسكرية: هناك سؤال هام في سوريا، لماذا ظل الجيش بضباطه الكبار موالياً لبشار الأسد؟ (37). انتقل النميري بالتحالف مع اليسار أولاً ثم أنتقل بالتحالف مع اقصى اليمين بتحالفه ثم حاول تطبيق الشريعة الإسلامية حيث عارضه الجنوب السوداني واليسار في ذلك الوقت (42). بعد أن قام سوار الذهب بانقلاب في السودان، سلم السلطة لحكومة منتخبة عام 1986 (43).
- الدولة الثكنة والدولة البريتورية (أي الدولة التي يحكمها العسكر -State PRAETORIAN: في مطلع القرن العشرين تم عسكرة اليابان في حربها مع الصين، ثم انتقل ذلك إلى الأنظمة الفاشية والنازية، إذ يقول الباحث الأمريكي (مانفرد هاربن) إن المجتمعات العربية استعادت على العسكر من خلال الخلافة التي قامت على الغزو تبعها المماليك ثم العسكر (46). ثم يقول في موقع آخر أن الجيش يقوم مقام الطبقة الوسطى في التحديث (51). تحول حكم العسكر من التحالف مع المدنيين إلى الاستبداد والطغيان والفساد والقمع ثم تحول إلى قوة رجعية (53). عندما استلم القذافي الحكم، عطل جميع القوانين وقضى على الحزبيين واعداء الثورة ثم أعلن الثورة الثقافية وإلغاء الديموقراطية حيث أصبحت ليبيا دون قوانين (54). كما أنه استحدث كتائب لحمايته مثل الحرس الجمهوري حيث قامت هذه على أساس قبلي، ونشأ تحالف مع بعض القبائل، لكن بعد الثورة تنافس قادتها ونسوا بناء الدولة، فقد فكك القذافي الدولة والسياسة. وفي سوريا، تغلغل الفساد والولاءات الجهويّة والطائفية في الجيش، أما في مصر فقد تحوًل الجيش إلى نواة اقتصا دية فطرية وإنتاج، وفي العراق ظل الجيش في عهد صدام بعيداً عن الفساد (55).
- الانقلابات الأولى – والانقلابات الراديكالية: قامت العشائر والأشوريين بالانتفاضة في العراق عام 1933، فسحق الجيش العراقي بقيادة بكر صدقي الأشوريين مما حدى بهم الفرار إلى الجزيرة السورية بموجب اتفاقية فرنسية بريطانية. فقد كان الصراع بين الدولة العراقية والعشائر قائماً منذ قرون حيث حاولت بريطانيا احتواء العشائر فتركت لهم أسلحتهم. ثم عجزت الدولة العراقية عن صد الهجمات الوهابية في عام 1922 – 1928 (68). لقد كان صاحب الانقلاب في العراق عام 1928 بكر صدقي وهو من أصول كردية (69). انتشرت بين الشباب العربي ما يسمى بالقمصان الملونة، مثل الوفد الليبرالي في مصر قميص أزرق والكتلة الوطنية قميص حديدي مائل للأسود (71). كان قادة الماسونية فاعلين في انقلاب حسني الزعيم في عام 1949 خاصة وزير الخارجية (عادل أرسلان) ثم سامي الحناوي (72). لقد كان الجيش وسيلة للترقي الاجتماعي في مجتمعات فلاحية حيث كانت الغالبية السكانية، فقد أصبحت العسكرية في الدول النامية المسار الرئيسي للتقدم بين الفلاحين وأصحاب المهن (76). في عام 1951 أراد الشيشكلي أن يضعف القوى التقليدية حيث سعى إلى تأسيس دكتاتورية عسكرية، فقد أسس أول حزب سياسي علني في الجيش (حركة التحرر العربي) وكان أكرم الحوراني وزيراً للدفاع حيث فتح الكلية الحربية للأقليات من الفلاحين ومنهم كان حافظ الأسد، فقد كان محمد عمران أكثر الضباط ثقافة وكان القائد للجنة العسكرية (78). كان معظم الضباط الذين قاموا بالانقلاب في العراق عام 1958 وعلى رأسهم عبد الكريم قاسم من الطبقة الفقيرة، وكان لديهم مشروع سلطة وتفرد بالحكم (80).
- أخوية السلاح: لقد دارت الصراعات بين الضباط على السلطة حيث غلفت بادعاءات ايديولوجية بين اليمين واليسار (82). ولا شك أن الضباط قد غيروا من سياستهم حسب الظروف العالمية كي يبقوا في الحكم، فقد تغيرت سياسة صدام بعد غزو الكويت وحافظ الأسد في لبنان والقذافي في تسليم الكيميائي وعمر البشير وهل هذا أتى من خوفهم من خسارة الحكم (84). علاوة على ذلك، كان لبعضهم علاقة شخصية مع مبعوث روزفلت للاستخبارات الأمريكية للمنطقة العربية وقد اجتمع مع الضباط الأحرار قبل حدوث انقلاب عبد الناصر في مصر (93). لقد أيد الإتحاد السوفيتي الانقلابات العسكرية لأنها أتت بأنظمة متحالفة معه وأصبحت هذه الأنظمة تسمي نفسها تقدمية (94). بشكل عام، ظهرت الناصرية بعد تأميم قناة سويس عام 1956 وبعد الوحدة. لقد أقام الضباط السوريون في سيناء أيام الوحدة، حيث اسسوا ما يسمى تنظيم سناء وكان المسيطر في هذا التنظيم العلويون والدروز في اللجنة العسكرية، بينما لم تغادر القيادة القديمة سوريا من أمثال عفلق والبيطار والحوراني. وبالرجوع إلى عام 1954 وبعد اندماج البعث مع الحوراني، حصلوا على 15 بالمئة من الأصوات أي 22 مقعداً في البرلمان من أصل 142 عضواً. بينما حصلوا على مقعد واحد في عام 1949. يرجع وضع المنطلقات النظرية والمفاهيم في حزب البعث إلى المفكر السوري ياسين الحافظ. في عام 1952 صدر عن الخارجية الأمريكية كراس بعنوان (الإصلاح الزراعي) وكان أول من طبق هذا الإصلاح هو الشيشكلي قبل عبد الناصر. فقد عمد الضباط إلى خلع الثياب العسكرية ولبس الثياب المدينة بعد الانقلاب واعتبروا أي معارضة لهم خيانة للوطن (94). بعد انقلاب الجيش البرتغالي في عام 1974 ضد نظام استادو نونو، تخلى عن السلطة، وفي السودان عندما تخلى عبد الرحمن سوار الذهب عام 1985 وفي مصر عام 2011 تخلى المشير حسين طنطاوي ومعه رئيس الأركان سامي عنان عن السلطة (95). بعد انقلاب بونتشية عام 1972 في تشيلي، أصبحت تشيلي في عهده أفضل اقتصاد في أمريكا اللاتينية، رغم أنه ارتكب جرائم فظيعة (96). أما في سوريا، فقد عين شكري القوتلي حسني الزعيم قائداً للجيش بعد أن كان مديراً للشرطة ثم انقلب عليه في عام 1949 (98). لاشك أن انتصار أي انقلاب عسكري لابد أن يكون له حليف مدني أو حاضنة شعبية (100). لم يتمتع هؤلاء الضباط بأي حالة ثقافية، ولم يشكلوا الصفوة بالنسبة للمجتمع، بل على العكس، ظل غبائهم متستراً خلف وجوهم العابسة والأوامر القاطعة والجمل الغبية القصيرة. لقد تحول الخوف عند المثقف إلى حب للسلطة، فهناك قانون من عام 1971 تمنع العسكريين القدماء من استلام وظائف مدنية (102). لقد تكدست شريحة في الحكومة المصرية من غير الأكفاء والفاسدين وكانوا فوق القانون خاصة الضباط المتقاعدين، حيث أصبحوا الكثير منهم يسيطر على قطاعات وبرامج مدنية تحصى بالمليارات حيث عملوا بالاستيراد والمقاولات خاصة في استيراد الأدوية دون أدنى أي درجة من درجات الشفافية أو الرقابة (103). ثم برزت ظواهر كوميدية كما حدث مع الضابط إبراهيم العاطي الذي أدعى على التلفزيون أنه اكتشف دواء شافياً لأمراض الكبد ومرض الإيدز (104).
- بروز الولاءات ما قبل الوطنية في الجيش السوري: يرجع جذور تطييف الجيش وعسكرة الحالة الطائفية إلى أن الأقليات كانت تخفي هويتها المذهبية في مرحلة الدول العثمانية، وهذا ما أورثها حالة المظلومية، فقد شكلت حالة حلب عام 1850 ودمشق عام 1860 مثالاً على الموروث الطائفي في التاريخ، ففي حلب قامت انتفاضة أطلقها فقراء المدينة ضد نظام الضرائب والتجنيد العثماني، فهاجموا بيوت وجهاء المدينة المسلمين والأحياء المسيحية الغنية،
.........
- الجيش والسياسة عزمي بشارة – ط1 -2017

#خليل_الشيخة (هاشتاغ)       Kalil_Chikha#          

---

ترجم الموضوع إلى لغات أخرى - Translate the topic into other languages

---

الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 

اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل	حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين

كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على:

الفيسبوك

التويتر

اليوتيوب

RSS

الانستغرام

لينكدإن

تيلكرام

بنترست

تمبلر

بلوكر

فليبورد

الموبايل